الشاعرة دوريندا مادكينس: الثورات العربية أعادت الإنسانية المفقودة
عندما طلبنا منها إجراء حوار معها بمجلة عربيات لم تتردد الشاعرة المتألقة، وسيدة الأعمال الأمريكية دوريندا مادكينس "Dorenda W Madkins " معتبرة أن ذلك سيفتح لها سبل التواصل مع الآخرين.
تملك الشاعرة مادكينس تجربة شعرية ملفتة وجديرة بالإشادة والتثمين وليس من المستغرب أن تحوز إحدى قصائدها الجميلة " أشياء مادية" على الجائزة الدولية للاستحقاق الشعري عام 2000م، خاصة وأن هذه القصيدة حظيت بمتابعة واحتفاء نقدي متميز في بلدها أمريكا.
تمكنت هذه الشابة الطموحة من أن تبرز بقوة في عالم المال والأعمال حيث طريقة طريفة ومربحة في مجال تدعيم وسائط الاتصال عبر الإنترنت، وعرفت الشاعرة بإسهامات كتابية عديدة نشرت بمجلات مختلفة مست من خلالها مواضيع شتى على غرار السفر والتسيير المؤسساتي والشؤون المالية والتسويق وتربية الطفل والتاريخ والترفيه والسياحة ولغة الإنترنت وغيرها، وهو ما يدل على أنها تتمتع بثقافة موسوعية تستحق فعلا الإشادة والاهتمام .
اعترفت الشاعرة في حوارها مع عربيات بتأثرها بالشعر العربي ولاسيما قصيدة "الطلاسم" لشاعر المهجر إيليا أبي ماضي، وفي الحوار العديد من الحقائق المُفاجِئة.
الشاعرة مادكينس، حسب تصورك هل يستطيع الشعر أن يحد من وحشية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان؟
أعتقد أن للشعر قدرة على أن يؤجج روح التعاطف لدينا، ويمنح العزاء النفسي للذي يقرأه، إن للكلمة قوة خارقة ذات تأثير عجيب ومدهش لا يمكن الاستهانة به .
في كتابك الأخير "من توابل الحياة" ثمة رسالة خفية أردت إيصالها للقارئ ما هي؟
كتابي الأخير "من توابل الحياة" يحاول تمشيط فضاء واسع من الأشياء المختلفة التي نصادفها يوميا في حياتنا، و أتصور أن من يقرأ هذا الكتاب سوف يجد الكثير من السكينة الداخلية والدرب إلى التفاهم و التسامح والتقدير، حيث أنني ألفت هذا الكتاب في الأصل كدليل للإبداع مع التطرق إلى عدة حالات وجدانية نعيشها في حياتنا على نحو مستمر.
البهلوانية اللغوية أسلوب جيد لتمرين العقل
يتميز الشعر الحديث بغرابته وتعقيده بحيث يجد القارئ له مشقة وعسر شديدين في استيعاب مدلول خطابه الجمالي ورؤاه الفلسفية، ألست مع هذا الرأي؟
في الحقيقة أعتبر أن الشعر المعاصر متفردا ومثيرا للاهتمام، وأعترف أنني أجد متعة في الكتابة بين الفينة والأخرى وفق هذا الأسلوب الذي تتحدث عنه، وفي اعتقادي أن الفكر الذي يمارس بهلوانياته اللغوية سيجد في ذلك وسيلة مثلى لتمرين العقل.
لننتقل إلى مسألة أخرى، برأيك هل الجوائز الأدبية مهمة لتحفيز المبدعين أم هي طريقة لابتزازهم وشراء ذمتهم؟
إن قائمة الجوائز طويلة و لا تخلو من الشبهات وشخصيا لا أعتقد أن الجوائز الأدبية ضرورية لتحفيز الشعراء، فالشاعر العبقري في مقدوره أن يجد المحفز في أي شيء يصادفه، وفي قناعتي أن الشاعر الحقيقي هو الذي يتنفس ويعيش تجليات شعره دون أن يلتفت لشيء آخر، وتبقى أعظم جائزة للشاعر هي فن الشعر ذاته.
ما رأي الشاعرة مادكينس في الشعر العربي المعاصر، وهل من شاعر عربي يثير اهتمامك وإعجابك؟
الشعر العربي المعاصر أعظم من أي شعر آخر في العالم، إنه صدقا شيء رائع، والشاعر العربي المفضل عندي هو إيليا أبي ماضي ولاسيما في رائعته "الطلاسم".
