الدكتور غازي بن زقر: المنظومة المتناغمة بين الرجل والمرأة تحقق اقتصاداً قوياً
تاجر ناجح بكل المقاييس، وطموح في عالم المال والأعمال، له رؤية واضحة، ومفهوم شمولي في مفردات النشاط الاجتماعي الذي لا يقل أهمية عن النشاط الاقتصادي لبناء المجتمعات الإنسانية الناجحة وتأسيس الفكر التجاري الذي يسعى للرزق الحلال، وعمارة الأرض، بتكوين الإنسان ثقافياً وعلمياً، واجتماعياً واقتصادياً، لتحقيق المجتمعات المتكاملة التي تسعى دائماً للتنمية المستدامة في المؤسسات والشركات تحت عنوان البناء الشمولي للرقي إلى مصاف الأمم في كل مناحي الحياة.
الدكتور غازي فيصل بن زقر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة المتاجر العربية، ورئيس مركز وصال الاستشاري، والمشارك في تنظيم منتدى جدة الاقتصادي على مدى خمس سنوات متتالية. التقته عربيات في مكتبه لتلقي الضوء على أهم أعماله الاقتصادية، والاجتماعية، ونشاطاته التطوعية التي يتطلع إليها بنظرته الشمولية التي لا تفرّق بين سعي الإنسان للدنيا وسعيه للآخرة.
العلوم المختلفة تحت مظلة التجارة
يفضل الدكتور غازي أن يُقال عنه تاجر وليس رجل أعمال "عربيات" تحب أن تعرف ماهية الفرق بين المعنيين؟
منذ طفولتي ولدي اهتمامات متعددة، في العلوم البحتة وفي التطور الإنساني لم أكن لأجمعها في بوتقة واحدة إلا بمفهوم التاجر.
وكوني من أسرة تجارية كنت مدركاً تماماً أنني سأعود لعمل أهلي التجاري كرجل أعمال، وكنت أشعر بالضيق لهذا المفهوم بداية الأمر، ولما تعمقت أكثر بماهية التاجر والتجارة شعرت أنها رحلة لا يوجد فيها تعارض مع المفاهيم الأخرى، لأنه يمكن للتاجر أن يكون طالب علم، وطالب رزق، وطالب خير، يحقق فيها المفهوم الشمولي لمعنى التاجر.
فالمفهوم الشمولي سهل علي تقبلي للعمل في مجموعة العائلة فمَهدت للانخراط فيها خاصة مع الشعور بأنها امتداد من جيل إلى جيل، وكونها كلمة جامعة وجدت نفسي فيها، لأن التاجر إنسان يحرص على تجارة الدنيا والآخرة، ويسعى بكل خطوة يخطوها للرزق الكريم الذي يعود عليه بالخير ولمن يحيط به جميعا من خلق الله.
تأصيل القاعدة الاقتصادية بالموازنة بين النظرة المادية والروحانية
تركز على بناء الفكر الإنساني لمستقبل واعد في المملكة العربية السعودية، ما تأثير بناء الفكر على الاقتصاد السعودي؟
سؤال "عربيات" مهم جداً، لا يمكن بناء قاعدة اقتصادية ثابتة وعميقة ومستديمة بإذن الله بدون تأصيل فكري عميق وصقل لمعدن الشباب من الجنسين سواء في المملكة العربية السعودية أو في أي مكان على وجه الأرض، وأحيانا يخطئ الإنسان عندما يظن أنه يمكن أن يُسرع في بعض الاتجاهات التنموية، ويؤخر الجانب الإنساني ولكن مع الوقت يتضح أن كل من يسلك هذا الطريق لتقصير المسافات يجد نفسه حقيقة يُطيل المسافات، لأنه لا يوجد مجال لتأصيل قاعدة اقتصادية سليمة إلا بتوطيد فكري سليم، وصقل المعدن الإنساني بالنظر إلى الماديات والروحانيات بتناغم وبتكامل، أي فكر وعاطفة، عقل وقلب، وليس الفكر لوحده.
النمو الاقتصادي بحاجة لتعديلات جوهرية في أنظمة التعليم
لكن النمو الاقتصادي يحتاج إلى قدرات تعليمية عالية كيف يتحقق هذا النمو، والمنظومة التعليمية مازالت على حالها، هل من سعي حثيث لتغيير المنظومة التعليمية في المملكة؟
كل منا لا بد أن يجتهد لتحسين المنظومة التعليمية سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام، وهناك الكثير الذي لا بد من فعله لتحسين المنظومة التعليمة سواء بالقطاع الخاص أو بالقطاع العام في المملكة العربية السعودية، وأتمنى من المختصين أن يسرعوا في بعض التعديلات الجوهرية المتعلقة بنمطية التعليم المبنية على التعبئة التلقينية أكثر من منهج التعليم الذي يُعتبر مهماً، والأهم منه قدرة المعلم على التعليم، والقدرة الإدارية المدرسية.
هل تقصد بأهمية استبعاد الحفظ عن التعليم؟
الحفظ جزء من التعليم، والأهم منه نمطية التعليم تُبنى على بعث -روح حب طلب العلم ـ والبحث والاستشكال، والقدرة على النقد البناء، وعلى تقصي الحقائق، وعلى تقييم البدائل، وعلى التفكير خارج الصندوق، والإتيان بحلول مبدعة.
