الجذور الإسلامية في كوريا قديمة جداً يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد عندما ازدهرت الرحلات البحرية العربية في المحيط الهندي وعرفت طريقها إلى كوريا ومن يومها وبدأ الكوريون يتعرفون على الإسلام وقد تزامنت تلك الرحلات مع بداية الرحلات التجارية العربية الأولى في جنوب شرق أسيا وتجارة العرب مع الصين .
ووقتها كان ديانة السكان الآسيويين هي المسيحية بالإضافة إلى الشيوعيين وفي كوريا كانت ديانة نصف السكان الكوريين هي المسيحية وبالتحديد" البروتستانتية " والنصف الآخر يدين بالمسيحية " الأرثذوكسية " وأديان أخرى منها الدين الإسلامي الذي بدأ الانتشار مع قدوم الوفود العربية التجارية إلى شبه الجزيرة الكورية.
وبداية الإسلام في كوريا كانت مع بداية نزول البحارة والتجار العرب كوريا وقد لاقى العرب ترحيب من السكان الكوريين واستطاعوا الاندماج السريع معهم والانخراط في بوتقة واحدة مع الكوريين مما جعل المسلمون العرب يقررون الاستقرار في كوريا وذلك كان مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي بعد ما كانت رحلاتهم متفرقة ولوقت محدود سرعان ما ينقضي ليعودوا إلى بلادهم .
وقد ذكر التاريخ الكوري أن المسلمين قرروا الاستقرار والعيش في شبه الجزيرة الكورية وبناء المستوطنات العربية المسلمة في شكل جماعي بجنوب الجزيرة التي أدهشتهم بجمالها وجبالها الفريدة الخلابة .
وقد نجح العرب المسلمون في ترويج بضائعهم وسلعهم في المجتمع الكوري كما نجحوا أيضا في دعوة الكوريين إلى الإسلام وتزامن ذلك مع تطور الأحداث السياسية العالمية التي أثرت بصورة مباشرة على الرحلات العربية إلى كوريا وأدت إلى تراجعها بصورة تدريجية حتى انقطعت الرحلات العربية تماما وانقطع الاتصال بين كوريا وبلدان الشرق الأوسط واستطاع وقتئذ المسلمين العرب أن يذوبوا في المجتمع الكوري وينشروا الدين الإسلامي وتعاليمه وتزوجوا من الكوريين حتى اصبح من الصعب التفريق بينهم وبين السكان الأصليين لشبة الجزيرة الكورية.
وبدأ الإسلام ينشط مرة أخرى في الخمسينيات عندما اشتركت عدة دول في تحالف عسكري في الحرب الكورية على الجانب الأمريكي والتحالف الكوري الجنوبي وقد شاركت عدة دول في هذا التحالف العسكري من بينها تركيا التي أرسلت وقتها 15 ألف جندي إلى شبه الجزيرة الكورية وركز الجنود الأتراك على ترسيخ عدائهم للشيوعية وأن يثبتوا للكوريين أنهم جنود جيدون وأنهم ينتمون إلى العالم الحر .
فبدأ الجنود الأتراك ينعشون الإسلام في كوريا للتغلب على مشكلة اللغة التي كانت أهم العقبات بين الأتراك والكوريين ومن ثم بنى الجنود الأتراك عدد كبير من المساجد الصغيرة ليعلم الكوريين تعاليم الدين الإسلامي وبنوا المدارس التي فتحت أبوابها للأطفال الكوريين لتكون منبراً لتعليم الدين الإسلامي والحديث عن بداية الوحي على الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كما بنوا مطابخ محمولة تنصب في أي مكان لتزويد الكوريين بالطعام ومن ثم نشطت الحملات الدعوية للدين الإسلامي التي قام بها عدد كبير من الأئمة الأتراك الذين كانوا ضمن الجنود العسكريين حتى انتظمت صلاة الجمعة في كوريا وكان ذلك في عام 1953م.
وقد فتح المسجد الأول في كوريا عام 1956م ليستقبل المصليين المسلمين الذين زادوا عددا وقتئذ.
واستمر المسلمين في بناء المساجد حتى عام 1976م عندما جاءت وفود مسلمة من السعوديين لمساعدة المسلمين الكوريين وقد مولت المملكة العربية السعودية عدد كبير من الخدمات الإسلامية في كوريا كان أهمها هو مسجد سيؤول الذي يعتبر من أهم وأكبر المساجد في العالم لما يتميز به من روعة التصميم وجمال الديكورات الإسلامية والفناء الواسع والذي يقف شامخا حتى الآن يستقبل المسلمين الكوريين ليتلقوا تعاليم الدين الإسلامي ويقيموا شعائر الله .
وقد ساعد المسجد الكبير في سيؤول على نشر الدين الإسلامي حيث وصل عدد المسلمين في كوريا عام 1979م إلى 15 ألف نسمة بعد أن كانوا أقلية يصل عددهم إلى 3700 مسلم خاصة وأن المسجد الكبير ضم عدد كبير من العلماء المسلمين الذين توافدوا في بعثات إلى كوريا لتعليم الكوريين تعاليم الدين الإسلامي وتفسير القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وقص سيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون نبراسا يحتذي به مما أنعش الحياة الإسلامية في كوريا .
وعندما بدأت النهضة المعمارية في عدد كبير من البلدان العربية شاركت الشركات الكورية في بناء النهضة المعمارية وكانت ترسل ضمن طاقمها البناء المسلمين الكوريين وأحيانا كان قرار إيفاد المسلمين الكوريين إلى البلدان العربية قرار تلقائي وأحيانا كانت رغبة من الكوريين ليتثنى لهم زيارة المزارات الإسلامية ضمن رحلات العمل خاصة في المملكة العربية السعودية .
وفي الوقت الحالي وصل عدد المسلمين الكوريين إلى 40 ألف مسلم حتى أصبحوا الأغلبية مقارنة بالكوريين الأبرشيين ويعيش الكوريين في نسيج واحد سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين " أرثذوكسيين " لبناء نهضتهم الصناعية وخدمة المجتمع الكوري والعالم أجمع.