بين المتضادات خيط رفيع، فبين الحلم والواقع، والخيال والحقيقة، جردت مفسرة الأحلام أمل محمود الثوابت لتحلق في عالم يصفه البعض بالخرافة، وفي حوارها مع عربيات تستعرض طريقة تفسير الرؤى، وتستنبط من الأثر قصص عن عالم الأحلام، وتكشف رؤى بعض مشاهير السياسة والفن.

مفسرة الأحلام التي تؤكد على أهمية إبلاغ الشخص إذا كانت رؤيته تدل على دنو أجله ليستعد إلى لقاء الله بعد توبة وعمل صالح، تعكف على إعداد موسوعة لتفسير الرؤى وتتطلع إلى أن تصبح منهجاً يتم تدريسه لطلاب العلم، وتؤكد أن بعض الاختراعات قد ولدت من رحم الرؤى.

ملك الرؤيا يأتينا بها من اللوح المحفوظ، وهذه متطلبات الرؤى الصادقة

ما الفائدة التى تعود على الناس من تفسير الرؤى؟
علم تعبير الرؤى علم رباني جليل ووسيلة شرعية، يظهر لنا الله من خلالها أسراره (من علم الغيب) فيبشرنا وينذرنا ويوجهنا بالرؤيا الصادقة لما فيه صالحنا في الدارين.

هل بإمكان الشخص العادي تفسير حلمه بصورة صحيحة من خلال الاستعانة بكتب ومواقع تفسير الأحلام؟
ليس كل مَن قرأ في كتب تفسير الأحلام استطاع التأويل، وأشبه ترجمة الرؤيا بترجمة نص أجنى إلى عربي، لذلك معرفة معاني مفردات الرؤيا لا يترجمها أو يفسرها بالشكل الصحيح، وقد ظلم هذا العلم النفيس من أعتمد في التفسير على المعنى الحرفي لمفردات الرؤيا كما هو موجود في مواقع تفسير الأحلام المنتشرة على شبكة الإنترنت والتي تروج لما يسمى فسر حلمك بنفسك.

هل معظم الأحلام التي يراها الإنسان في منامه تتحقق في الواقع؟
الرؤيا حقيقة ولها حكم وأثر، وقد يرى الإنسان الرؤيا في المنام فتتحقق في الواقع كما رآها، كما رأى آدم في الرؤيا حواء قبل خلقها وتنبه من نومه فوجدها بجواره وكانت تلك أول رؤيا منامية في الأرض، و ليس كل ما يراه الإنسان صحيحا ويجوز تعبيره، والصحيح من ما يراه الإنسان في منامه ما كان من الله (تعالى) يأتينا به ملك الرؤيا روحائيل من اللوح المحفوظ وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها،  وفى الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم بأن (الرؤيا ثلاثة فالرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى، والرؤيا من تخويف الشيطان، والرؤيا مما يحدث بها الرجل نفسه)، وتُطلق الرؤيا على المحبوب من الأحلام والمكروه منها، وما دخل فيه الشيطان، والرؤيا تأتى لتخبر إما عن أحداث مضت، أو أحداث حاضرة أو تخبر عن المستقبل وعما سيأتي من خير أو شر كالفقر والغنى والموت.

هل من متطلبات لتكون الرؤى التي يراها الإنسان صادقة، وتنبئه بما يحدث مستقبلا؟    
يجب أن يعتاد الإنسان على الصدق في أقواله كي تكون الرؤيا التي يراها رؤيا صادقة وقال النبي صلي الله عليه وسلم (أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا)، وأن يحافظ على استعمال الفطرة فينام على ُطهر وعلى جنبه الأيمن ولا ينام على فكرة أو تمنى شيء، ولو رأى في منامه ما يكره فليتحول عن جنبه إلى الجنب الأخر ويتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقوم فيصلى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم  (إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم وليتفل ولا يحدث به الناس)، ولا يكذب فى رؤياه فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم (من كذب في الرؤيا كلف يوم القيامة عقد شعيرتين) وقبل أن ينام يدعو بهذا الدعاء(اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك،  وألجأت  ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ منك إلا إليك، أمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، تباركت ربنا وتعاليت، أنت الغنى ونحن الفقراء إليك، أستغفرك وأتوب إليك يا رب أنا هارب منك إليك، اللهم ارني رؤيا صادقة غير كاذبة صالحة غير محزنة نافعة غير ضارة )

