قائد قوات الردع العربية اللواء سامي الخطيب
تحملنا الصراعات الحالية في المنطقة العربية إلى العودة لجذور الأحداث الأليمة التي مرت بالبلاد.. ولعل لبنان من الدول التي تعتبر موعودة بالمواجهات الساخنة التي استمرت لأعوام عديدة مابين الحروب الأهلية والإعتداءات الخارجية... ونعود اليوم إلى الملفات القديمة التي يروي لنا النائب اللواء سامي الخطيب أول قائد لقوات الردع العربية والسياسي والعسكري المعروف في المنطقة العربية.
نترككم مع هذا اللقاء.
اللواء سامي الخطيب من المعروف أنك رجل عسكرية فكيف تحولتم إلى ممارسة العمل السياسي؟
كنت بطبعي مُسيَّس حتى وأنا في عسكريتي حيث كان الجانب السياسي في حياتي وفي سلوكي يبرزنفسه سواءًا بالتعاطي أو الأداء لواجباتي العسكرية كنت أحاول دائماً أن (أُلبس) العسكرية التي تميزت بالجفاف والقسوة ثوب لطيف، ولذلك عندما تقلدت مناصب عسكرية ذات طابع سياسي كنت أنجح فيها بشكل واضح.
هل لك أن تحكي لنا عن عن المراحل الأولى من مشوارك؟
بدأت حياتي العسكرية كملازم أول ثم فصلت إلى الشعبة الثانية وهي مديرية المخابرات التي أتاحت لي التعرف على رجال السياسة والأحزاب والفعاليات السياسية مما ساهم في تنمية ثقافتي السياسية في أهم حقبة حيث كانت التغييرات الجذرية بعد حرب تقسيم فلسطين ونشوء دولة إسرائيل... ومن المخابرات سُرِّحت من الجيش وانتقلت إلى الباكستان كملحق عسكري وأيضاً استدعيت وسرِّحت... ودفعني ذلك التصرف إلى الإصرار على العمل السياسي لأنه الملاذ الوحيد الذي يمكنني أن ألجأ إليه حتى أستعيد كرامتي التي أهدرها النظام السياسي في لبنان آنذاك لأسباب لم أقترفها.
ماهي هذه الأسباب؟
اتهموني بالتدخل في السياسة وحجز الحريات وتبديد الأموال... وكلها أمور نفذناها كضباط صغار لانملك مناقشة مرؤوسينا في رؤيتهم وبدلاً من محاسبة من أصدر الأوامر حاسبونا نحن وسرحونا من الجيش فعدت إلى حرية الحياة المدنية ليصبح من حقي حضور اللقاءات والإجتماعات السياسية.
ماذا عن قيادتك لقوات الردع العربية؟
كانت تجربة مهمة جداً بالنسبة لي، كنت ضابطاً برتبة مقدم واستلمت قيادة كان من المفروض أن يكون صاحبها على الأقل لواء حيث يتطلب دوري تنسيق عمل 6 قطع عسكرية من 6 دول مختلفة هي (سورية ، لبنان ، السعودية ، السودان ، اليمن الإمارات).
لماذا وقع الإختيار عليك بالتحديد لقيادة هذه القوات؟
سوريا كانت المعنية في ذلك الوقت بإختيار القائد وكنت لاجئاً سياسياً فيها حيث يعرفونني جيداً ويعرفون خلفيتي السياسية ومساري في الوظيفة كضابط ... لهذه الأسباب اختارني الرئيس حافظ الأسد رحمه الله .
هل حقاً كنت الإبن المدلل للرئيس حافظ الأسد كما يتردد في الأوساط السياسية؟
لقد شرفني رحمه الله وخصني بمحبة وعطف خاص وكان أولها قيادة قوات الردع العربية لكن بالطبع لو لم يكن يثق في كفائتي وقدرتي على تولي هذه المهمة لم يكن ليختارني لها.
كيف حصلت على هذه المكانة عند الرئيس الراحل حافظ الأسد؟
يرجع أساس الموضوع إلى عام 1969م عندما كان الرئيس الأسد وزيراً للدفاع وحصلت عملية سرقة في الوزارة وهرب السارق بالأموال إلى لبنان فطلب مني الأسد هذا السارق ليتم عقابه خاصة وأن البعض قد استخدم هذه القصة للإساءة إلى الأسد شخصياً... فقمت بالفعل بإيقافه وتسليمه لسوريا... ومن ذلك الوقت نشأت بيني وبين الأسد صداقة متينة.
