تعليقاً على خبر دخول سجين لقفص الزوجية قبل نزوله إلى ساحة القصاص
أثار خبر صحيفة عكاظ يوم السبت 07/11/2009م عن تزويج أب لابنته من سجين ثلاثيني ينتظر حكم القصاص لارتكابه جريمة قتل الجدل بين من يراه في حكم تحقيق أمنية ما قبل الموت، وبين من يرى أنه ظلم لفتاة في ربيع العمر -24-عام ذنبها علاقة صداقة تربط والدها بالسجين -له زوجتين و7 أبناء-، فيما استاء البعض الآخر من تصرف الأب وعدم حفظه للأمانة التي أؤتمن عليها بتزويج ابنته من رجل عوضا عن كونه قاتل فهو لا يملك مالا لينفق عليها، متنازلا عن حقوق ابنته في المهر والحياة الكريمة التي لا يوفرها هذا الزواج، وأدخل البعض زوجة سجين أبها الجديدة "العروس" قفص الاتهام معتبراً أنها قد تكون مصابة بنقص، أو سبق وأن تعرضت لمشكلة تسعى لإخفاءها بزواج لم تتضح ملامح مستقبله.
وفي حديث لـ "عربيات" أكد الشيخ عبد المحسن العبيكان - المستشار القضائي بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى السعودي - على صحة الزواج وشرعيته قائلاً: "إذا كان أطراف الزواج عقلاء، وتمت موافقتهما ورضاهما فلا حرج في هذا الزواج، فالحياة والموت بيد الله عز وجل، وقد يعفى عن الزوج أو يكتب الله له الحياة"... ويضيف:" لا يعد هذا الرجل ممن لايرتضى بدينهم، خاصة وأنه قد يكون أعلن توبته في السجن وإن كانت التوبة لاتسقط حكم القصاص، كما أنه لاتوجد مشكلة في أن يثمر الزواج بأبناء، فهناك من يتزوج ويموت الأب وتترمل المرأة، ولو تنازلت المرأة عن النفقة وهي راضية بذلك فلايوجد حرج".
ومن جهة أخرى رفضت الدكتورة سهيلة زين العابدين - عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- هذا الزواج جملة وتفصيلا بقولها:" المفترض أن يتم إيقاف مثل هذا الزواج حتى وإن وافقت الفتاة، فليس من حق ولي الأمر تزويج ابنته من رجل محكوم عليه بالقصاص، كما يجب أن يرفض مأذون الأنكحة عقد هذا الزواج، ولا يجوز أن يعفي الأب زوج ابنته من النفقة، فالمرأة لها كامل الأهلية ومن حقها الموافقة أو الرفض، وليس من حق ولي الأمر تزويج ابنته من رجل محكوم عليه بالإعدام إجبارا أو إكراها، أو أن يتنازل نيابة عنها عن نفقتها، فشرعا هذا لا يجوز وأنا لا أفتي لكن استند على قاعدة شرعيه أساسية بأنه لا ضرر ولا ضرار".
وتوضح سبب رفضها لفكرة زواج كهذا بقولها:" يعتقد البعض بأن تزويج الرجل المحكوم عليه بالقصاص سيساهم في الضغط على أهل الدم للعفو عن القاتل وهذا لا يجوز، فإن قتل الشخص عمداً وتم العفو عنه من قبل أهل الدم لايجب أن ننسى حق المجتمع، وإلا فلنلغِ عقوبة القصاص نهائياً وهي التي قد قال تعالى عنها "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"... وتضيف:" هل من المنطق آن يضحي الأب بابنته في سبيل عفو عن قاتل؟، وإن تم العفو عنه ما الذي يضمن أن يخرج ويمارس حياته ومن ثم يقتل الفتاة؟، فالعفو يتم في حال القتل الخطأ، بينما السجين متورط في قتل متعمد، وللمجتمع حق ولابد أن نحمي حق المجتمع".
وترفض – في تعليقها على الردود التي هاجمت الفتاة - أن يتم اتهام الفتاة بسبب زواجها من السجين موضحة:" أرفض أن يتم إساءة الظن بالناس، كما ارفض أن يقال أن الأب زوج الفتاة من سجين بغيه الستر عليها، ونتاج خطأ ارتكبته فهذه إساءة ظن في الناس، لكن المشكلة أن الأب وضع ابنته في موقف شبهة وقد أساء إلى سمعة ابنته، لذا أناشد الفتيات بأنه في حال تم إجبارهن من قبل ولي الأمر بالزواج من شخص يرفضنه أن يتجهن إلى القضاء"... وتستدل الدكتورة سهيلة زين العابدين بالفتاة التي جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقالت له: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع به خسيسته (أي مكانته ومنزلته بصهره)، فجعل الرسول الأمر إليها، فقالت له: قد أمضيت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء".
وتتطلع في ختام حديثها إلى إقرار وسرعة تفعيل محاكم الأحوال الشخصية، وأن يتم الانتهاء من تأسيس هيئة عليا للأسرة ليكون للمرأة أو الرجل أو الطفل المرجعية في حال وقع الظلم عليهم.
الجدير بالذكر أن هذه الحالة تعد الثانية، فقد سبق أن قام أب "محكوم عليه بالقصاص" بتزويج ابنته من زميله بالسجن والمحكوم عليه بالقصاص أيضا في سجن الطائف.