ابن النفيس، خالف جالينوس واكتشف الدورة الدموية الصغرى
ولد فى دمشق عام 1210 م وتوفى بالقاهرة سنة 1288 م .
تلقى علوم العربية والمنطق والفلسفة فى دمشق على أيدى علمائها وتتلمذ فى الطب على يد أستاذه "مهذب الدين عبد الرحيم المسمى بـ"الدخوار" وكان يعمل رئيسا لأطباء ديار مصر والشام، حيث كانت طرق تعليم الطب وقتها تعتمد على متابعة مظاهر المرض وتطوره واستجابة المريض للعلاج، ثم إبداء الرأى بحرية تامة سواء من الأساتذة أو طلبة العلم.
ويمكن أن يقال أن ابن النفيس نشأ فى هذا الجو العلمى الصحيح، وحينما انتقل إلى القاهرة عمل فى البيمارستان الناصرى الذى أنشأه الناصر صلاح الدين الأيوبى، وتدرج فى مناصبه حتى شغل منصب رئيسا لأطباء مصر .
كان ابن النفيس دائم التجربة، لا يقتنع برأى إلا بعد التأكد منه. أوصى بتشريح الحيوانات وفتح بذلك الطريق إلى علم من أهم العلوم الطبية وهو "علم التشريح المقارن"، وكان من نتائج ذلك أن توصل إلى اكتشافات طبية مذهلة، على رأس هذه الاكتشافات يأتى اكتشاف "الدورة الدموية الصغرى" وقوله أن الدم ينقى فى الرئتين كان قبل أن يقوله سرفيتوس الأسبانى بثلاثة قرون، كما عارض بذلك كل من سبقوه من العلماء بما فيهم "جالينوس".
وتتلخص نظرية ابن النفيس بخصوص الدورة الدموية، فى أن الدم يخرج من البطين الأيمن فى القلب إلى الرئة، وهناك يمتزج بالهواء ثم يعود إلى البطين الأيسر.
وهكذا أصبح ابن النفيس، الأستاذ الأول و الأكبر للعالم البريطانى "هارفى" الذى خطى خطوة جديدة معتمدا فى ذلك على اكتشاف ابن النفيس، وكشف سنة 1628 م عن الدورة الدموية الكبرى.
وللصدفة العجيبة أن الاكتشاف العبقرى لأبن النفيس، لم يكتشف ولم يعرف إلا بعد موته بسبعة قرون وعلى يد طالب مصرى يدعى "محى الدين التطاوى" ولد سنة 1896 وذهب إلى ألمانيا ليدرس الطب سنة 1920م، وعثر بالصدفة خلال مطالعته فى مكتبة برلين على مخطوط بعنوان "شرح تشريح القانون".، وكان هذا المخطوط من أهم مؤلفات ابن النفيس متضمناً اكتشافه المذهل.
اعتنى الطالب المصرى محى الدين التطاوى بكتاب ابن النفيس وضمنه رسالته لنيل الدكتوراة والتى أسماها " الدورة الموية تبعا للقرشى" ، وهنا كانت المفاجأة التى أدهشت أساتذته المشرفين عليه.
ومما يذكر لأبن النفيس فى اكتشافاته التى ذكرها فى كتابه أن جدران أوردة الرئة أسمك من شرايينها كما أكد على عدم وجود منفذ بين البطينين، مخالفا بذلك ما كان يعتقده جالينوس.
هذا هو ابن النفيس الطبيب العربى النابغة، الذى أزاح الستار عن كثير من الوظائف الفسيولوجية للجسم، فتحت الطريق أمام العلماء لكى نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم من تقدم فى مجال الطب.