الدكتور عبدالوهاب المسيري لـ عربيات: الكيان الصهيوني يقترب من النهاية
فاجأني قائلا : "لقد اقتربت نهاية إسرائيل"، التزمت الصمت طالبا الشرح.. فهو الخبير العربي في الإسرائيليات وقلما تسمح الظروف لمحاورته.. وهو المفكر المعاصر، والمتخصص في الدراسات الإسرائيلية، والحاصل على الدكتوراه في الأدب الإنجليزي الأمريكي المقارن، وكان رئيس وحدة الفكر الصهيوني وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام لمدة خمس سنوات في الفترة من عام1970 وحتى1975.
كما عمل مستشار ثقافي دائم لجامعة الدول العربية بهيئة الأمم المتحدة بنيويورك في الفترة من عام 1975م وحتى 1979م، ثم وجه عطائه للعمل الأكاديمي فعمل أستاذ للأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس المصرية في الفترة من 1979م وحتى 1983م، ثم أستاذا في جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 1983م وحتى 1988م، ثم أستاذا في جامعة الكويت في الفترة من 1988م وحتى 1989م، ثم أستاذا غير متفرغ بجامعة عين شمس المصرية منذ عام 1989 وحتى الآن.
كما يعمل حتى الآن في منصب مستشار أكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ومقره واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية ، وله العديد من المؤلفات والكتب باللغتين العربية والإنجليزية.
المفكر المصري الدكتور عبد الوهاب المسيري الذي استقبل عربيات بترحاب شديد وكان لنا معه هذا الحوار.
تحدثت عن قرب نهاية إسرائيل.. فعلام بنيت هذا الاعتقاد؟
الكيان الإسرائيلي كيان ضعيف نشأ بين الدول العربية واستمراره حتى الآن يدل على مدى التخاذل العربي وليس دليلا على قوة إسرائيل، فبمقدار الضعف والهوان العربي تكون قوة الكيان الصهيوني، حيث إمكانياتنا البشرية والمادية والمعنوية والاقتصادية أكبر بكثير من وجود إسرائيل... والعقل العربي قد سقط سقطة كبيرة حينما قبل أن يصنف الدولة الصهيونية باعتبارها دولة يهودية. لأننا قبلنا الادعاء الصهيوني وأصبحت القضية كونية ومن هنا حدث خلل في التصنيف فالدولة الصهيونية ليست دولة يهودية وإنما دولة استيطانية احتلالية تأتي بكتل سكانية من دول العالم، وتزرعهم في الأرض وتحتلها... كما أن الدولة الصهيونية دولة مبنية على مجموعة أكاذيب: أول أكذوبة أن فلسطين أرض بلا شعب، وهذا كذب لأن اتفاقية أوسلو وضعت فلسطين على الخريطة، والأكذوبة الأخرى أنه شعب بلا أرض". يهود العالم يرفضون الذهاب إلى إسرائيل لأن الانتفاضة بعثت لهم رسالة مضمونها أن الإسرائيليين كذابون، وهذه الدولة التي تتدعي أنها يهودية قد فشلت حتى الآن في تعريف اليهودية، والتناقض بين الديني والعلماني، فحينما نقول أنها دولة علمانية نجدها علمانية متطرفة وعندما نقول أنها دولة دينية فهي دينية متطرفة أيضا ، ولا يوجد أي نقط لقاء بينهما، كالتناقض بين الشرقيين والغربيين .