الثورات العربية أعادت الإنسانية المفقودة للمواطن العربي
ما رأيك فيما يحدث حاليا في العالم العربي من ثورات؟
الثورة مؤشر على التغيير، وهو أمر منتظر حدوثه، والمواطن العربي الذي كان من قبل يشعر أنه أسير نظام معين يمكنه الآن الشعور بإنسانيته المفقودة، كلنا خلقنا على هذه الأرض سواسية وكلنا لنا حقوقنا وفي مقدمتها إحساسنا بالحرية.
هل كان الشعر والموسيقى وسيلتكم للنضال ضد العنصرية؟
العنصرية موجودة منذ أزمنة سحيقة مع الأسف، وفي تصوري أن الشعر والموسيقى يمكنهما أن يمنحا الحضور لمختلف الأعراق، بشكل أو بآخر، ففي الوقت الراهن يمكن أن تصادف موسيقيين بصدد تجربة أنواع مختلفة من الآلات الموسيقية كانت إلى وقت قريب مقصورة على شعب معين دون غيره، كما في الإمكان زيارة عدة نواد للشعر منتشرة في أنحاء أمريكا و العثور على خليط كبير من الأعراق تقرض الشعر بتلقائية تامة، وأنا أجد في كل هذا تغييرا إيجابيا في الحرب ضد العنصرية في عموم أمريكا.
ما رأيك في المرأة العربية المعاصرة؟
إنها تتمتع بالحسن والجمال، والمرأة العربية معروفة بصلابتها وعزيمتها القوية، وهي خير سفيرة لنساء العالم في مختلف المجالات، حيث أنها تناضل من أجل تحقيق ما تؤمن به وتواصل تحقيق تطورات هامة في ميداني السياسة والاقتصاد.
الكتب، مشاريع جديرة بالإكتشاف
الشاعرة مادكينس، ماذا تعني لك الكتابة؟
الكتابة تعني لي بالدرجة الأولى العمل على تصحيح الأفكار الخاطئة والمسبقة، ودفع التطور الإنساني إلى الأمام، وترك مرجعية تاريخية للخلف القادم، وأعتقد أنه من المهم أن يتمتع الكاتب بقدرة على ملاحظة وتأمل لمحيطه، فالمجتمع بحاجة لجهد أي كاتب يمده بمعلومات حيوية ليستنير بها، ومن هنا فالكتابة هي واحدة من أهم النشاطات في المجتمع.
كيف تنظرين كمبدعة إلى مستقبل الإنسانية في ظل الحروب المتتالية والكوارث الطبيعية المدمرة ؟
إن الحرب هي واحدة من بين أعظم الأحداث فظاعة على كوكبنا، و هناك دول عديدة تتصور ذاتها أسمى من أمم أخرى، وطالما أن هناك سياسيين مسيرين بهذه العقلية فإن العالم سيفتقد إلى السلام إلى أن يأتي اليوم الذي نقوم فيه جميعا بالتراجع قليلا إلى الوراء لإمعان النظر بعمق فيما نقوم به من أفعال، حيث أن قتل الآخر-مثلا- سيساهم قطعا في استمرار انحدار الإنسانية إلى هاوية خطيرة، وبالنسبة للكوارث الطبيعية فإن ذلك يبقى شأن قوة إلهية عظمى وأنا شديدة الإيمان بأن الخطايا والذنوب البشرية وراء جلب الكوارث الكبرى.
وما الذي تطالعه الشاعرة مادكينس هذه الأيام، وما هو أفضل كتاب قرأته ؟
أحب أن أتعلم باستمرار أشياء جديدة، فالقراءة أشبه بالغذاء بالنسبة للعقل، وعليه فإن العقل إذا تم إعماله على نحو جيد فإن ذلك سينعكس حتما على الجسد بالإيجاب، وأعتقد أنه من المفيد تنويع قراءاتنا من الكتب ضمن جميع الاختصاصات، وشخصيا لا يوجد كتاب مهم بعينه لأختاره مقارنة بغيره من الكتب، حيث أرى كل الكتب مشروعا جديرا بالقراءة والاكتشاف!.