التعليم قبل التعلم ثغرة المجتمع، والمعوقات ليست حجة
على ما يبدو هناك هوة بين مفهوم التعليم والتعلم؟
هناك اختلاف كبير بين المفهومين وقد تعلمت من المهتمين المختصين في مجال التعليم لابد أن نفرق بين مفهوم التعليم والتعلم، فعندما أتكلم عن مفهوم التعليم أقصد بذلك منظومة إدارية تمثل نفسها في المدارس، وجهاز التعليم الذي ذكرته سابقاً، أما مفهوم التعلم فهو خيار شخصي فإن شاء الإنسان أن يتعلم لا أحد يمنعه أو يوقفه عن التعلم، وعلى ما أعتقد أن العقبة الأساسية في المجتمع والتي أتمنى تذليلها ـ التعلم قبل التعليم ـ ولا بد من إعادة النظر في التعلم وتأصيلها أساساً من البيت التي هي ـ روح حب طلب العلم ـ وطلبه في كل موقف، أي طلب العلم مرتبط بعلاقة الإنسان بربه لأن مفهوم العلم بمنظوري جاء من العلامات الدالة على وجود الخالق، والإنسان يبحث عنها في كل موقف سواء يريد منه أن يفهم شيئا كعلم نظري، أو يعمل شيئا كعلم تطبيقي.
هل يستطيع المجتمع التطبيق؟
لو استوعبنا أن هناك تعلم وليس تعليم فقط، يعني باستطاعة كل إنسان أن يحسّن رحلة طلب العلم بغض النظر عن الوقت المطلوب من الجهاز الحكومي لتحسين المنظومة التعليمية، مع المجالات و الفضاءات المفتوحة أمامنا للتعلم، وممكن التعلم من الآخر لأن الله عز وجل وضع جزء من حكمته في كل إنسان، فعندما أسمع الآخر وأقبل الرأي الآخر فهذا جزء من التعلم، ويصبح النمط الدارج في المجتمع، ومهما كانت هناك مشاكل في التعليم يمكن الصبر عليها لإيجاد حلولاً لها، ولا أقول ذلك لإبطاء علاجها ولكن أريد التأكيد على أن المعوقات ليست حجة، ولكل منا أن يسعى جاهداً للتعلم.
إلى أي حد يؤثر تراجع التعلم على الاقتصاد الوطني؟
يؤثر إلى حد كبير لأن تراجع التعلم أهم من تراجع التعليم، فإذا كان التعليم سليماً والمجتمع لا يوجد لديه تثمين للتعلم، لا فائدة مرجوة منه، وإن كان أولاده في مدرسة نموذجية فنظرته غير سليمة، لأن التعلم ـ كالنبتة الجيدة إن كان جذرها سليماً ثابتاً في الأرض أعطت ثماراً ناضجة ـ فإن تجَذر التعلم داخل الذات الإنسانية كان العطاء الإنساني ثرياً، وما الاقتصاد إلا أحد هذه الفروع التي تنمو من الجذور السليمة، والظاهر من الشيء العميق لا بد له أن يتأصل بعودته لـ(التعلم).
هل تؤيد ربط الاقتصاد بالتعليم؟
أؤيد بشرط أن لا ننتقل 180 درجة كمجتمع على حساب التعلم أو على حساب التعليم، في الماضي كان التفكير بالتعليم بمفرده، والاقتصاد بمفرده، واليوم أصبح الاتجاه معاكساً، وأي تطور في التعليم إن لم يكن له مردوداً اقتصادياً مباشراً لا يُنظر له باهتمام، وهذا خطأ فادح أيضاً، لأن التعلم والاقتصاد ملازمين لجوانب اجتماعية، وجوانب وجدانية، ويجب أن لا تكون واحدة على حساب الأخرى نظراً لأهميتها.
هذا النوع من الشراكة يخلق منظومة راقية في عالم الاقتصاد
هل توافق على تدريس منهج الاقتصاد للطالب لنشعره بأهمية التاجر؟
أوافق على هذه الفكرة على أن يكون المفهوم التي طرحته "عربيات" مفهوماً شمولياً وليس مفهوماً ضيقاً لمعنى الاقتصاد، أي يُقصد بالاقتصاد قدرة الإنسان على تحقيق ذاته والتعلم على تسويق قدراته لتفعيل الرسالة التي خلقه الله من أجلها، حتى يعيش حياة كريمة وليس عالة على المجتمع، فإذا سعينا لهذا النوع من الاقتصاد وهذا النوع من التعليم ننتهي بالطبيب الاقتصادي والمهندس الاقتصادي وبربة البيت الاقتصادية وننتهي بالاقتصاد الاقتصادي.
بمنتدى الغد (شراكة نحن والشباب) في الرياض كان المحور الثالث يدور حول بناء قدرات الشباب مع رئيسة جامعة عفت الدكتورة هيفاء جمل الليل ما المقصود بهذه الشراكة؟
العلاقة الرعوية بين الكبار والشباب في الماضي كانت مبنية على الوصاية المطلقة ما يقوله الكبار ينفذه الشباب دون اعتراض.
لذا حاولنا تغيير هذا المفهوم من العلاقة إلى شراكة بيننا وبينهم، ربما يكون الأصغر فينا أقل نضجاً ولكنه أكثر حيوية بأن يسمع كل منّا للآخر، ويستفيد من الآخر، ويكمّل الآخر، كما يكمل الذكر الأنثى، لذا علاقتنا بين الشرائح المختلفة بالمجتمع جعلناها مبنية على الشراكة، من خلال اقتناع الكبير بالصغير، وبجوهرته المضيئة التي يمكن الاستفادة منها ـ والعكس صحيح ـ وعندما تنضم الجوهرتيْن لبعضهما البعض يكتمل العقداللؤلؤي ويتحقق مفهوم الشراكة.
ما أثر هذا المفهوم على الشباب؟
عندما يشعر الشباب باهتمام حقيقي وعميق بما يستوطن ويدور في عوالمه، بعيداً عن الاهتمام السطحي لإصدار الأوامر والتوجيهات، وتصحيح أخطائه ـ وإن تطلب الأمر التوجيه من حين لآخر ـ يبقى الاهتمام نابعاً من القناعة الحقيقية بعالمه الجميل، لتبادل المنفعة، وبناء هذا النوع من الشراكة التي تحقق منظومة موسيقية راقية في عالم الاقتصاد يعزف على أوتارها كل جيل.
