خالد آلمعينا رئيس تحرير صحيفة (عرب نيوز)
أسعدنا الحظ بالتعرف على عدد من الصحفيات اللاتي يعملن في عرب نيوز وأثارت كفائتهن إعجابنا، فبحثنا عن قائد الفريق لنجد الأستاذ خالد المعينا في مقر عمله يهيىء البيشة الصحية للإبداع ضمن فريق عمل لا ينفصل عنه ولا يغيب عن صغيرة ولا كبيرة.. وهذا هو سر صحيفة عرب نيوز التي تربعت أرقام مبيعاتها على القمة كأوسع الصحف الناطقة باللغة الإنجليزية انتشاراً في منطقة الخليج والعالم العربي، السر بإختصار قائد ذكي يدعى خالد المعينا.. نترككم مع هذا اللقاء الذي يعكس صراحته وصدقه مع نفسه ومع الآخرين.
مشوار طويل أمضيته في بلاط (صاحبة الجلالة) فترى متى بدأت محاولاتك بالكتابة؟
منذ طفولتي و أنا أحب القراءة، وكنت أقرأ كثيراً باللغة الإنجليزية -للأسف- لكن القراءة فتحت لي طريقاً لأتعرف على ثقافات أخرى، ومن القراءة انطلقت نحو الكتابة والتحليل الذي أميل إليه.
بالرغم من أنك كنت مولع بالقراءة والكتابة إلا أن أول وظيفة تقلدتها كانت في الخطوط الجوية السعودية، فلماذا وقع اختيارك عليها؟ وكيف انتقلت منها للصحافة؟
حياتي كلها سلسة من الحوادث! لقد كنت من ضمن أربعة عشر خريجاً تم ترشيحهم للعمل بالخطوط وبالفعل توظفت بها عن طريق المصادفة دون أن أخطط لذلك مسبقاً، ولم أترك الخطوط متعمداً من أجل العمل الصحفي، فقد كان أحد زملائي يعمل في الخطوط وأيضاً كمذيع في الإذاعة السعودية وطلب مني ترجمة بعض الأخبار إلى اللغة الإنجليزية وتقديمها في الإذاعة، فوافقت وكنت أول مذيع يقدم النشرة باللغة الإنجليزية. بعدها أصبحت رئيس تحرير أيضاً بالصدفة فأنا لم أكن قد دخلت مبنى صحيفة في حياتي عندما طلب مني الأستاذ أياد مدني، أن أكتب في صحيفة "سعودي جازيت" لكنني كنت شغوفاً بـ "عرب نيوز" وفي يوم من الأيام طلب مني الناشران هشام وعلي حافظ أن ألتقي بهم وعرضا عليّ رئاسة تحرير عرب نيوز، وهكذا أصبحت رئيس تحرير بالصدفة وبدأت أتعلم خبايا الصحافة والمصطلحات الصحفية وبدأت بإدخال العديد من الأبواب التي تهم القارئ في الجريدة بشكل جديد.
هل لك علاقة بالشعر العربي؟
لا يوجد علاقة حميمة بيني و بين الشعر ولا أحفظ سوى بيت واحد لأنني متأثر بمعانيه للشاعر "عبد الحميد العسكر".. وهذا البيت يقول: (تحبس الأسود والنعاج طليقة والصقر يهوى والغراب يطير).
كيف تصنف كتاباتك؟ هل نستطيع أن نقول أن خالد آل معينا كاتب سياسي أو اجتماعي؟
في بداياتي كانت مقالاتي تأخذ الشكل السياسي... لكن اليوم أجد نفسي في المقالات الإجتماعية التي أكتبها في عدد من الصحف... وأشعر بمسؤولية كبيرة عندما يرسل لي أحدهم بمشكلة أو قضية وأسعد كثيراً عندما أساهم في خدمة مجتمعي بقلمي.