كما أن هناك رفض للخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي مثال ذلك ابن شقيقة "نتانياهو" الذي رفض الخدمة العسكرية في الضفة الغربية، وابن شقيقة "موشى ديان" الذي قدم برنامج تلفزيوني يعلم فيه الشباب كيف يهربون من الخدمة العسكرية... كل هذا مؤشرات على إمكانية نهاية إسرائيل لأن مقومات الحياة داخل الدولة الصهيونية ليس من داخلها وإنما من الخارج، فهي تعتمد على الدعم الأمريكي... ومن هنا فإمكانية نهايتها واردة، والفلسطينيين وحدهم غير قادرين على القضاء على الاستيطان الإسرائيلي، ولكنهم قادرين على طرحه أمام العالم، وتوجيه رسائل مسلحة للإسرائيليين مضمونها أنكم لم ولن تنعموا بالأمن على الإطلاق... والقضاء على الصهاينة يتطلب دعم عربي إسلامي، وهذه حقيقة أساسية لكل حركات المقاومة في العالم، فكل حركات المقاومة العربية كان وراءها دعم عربي، حيث استطاعت الدول العربية في الماضي أن تطرد قوات الاحتلال وذلك من خلال توحيد الصف العربي أمام قوات الغزاة.
هل ترى أن الإعلام العربي اهتم بالقضية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية بالشكل المطلوب؟
الإعلام العربي لا يركز إلا على الضحايا من الفلسطينيين في كل وسائل الإعلام المختلفة في دول الوطن العربي، ولكنه يتجاهل خسائر وأخبار الطرف الآخر - إسرائيل -، حيث يجب على الإعلام أن يركز على كل مسارات القضية الفلسطينية... وأنا حينما ينتابني الضيق ألجأ إلى قراءة الصحف الإسرائيلية لأنها تقول ما لا تقوله الصحف العربية مثال على ذلك "شاؤول موفاز" وهو الآن وزير الدفاع الإسرائيلي عندما كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي صرح للصحافة الإسرائيلية " أن الشعب الإسرائيلي مثل خيوط العنكبوت... بمعنى أنه شعب غير قادر وليس لديه النفس الطويل "وقد نشرت التصريح صحيفة يديعوت إحرانوت ولم نجد له أصداء في الصحف العربية. وهذه الظاهرة (عدم اهتمام الصحف العربية بضحايا وأخبار الدولة الصهيونية) تحيرني! هل هذا لأن الإعلام العربي لا يرصد ما يحدث للمجتمع الصهيوني بأنه مهزوم من الداخل، أم أنها مؤامرة من النظم الناخبة في عدم رصد حركات هذا العدو الصهيوني... كما أن نسبة كبيرة من الشعب الإسرائيلي مصابون بالاكتئاب والحقد الشديد على الفلسطينيين مثلا في حالة حدوث أفراح داخل فلسطين نجد الإسرائيليون حاقدون عليهم فهو شعب محتل يجب أن يكون العكس من ذلك، وهذا أيضا لا نلمسه عند متابعة وسائل الإعلام العربية.
تحاول إسرائيل الآن اجتياح غزة ورفح في ظل صمت عربي. ما هو سر الموقف العربي في عدم مواجهة إسرائيل؟
الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ومحاولات إسرائيل إعادة احتلال الضفة وقطاع غزة لا يمكن النظر إليه إلا من خلال استقرار الواقع الإقليمي والدولي، فعلى المستوى الإقليمي فقد الجانب الفلسطيني الدعم العربي ويعيش النظام العربي في الوقت الراهن أسوأ مراحل الضعف والتخاذل، وانغمست الأنظمة العربية في مواقفها وتوجهاتها مما انعكس سلبا على موقف الأنظمة من دعمها للفلسطينيين... فالدول العربية بعد احتلال العراق باتت مهتمة بقضاياها الداخلية وضاع حماس الدول العربية بالشأن