يختلف التفسير وفق الحالة الاجتماعية والمادية للشخص

كيف يتم تفسير الرؤى؟
تنقسم الرؤيا إلى جنس وصنف وطبع، فالجنس كالشجر والحيوان والطير ويُفَسَر هذا كله بالرجال، على سبيل المثال رأى شخص ما في المنام شجرة من صنف النخل فإنها تُفَسَر برجل نافع بالخير، أو إن رأى شخص  في المنام طيرا وكان صنف هذا الطير غراب فانه يُفَسَر برجل غادر كذاب، وتفسير الرؤيا قد يكون من الاسم، كأن يرى الإنسان في منامه رجل اسمه ممدوح فيناله مدح الناس وثناءهم، أو رجل اسمه صبري فيناله الصبر والاحتساب عند الله، كذلك ُتفسر الرؤيا من معاني وأمثال القران والحديث، فالبيض في الرؤيا يُفَسَر بالنساء وذلك من قوله تعالى في النساء(بيض مكنون)، والخشب في الرؤيا يُفسَر بالنفاق وذلك من قوله تعالى(كأنهم خشب مسندة)، وأيضا تُفَسَر الرؤيا من الأمثال العامية فالطبيب في المنام يُفسَر بالعالم  أو الفقيه، والمريض في المنام يعنى الجاهل أو المذنب وذلك من قول المسيح عيسى عندما دخل على إحدى بنات الهوى يعظها (إنما يدخل الطبيب على المريض)، والفراش في المنام هو الزوجة وذلك من قول لقمان لابنه (بدل فراشك)، وكذلك ُتفسَر الرؤيا بالضد أو بالزيادة والنقصان كالبكاء في المنام فرح في الواقع، لكن لو كان في المنام بكاء شديدا فيُفَسَر بمُصاب مؤلم، والضحك في المنام حزن أنما لو كان تبسما في المنام فإنه صالحا في الواقع، وقد يرى الشخصان نفس الشيء في المنام لكن يختلف تفسيره لكل منهما وذلك حسب أحوالهم ومستوياتهم، كأن يرى الشخص أنه يؤذن فيكون ذلك حج له وسرقة لغيره، أوقد تكون الرمانة في المنام امتلاك قرية للملياردير أو قصرا للمليونير أو شقة لمتوسط الحال، وقد تكون الرمانة زوجة لغير المتزوج أو ابنة للحامل، وقد لا يقع تفسير الرؤيا لمَن رآها إنما يقع تفسيرها لمثيله أو نظيره من الناس أو لأحد من أهله، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أن أحد رجال المشركين في الجنة بعد موته ففسرها لنظيره من الناس وهو عتاب ابن أسيد، وكذلك فقد يختلف تفسير الشيء الواحد من رؤيا إلى أخرى حسب الشواهد الموجودة في كل رؤيا، فمثلا تُفسَر رؤية بيت المقدس بنيل ميراث وتفسر في رؤيا أخرى بالحج، وتفسر السبحة في رؤيا بالمرأة الصالحة وتفسر من رؤيا أخرى بأفراد مساعدين، وقد تفسر رؤية نهر الكوثر بحصول العلم وإتباع السُنة، و تعنى في رؤيا أخرى بتوبة العاصي، وقد تعنى رؤية الفاروق عمر بن الخطاب بأن الرائي قوالا بالحق ورعا ذو فراسة و قد تعنى في رؤيا أخرى بأنه سيموت شهيدا، وهكذا.