لم أُستبعد من عرب نيوز ولكن تم طردي منها
لقد تم إبعادك عن عرب نيوز في وقت من الأوقات، هل هذا صحيح؟
بمعنى أصح تم طردي في عام 1993م، وأغلقت الجريدة أبوابها فتوجهت إلى لندن.
وماهو السبب لإغلاق الجريدة؟
السبب هو أنني كتبت مقال آنذاك عن موضوع هام وقد فهم البعض أن ما كتبته وقتها هو رأي بينما كان نقل لخبر فتسبب ذلك بسوء فهم أغضب المسؤولين فتم طردي، وأقفلت الجريدة لمدة أربعة أيام .. ثم بعد التأكد من حقيقة الأمر عدت من لندن ومن جديد عدت إلى عرب نيوز.
كيف كانت ردة فعلك آنذاك؟
حزنت لمدة بسيطة بسبب هذه الحادثة لكنني تخطيت مرحلة الحزن بالتفاؤل و التحدي.. بل عدت أقوى من قبل و أدخلت عرب نيوز إلى الإنترنت وبدأت بتقديم برامج تدريبية للشباب والشابات حتى أصبح لدينا فريق صحفي يتمتع بكفاءة عالية ولله الحمد، وأستطيع أن أقول اليوم أن صحيفة عرب نيوز أصبحت من الصحف الرائدة في الخليج العربي.
أغلب فريق العمل في عرب نيوز من النساء، هل هذا يعني أنك تشجع عمل المرأة في الصحافة؟
بالطبع، أنا أشجع المرأة أن تعمل في شتى المجالات، لأنها قادرة على الإلتزام والعطاء والتطوير وهي دقيقة في عملها، الفريق النسائي في عرب نيوز لا يحرر الأخبار النسائية لأنه لا يوجد لدينا صفحة مخصصة للمرأة، فهن يقمن بتغطية الأخبار السياسية والاقتصادية ويحررن الأخبار الاجتماعية والثقافية... ولا أخفي أن الكثيرات قد تفوقن على الرجال في هذا المجال.
هل تعتقد ان المرأة في البلاد العربية قد تصل في المستقبل لأن تصبح وزيرة على سبيل المثال؟
لا أعتقد ذلك، بل أنا متأكد منه.
ما هي الصفات التي يجب أن تتوفر في رئيس التحرير ليكون ناجحاً في عمله؟
من الضروري أن يكون اجتماعياً، ولا أقصد أن يحضر الحفلات ومآدب العشاء، بل أن يعرف ما يدور في المجتمع من مستجدات وأحداث، وكذلك أن يكون قارئاً جيداً وملماً بالتقنيات الحديثة، ويكون متواضعاً، لا يجلس خلف مكتبه لإصدار الأوامر فقط، ويكون نشيطاً و متعاوناً مع فريقه.
بعد هذا المشوار الطويل، ما هو تقيمك للصحافة السعودية؟
من وجهة نظر تقنية الصحافة السعودية تقدمت كثيراً، أما من ناحية المضمون فلا يزال أمامها الكثير فأغلب الاهتمامات تنصب في خانة الأخبار الغير هادفة.
وما هي أبرز عيوب الصحافة العربية بشكل عام؟
الصحافة العربية بشكل عام لا تركّز على القضايا التي تهم المجتمع، كقضايا البيئة والتلوث والتعليم والتعدد السكاني.. بينما في الغرب يولون اهتماماً كبيراً لهذه القضايا ويناقشونها لإيجاد حلول مناسبة لها.
عرب نيوز أول جريدة تدخل الكويت بعد تحريرها
كان لصحيفة عرب نيوز دور وتواجد متميز في حرب الخليج فهل تذكره لنا؟
عرب نيوز كانت أول جريدة دخلت إلى دولة الكويت بفريقها أثناء التحرير، لقد ذهبنا إلى الظهران ومكثنا هناك لمدة ستة أشهر، كنا هناك طوال فترة الاحتلال إلى لحظة التحرير، نقلنا الأحداث الحقيقية بدون تنميق وكنا مصدر غير رسمي للعديد من وكالات الأنباء الأجنبية، وأعتبر نفسي محظوظاً لأنني كنت أول رئيس تحرير في العالم يدخل إلى الأراضي الكويتية بعد التحرير.. و الملاحظة التي خرجت بها من أحداث حرب الخليج هي غياب الصحافة العربية عن ساحة الأحداث.
