مواجهة مع السيدة مها فتيحي للكشف عن أسرار منتدى جدة الاقتصادي السادس
خاص - عربيات: في السنوات الأولى من عمر منتدى جدة الاقتصادي دأبت مجلة عربيات على أن تنفرد بتغطية الكترونية مباشرة وشاملة لفعاليات المنتدى، وقد تقلصت تلك التغطية في العام الخامس لتقتصر على رصد آراء الحضور وطرح التساؤلات بينما تقتصر هذا العام على لقاء واحد نهدف من خلاله إلى استيعاب بعض الأبعاد الهامة لإزالة علامات استفهام كبيرة قد بدأت تطغى بأهميتها واهتمام الجمهور بها على كل شيء آخر... هل لمنتدى جدة الاقتصادي أجندة خفية؟ ماهو السرالذي يقف وراء استضافة أسماء (مستفزة)؟ هل يمهد منتدى جدة لخروج المرأة السعودية عن أطر العادات الاجتماعية والتشريعات الإسلامية؟ لماذا يتم اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للمنتدى؟ وهل يعكس التغيير المتكرر في جدول المنتدى السادس فشل تنظيمي؟... أسئلة عديدة لم يكن من العدل للقارئ أن نقدم له تغطية عن الدورة السادسة لمنتدى جدة الاقتصادي قبل أن نصل إلى إجاباتها، ومن هنا انفردت عربيات بوضع التساؤلات على طاولة السيدة مها فتيحي رئيسة العلاقات العامة في اللجنة النسائية المنظمة لمنتدى جدة الاقتصادي في مواجهة اتسمت بالشفافية العالية والمعهودة من ضيفتنا في هذا اللقاء...
لاحظ الجميع أن جدول جلسات المنتدى قد تغير وبشكل يومي ومفاجئ ومربك للجميع وتغيرت معه أسماء المشاركين، وهي السابقة الأولى من نوعها في منتدى جدة الاقتصادي الذي دأب على إعلان جدوله السنوي والالتزام به بدقة، فهل كانت هناك مفاجآت لم توضع بالحسبان؟ أم أنه خلل تنظيمي تتحمله لجانكم ؟
في البداية نعتذر ونعترف بوقوع ذلك لتكالب عدة ظروف فمنتدى جدة الاقتصادي يتزامن هذا العام مع منتدى (دافوس) العالمي ومع اتحاد القمة الأوروبية في بروكسل وارتباط العديد من الضيوف بهذه اللقاءات تسبب باعتذارات متتالية .
عفواً على المقاطعة ولكن هذه اللقاءات تواريخها محددة بشكل مسبق لا أتصور أنه يغيب عن منظمي منتدى جدة الاقتصادي!
هذا صحيح، ولكن الذي تغير موعد إقامته هو منتدى جدة الاقتصادي حيث تم تأجيله بسبب إجازة الحج الملحقة بإجازة نصف العام الدراسي ولهذا عجزنا عن الوصول للعديد من الشخصيات بسبب الإجازات، كما أن الوزارات والمصالح الحكومية والجهات الأمنية كانت منشغلة بموسم الحج وتأشيراته ووفوده مما فرض علينا تأجيل التنسيق مع هذه الجهات إلى ما بعد انتهاء موسم الحج بشكل تام، فكان الوقت متأخر بعد الشيء ونعترف بهذا التأخير كما نعترف أيضاً بأن الشركة المسؤولة عن تنظيم المنتدى هذا العام هي شركة جديدة تتولى هذه المهمة للمرة الأولى... فلا ننكر وقوع أخطاء كما لاننفي كذلك أن عوامل عديدة خارجة عن سيطرتنا وكفيلة بتعطيل أكثر الخطط تنظبماً قد اجتمعت واشتركت لتواجهنا في وقت ضيق، وبإذن الله سنضع تجاوزها في الحسبان العام القادم لنتلافاها.
لقد كان بوسعنا بالتأكيد تفهم ذلك لولا أننا لم نلمس أي محاولة جادة لتدارك هذه الطوارئ، فحضور المنتدى من رجال وسيدات الأعمال والذين فرضتم على حضورهم رسوم تتراوح بين 750 و 1500دولار أمريكي هم أيضاً لديهم ارتباطات أخرى وجداول عمل حرصوا على تكييفها وفقاً لجدول المنتدى فهل يعقل أن تنشر الصحف يومياً جداول خاطئة؟ وأن يبقى الموقع الرسمي للمنتدى على شبكة الإنترنت حتى لحظة لقاءنا بكم في اليوم الثالث من أيام المنتدى دون تحديث؟ لماذا لم تستغل اللجنة المنظمة أي من وسائل التواصل المتوفرة لتدارك هذه المشكلة؟
السيدة / مها فتيحي : سأعترف أيضاً بالتقصير في هذا الجانب فالواقع أن موظفي الغرفة التجارية كانوا منشغلين بالكامل مابين مهام الاستقبال والتوديع و الجولات الميدانية للضيوف واصطحابهم لأداء العمرة... كما أن عملية التسجيل قد واجهتنا فيها مشاكل عديدة بسبب ضيق الوقت و قصر مدة التنظيم فاحتجنا لتواجد كافة الموظفين المؤهلين لإتمام عملية التسجيل على أجهزة الحاسب هنا في المنتدى لتسريع العملية ويبدو أن هذا الضغط لم يترك للمسؤولين عن موقع الإنترنت متسعاً من الوقت لتحديث الموقع أو إشعار المشتركين بالتغيير الذي طرأ على الجلسات أو باعتذار بعض المتحدثين .
