البتانى، من أشهر علماء الفلك في التاريخ
اعتبره المؤرخ البلجيكي "جورج سارتون" أعظم فلكى جنسه وزمانه ومن أعظم علماء الإسلام.
ولد فى "بتان" من نواحى حران وهى مدينة واقعة على أحد روافد نهر الفرات بالعراق قرب مدبنة الرقة، اختلف العلماء فى تاريخ ميلاده لكنه كان على الأرجح من مواليد عام 850 م وقد توفى سنة 929 م .
عاش حياته العلمية متنقلا بين الرقة على الفرات وانطاقية فى سوريا، وعكف فى البداية كغيره من العلماء العرب على دراسة ما توصل إليه من سبقوه فى علم الفلك، فدرس كتابى "السند هند" و"المجسطى" وكانا فى زمانه أشهر كتابين فى الفلك، ثم ما لبث أن بدأ يجرى بحوثه الخاصة فى الفلك إلى جانب الرياضيات و الجغرافيا .
من أهم أعماله الفلكية "رصد زاوية الميل الأعظم" أى انحراف محور الأرض، وقد رصده البتانى عدة مرات حتى يستوثق من صحة النتائج، وقد أثبتت الحسابات الفلكية الحديثة أنها لا تختلف كثيرا عما توصلوا إليه فى أيامنا هذه رغم الآلات البائية التى استخدمها البتانى.
أيضا من بين أرصاده الأخرى الهامة "قياس موضع الأوج" أى موضع الأرض فى أقصى بعد لها عن الشمس، فوجد أنه قد تغير عما كان عليه أيام بطليموس، فى حين كانت قياسات بعض المعاصرين له مطابقة لما حققه بطليموس، هذا التضارب فى النتائج كان حافزا للبيرونى الذى جاء بعده بأكثر من مائة عام على إعادة الرصد بضع مرات، فوجد أن الموضع قد انتقل فعلا من مكانه، وبذلك نادى بحركة الأوج .. أو تغير المسافة بين الأرض و الشمس وبينها وبين الكواكب الأخرى، وإن كان البتانى هو المكتشف الأصلى لها .
ومن أعماله الفلكية الأخرى ."حساب طول السنة الشمسية" وقد جاء حسابه صحيحاً فى حدود دقيقتين و22 ثانية .
كما كانت أرصاده المتعلقة بالكسوف والخسوف دقيقة إلى الحد الذى جعل "دنثورن" يعتمد عليها سنة 1749م أى بعد نحو ثمانية قرون فى تحديد تسارع القمر فى حركته.
أما أهم أرصاد البتانى فهى تصحيح حركات القمر والكواكب وعمل جداول لمواقعها بالإضافة إلى مواقع عدد كبير من النجوم ضمنها زيجه الشهير "الزيج الصابى" الذى اعتمد عليه علماء الفلك لعدة قرون .