هل بوسع أي إنسان أن يفسر الأحلام؟ أم هناك شروط معينة لا بد أن تتوفر في المفسر؟
تفسير الرؤيا كالفتوى الدينية، ومن يتصدى للتفسير يجب أن يكون مؤهلا دينيا وعلميا لذلك، وليس كل من قرأ في كتب تفسير الأحلام صار مفسرا، بل يجب أن يكون مُترجم الرؤى ذكي تقي عارف بمستويات الناس وأقدارهم وعادات الدول وأهلها وصفاتها وحافظا لمعاني مفردات الأحلام، وأن لا يفسر الرؤيا حسب هواه، ويسأل صاحبها عن حاله ومهنته وعن أهله ومعيشته ولا يترك شيئا يستدل به على معنى الرؤيا إلا سأل فيه، وإن كان تأويل الرؤيا خيرا فسرها، وإن كانت شرا لم يفسرها أو فسرها بأحسن مُحتملاتها (إلا في أمر الموت فيجب أن يُصرح به، ولكن يستلطف في كلامه)، وكذلك فليستر المفسر ما يظهر له في تفسير رؤى الناس من أسرارهم وعوراتهم ولا يخبر بها إلا صاحبها، فعلم تفسير الأحلام واختلاف رؤى الناس كالبحر ليس له شاطئ لذا لن تفيد كثيرا كتب تفسير الأحلام لتفسيرها.

لا تقتصر الرؤيا الصادقة على المسلمين وهذا الدليل

هل الرؤيا الصادقة تقتصر على المسلمين فقط، ولماذا ينسى كثيرا منا الرؤيا بعد استيقاظه؟
المسلمون وغيرهم يرون الرؤيا الصادقة التي أخبر النبي صلي الله عليه وسلم  أنها جزء من 46 جزء من النبوة، فقد رأى كسرى في المنام زوال ملكه وظهور الرسول محمد وكان كذلك، وقد رأى الرئيس الأمريكي السابق أبراهام لينكولن رأى كأنه (سمع بكاء مجموعة من الأشخاص دون أن يراهم ثم ذهب إلى غرفة فلم يجد بها أحد، ثم قصد غرفة أخرى فوجد عددا من الجنود ملتفين حول قبر محفور فقال لنفسه في الرؤيا، لابد أن يكون الميت شخصية عظيمة وإلا لما كان هناك هذا العدد الكبير من الجنود، ثم سأل جنديا عن هوية الشخص الميت فأجابه وعيناه قد احمرتا من شدة البكاء،لقد قُتِلَ الرئيس، وبالفعل بعد شهور قليلة من هذا الحلم - تحديدا ابريل 1865 - مات أبراهام لينكولن مقتولا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من لم يؤمن بالرؤيا الصالحة لم يؤمن بالله واليوم الآخر) ورؤيا المسلم أصدق من رؤيا غيره، ورؤيا العالم أصدق من رؤيا الجاهل، ورؤيا المستور أصدق من رؤيا غير المستور، ورؤيا الصالح أصدق من رؤيا العاصي، ورؤيا كبير السن أصدق من رؤيا الشاب، وإذا كانت الرؤيا قصيرة وليس فيها حشو فهي أنفذ وأسرع وقوعا، وأصدق ما تكون الرؤيا في الربيع والصيف ووقت السحر والقيلولة، وأضعف ما تكون في الخريف والشتاء، ورؤيا النهار أقوى من رؤيا الليل، وينسى الشخص منا الرؤيا بعد استيقاظه بسبب الذنوب.