هل تدفع هذه الشراكة بالاقتصاد السعودي إلى الأمام؟
بالتأكيد، لأنه لا يمكن لاقتصاد أن يكون قوياً، ما لم يعزف على منظومة أوتارها متناغمة متكاملة بين شرائح المجتمع، ولا يمكن لاقتصاد أن يرتقي دون شراكات حقيقية بين النشاطات الاقتصادية المختلفة التي تؤدي إلى اقتصاد متكامل ومتناغم، لأن الاقتصاد غير المتناغم يصبح اقتصاداً سطحياً غير قادراً على العطاء المثمر والمرضي.
نرغب في التعاون الإستراتيجي مع بريطانيا لهذا الأسباب
من ضمن فعاليات اللقاء الثاني للمؤتمر السعودي البريطاني في الرياض والذي ترأستم جلسة من جلساته (الشراكة الاقتصادية) كانت بعض المحاور تدور حول التعاون المشترك بين البلدين لتنمية الموارد البشرية، على أي أساس تم هذا التعاون؟
كثير من المختصين في المجالات الاجتماعية يقولون لا يمكن أن يكون هناك تعاون بنّاء بين طرفين إلا برغبة حقيقية بينهما، وبوعي عميق عند كل طرف بقيمة نفسه أولاً ثم بقيمة الآخر، حتى يسعيا لإيجاد قاعدة مشتركة بينهما تمثل قاسماً مشتركاً، يمثل مصلحة للطرفين، يعمّقانه ويوطدانه، ليعم الخير عليهما، وعلى العالم أجمع، والعلاقات السعودية البريطانية وغيرها إن وطدت على هذا الأساس المهم ـ تتحقق من مصلحتنا كوطن ـ لأن القاعدة التي نرتكز عليها في ثقافتنا وفي ديننا "أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها" وهناك حكم موجودة في ثقافات أخرى وفي جوانب حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والعلمية لا بد من الاستفادة منها والعكس صحيح أيضاً.
أين تنمية الموارد البشرية من هذا كله؟
تسير تنمية الموارد البشرية عندما يكون هناك اهتمام من الطرفين للتركيز على الجانب الإنساني، هذا الاهتمام يمكن أن يكون تكتيكي أو استراتيجي، فلو كان الاهتمام تكتيكياً كل مؤسسة في بلد تجد لها مصلحة في مؤسسة تعليمية أو تربوية أو تدريبية في بلد آخر تسعى للاستفادة منها وتكوين الشراكات المباشرة، أما إذا كان الاهتمام استراتيجياً يتم التنسيق بين إدارات البلدين المختلفة ربما عن طريق الملحقيات الثقافية، أو الملحقيات التعليمية، أو الجوانب التدريبية الإستراتيجية، وبالتالي تتحقق الرغبة عند كلا الطرفين للاستفادة من بعضهما البعض في جوانب مختلفة متعلقة بالتطوير الإنساني.
وبريطانيا من الدول التي نرغب في التعاون معها استراتيجياً على كافة المستويات نظراً لعلمهم الوافر فيما يتعلق بالتطوير الإنساني سواء بالجامعات أو بالمؤسسات المهنية.
هل قمتم ببرامج تدريبية مشتركة على أساس العلاقات الثنائية الاقتصادية؟
كتاجر لي أعمال متعلقة بالجوانب التطويرية والتدريبية بعضها ربحية والبعض الآخر غير ربحي، وسواء كانت ربحية أم غير ربحية أحاول أن أبحث وأسعى للتعاون مع دول أخرى في الجوانب التي تمثل القوة، ولأسباب تاريخية وأكاديمية بدأتُ من الولايات المتحدة الأمريكية لأنني كنت طالباً هناك وعندي معرفة ببعض الجوانب فيها، وبريطانيا كنت أزورها منذ طفولتي، واستراليا عرفت مجتمعها من خلال العمل التطوعي وكان هناك جوانب ربحية وغير ربحية وأحيانا لأسباب مختلفة نبدأ بدولة قبل أخرى ومع ذلك أحث وأشجع البحث على كل البدائل في كل البلدان والإتيان بأفضل منها.
بعض الأرباح استشعرها دون وجود مردود مادي لها
ما الربح الذي حققتموه وعاد على مجموعتكم؟
يصعب حصر الأرباح، لأن هناك أرباح مباشرة وأرباح غير مباشرة وعلى سبيل المثال لا الحصر الربح المباشر يتحقق عندما آخذ برنامج معين وأحسب تكلفته والدخل الذي يعطيني إياه، لكن الذي يهمني تقديم البرنامج التطويري للشباب الذي يعملون في شركات أخرى سواء كانوا في داخل المجموعة أو خارجها، ويعطيهم تغيير في نمط أداءهم بعد الله يعود لبعض هذه البرامج فكون قد حققت ربحاً غير مباشراً لا أستطيع حسابه، لكن أستشعره وأشعر بقوته أكثر.
وخاصة إذا تكلمنا على الجوانب الشمولية في التطوير، وأن لا نصر على المنفعة التي تكون مباشرة وقصيرة الأجل مع العلم مهمة في الشركات الربحية للتقييم على الدخل الفصلي أو السنوي لكن وحدها لا تكفي من وجهة نظري.