الفلسطيني، والكل يتحرك نحو عدم إغضاب أمريكا وتنفيذ رغبات الديموقراطية المزعومة والتغيرات الواجبة حتى لا تعطي لأمريكا الفرصة أن تتدخل لطرحها بالقوة كما حدث في العراق... كما شجع التخاذل العربي على المستوى الرسمي غياب أدوات الضغط الشعبي على الأنظمة العربية، فبعد احتلال العراق اختفت المظاهرات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي في كل الشوارع العربية بسبب شعورهم بالعجز، وعدم الرغبة في دعم فلسطين، أو بسبب الإجراءات القمعية التي اتخذتها الأنظمة العربية ضد الشارع العربي من خلال تكثيف الحملات والإعتقالات... وأخيرا ترى الأنظمة العربية أي توجه ضد إسرائيل هو ضد أمريكا، ومن هنا باتت الساحة الآن خالية أمام إسرائيل وبدون أي معوقات أو ضغوط، حيث اختفت المقاومة الشعبية ومقاطعة البضائع وعدم وجود مؤتمرات أو اجتماعات وزارية لإعلان رفض العرب لسياسة إسرائيل... أما بالنسبة للموقف الدولي فبعد تجاهل أمريكا لمجلس الأمن وموقف فرنسا وألمانيا وروسيا واتخاذها قرار الحرب ضد العراق منفردة ، فقد باتت الساحة الدولية حكرا لأمريكا وكل الأنظمة العربية تتحرك لرغبات أمريكا ويكفي مجلس الأمن وقوفه عاجزاَ ثلاث مرات نحو إدانة إسرائيل سواء عند غاراتها على سوريا أو نحو إدانة بناء إسرائيل للجدار العازل أو حتى إلزام إسرائيل بتنفيذ خارطة الطريق وهو مشروع دولي تبنته اللجنة الرباعية وقد استخدمت أمريكا حق الفيتو لعرقلة هذا الاتجاه مما جعل الساحة الدولية عاجزة تماما عن إدانة إسرائيل واتخاذ عقوبات دولية ضدها.. ولهذا ينظر شارون للموقف الفلسطيني على أنه أحد أدواته لتنفيذ مخططات إسرائيل التوسعية، وزيادة عمليات التغلغل داخل الأراضي الفلسطينية. لقد تزامن هذا مع الانقسام الحاد في الموقف الفلسطيني الرسمي بين مؤسسة الرئاسة والحكومة وموقف المنظمات الشعبية الرافضة للغطرسة الإسرائيلية ، كما لعبت حملات الاعتقالات للفلسطينيين من جانب سلطات الأمن الفلسطيني دوراَ هاما في تهيئة مناخ الانقسامات الداخلية للفلسطينيين بكل أبعاده، و لعبت دور في زيادة العجز العربي نحو القضية الفلسطينية، وأدى ذلك إلى تراجع العرب في الدعم المادي والمعنوي للفلسطينيين، وتأييد أمريكا المطلق لإسرائيل... كل ذلك أعطى لشارون فرصة عظيمة لتحقيق أحلامه، واستغلال المناخ العام في زيادة عمليات الاجتياح وقتل الأبرياء من المواطنين حيث يمتلك شارون كل مقومات السلاح في ظل عدم وجود أي سلاح مع الفلسطينيين وانتهز كل ذلك ليتوسع ويتغلغل في الأراضي الفلسطيني.
بعد وصول شارون للحكم أعلن أنه سوف يقضي على الانتفاضة، فهل استطاع أن يحقق حلمه؟
أكاذيب شارون لا تنتهي، فهو أعلن منذ وصوله الحكم وبالتحديد منذ ثلاث سنوات أنه سوف يقضي على الانتفاضة خلال مائة يوم، واستخدم كل أوراقه من أجل القضاء على الانتفاضة ولم يتمكن من عمل شيء وفشل في تحقيق أهدافه حتى لجأ إلى ضرب سوريا من أجل تحقيق شعبية وانتصار له في الداخل... والانتفاضة سوف تستمر في تحقيق أهدافها، حتى يتم جلاء القوات الإسرائيلية من فلسطين سواء في حكم شارون أو من سيتولى من بعده. والكل يعلم أن الانتفاضة تقوم على أساس أنهم مغتصبون وليس على أنهم يهود.