هل من رؤى فسرتها لمشاهير؟   
رؤيا لأحد الدعاة وهو شاب سعودي رأى كأنه يمشى فوق نهر الكوثر وكأن نورا شديد بدا له من فوقه وأُلقى في روعه أنه الله تعالى، وكأن هذا الشاب أراد أن يستأذن الله (عز وجل) في الوضوء من نهر الكوثر فأذن له، ورؤيا الله عز وجل فى المنام موجودة بالفعل لكن حسب ما قال الإمام محمد بن سيرين فيما معناه أن اصح الرؤيا أن يرى العبد خالقه عز وجل بلا كيف ولا كيفية، (فليس كمثله شيء وهو السميع العليم).. وهذه الرؤيا تعنى والله أعلى وأعلم أن الله تعالى قد يُرى هذا الشاب ذاته يوم القيامة، وتنجح حاجته ويبلغ قصده، ويحصل على نعمة في الدنيا وراحة في الآخرة، وأمن وهداية وتوبة ونصرا على أعدائه، وسينال علما وأتباعا لسُنة النبي صلي الله عليه وسلم، لكن سيبتليه في الدنيا وهو بالفعل كان يمر بابتلاء شديد.

للرؤى تأثيرعلى السياسة، ولكل مهنة تأوييل

هل من  أمثلة من الواقع توضح أهمية الرؤيا فى حياة البشر؟
الرؤيا تأتى لتبشر بالخير، أو تأتى لتنذر بقدوم شر، أو تأتى لتنصح بالعدول عن الباطل والعودة إلى الحق، مثلا كتلك الرؤيا التي رآها الممثل المعتزل حسين الأحمد والتي تاب بعدها عن الغناء، فبعد سهرة ماجنة قضاها نام ورأى كأنه ميت ثم أخذوه إلى القبر ورأى أشياء من عذاب القبر، فأستيقظ وهو لا يصدق أنه مازال على قيد الحياة، وبعدها توجه بالدعاء إلى الله تعالى وأعلن توبته عن الغناء، وكذلك الرؤيا التي رأتها الممثلة حلا شيحة عن أهوال القيامة والتي ارتدت بعدها الحجاب، وأيضا هناك رؤى كان لها أثرا فعال من الناحية السياسية، كتلك الرؤيا التي رآها أحد الحكام حيث رأى النبي صلي الله عليه وسلم بلا ملابس فغطاه ذلك الحاكم بسجادته، وأستيقظ مستبشرا يقص رؤياه على أحد المعبرين الذي قال له أن الرؤيا مقصود بها قاضى القضاة بالمدينة الذي لم يكن يحكم بالحق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حق، ورؤيته حق، وتغطيته تغطية للحق، فعزل الحاكم قاضى المدينة وعين غيره، وفي الأثر أن عمر بن الخطاب أولى على الشام قاضيا فسافر هذا القاضي يوما عن مكة فرأى كأن الشمس والقمر يتقاتلان والكواكب بعضها مع الشمس وبعضها مع القمر وأنه صار كوكبا فعاد يقص رؤياه على عمر الذي سأله (لما رأيت انك كنت كوكبا، رأيت نفسك مع الشمس أم مع القمر؟ قال مع القمر) فعزله عمر فورا وعرف أنه ممن لا ينتصفون للحق ولفريق عمر.

تمتلئ الحياة بكثير من المهن فهل يوجد لتلك المهن معاني محددة فى علم تفسير الاحلام؟
بالتأكيد، لكل صاحب مهنة أو حرفة معنى في ترجمة الرؤى،  فمثلا رؤية المعلم في المنام تعنى حصول منزلة عالية، أو تعنى كل مَن له صولة وجولة وأمر ونهى، ورؤية الطبيب في المنام تعنى في الواقع العلم أو كل مصلح ومداو لأمور الدنيا والدين، ورؤية الصيدلي تعنى العالم أو مصنف الكتب، ورؤية المهندس تعنى عمارة الخراب وخراب العامر أو الفتنة والشرور، ورؤية الكاتب تعنى حصول منافع من الغير، أو الرجل ذي المكرو الحيلة، ورؤية الشاعر تعنى رجل لا يوافق قوله فعله، ورؤية المطرب تعنى رجل مرتكب الحرام، ورؤية المصور تعنى الحكمة أو تعنى الكذب، ورؤية الكوميديان تعنى السخرية أو المكر والخديعة، ورؤية رجل الشرطة تعنى ملك الموت أو الهم أو عمل عهود وشروط، ورؤية رجل الدين تعنى الخير والسرور  وحصول العز والرفعة، ورؤية رجل الأعمال تعنى حصول الأرباح والمناصب العالية والأسفار والإطلاع على الأخبار الغريبة، ورؤية القاضي تعنى الخصومة والمنازعة أو الترقي في المناصب العليا.