وصال يؤهل الشباب ليكونوا خبراء يُستعان بهم في أنحاء العالم
بما أنكم مهتمون في العلاقات الإنسانية، هل هذه البرامج التي قدمتموها لمختلف البلدان كانت مصممة من قبل مركز وصال التدريبي الاستشاري التابع لكم، وما هي ماهية مركز وصال؟
معظمها مصمم من قِبل مركز وصال التطويري الاستشاري الذي جاء فريقه ـ مع مر الوقت ـ من خلال الأنشطة المختلفة التي كان لي دوراً فيها، ومن المجال التطوعي، ومن داخل أعمالنا المختلفة، ويمثل هذا الفريق ثقافات مختلفة من المملكة العربية السعودية ومن الدول العربية ومن دول العالم المختلفة، ويعمل مع بعضه البعض كفريق واحد، ويجمع ثقافته في بوتقة واحدة، نطور من خلال انصهارها برامج تعين وتفيد في تطوير الفرد وفي تطوير مؤسسات المجتمع الأخرى.
هل فريق العمل في المملكة العربية السعودية من الشباب؟
أحب وأحبذ دائما تحفيز فئة الشباب، بالمجال التطويري في الجوانب الإنسانية، وأعمل توأمة بين خبراء من الخارج ـ أكبر سناً وعندهم حب حقيقي لتعليم الآخر ـ وبين الشباب السعودي من كلا الجنسين إذا رغبوا في طلب العلم من الآخر بغض النظر من أي بلد يأتي مصدر التعليم، ومن خلال هذا المزيج نكون شراكات يستفيد منها الطرفين، لأن الشباب السعودي يؤكد على أن التطوير يكون متناغماً مع الهوية الوطنية ومع ثوابتنا الدينية، وبنفس الوقت يستفيد الشباب من خبرات دولية كانت في الماضي غير متاحة وإن شاء الله مع الوقت ينضج هذا الشباب ويتشكل منهم الخبراء والمختصين لينطلقوا بعلمهم إلى العالم الخارجي.
هل استشعرت من الشباب السعودي الموجود ضمن فريق وصال أنه يستطيع تحقيق تنمية اقتصادية في المجتمع السعودي؟
هذا أملي بعد الله فيهم، وأحمل في أعماقي نظرة إيجابية لشريحة كبيرة من الشباب والشابات في المملكة العربية السعودية، وأشعر بنشاطاتهم المختلفة، منها التطوعية والاجتماعية، وبعض من هؤلاء الشباب في وصال، فخور بهم كثيراً، وبحماسهم الشديد، وبرغبتهم الصافية والخالصة بالمشاركة في التنمية الوطنية، وحبهم للتعلم من الآخر بغض النظر من هو؟، ورغبتهم بما يطلبوه من علم ينتهي بمنتجات عملية قابلة للتطبيق، ومُوطوَعة لمجتمعنا، وملائمة لظروفنا الاقتصادية والاجتماعية، كونهم مهتمين بالجوانب الإنسانية وإذا أراد الله بنا خيرا فعلى أيديهم بإذن الله.
الواقع والمأمول في عمل المرأة السعودية
في جامعة الملك عبد العزيز شاركت بورقة عمل في الملتقى المهني الثاني تحت عنوان (عمل المرأة في قطاع الأعمال: الواقع والمأمول) ما هو الواقع لديكم؟ وما هو المأمول؟
الواقع لدينا يؤكد على الدور المهم للمرأة في التنمية الاجتماعية الاقتصادية بالرغم من بعض العادات والتقاليد الموجودة والتي نتمنى زوالها كونها تعيق عمل المرأة ونتاجها وتعيق التنمية الاجتماعية الاقتصادية عموماً في المملكة العربية السعودية، وبعضها يُستخدم كحجة لسد الذرائع، رغم تأكيد الملك عبد الله وحكومته الرشيدة على دعم المرأة الدائم لتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية الاجتماعية، ولا يمكن أن يكون هناك تنمية اجتماعية اقتصادية سليمة وملائمة لثوابتنا الدينية إلا بتناغم تام بين الرجل والمرأة.
أما المأمولمع الوقت حبنا لله أولا وأخيراً، والسعي للتأكيد على أن الرجل والمرأة شريكان في كل شيء ـ بما فيه كل ـ وكافة جوانب التنمية الاقتصادية الاجتماعية، مع اليقين بدواخلنا بأنه السبب الأول لدفع عجلة التنمية الاجتماعية الاقتصادية المبنية على التناغم التام بين الرجل والمرأة وليس أياً من الأسباب الأخرى.
البطالة مشكلة تراكمية، وعلاجها يبدأ من (أنا)
هل تتوقع أن هذا الواقع والمأمول سيخفف من نسبة البطالة عند النساء السعوديات والتي بلغت 10%؟
إن شاء الله ولكن من وجهة نظري مشكلة البطالة تراكمية ولها أسبابها الكثيرة، ويجب عدم إهمالها، ذكرنا بعضا منها، فإذا كانت مخرجات التعليم ينقصها المهارات السليمة، يجب معالجتها فوراً، أما إذا كانت هناك ظروف اجتماعية واقتصادية تقف عائقاً أمام التنمية الاجتماعية والاقتصادية من ضمنها العادات والتقاليد لابد من إيجاد حلول لها، والعلاج يبدأ من الأنا أي كل إنسان يبدأ من نفسه بتقوية إيمانه بالله عز وجل، وبتقوية عزيمته، وبتقوية إرادته، ويصر على أن يشق طريقه في تفعيل الرسالة التي من أجلها خُلق، بغض النظر عن العقبات لأن الله سبحانه تعالى الذي خلقه وخلق له الرسالة هو الأدرى والأعلم بالعقبات الموجودة أمامه، ولا بد من إيمانه بأن هذه العقبات ما هي إلا أشياء ـ من حب الله لنا ـ وضعت أمامنا لتساعدنا في صقل أنفسنا أكثر وأكثر حتى نصبح أكثر فعالية في المجتمع لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (كل مسير لما خُلق له).
