المرأة... سلاح حرب!
المرأة بلا شك هي المتضررة الأولى في الحروب التي تقع في العالم. وترى "إيرين خان" رئيسة منظمة العفو الدولية أن النساء يُغتصبن ويُعذبن جنسيّاً أثناء الحروب لأنه يُنظر إليهن كآلة لكسر شوكة العدو. وأن اغتصاب النساء لا يُهين النساء فحسب بل ورجالهن أيضا لشعورهم بأنهم فشلوا في الحفاظ على شرفهم.
المحامية الشابة "إيمان العبيدي"، التي انطلقت عدة حملات على الإنترنت للدفاع عنها والمطالبة بإطلاق سرحها من قبل القوات التابعة للنظام الليبي، كانت قد اندفعت صارخة منذ أسابيع قليلة إلى داخل فندق بطرابلس، مناشدة المراسلين الأجانب المتواجدين هناك إلى حمايتها والاقتصاص لها. ووفق روايتها تقول بأنه قد تمَّ توقيفها عند نقطة تفتيش أمنية بطرابلس قبل أن يتم احتجازها وتعرضها لاغتصاب جماعي على يد أفراد من رجال القذافي حتّى تمكنت من الفرار من سجنها ليتم بعد ذلك جرها من بهو الفندق أمام الحضور وإخفاؤها عن الأنظار مرة أخرى.
إيمان العبيدي امرأة استثنائيّة، فليست كل امرأة تملك القوة والشجاعة لكسر حاجز الخوف في أعماقها، وتنجح في التحرر من مشاعر الخجل، وتُعلن جهاراً أمام الملأ عن تعرضها للاغتصاب، دون أن تأبه بقانون العيب الذي تقوم عليه مجتمعاتنا، والذي ينظر للمغتصبة بعين الإدانة بدلاً من أن يُنظر إليها كضحية. إيمان أطلقت أمام الجميع صيحة استغاثة. وبدوره لم يخذل الشعب الليبي إيمان، وخرج إلى الميادين العامة لدعمها وتفعيل قضيتها أمام المجتمع الدولي مطالباً بإطلاق سراحها.
منذ سنوات قليلة، أثارت قضية الفتاة الباكستانية بيبـي البالغة من العمر 18 عاماً، الرأي العام العالمي بعد أن تقدمت ببلاغ إلى قسم الشرطة عن حادثة الاغتصاب الجماعي، الذي تعرضت له من قبل أربعة رجال تناوبوا على اغتصابها أمام أنظار والدها انتقاماً من شقيقها بسبب إقامته علاقة مع فتاة أرفع شأناً من عائلته.
القضاء الباكستاني أصدر حكماً يقضي بإعدام ستة رجال لدورهم في عملية الاغتصاب. وقد طالبت بيبـي الحكومة بتوفير مكان آمن لها بعد تلقيها تهديدات بالقتل نتيجة تشبثها بموقفها الشجاع في أخذ حقها الإنساني الذي تمَّ امتهانه على يد المغتصبين.
قضية الاغتصاب والتحرّش الجنسي ما زال يتعامل معهما الناس بحساسية بالغة، ويرفض الإعلام التطرّق لهما بتوسّع تحسباً من ردود أفعال مجتمعات مازالت تصرُّ على ارتداء عباءة مواراة الحقائق وإخفاء المستور! وكان الفيلم المصري "ستة سبعة ثمانية" الذي حصد جوائز في مهرجان دبي السينمائي والمشارك في مهرجان نيويورك لتطرقه لقضية التحرش الجنسي في مصر، قد أثار عند عرضه في دور العرض المصرية مؤخراً الكثير من ردود الأفعال الغاضبة في الشارع المصري ومن قبل بعض الجهات، بحجة أن موضوعه الجريء ومشاهده الحساسة، تدعو إلى الفسق وتروّج لجرائم الجنس.
لا يُمكن القضاء على ظاهرة الاغتصاب والتحرّش الجنسي في مجتمعاتنا طالما ظلَّ إعلامنا يتعامل معها بحساسية مطلقة وتعتيم كامل! وإذا كانت المرأة العربية والمسلمة المغتصبة تنكفئ على ذاتها، وتلملم أحزانها إذا تعرضت لحادثة اغتصاب أو تحرّش جنسي، فهذا لكونها نشأت في بيئات دينية محافظة لا ترحم زلاّت المرأة، وإنْ كان مرتكبها الفعلي الرجل، مما يحفز اليوم على وجوب إنشاء جمعيات نسائية تُعنى بهذا النوع من القضايا لدعم المرأة المغتصبة والمتُحرّش بها جنسيّاً، والمطالبة بإقامة محاكم خاصة محلية ودولية يُنظر فيها لهذا النوع من القضايا لملاحقة الجناة وتطبيق أقسى العقوبات عليهم.
الشجاعة مطلوبة، والشفافية واجبة حين يتعلّق الأمر بآدمية الإنسان بصرف النظر عن جنسه وهويته!