متى أتتك فكرة عمل مصنفا خاص برؤيا الوفاة؟
عندما بحثت وتأكدت من خلال السؤال والتجربة أنه بالفعل لا يوجد حتى الآن أي مفسر رؤى على مستوى العالم يستطيع تفسير رؤى الوفاة غير المباشرة، أو حتى يستطيع مجرد التمييز بين رؤيا الوفاة غير المباشرة، وبين الرؤيا المنامية العادية، ولا يوجد على المستوى العالمي حتى الآن ما ييسر تأويل رؤيا الوفاة على العامة من الناس، أو على مفسري الأحلام أنفسهم، رغم الأهمية الشديدة لرؤيا الوفاة.

توصل بعض العلماء لاختراعات كان عن طريق رؤى في منامهم 

وهل للرؤيا دور فى بعض الاكتشافات أو الاختراعات العلمية؟
نعم كتلك الرؤيا التي نبهت إلياس هاو مخترع ماكينة الخياطة في القرن الـ 18، الذي قال انه حلم ذات ليلة بأشخاص يرمون رماحا ولكل رمح فتحة في أعلاه على هيئة شكل العين، وقد أوحى له ذلك بالمكان المناسب لوجود الفتحة في إبرة الخياطة أثناء تصميمه لماكينة الخياطة، وأيضا تلك الرؤيا التي من خلالها أكتشف جيمس وات محمل الكريات، وهو أيطار يستخدم في الميكانيكا يحمل داخله كريات من الرصاص، وقد جاءته فكرة الاكتشاف بعد أن رأى في المنام أنه يسير تحت أمطار ثقيلة من كريات الرصاص، وعندما بحث هذا الأمر بالتجربة وجد أن الرصاص المنصهر إذا سقط من ارتفاع كبير يمكن أن يتحول بالفعل إلى أجسام صلبة دائرية أو كرات صغيرة، وكذلك هناك من الرؤى ما ساعدت علماء على معرفة ألغاز لم يكن ليعرفوها بسهولة من أنفسهم، كالرؤيا التي رآها عالم أثار فرنسي وساعدته على فك لغز حجر أثرى يرجع تاريخه إلى الحضارة البابلية،ويقول أستاذ الآثار الفرنسي (انه حاول تفسير هذه الرموز ولم يستطع، وفى إحدى الليالي جاءته رؤيا غريبة ظهرت بها الرموز الغامضة وقد أعيد ترتيبها على الأثر بشكل ساعده في استنباط المعنى المراد منها )، وأيضا الرؤيا التي رآها عالم الكيمياء الألماني" فريد ريتش أوجست" والتي ساعدته على معرفة التركيب الجزيئي لمادة" ثراي ميثيل بنزين" عام 1890 فقد رأى في منامه مجموعة من الصيغ الكيميائية تدور أمام عينيه على هيئة ثعبان ثم رأى الثعبان يعض ذيله من الداخل، بينما انحصر في التجويف المحيط بالثعبان من الداخل مكونا صيغة كيميائية تشير إلى تركيب مادة البنزين،وقد قال الحق تبارك وتعالى (سنريهم آياتنا في الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق).

 مشروعي القادم قد يتحول إلى منهج يتم تدريسه

كيف يمكن الارتقاء بعِلم تفسير الأحلام عن المستوى الموجود عليه الآن؟
نحن في حاجة ماسة لمشروع علمي جاد، نُخلص فيه النية لله تعالى للنهوض بعلِم ترجمة الرؤى وإحياءه من جديد، حتى نتفوق بالطريقة العربية في ترجمة الرؤى على المستوى العالمي خاصة انه مازال يوجد من الملحدين مَن ينكر هذا العلم من أساسه،وأدعو الله تعالى أن يعينني على عمل موسوعة علمية شاملة لتفسير الأحلام، وأدعو من الله أن تكون مصدرا أساسي لتدريس ترجمة الرؤى لطلاب العِلم الراغبين، وكذلك عمل مصنفا خاص بتأويل رؤيا الوفاة، ومشروع كهذا سيلزمني سنوات حتى أخرجه بالشكل الذي يرضى ضميري ليكون علما نافعا يستفيد منه الناس كافة.