الإصلاح الاقتصادي: الميل مع الريح لا الانكسار أمامها
في منتدى جدة الاقتصادي بدورته الثامنة وتحت عنوان الحوض الفكري للشرق الأوسط (الإصلاح الاقتصادي.. أرض واعدة وآفاق ممتدة) ركز وزير التجارة والصناعة السابق هاشم عبد الله يماني على برنامج الإصلاح الاقتصادي ضمن استراتيجيات تنموية مرنة، هل لديكم بعض من هذه الاستراتيجيات المرنة كونكم من منظمي تلك الدورة مع الدكتورة هيفاء جمل الليل رئيسة جامعة عفت؟
في المرحلة الأخيرة تم توقيع اتفاقية منظمة التجارة العالمية، ولا يمكن لها أن تكون إلا بنوع من الاستراتيجيات المرنة من أجل الإصلاح الاقتصادي، ضمن حتميات ساعدتنا للإصرار عليها، ولا يمكن لها أن تكون إلا بنوع من المرونة وليس على حساب هويتنا، أو ثقافتنا، والمرونة تتطلب الحكمة ومن الحكمة أن يتعلمها الإنسان في كل مجالات حياته وهذه الاستراتيجيات المرنة تأتي كلما زاد علم الإنسان وضوحاً بثوابته وبقيمه التي لا يتنازل عنها، كلما استطاع تصميم استراتيجيات مرنة بالتعامل مع الآخر ضمن الفروع، مهما حركتها المستجدات لا تستطيع اقتلاع جذورها الثابتة ـ أي أميل مع الريح ولا أنكسر أمامها ـ وكلما ازدادت الجذور عمقاً كلما ملكت الشجرة القدرة على التمايل مع ما يستجد في العالم الخارجي دون الانكسار.
أحيانا يعتقد البعض أن الإستراتيجية المرنة نوعا من التنازل عن الثوابت؟
مطلقاً، وغير صحيح، لأن الإستراتيجية المرنة إذا صُممت تصميما حقيقياً، وتم بناءها على فهم الثوابت، تؤدي إلى استراتيجيات تنموية مرنة وممتازة، ولا يتنازل الإنسان عنها، لذلك أقول مؤكداً: أن الإنسان الذي لا يعرف حقيقة نفسه ولا يعرف ثوابته لا يستطيع أن يصمم شراكة مبنية على الإستراتيجية المرنة، وبالتالي سيخسر أثناء التفاوض، وينكسر عندما يرفض المرونة، أو يتنازل عن أشياء لا يمكن التنازل عنها، ويغلبه الآخرين، ويخسر وتطغى عليه هوية الآخر، لكن إذا عرف نفسه تفاوض مع الآخر بقوة إلى أن يجد القاسم المشترك المبني على الفروع دون التنازل عن الجذور.
إلى أي حد تفيد الاقتصاد السعودي اتفاقية منظمة التجارة العالمية؟
هذه الاتفاقية مفيدة جداً وضرورية لنا إذا بُنيت على فهم عميق لأنفسنا ولذواتنا ولقدراتنا ولمواطن ضعفنا، لأنها تدفعنا إلى البحث عن الآخر الذي يكملنا ونتعاون معهم لمصحة اقتصادنا الوطني، والعكس صحيح، لتعم الفائدة للجميع.
هل تخفف من حدة البطالة؟
إذا سارت بالطريقة القوية السليمة، وأحب أن أوضح لـ "عربيات" أي نوع من التعاون إذا جاء من موطن قوة حقيقي للطرفين، يكون من معرفة حقيقية أي كل طرف يعرف نفسه أولاً ثم يعرف الآخر، يبني التعاون على قاسم مشترك حقيقي يستطيع أن يخفف من حدة البطالة.
أتطلع لسوق خليجية واحدة
سخرت المملكة إمكانيتها المختلفة من خلال ثقلها السياسي بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ودعت إلى التعاون الاستثماري التجاري وتم توقيع اتفاقيات ثنائية ماذا عن السوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية المشتركة أيضا كتاجر؟ ومتى يتم تفعيلها؟
أنا على مبدأ "الأقربون أولى بالمعروف" أتمنى من دول الخليج مع الوقت أن تنمي فيما بينها العلاقات التجارية أكثر وأعمق وأسرع حتى نستطيع تكوين اتحاد فيما بيننا يكون له دورا اقتصادياً لا يقل أهمية عن الاتحاد الأوربي، كوننا نشترك بدين واحد، ولغة واحدة، وتاريخ واحد، وثقافة واحدة، وحب حقيقي لبعضنا البعض، ومقومات اقتصادية متشابهة، والبعض منها مكملة لبعضها البعض ومبدأ الأقربون أولى بالمعروف هذا يعني بأن الحلقات تسير في وضعها الطبيعي، وأنا أحث التعاون مع الجميع على أساس قاسم مشترك حقيقي.
على ماذا يرتكز إنشاء سوق خليجي مشترك؟
يعود لعوامل كثيرة جزء منها بيد القطاع الخاص وجزء منها بيد القطاع العام.
ما المعوقات في حال تم تطبيق تجربة الاتحاد الأوروبي؟
الاتحاد الأوربي لم يأتِ بين يوم وليلة بل سار على خطوات مدروسة وركز على قاعدة عريضة، لأن الإنسان أحيانا يتحمس لفكرة ويسعى للمسميات ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن عندما نبحر عكس التيار دون دراسة ودراية للجوانب العقلانية.