تدخلت ألمانيا في قضية تبادل الأسرى بين حزب الله واسرائيل ثم تراجعت إسرائيل عن ذلك بحجج واهية. فما هو سر هذا التراجع؟
اتصالات إسرائيل وحزب الله عبر الوسيط الأوربي تتعرض دائما لمد وجذر، وهي مرهونة بحسابات سياسية داخلية تتعلق بإسرائيل وتتعلق بموقف حزب الله، وسبق وأن نجحت تلك الاتصالات في تبادل أسرى بين الطرفين وكانت الصفقة الأخيرة قد أوشكت على الاقتراب وتعثرت لأسباب داخلية إسرائيلية، حيث يحرص "شارون" على أن يحبس سياسة التشدد التي يتبعها تجاه العرب وكانت هذه الصفقة تمثل تراجع بالنسبة لسياسة شارون أمام الرأي العام الإسرائيلي، كما أن حزب الله لم يبدي مرونة كافية طوال فترة التفاوض واتخذ خط التشدد تجاه إسرائيل وجاء قرار أمريكا والاتحاد الأوربي باعتبار بعض المنظمات الإسلامية تنظيمات إرهابية كأحد المعوقات أمام نجاح التفاوض.
كما حرصت إسرائيل على ألا تخالف التوجه الأمريكي من حزب الله حيث تصف أمريكا حزب الله بالمنظمة الإرهابية الواجب اتخاذ إجراءات عقابية ضدها كما هو الحال بالنسبة لحماس والجهاد. بالإضافة إلى ذلك قرار الاتحاد الأوربي بتجميد حسابات حماس وحزب الله ، وإدراجهم ضمن المنظمات الإرهابية... ومن هنا فإن اكتمال الصفقة كان سيعطي طريق دولي للتعامل مع حزب الله باعتباره منظمة يمكن التفاوض معها والقبول بأطروحتها ، كما أن اليمين المتشدد داخل إسرائيل لعب دورا هاما في إلغاء الصفقة وسعى للقيام بعمل ضد حزب الله سواء بصورة منفردة أو بالتعاون مع أمريكا، ورغم كل هذا فإن إسرائيل ستجد نفسها مضطرة في النهاية لاستكمال الصفقة.
الضغوط ستتواصل على سوريا إلى حين تغيير خطابها وموقفها السياسي
حينما كان العالم العربي يحتفل بنصر أكتوبر، وجهت إسرائيل ضربة عسكرية مفاجئة لسوريا. ما سر هذه الضربة ولماذا في هذا التوقيت؟
التوقيت محسوب من قبل الصهاينة، وإسرائيل تريد أن تمحي آثار حرب أكتوبر بشتى الوسائل، فهي آثار مخزية وموجعة للكيان الصهيوني، وكان مشهد أكتوبر عام 1973م هو أحد النقاط الهامة في تاريخ المنطقة العربية، وكان آخر الفواصل التاريخية في تاريخ المنطقة ما بين مرحلة الذراع الطويل لإسرائيل ومرحلة الهزيمة والانكسار للجيش الذي لا يقهر... واختيار سوريا وليس مصر نظرا لاختلال ميزان القوة بين مصر وإسرائيل وإن كان عضو الكنيست الإسرائيلي ليبرمان هدد بضرب السد العالي مع اندلاع الانتفاضة وهو ما واجه بموقف مصري عنيف أعلن فيه التصدي لأي اعتداءات إسرائيلية والاستعداد لنصر أكتوبر مرة أخرى ، ولم تجد إسرائيل سوى سوريا واختارت هذا التوقيت لأن سوريا تتعرض لحملة عنيفة من قبل أمريكا واتهام سوريا بأنها تأوي الإرهاب وحزب الله وتملك أسلحة نووية ، وعندما أدركت إسرائيل أن الموقف العربي خاضع وهزيل قامت بضربها... كما سوف يتواصل الضغط على سوريا حتى يتم تعديل الخطاب السياسي السوري والتخلي عن المواقف القومية التي يتبناها الموقف السوري وإنهاء علاقتها بحزب الله... هذا من جهة التوقيت، أما من حيث الأهداف فهي تكمن في إجبار سوريا على العودة إلى مفاوضات السلام وإلغاء مكتب المقاطعة التابع لجامعة الدول العربية في دمشق وصولا إلى سحب القوات السورية في لبنان والدخول في مفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني حتى تنعم إسرائيل بالأمن بعد سقوط بغداد ولا يبقى مصدر قلق لإسرائيل سوى سوريا.