 ابن سيرين علم بقرب أجله، ولا خجل من إخبار المتوفي بقرب وفاته

الموت من الغيبيات الخمسة و التي لا يعلمها إلا الله، لكن هل الرؤيا تسهل في إعلام الشخص بوقت تقريبي لوفاته؟
هناك نوعا من الرؤى لا أحد يجيد تفسيره وهو (رؤيا الوفاة غير المباشرة)، ولستُ أقصد بذلك (رؤيا الوفاة المباشرة) سهلة التأويل كالتي رآها الممثل علاء ولى الدين لنفسه قبل وفاته، لكن أقصد برؤيا الوفاة غير المباشرة أي التي لا يظهر فيها الشخص المقصود بالوفاة، إنما يظهر بالرؤيا أي شيء خاص بالشخص الذي سيتوفى سواء كان إنسانا قريبا له أو محل إقامته أو شيء من أشيائه، وعلى المترجم أن يعرف تحديدا من الذي سيتوفى من خلال اشتراكات الوفاة التي تحدث بين الأفراد الموجودين بالرؤيا الواحدة أو الشواهد الموجودة بالرؤيا.

هل من أمثلة لرؤى وفاة حدثت فى الواقع؟
هناك رؤى وفاة  مباشرة ذكرها القران، كالرؤيا التي رآها أحد صاحبي يوسف عليه السلام بالسجن، ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الأخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه، وفسرها يوسف عليه السلام حيث قال يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا، وأما الأخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذي فيه تستفتيان، وكذلك كانت هناك رؤى وفاة غير مباشرة رأيتها لأقاربي ومعارفي وتحققت بالفعل، وكانت كلها تأويلا لرؤيتين، رأيت أحدهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ قرابة 8 سنوات، والأخرى رأيتها في صباي للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عليه، وقد توفى حقا عدد كبير من (عائلتي) على فترات متفاوتة خلال العامين الماضيين وجميعهم رأيت لهم رؤى وفاة غير مباشرة وفسرتها لهم وصارحتهم بها قبل وفاتهم ليستعدوا للقاء الله بأفضل ما يحبه الله عز وجل لعباده المنيبين، وكذلك رأيت رؤيا وفاة غير مباشرة بإعدام رئيس عربي وأخيه (وكان صدام حسين وبرزان التكريتى) وذلك قبل أن يقرروا حكما بإعدامها بتسعة أشهر، وكذلك رأت صديقتي زينب رؤيا وفاة غير مباشرة لفؤاد المهندس وأخته صفية المهندس وفسرتهما لهما قبل وفاتهما بحوالي عام وذكرتها لأستاذ فؤاد قبل وفاته وقد ُذكِرَ هذا في الصفحة الأولى بمجلة (روز اليوسف)، والرؤيا حق، ولا يعلم الغيب إلا الله رب العالمين.