ما هي الرؤية التي نسجتموها عن الاتحاد الأوربي؟
ـمن خلال قراءاتي التاريخية للاتحاد الأوربي خرجت بأشياء كثيرة، فقد كانوا عقلانيين وعمليين في كل خطوة خطوها، وفي كل اتفاقية وقعوها فيما بينهم، وفي كثير من الأحيان كانت خطوة للأمام وخطوتين للخلف، ولكن مع الوقت هذا النوع من التعاون المبني على شراكات حقيقية بمصالح حقيقية في حينها بدأت متواضعة ومع الوقت أثبتت نجاحها وأدت إلى تطوير الجوانب الإستراتيجية التي نراها اليوم، حتى اتفاقية الوحدة النقدية لم توقع عليها كل دول الاتحاد الأوربي إلى الآن، ورغم ذلك الاتحاد قائم وفعّال وبنّاء وبعض من أعضائه مازالوا يستخدمون عملاتهم بجانب اليورو، وعلى سبيل المثال لا الحصر بريطانيا ما زالت تستخدم الجنيه الإسترليني والدنمارك ما زالت تستخدم الكورونة، هذا الاتحاد ملئ بالمرونة الإستراتيجية فجعلته يصرّ ببعض القضايا من أجل الوحدة، وبقضايا أخرى يعطي الحق لكل دولة بقبولها أو رفضها، كونه تطلع لهذه الوحدة بنظرة عملية براغماتية لعبت دوراً مهماً وفعالاً في بناء اتحاد مع الوقت أصبح أكثر قوة وأكثر التحاماً من مجرد اتحاد مبني على الكلمات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
من خلال انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية كيف يمكن لها أن تكون جزء من البنية العالمية للاقتصاد؟
المملكة العربية السعودية بالأساس هي جزء من البنية العالمية وكدولة حديثة منذ تأسيسها في القرن العشرين على يد المغفور له الملك عبد العزيز لها مشاركات عميقة على الساحة الدولية، ولكن اليوم كل اتفاقية نحاول توطيدها ورصد جوانبها بطريقة أفضل لخدمة مصالحنا الإستراتيجية.
إلى أي حد كان للأزمة الاقتصادية تأثير على الاقتصاد السعودي؟
أقل بكثير من دول العالم والفضل لله سبحانه وتعالى أولاً وأخيرا، ثم للسياسة المالية المحافظة التي كانت وما زالت في المملكة العربية السعودية، نحمد الله ومن الواجب على كل إنسان ومواطن أن يستفيد من الدروس الماضية ويسأل نفسه كيف نستطيع أن نوطد الجوانب الإيجابية في اقتصادنا ونعالج الجوانب السلبية، ونتعلم من أخطائنا وأخطاء الآخرين، حتى لا تؤثر علينا مستقبلا.
سلبيات الاقتصاد السعودي
كتاجر ما هي النظرة السلبية للاقتصاد السعودي؟
نحن ضعفاء في آلية المقارنة (BENCHMARKING)، ولا نملك القيم الاقتصادية المتكاملة لنصل إلى المثل الأعلى وعلى سبيل المثال لا الحصر سنغافورة قوية في (BANCHMARKING) عندما تريد أن تطور قطاع اقتصادي تبحث عن المثل الأعلى أي القطاع الأفضل في العالم وتحلله بعمق، وتدرسه وتسعى لتكون الأفضل إن لم تكن مثله، بمعنى قدرة الإنسان على مقارنة نفسه مع الآخر،لدراسة الآخر، والسعي ليكون مثله إن لم يكن أفضل منه.
وكذلك من سلبياته أننا بعيدين كل البعد عن التواضع المجتمعي وذلك بدءً بنفسي، فالتواضع ليس ضعفاً، ولكنه يعطي قوة اقتصادية، إلى جانب الروح الإنسانية كمسلم لأن "من تواضع لله رفعه" إضافة للأسباب العقلانية غير الروحانية كونه لا يتوانى عن الاستفادة من الآخر بغض النظر أين موقعه من الإعراب، وليتعلم من الآخر من غير النظرة الدونية إليه، وإنني على يقين بأن لدى الآخر جوانباً مضيئة، نستطيع التعلم منها، وقد تكون أحد الأساسيات التي تجعل من اقتصادنا، اقتصاد حقيقي قادر على منافسة العالم.
علينا أن نخرج من الدور الرعوي للتنموي
من خلال أوراق منتدى جدة الاقتصادي، هل استطاعت المملكة الاستفادة من تجربة الدكتور محمد يونس صاحب بنك "غرامين" في بنغلادش الذي بنى من خلالها اقتصاداً حقيقياً عندما قام بتفعيل دور المرأة ودور المتسولين وحولهم إلى عاملين؟
هناك البعض يجتهد لتطوير مفهوم التنمية الاجتماعية أمثال عبد اللطيف جميل، وبعض الجمعيات الخيرية بدأت بتطوير نفسها وتتجه نحو الاتجاه التنموي ولكن لم يصلوا إلى عمق التجربة البنغلاديشية، لأنه ما زال في المملكة هناك دوراً رعوياً وليس دوراً تنموياً، وأتمنى زيادة النسبة التنموية لخدمة الاقتصاد الوطني.
في منتدى جدة الاقتصادي بدورته التاسعة تحت عنوان (إنماء الثروات عبر الشراكات والتحالفات) أعلن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في كلمته بـ "ضرورة الارتقاء بحجم التجارة والاستثمار بيننا وبين دول العالم إلى مستوى يليق بطموحنا، وأمامنا فرصة حقيقية لبناء قاعدة اقتصادية نرتاد بها آفاقاً جدية حتى يصبح طموحنا بلا سقف ولا يعرف الحدود" كيف يقرأ الدكتور غازي التاجر هذا الطموح؟
هذا الطموح بدأ يالتفعيل، والهيئة العامة للاستثمار السعودي لها دوراً مهماً في معالجة بعض العقبات التي تقف عائقاً أمامنا ونستطيع أن نقول بدأنا الطريق كون الشركات الأجنبية المستثمرة في السعودية بازدياد، مع التأكيد على التنمية الشمولية التي تمزج الجانب الاقتصادي بالجانب الاجتماعي وهذا يتطلب جهداً أكبر من كافة القطاعات وتعاوناً أكبر مع كافة القطاعات لوضع منظومة اقتصادية اجتماعية للتنمية الوطنية بحيث يُقاس نجاح الاستثمار بمزيج من المعايير الاقتصادية الاجتماعية التي تُنقى بعناية لتؤكد على أن التنمية شملت كافة القطاعات بطريقة حكيمة لتعود بالخير على الجميع وتؤدي للاستدامة الدائمة.