دولة اسرائيل من النيل إلى الفرات تعني السيطرة الاقتصادية والسياسية
هل إسرائيل تعتزم قيام دولة عظمى لتفرض سيطرتها على المنطقة العربية؟
أحد المخططات الصهيونية قبل غزو العراق، وكانت الإدارة الإسرائيلية أعلنت عن خطة لإعادة رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط وأن الحرب تهدف إلى تحقيق أمن وأحلام إسرائيل، ومازالت خريطة إسرائيل الكبرى قائمة وتزعم أن دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ، وكثيرا ما تعلن أنها مازالت تحلم بتحقيقه وترى إسرائيل أن مصر عقبتها في تحقيق ذلك، حيث يبدأ احتلالها للنيل واحتلال سيناء وهذا لن يتحقق في ظل إمكانيات وقدرات مصر... وفي اعتقادي أن الأمر لن يقوم جغرافيا بل سوف يقوم اقتصاديا وسياسيا، فهي تريد أن تغزو الأسواق العربية من خلال ممثلين لها في تلك الدول، وسياسيا فهي مستمرة بفضل الدعم الأمريكي... فهي تسعى إلى السيطرة السياسية والاقتصادية أكثر من سيطرتها جغرافيا.
قام وزير الصحة الإسرائيلي بزيارة للجاسوس الإسرائيلي عزام عزام في السجون المصرية، ما هو سر هذه الزيارة؟
الجاسوس عزام عزام أحد أوراق التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية، والمصرية الأمريكية، وقد تكررت المطالبات الإسرائيلية والأمريكية بالإفراج عنه منذ صدور الحكم وكان من الممكن أن يتم تسوية هذه القضية كما أعلنت بعض المصادر لولا أنها دخلت في الحيز الإعلامي... وزيارات المسئولين الإسرائيليين المتكررة للجاسوس الإسرائيلي جاءت بعد إعلان منظمات حقوق الإنسان أن حالة عزام عزام في تدهور وهو ما نفته السلطات المصرية، وقد كانت زيارة وزير الصحة الإسرائيلي لهذا الشأن وقد ثبت أنه مجرد تشويش على مصر وعلى السلطات المصرية فقط.
قضية السلام العربي الإسرائيلي التي طرحتها قمة بيروت بمبادرة من المملكة العربية السعودية كتب عليها الفشل فما هو تعليقكم على ذلك؟
المبادرة السعودية التي طرحها سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز حظيت بإجماع واتفاق عربي وتم بالفعل اتخاذ موقف عربي إلا أن هذه المبادرة لم يتحقق لها النجاح مثل أي مبادرة تقوم بها الدول العربية.... كما أن هذه الاتفاقية لم تحظى بقبول أمريكا وإن كانت لم تعلن رفضها رسميا للمبادرة لأنها لم تحقق مصالح وأهداف إسرائيل في المنطقة.
كثرت مؤخرا الاتهامات الموجهة للملكة العربية السعودية وكان أخرها أنها تمتلك أسلحة نووية. ما هو تفسيركم لذلك؟
الحملات الأمريكية ضد المملكة العربية السعودية سوف تتوالى وتتنوع، وبدأت هذه الاتهامات منذ الرفض السعودي لاستخدام القوات الأمريكية لأراضيها في ضرب واحتلال العراق، ومن ذلك الوقت وأمريكا تخرج كل ما لديها من اتهامات باطلة لا تقوم على معلومات حقيقية، والتقارير الأمريكية أصبح مشكوك في أمرها لأن المملكة العربية لا تملك أسلحة من هذا النوع، واتهام السعودية في الأصل اتهام سياسي في المقام الأول ويرجع لتعارض الموقف السعودي والأمريكي في بعض القضايا وازدادت الفجوة بينهما عندما رفضت السعودية استخدام أراضيها في ضرب العراق، وأيضا أزالت السعودية القواعد العسكرية الأمريكية في أراضيها وترحيلها إلى قطر، وهذه المواقف جميعها لن تغفرها أمريكا للسعودية... حيث ترى أمريكا أن السعودية العدو الأول لها في المنطقة، وستظل هذه الاتهامات كما زعمت من قبل أن غالبية المتورطين في تفجيرات 11 سبتمبر من أصل سعوديين ومن تنظيم القاعدة وطلبت السعودية الكشف عن أسمائهم ورفضت أمريكا وهو تأكيد بأنها معلومات غير حقيقية وستظل هذه الاتهامات كنوع من الابتزاز الرخيص وإثارة الكثير من القضايا ضد السعودية لأنها تمثل تهديد لإسرائيل... والغريب أن إسرائيل بدأت الحديث عن تعويضات لليهود الذين تم خروجهم من المدينة وستظل هكذا إسرائيل وأمريكا تثيران القضايا ضد المملكة العربية السعودية.