على ذكر المتحدثين هل لنا نتعرف على آلية اختيار الأسماء المشاركة في منتدى جدة الاقتصادي؟ ولتحديد السؤال هل تخاطب اللجنة المنظمة للمنتدى دول أو منظمات محددة ترغب بمشاركتها وتترك اختيار الأسماء لتلك الجهات والدول أم أنكم تختارون بمحض إرادتكم أسماء لايمكننا وصف بعضها سوى بـ ( المستفزة ) للرأي العام المحلي، فبينما نتوقع أن نلتقي بأفضل ( ما ) و ( من ) لدى الآخر نتفاجأ ببعض الأسماء التي لاتستحق تجربتها الاستعراض كنموذج إيجابي أو حضاري بوسعنا الاستفادة منه؟!
في البداية لابد أن أوضح أن اختيار الأسماء المشاركة مرتبط بأهداف المنتدى، وهي أهداف اقتصادية و ثقافية وإعلامية وتعليمية... وكذلك من أهداف المنتدى ترسيخ مكانة مدينة جدة كمدينة سياحية للمؤتمرات... وأعود وأضع خطوطاً حمراء تحت كلمة ( إعلامية ) فالأهداف الإعلامية تتجلى في تسليط الضوء على بعض القضايا التي تهاجم عليها السعودية هجوماً حاداً يستند إلى فهم خاطئ، ومنها على سبيل المثال قضية المرأة وقضية عدم قبول الآخر والتي نسعى على إبرازها للعالم الخارجي من خلال منتدى جدة الاقتصادي بصورة مغايرة لما يتم ترويجه... وكذلك الشخصيات الجدلية أو الغير مرغوب بها والتي تثير تساؤلات عديدة، نحن لا نتفق مع رؤاها ولا مع سياساتها ولكن نسعى إلى دعوتها لنضعها في مواجهة الجمهور وأمام عدسات التصوير ليس فقط لنؤكد على قبولنا للآخر ولكن كذلك لنوجه رسالة لها أبعاد عديدة تعكس حسن تعاملنا مع من نختلف معهم بموضوعية... فنحن نستمع إليهم، نحاورهم، ونعلق على مشاركاتهم... لتصل رسالة مباشرة وتلقائية يلتقطها الإعلام الغربي ليتعرف على طبيعة مجتمعنا ومايرفضه وما يمكنه قبوله.... و لو نظرنا على سبيل المثال إلى جلسة السيدة / مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والتي شارك بها الأستاذ / عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية وحاولنا قراءتها قراءة متعمقة سنخرج بالرسالة المقصودة، فوقع الأسئلة و التصفيق لما يتعلق بقضايانا أتوقع أن يدوي رنينه في آذان من استمع أو شاهد تلك الجلسة كما ستعلق أصداء ذلك في أذهان المسؤولين في الخارج عندما تنقله الصحافة العالمية.... لقد كان حضور منتدى الاقتصادي مرآة عاكسة لرفضنا الأخطاء التي ترتكب من قبل أي دولة أو شخصية مهما بلغ ثقلها السياسي أو الاقتصادي ومهما حملت من شعارات وقيم... فلدينا وجهة نظر ومن حقنا أن نعبر عنها بشكل حضاري في مناسبة كهذه وهذا ما تحقق في جلسات المنتدى.
ذكرتِ قضية المرأة وظهورها وقد أثارت المشاركة النسائية في العام الماضي أيضاً جدلاً محلياً كبيراً فكيف واجهتم ذلك هذا العام؟
العام الماضي كان هناك خروج عن الأطر المتفق عليها وبناءًا على تلك التجربة وضعنا هذا العام ضوابط واضحة ووزعناها على شكل تعميم نشرته وسائل الإعلام وحرصنا على وصوله للمشاركين والحضور في القاعتين... فنحن نحرص على تجنب ما يتعارض مع قيمنا الاجتماعية والأخلاقية والدينية ونسعى لإيجاد آلية لظهور المرأة تتوافق مع ذلك وتحظى بدعم سياسي واجتماعي حتى تحقق المرأة من مشاركتها في المجتمع أهداف التنمية وليس الظهور فحسب .
