الشيخ خالد الجندي: الأضحية "نُسُك" ولا يجزىء عنها شراء اللحم وتوزيعه
مع بزوغ هلال ذي الحجة، تبدأ نسائم الرحمات والروحانيات تجوب بقاع العالم قاطبة معلنة معها حلول أعظم أيام الدنيا وأفضلها وهي الأيام العشر من شهر ذي الحجة، وما أن يبدأ موسم الطاعات الذي يتسابق فيه المسلمون من أجل نيل الأجر والثواب من المولى عز وجل. حتى تتكرر العديد من الأسئلة والاستفسارات التي تشغل بال الكثيرين. "عربيات" رصدت أكثر الأسئلة شيوعاً لغير الحجيج، وعرضتها على فضيلة الشيخ خالد الجندي من علماء الأزهر الشريف للإجابة عليها.
كيف يكون التعبد والتقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة؟
من المهم أن يستثمر المسلمون هذه الأيام التي تعد فرصة ذهبية للمسلمين، وعليهم أن يحسنوا استثمار أوقاتهم، والتقرب إلى الله بالطاعات والتوبة والذكر والدعاء وقراءة القرآن، فكما ورد في الحديث عن الرسول صلوات الله عليه وسلامه: {ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم} قالوا: بلى يا رسول الله. قال: {ذكر الله عز وجل}. وأوصي جموع المسلمين بالقيام بـ "ختمة قرآنية" في هذه الأيام الشريفة المنزلة العالية المكانة، مع التنبيه على أن القيام بقراءة ثلاثة أجزاء يوميا من القرآن خلال الأيام العشر المباركة يسهل كثيرا من الانتهاء من الأجزاء جميعها في العشرة أيام على وجه التحديد.
هل يجوز أن تصوم المرأة التسع أيام الأول من ذي الحجة بنية التعبد والتقرب إلى الله، وفي الوقت نفسه يكون نيتها التعويض عن الأيام التي أفطرتها في رمضان؟
يفضل أن تصوم المرأة هذه الأيام وتستثمر ثوابها بنية خالصة وهي نية التقرب إلى الله، ثم يكون أمامها بمشيئة الله فرصة لقضاء ما عليها من صيام الأيام التي أفطرتها في رمضان بعد انقضاء أيام عيد الأضحى المبارك، ولا سيما أن النهار في الشتاء يقصر طوله مما يسهل عليها الصيام وأداء ما عليها.
هل يجوز الاستغناء عن ذبح الأضحية بشراء اللحم وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين؟
الأضحية لا يجزىء عنها شراء اللحم في يوم النحر وأيام التشريق وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين، فالأضحية "نسك" أي أن التقرب إلى الرب تبارك وتعالى بإراقة دماء الأضحية لا يمكن أن يستبدل بفعل آخر، فالأمر واضح وصريح في القرآن الكريم، يقول الله عز وجل: "والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون". ومن الفهم الصحيح للآية القرآنية يتضح أن البداية تكون بالأضحية التي يؤخذ منها اللحم الذي يتم توزيعه على الفقراء والمحتاجين، فلا يكون هناك من وزع اللحم بغير أن يضحي ولا من ضحي بغير أن يوزع اللحم.
هل يجب على المضحي عدم قص شعره أو أظافره بدء من رؤية هلال ذي الحجة حتى القيام بذبح الأضحية؟
هناك ثلاثة أقوال فقهية في هذا الأمر الأول قول الإمام أحمد ابن حنبل الذي يرى ألا يقص المضحى من شعره وأظافره، والثاني عند الشافعية والمالكية بالاستحباب، وذلك استنادا إلى حديث أم سلمة رضى الله عنها أنَّ النبي قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)، أما الرأى الثالث فيرى أن المضحي يمارس حياته الطبيعية ولا يكون في حالة الإحرام الكاملة التي يكون عليها الحجيج، وأن ما قصدته السيدة أم سلمة كان في حديث الرسوله صلوات الله وسلامه عليه للأنصار الذين كانوا يبدأون الحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، ومن ثم للمضحي الحرية في أن يأخذ بأي من الأقوال الثلاثة.
هل يجوز أن يتقاضى من يقوم بالذبح أجره من الأضحية كأخذ الفروة مثلا؟
لا يجوز ذلك، فلا يحق أن يأخذ من يقوم بالذبح أجره من الأضحية، فالأضحية لا يجب أن تدخل في إطار الأجر، وإنما يوزع منها مجانا بدون أي مقابل.