لكن هناك الكثير من المعوقات أمام الاستثمار؟
لا بد أن تُعالج بالتعاون مع كافة القطاعات عن طريق لجان حقيقية تعمل مزيج ما بين القطاع العام والقطاع الخاص للنظر لهذه المعوقات وحلها.
مواكبة مستجدات العصر: طموحي لمجموعة العائلة
هل الدكتور غازي طموحه بلا سقف ولا حدود تجارياً واقتصادياً واستثمارياً في مجموعة بن زقر كونه نائب رئيس مجلس إدارة لهذه المجموعة؟
طموحاتي للمجموعة في أن تواكب مستجدات العصروتنظر بشجاعة لمواطن القوة والضعف، توطد جوانب القوة وتعالج جوانب الضعف ولا تخجل من التعاون مع الآخر والدخول في شراكات مع الآخر، والاستفادة من الآخر من موقف قوة ونجاح للطرفين ورغبة منفعة الطرفين في تجارة دنيا وآخرة، وأسعى جاهداً في كل مهمة تُعطى لي أن أطورها على أساس تلك المبادئ بإذن الله.
ما دورك في المجموعة كجيل ثالث؟
أنا من الجيل الرابع في المجموعة وما زال الجيل الثالث من الصف الأول وصاحب المال الأول في المجموعة، وهو الذي يرأس مجالس الإدارات حفظهم الله وأنا نائب في المجموعة، وعندما يكون العمل الأسري فيه مزيج من الأجيال لابد من أن يُؤخذ بعين الاعتبار هذه الاختلافات والتي تُبنى على القاسم المشترك بين الجميع ولي تأثير مباشر وغير مباشر في مجموعة بن زقر.
ما هو القرار الذي اتخذته في المجموعة لصالح الاقتصاد الوطني؟
عندما ترأست شركة المتاجر العربية في المجموعة اهتممت ببرامج السعودة، وكنا من أوائل المتاجر التي وظفت كوادر سعودية شبابية في وظائف كانت مرفوضة بالنسبة لهم، وأرسلناهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإلى جنوب أفريقيا وإلى استراليا وبريطانيا لرؤية صورة المتاجر هناك.
لا يمكن قياس نتائج العمل التطوعي بالمادة
تقوم بأعمال تطوعية كثيرة منها معروف ومنها غير معروف سواء داخل المجموعة أو خارجها ولا تفصل بين دورك كمتطوع ودورك كتاجر، بماذا يعود هذا التطوع على المجموعة والوطن؟
ـمن يعمل في المجال التطوعي من خيرة الناس في الوطن ولمجرد القرب منهم والتعرف عليهم أضفى الكثير على علاقاتي أعتمد عليهم بعد الله بالخير، وقد أعطتني مشاركتي العملية معهم الكثير من عصارتهم الفكرية أضفتها لأفكاري، ولا أستطيع تقييمه بحساب لأنه فوق الماديات، كما عزز من أدائي لوطني الذي لم يعد محصوراً في أهلي فقط بل تشعب وامتد ليعلمني من نمطهم الإداري ويصبح جزء مني أستطيع تطبيقه في المجموعة وتعود على الوطن بالخير الكثير، ولأن العمل التطوعي وسّع من فهمي للقطاعات المختلفة والتي أتفاعل معها في المجتمع لأن التاجر يعتمد في نجاحه بعد الله على فهمه واستيعابه ليس لسلعته فقط، بل للمجتمع ومجرياته وللسوق ولقطاعاته، وبالتالي عاد بالنفع علي وعلى المجتمع ككل.
أتطلع لمشاركة المرأة في جميع شركاتي
هل تعتمدون في التطوير على المرأة؟
أؤكد على أهمية التفاعل بين الرجل والمرأة، وكان لي دور كبير بدخول أول عنصر نسائي في شركة المتاجر العربية للاستفادة منه بأكثر من وجه لأنني أفهم سيكولوجية المرأة من عمل المرأة لأن المستهلك رجل وامرأة، وهناك قوة تتسم بها المرأة وقوة يتسم بها الرجل والتعاون البناء يقوي جميع الجوانب عند الشريكين، ومع الوقت أتمنى مشاركة حكيمة للمرأة في كل الشركات المسئول عنها لدفع عملية التنمية الاقتصادية بلا شك.
جامعة عفت منحتني بيتاً للعمل التطوعي
عضو المجلس الاستشاري لجامعة عفت تطوعياً، ماذا قدمت لهم، برامج تدريبية، أم استشارات أكاديمية؟
ـجامعة عفت أعطتني الكثير لأنني وجدت بيتاً لعملي التطوعي وأنا فخور لكون هذا الصرح يُدار من قِبل المرأة ويؤكد على قدراتها القيادية، وقد تعلمت الكثير من قياديات سعوديات وأجنبيات عن أسس القيادة يتعاونّ على الخير في جامعة عفت بطريقة جميلة، وما دوري هناك إلا مستشار في إستراتيجية الجامعة ككل وفي بعض برامج الجامعة، وبعضها أشارك فيها، ومن حين لآخر أقدم بعض المحاضرات في الجامعة.