ماهي الإنجازات التي حققتها قوات الردع العربية أثناء قيادتك لها؟
قوات الردع العربية أوقفت شلالات الدم والحرب الدائرة في لبنان والتي كانت تهدف إلى تقسيم البلاد، وحمت الثورى الفلسطينيون من الإنزلاق في وحول القضية اللبنانية وردها إلى المسار الصحيح.
وماهي أهم الصعوبات التي واجهتكم في هذه المهمة؟
تكمن الصعوبة في أن لكل واحدة منها خصوصيتها وحيثيَّاتها ورؤاهاوكان علي التنسيق بين كل هذه الرؤى والأساليب والخلفيات وتكليفها بالعمل الذي تستطيع القيام به... إلى جانب عملي ترميم الجيش اللبناني المهشم في ذلك الوقت.
لعل الإجتياح الإسرائيلي لبيروت يعد من أصعب الأحداث التي مرت عليكم، فهل تعتقد أن الوجود السوري في لبنان آنذاك هو مادفع اليهود لإحتلالها؟
لا،هدف الإجتياح كان مقاتلة الفلسطينيين وطرد منظمة التحرير وأسلحتها من لبنان... ولكن من دفع الثمن هم القوان السورية التي كانت موزعة كوحدات أمنية لحفظ الأمن ولم يكن إنتشارهم عسكرياً ولم تكن مقاتلة إسرائيل واردة حتى يتم تأهيلهم لها فتعرضوا للذبح بالرغم من محاولتهم القتال الذي لم يكونوا مؤهلين له.
من وجهة نظرك لماذا استغلت لبنان لتكون مسرح لكل هذه الصراعات والحروب من أطراف عديدة؟
طبيعة لبنان وتعدد أحزابها وإنتماءاتها ساهم في خلق هذه الصراعات، أضف إلى ذلك نظام الحرية والتسامح الذي أتاح لكل هؤلاء جمع قواهم وأسلحتهم وإدخالها إلى البلاد .
هل مازالت قوات الردع العربية موجودة؟
لا، أصبح اسمها (القوات العربية السورية العاملة في لبنان) وفقاً لإتفاقية الطائف ووفقاً للشرعية اللبنانية التي شرعت وجودها من ضمن اتفاقات البلدين.
بعد توليكم لقيادة القوات في تلك المرحلة العصيبة إلى أين اتجه مشوارك السياسي؟
بقيت لفترة في تصرف وزير الدفاع الوطني ثم تسلمت قيادة الجيش في المنطقة المضادة لـ (ميشيل عون ) والتي كانت تخضع لسيطرته وتشكل أربع أخماس البلد... وبعد إتفاق الطائف قدمت استقالتي و انتخب الرئيس (الياس الهواري) وعين (إيميل لحود) قائداً للجيش... ثم بعد 10 أشهر استقالت حكومة (سليم الحص) وتألفت حكومة جديدة برئاسة عمر كرامي كنت وزير الداخلية فيها.
ماذا حققت إبان توليك لوزارة الداخلية؟
أعدنا توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية وحلِّينا المليشيات وجمعنا أسلحتها... بشكل عام عملنا على إرساء هيكلية الدولة ومؤسساتها وأزلنا جميع الحواجز التي قسمت المناطق عن بعضها... واستمريت في منصبي بعد تأسيس حكومة أخرى برئاسة (الرشيد الصلح) حيث كان الإنجاز الكبير بإجراء أول انتخابات نيابية بعد الحرب عام 1992م وانتخبت عن القطاع الغربي نائباً ومازلت في منصبي بعد إعادة إنتخابي عام 96 و2000 م فمن وقت تركي للوزارة انتخبت في المجلس النيابي رئيساً للجنة الدفاع والداخلية والأمن.
كيف ترى الوضع الإقتصادي اللبناني اليوم؟
وضعنا أفضل من غيرنا فالجميع يعاني من مشاكل إقتصادية بما فيها إسرائيل التي تكابر بالرغم من أن نموها الإقتصادي تحت الصفر ومعاناتها تزداد مع البطالة وتوقف السياحة والهجرة.
أخيراً،وبصفتك قائد محنك وسياسي من الطراز الأول ماهو تصورك للتحركات المطلوبة من العالم العربي إزاء ماتقوم به إسرائيل في الوقت الحالي؟
لن تصبح هناك أي تحركات مثمرة قبل أن نتمكن من توحيد الكلمة والموقف العربي عندها تتحول القرارات والأمنيات إلى أعمال فعلية تتحقق على أرض الواقع وتتصدى للعدوان...من جهة أخرى لا أعتقد أن حالة اللاسلم واللاحرب التي نعيشها اليوم مع العدو الصهيوني مجدية.