ولكن الملاحظ وقوع تجاوزات أيضاً هذا العام فيما يتعلق بالاختلاط والالتزام بالحجاب الشرعي من قبل المتحدثات ؟
كما لايمكن إنكار حقيقة وجود التزام أكبر من الغالبية العظمى بالضوابط المنصوص عليها، مما يعني أننا نخطو خطوات جادة للحد من أي تجاوزات.... يبقى علينا أن نعي أنه على نطاق واسع وعام وفي منتدى يتسم بالصبغة العالمية ويستقطب الحضور من مختلف دول العالم نحتاج لبعض الوقت حتى تتفهم الوفود الأجنبية المتواجدة أهمية تلك الضوابط بل وتحرص على أن يكون الفريق المصاحب لها من صحفيين أو عناصر أمنية من النساء فقط أو من الرجال فقط وهذا أمر لانملك تغييره في عشية وضحاها.... لن أقول أن للضوابط استثناءات، ولكن سأقول أننا في مفترق طرق ولدينا رسالة وأمامنا تحديات وعقبات علينا أن نتجاوزها وإن قدمنا بعض التنازلات قبل أن نصل إلى مرحلة يتكيف فيها الآخر مع ضوابطنا التي لم يعتد عليها في بقية المنتديات ونثبت معها أننا كلجنة نسائية كنا على قدر المسؤولية لنكسب المصداقية والثقة وتتلاشى المخاوف من إمكانية تهديد بعض التجاوزات الفردية لهويتنا التي نحرص عليها كل الحرص .
تتواصل الاعتراضات على اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة رسمية لمنتدى جدة الاقتصادي فماهو الهدف وماهي الغاية في ظل وجود ترجمة فورية ؟
نحن لم نفرض على ضيوفنا الحديث باللغة الإنجليزية وعدد من المتحدثين اختاروا إلقاء كلماتهم بالعربية، هذا أمر يعود للمتحدث... ولكن أرشدنا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن من تعلم لغة قوم أمن مكرهم، ولقد أشرت إلى استهدافنا للصحافة العالمية كما أجبت بالأمس على تحفظ مماثل وجهته لي إحدى الأخوات خلال جلسة ( مفهوم تقبل المرأة ) وأوضحت لها أننا نريد من هذا الإعلام الذي لايفهم لغتنا أن ينقل رسالة مفادها أن المرأة السعودية ليست بحاجة لنموذج غربي وأنها تملك نماذجها الناجحة والمتمسكة بهويتها وعقيدتها... تلك الرسالة وغيرها من الرسائل لو خرجت باللغة العربية قد تتعثر على لسان المترجم أو تتحور وفقاً لأغراض أو فهم المتلقي ونحن نريد لرسائلنا أن تصل واضحة ومباشرة على لسان من يتقن اللغة لنأمن المكر .
الجلسات الجانبية أو ورش العمل فكرة بحد ذاتها جيدة، ولكن بالصورة التي خرجت بها نتمنى أن لاتتكرر، فقد تسببت بتشتيت الحضور إلى جانب اضطراب الإعلاميين مما أثر بشكل مباشر على تغطية الإعلام للمنتدى هذا العام فمع جدول غير مستقر وعدة جلسات تقام في نفس الوقت في قاعات مختلفة وقد تتزامن مع عقد مؤتمرات صحفية لأحد المتحدثين كان من الصعب جداً أن يتمكن أي فريق صحفي من التنسيق لتغطية شاملة، هل لنا أن نعرف كيف تم التخطيط لهذه الخطوة؟
أتفق معك في كل ماذكرتِ من ارتباك وقد تسبب لنا ذلك بإحراج شديد خاصة فيما يتعلق بالحضور.... أما فكرة عقد جلسات في قاعات فرعية أو إقامة ورش عمل فهي فكرة مقتبسة من مؤتمر ( دافوس ) الاقتصادي و لكنه في الواقع لم يقدم على تطبيق هذه الخطوة إلا بعد 15 سنة من تجربته، ويبدو أننا هنا قد استعجلنا تطبيقها بسبب كثرة المطالب الملحة التي وصلتنا بخصوص إقامة ورش عمل متخصصة... وعن نفسي، أفضل أن لاتتكرر هذه التجربة في العام المقبل.
ختاماً وقد اتسع صدرك لكل تلك التساؤلات والانتقادات، ما هي من وجهة نظرك أبرز إيجابيات منتدى جدة الاقتصادي 2005م؟
أعتقد أن الحضور كان تفاعله أكبر واتسم بالوعي والموضوعية... كما برز الصوت الذي يستشرف المستقبل في جلسات الشباب الذين حرصنا على اختيارهم بدقة فخرجت صورة تكشف عن ملامح المستقبل الذي يضم كفاءات تحمل أعلى الدرجات العلمية وتدرك أهمية احتفاظها بشخصيتها وهويتها... من جهة أخرى سجلت القاعة النسائية حضوراً فاق كل التوقعات كما شهدت الجلسات التي تتناول هموم المرأة في العمل وسبل مشاركتها الفعالة في التنمية الاقتصادية اهتماماً بالغاً يعكس رغبة صادقة وعزيمة على تحقيق نتائج إيجابية بشكل منظم ومتوافق مع طبيعة مجتمعنا .
هل من كلمة أخيرة ؟
باختصار، لا داعي للتركيز على الشكليات حتى لانفقد الجوهر .