الأستاذ خالد المعينا مع فريق عرب نيوز في حرب الخليج
ما رأيك بحملة مقاطعة المنتجات الأمريكية التي أُثيرت مؤخراً بسبب الأحداث الدامية التي وقعت في الأراضي العربية المحتلة؟
أنا مع المقاطعة لكن بأسلوب علمي وليس عشوائي.. و قد أكون "متأمرك" في عملي لأنني استفدت من منهجهم في تنظيم الأعمال وإدارتها... لكنني رجل وطني جداً... وأتمنى ان يأتي يوم نستفيد فيه من هذه المرحلة ونستقل اقتصادياً.
مع الطلاب مشجعاً للمواهب
الإنترنت والمستقبل
لقد بادرتم بنشر مقالاتكم على الإنترنت، فكيف بدأتم هذه الخطوة؟
بدأنا منذ خمس سنوات، وكنا أول من بدأ في اقتحام مجال الإنترنت في السعودية في وقت لم يكن الإنترنت شيئاً مألوفاً، ولقد استحدثنا دورات تعليمية لراغبي تعلم الإنترنت وأذكر أن هذه الدورات لاقت إقبالاً كبيرأ في المجتمع السعودي، لأن الإنترنت آنذاك كان شئ الكل يريد معرفة عوالمه و كيفية الإستفادة منه.
هل تعتقد أن النشر على الإنترنت سيكون بديل للصحافة المطبوعة؟
من وجهة نظري النشر على الإنترنت لن يكون بديلاً للصحافة المطبوعة وللتلفزيون لكن له تأثير كبير بالطبع.
أجرينا في أحد أعدادنا حواراً مع الصحفي و الكاتب العربي عرفان نظام الدين و ذكر أن صحافة الإنترنت ستسحب البساط من تحت أقدام الصحافة المطبوعة لأن الجيل القاريء سينقرض بينما جيل اليوم منصرف إلى الإنترنت، فما رأيك بهذه المقولة؟
الجرائد المطبوعة أغلبها متواجد على الإنترنت الآن، لكنني أظن أن عدد قراء الإنترنت سيزداد في المستقبل و الجريدة ستظل محتفظة بمكانتها عند القراء لأن الناس بطبيعتهم يحبون الشيء الملموس وقد تنحصر الصحيفة المطبوعه على التحليل والإنترنت للخبر لأن سرعة وصول الخبر هي ما يميز الإنترنت والفضائيات عن الصحف المطبوعة... وأيضاً في مجال التحليل قد يكون للإنترنت دور لطرحه فالمجال مفتوح و أكثر حرية لأنه لا يخضع لأي رقابة أو وزارة إعلام، أنه مجال حر و واسع.
لكن نظام البروكسي المتبع اليوم في معظم البلاد يستطيع حجب المواقع فهل تعتقد أن هذا سيشكل رقابة تشبه مثيلاتها في وسائل الإعلام الأخرى؟
عملية الحجب على الإنترنت معركة خاسرة لأنه كما ذكرت الإنترنت لا يتبع لأي جهة رقابية فهو كالتليفون والكهرباء.. ماذا سيحجبون إذن؟... أعتقد أن الرقابة والتحصين الذاتي أفضل بكثير من اتباع الحجب الذي يجدون كل يوم وسيله لإختراقه.
أخيراً، ما هي الأمنية التي تتمنى أن تحققها؟
أمنيتي أن نكون مجتمعاً نقياً متحاباً، وأتمنى أن أكتب كتاباً عن الصحافة في العالم العربي وأجمع فيه خلاصة تجربتي من منظور عربي وسعودي.