تم مؤخرا في سويسرا اتفاق بين منظمات إسرائيلية وفلسطينية سرعان ما فشل ، فما هو تعليقكم؟
أنا لا أعول على هذه الاتفاقيات لأنها تتم بين قوى شعبية فلسطينية وإسرائيلية ، فالذين شاركوا من الجانب الإسرائيلي معظمهم من حزب العمل وحركات يسارية وهم خارج نظام الحكم وكذلك الأمر بالنسبة للفلسطينيين... والاتفاقيات الشعبية غير ملزمة للطرفين وليس لها مردود وهو ما أكده الناطق الرسمي لشارون، حيث قال "أن هذه الاتفاقيات لا تمثل شيء وكأنها لم تكن، واتفاقيات غير رسمية"، والمعروف عن إسرائيل أنها لا تلتزم بالاتفاقيات الرسمية فكيف تلتزم بالاتفاقيات الشعبية ؟! ، حيث هناك اتفاقيات أوسلو ومدريد وجماعات السلام وجماعة كوبنهاجن والأكثر من ذلك لم تلتزم باتفاقية خارطة الطريق وهي فكرة من الأفكار التي طرحتها اللجنة الرباعية الدولية... وإسرائيل ترفض السلام وتقوم بعمل الكثير من أجل ذلك مثل الجدار العازل في فلسطين.
بماذا تفسر ما أعلنته إسرائيل عن رفض يهود العراق الذهاب إلى إسرائيل بعد احتلال العراق وسقوط نظام صدام حسين؟
هذا أمر غير منطقي، إسرائيل تريد أن يبقى اليهود داخل العراق فهي تسعى إلى وجود لها في كل مكان في العالم العربي ويتفق هذا مع المخططات الصهيونية والدليل على ذلك أنه بمجرد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين سعت إسرائيل إلى فتح مكتب إعلامي لها في العراق وسعت إلى التوغل في الأراضي العراقية فكيف تسترجعهم إلى إسرائيل وهي تريد إبقاء اليهود في كل عواصم العالم العربي وليس العكس... ومن يفسر هذا أنها وطنية من يهود العراق فهو مخطئ تماما، والدليل أيضا على ذلك عندما قامت مصر والأردن بسحب سفرائها من إسرائيل وجدناها تصر على بقاء سفرائها في مصر والأردن لأن هذا يخدم مصالحها وتواجدها بهم إلا لو قامت دولة المقر بطردهم ، ولهذا إسرائيل تريد بقاء اليهود في الدول العربية وليس سحبهم أوطردهم.
في حالة سقوط أمريكا هل تقوم إسرائيل بالبحث عن حليف استراتيجي لها كبديل لأمريكا؟
إسرائيل قادرة على أن تتلون وتتحالف مع أي دولة ، ولكن أعتقد أن الحقبة الاستعمارية وصلت إلى ذروتها مع أمريكا، وإن تم خلق فجوة بين إسرائيل وأمريكا أعتقد أنها النهاية وهذا رأي الإسرائيليين أنفسهم... وأنا لا أعتقد أن هناك دولة عظمى ستظهر بعد أمريكا، وإنما سيكون عالم متعدد الأقطاب مثل الصين واليابان وأوربا ومن يدري فربما يكون العرب أحد القوى السياسية في العالم.