فى اعتقادك ما الفائدة التي تعود علينا من إبلاغ أحدنا برؤيا وفاة رآها لأخر؟
كم في القدم من إنسان كان لاهيا عن أخرته ومن خلال رؤيا تنذره بقرب وفاته يتوب ويستعد للقاء الله،  كالرجل الذي رأى رؤيا (كأن ديكا يؤذن على باب داره) فذهب للإمام ابن سيرين الذي قال له فيما معناه (أن لو صدقت فسوف تموت بعد 34 يوما)، وكان هذا الرجل لاهيا عن أمر دينه وأخرته ويشرب الخمر ويعامل النساء ويصاحب رفقاء السوء، وعندما علم بقرب وفاته ودع كل ذلك وتاب توبة نصوح، وبالفعل جاء اليوم الرابع والثلاثون فوجدوه قد مات فجأة لكن مات على توبة وحُسن خاتمة بفضل الله ثم بفضل رؤيا كانت سببا في تبديل مصيره بالآخرة، كذلك من رؤى الإنذار بالوفاة الرؤيا التي رأتها امرأة (كأن القمر ضرب في الثريا ومُنادى يُنادى أن أذهبي لابن سيرين وقولي له ذلك ) فاستيقظت وذهبت تحكيها لابن سيرين فعلم منها الإمام انه سيتوفى بعد 7 أيام وبالفعل توفى في اليوم السابع من الرؤيا، ورغم أن الإمام محمد بن سيرين من أشهر مفسري الأحلام ومن أتقى علماء عصره إلا أن جاءته رؤيا إنذار بقرب وفاته لسيدة لا تمت له بصِلة، فأتمنى من الله أن نمحو من عقليتنا تلك الفكرة التي قد يكونها بعضنا نحو إنسان رأى رؤيا وفاة لأحدنا وأخبر بها، فالذي أرسل الرؤيا هو الله تعالى والذي يخبرنا بالرؤيا من الناس يخاف علينا ويتمنى لنا حُسن العاقبة، والمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وأدعو الله أن يأتي يوما يصير فيه الإعلام بالوفاة سُنة سارية بين الناس ليس منها وجل أو خجل.

رؤية المتوفي بعد وفاته حق

ذكرت أن كلام المتوفى فى المنام حق فهل تذكرى أمثلة على ذلك؟
ذُكِرَ في الأثر أن رجل كان يملك مبلغ مالي وأخفاه في مكان بعيد، ومرض وكان عليه دين لم يوفيه فلم يستطع السفر لإحضار المبلغ، ونوى أن يبلغ أصحاب له عن المبلغ المخفي وما عليه من الدين حتى يوفوه عنه، لكنه توفى فرآه ابنه في رؤيا يخبره بأن (أمري في الآخرة موقوف على وفاء الدين، ولى في المكان الفلاني مبلغ مالي خذه وأوف منه ديني) فاخبر ابنه بعض أصحابه الرؤيا التي رآها، فقالوا هذه خرافات، ومر عليه فترة ثم رآه ابنه ثانية فقال له (قلت لك علىّ أمر يحصل لك به نفع ولى به خلاص) فأنتبه ابنه وتوجه إلى ذلك المكان الذي أخبره به أبيه في الرؤيا، وحفر فوجد ذلك بعينه فأنتفع به ووف دين أبيه، وهناك رجل يُدعى ملحم، بعد وفاته بعام جاء في المنام لصديق له يدعى عوف بن مالك فقال له (يا ملحم ما صنعت؟)، فقال له (والله قد وفيت أجرى كله حتى وفيت أجر هرة ضلت عن أهلي قبل وفاتي بليلة) فأصبح ملحم وذهب إلى امرأة عوف وذكر لها الرؤيا التي رآها لزوجها وما ذكره من الهرة التي ضلت، فقالت له (لا عِلم لي بذلك خدمي أعلم به)، فدعت خدمها وسألتهم عن الخبر، فاخبروها أنه حقا هناك هرة ضلت لهم قبل وفاته بليلة، وكذلك هناك رؤى لموتى ينصحون فيها الأحياء كالرؤيا التي رآها رجل كان يخدم داود الطائي الذي قال لخادمه (إن مت فاغسلني ولا تخبر بي أحد) فلما مات رآه خادمه في المنام على نجيب في هودج له أربعة آلاف باب بستور مرخاة، والريح تخفق فقال له (يا داود ادع الله أن يلحقني بك) فقال (احفظ عنى ثلاثا، داو قروح بطنك بالجوع، واقطع مفاوز الدنيا بالأحزان، وآثر حب الله تعالى على هواك، ولا تبال متى تلقى).