على ماذا تراهن في جامعة عفت؟
أن تكون من أوائل الجامعات الأكاديميات في العالم بإذن الله، ونسأل الله أن نر جيلاً جديداً من سفيرات المملكة إلى العالم، كون رسالة بدأتها الملكة عفت وامتدت إلى أبنائها للتأكيد على مفهوم التنمية المبني على الروح القيادية النابعة من الهوية الدينية الثابتة والاعتزاز بالهوية الوطنية، مع قدرة حقيقية على التفاعل مع الآخر بالعالم والاستفادة منه وأخذ الأفضل لمصلحة الوطن.
الأمل كبير بمخرجات جامعة عفت
هل لمخرجات عفت مكان في سوق العمل؟
ماهية التعليم بجامعة عفت يخرّج فتيات مؤهلات ومطلوبات لسوق العمل بالقطاعات المختلفة، والتعليم في المملكة ككل يسير بجهود مختلفة اليوم ليس بجامعة عفت فقط بل بالجامعات الحكومية وبعض الجامعات الخاصة وعفت من ضمن الأوائل بإذن الله تؤكد على أهمية الرقي بمفهوم التعليم والإتيان بمنظومة تنمي ليس معرفة الفتاة فقط، بل تؤكد على مهاراتها وتنميها وصقلها وإعطائها تجربة حقيقية بالتفاعل البناء في التنمية الاجتماعية وأملي كبير بهذه المنظومة.
في ندوة التقنية والتعلم السادسة التي أقيمت في جامعة عفت تحت عنوان (المواطنة في المنظومة الرقمية: إطلالة ورؤى)، ما معنى المواطنة وإلى أي حد تخدم مجتمع المعرفة للنهوض بالاقتصاد السعودي؟
نظرا لأهمية دور عفت القيادي كان الغرض من الندوة التأكيد على دور المرأة الإيجابي في مجال التقنية، ومنظومة الندوة للتأكيد على أهمية الربط بين التقنية والتعلم، وما فائدة التقنية إن لم يكن لها أثراً إيجابياً على وسائط التعلم، وتُعين على الإتيان بوسائط جديدة تفتح آفاقاً جديدة للتعلم، وبما أن الندوة تكلمت عن المواطنة يعني أن لا نغفل عن الجوانب الاجتماعية، والاهتمام بآخر مستجداتها فقط، بل يجب أن تنتهي بمفهوم راقي للمواطنة حتى نستطيع من خلاله تفعيل التقنية لجلب الخير الكثير للمجتمع على جميع الأصعدة، وإلا لا فائدة يُرجى منها إن تطورت ولم تُستخدم بالشكل الإنساني، فستضر الإنسان نفسه ـ كونها أداة ـ وربما تكون نقمة على المجتمع وليس نعمة إن لم يواكب كل إنسان رقياً في مفهوم المواطنة نفسها ليتم توطينها في المجتمع، واستخدامها بأسلوب حكيم.
لوالدتي الفضل في احترامي للمرأة
من منظوركم التجاري كيف تقيمون العمل مع المرأة لصالح التنمية الوطنية؟
تعلمت التعاون مع المرأة من والدتي حفظها الله، ومن علاقتي بها فهمت المرأة، ومن طفولتي بمجالس النساء راقبت بعمق مجريات الأحداث حتى استوطن التعاون الأسري البناء والراقي في ذاكرتي التي أسستلهذه العلاقة الاجتماعية على قاعدة بيئية سليمة وخرجت لسوق العمل بصورة ممتازة، وتعاملت مع المرأة كأختي فإن كانت أكبر مني سناً كأمي، وإن كانت أصغر مني سناً كابنتي، وبفضل من الله لم يحدث هناك خللاً في التعامل الذي تخشاه بعض الشرائح المجتمعية،أو التي تراه في بعضها الآخر نظراً لانعدام المشاركة بين أطراف العائلة الواحدة التي تعيش حالات من الفصل العنصري بين الرجل والمرأة على قاعدة دينية لا أساس لها من الصحة، كل يعيش بمفرده ويفكر بمفرده، وتبقى الساحة مفتوحة أمام الخادمة التي تُعتبر القنبلة الموقوتة في التربية الاجتماعية، أتمنى أن ننتهي من ثقافة اجتماعية تعود إلى ما قبل الإسلام.
ما رؤيتك الحقيقية لبناء المجتمع الفعال؟
لا بد من تعاون فعّال بين الرجل والمرأة بكل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع وما أنادي فيه قد يكون مختلفاً عما سمعته "عربيات" من الآخرين حيث أنشد زيادة التأكيد على التفاعل البنّاء داخل الأسرة بين الأم وابنها وبين الأب وابنته لخلق نموذج أسري حي للتعاون في كافة مناحي الحياة حتى يخرج لسوق عملية مشتركة وبناء مجتمع اقتصادي ناجح.
في تطبيق هذه المنظومة بماذا تذكر؟
عندما أطبق هذه المنظومة الاقتصادية أذكر بأن الكمال لله وحده، والوحدانية له سبحانه وتعالى، وكل مخلوق سواه يحتاج لشريك يكمله سواء في جنسه أو في سنه أو في الموطن الذي ينتمي إليه، فعندما أرى هذا النموذج العائلي أتعلم لغة الحوار البناء وأطبقه في كافة نواحي الحياة الذي يعود لمنظومة اقتصادية قوية تعيننا على تحقيق طموحنا باقتصاد معرفي لا يمكن بناؤه إلا بعمق فكري ونضج قلبي وروحاني ولا نجعل الروحانية مقتصرة على المسجد فقط بل الانتقال بها للحياة العملية بأسلوب المسجد، فإن سرنا على هذا الطريق نحقق قوله تعالى: "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" كل منا في إطار عمله قدوة حية أمام الآخرين تجعل أفئدة الناس تهفوا إلينا للتعاون معنا وفرض أنفسنا على الساحة العالمية بجودتنا وجودة منتجاتنا من أجل تجارة الدنيا والآخرة.
كلمة أخيرة:
كل الشكر لـ عربيات.