الدكتورة سعاد صالح أفتت عن النقاب فأهدرت الفتاوى دمها
أثارت الدكتورة/ سعاد صالح أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر الجدل بالفتوى التي أصدرتها بشأن النقاب على إحدى القنوات الفضائية، وبالرغم من الضجة الإعلامية والشعبية إلا أنها قد تمسكت برأيها في مواجهة الفتاوى المضادة والمنادية بإهدار دمها... تلك الصراحة والجرأة المعهودة عن الدكتورة سعاد صالح كانت حاضرة في لقاء عربيات مع السيدة التي يرشحها البعض لمنصب الإفتاء في مصر.
الدكتورة سعاد لكِ رأي في ارتداء المرأة للنقاب وقد جاء صادماً لأنه لم يكتفي بعدم الوجوب بل جنح إلى تعميم اتهامات عديدة على المنقبات، لماذا؟
أنا لست ضد النقاب ولا أقود حرب ضد المنقبات ولكنني قلت أنه ليس له أصل في الدين وأنه عادة وليس عبادة... وهناك فارق كبير بين الاثنين، فلا يصح أن يقول أحد أنه فرض على المرأة... أما إن كان مجرد رغبات شخصيه فأنا لا أقف ضد رغبة أحد، وإن كنت أشدد على أن المرأة التي ترتدي النقاب لابد أن تلتزم بآدابه تقربا إلى الله وذلك من خلال شرطين أولهما ألا تعتقد انه فرض ملزم على جميع السيدات ولا تنتقص ممن لا ترتديه... ثانيهما أن يوافق سلوكها مظهرها، ولا اقصد هنا التعميم بأن كل امرأة ترتديه سيئة بقدر ما أخص من بينهن من لايطابق مظهرها عملها، ولذلك نجد أن من يقف ضد الإسلام في الغرب لا ينظر إلى الأخطاء الفردية السيئة بل ينظر على سبيل المثال إلى نقاب من ارتكبت تلك الأخطاء ويتخذوا زيها الذي يرمز من وجهة نظرهم إلى الإسلام كذريعة لاتهام الشريعة الإسلامية والمسلمين عامة... لابد أن ندرك أن بعض السلوكيات لا تسيء إلى صاحبها فحسب بل تسيء إلى الإسلام ككل وأي سلوك فردي خاطئ يصدر من امرأة منقبة يعطي للآخرين تصور مغلوط على السلوك الإسلامي.
اعتبرت أن النقاب ظاهرة غريبة على المجتمع المصري وأنها مستوردة من عادات بعض البلاد العربية، فماذا عن المرأة المصرية التي كانت قديماً ترتدي (البرقع) و(اليشمك) كعادة اجتماعية؟
كلها عادات ومجرد زي وطني وليس ديني... فقد جاء البرقع من تركيا، ثم الإسدال من إيران، وكانت لدينا كذلك الملاية اللف... كل تلك الأمور عادات وليست عبادات.
كيف واجهت التهديدات بإهدار دمك على إثر تلك الفتوى؟ وكيف تعاملت أسرتك مع تلك التهديدات؟
لا أود أن أخوض في هذا الموضوع حتى لا يأخذ أكبر من حجمه فقد أصدرت منظمة حقوق الإنسان بيان يدين مثل هذه التهديدات بإهدار الدم والقتل وجاء في البيان الإقرار بضرورة وجود الرأي والرأي الآخر دون ترويع للناس... أما أنا ولله الحمد لا أخاف إلا من الله وأسرتي متماسكة جداً ومؤمنة أن لكل أجل كتاب.
يحق لزوجة المسيار أن تقاضي زوجها على حقوقها المادية وإن تنازلت عنها
ما رأيك في الفتوى التي أصدرها المجمع الفقهي عن عقود الزواج المستحدثة ومنها زواج المسيار؟
المقصود بزواج المسيار هو الزواج الذي توافرت فيه كل الأركان والشروط، والتوثيق فيه يكون برضا الطرفين والمرأة تتنازل فيه عن بعض حقوقها المادية... هذا الزواج له أصل في التشريع الإسلامي وأنا أرى أنه زواج صحيح حيث لايعتبر تنازل المرأة عن حقوقها المادية مخالفاً للشرع طالما أنها ليست مكرهة.
ألا ترى الدكتورة سعاد أن في عقود الزواج المستحدثة تم التسليم بأن المرأة المطلقة والعانس والأرملة ليس أمامها سوى تقديم تنازلات من أجل الزواج وذلك بسبب نظرة المجتمع القاصرة لها التي تقلل من شأنها؟
بالطبع لا فهذا الزواج لا يقلل من شأن المرأة... كما أن كرامتها محفوظة وحتى حقوقها المادية التي تتنازل عنها لها الحق إذا طلقها زوجها أن تطلبها وتقاضيه على النفقة إذا رفض... ويمكنها أن تطلب متى ما أرادت مصروف لها ولمنزلها... دعني أسوق مثالاً آخر للقياس والتوضيح حيث أنه شرعاً يجوز أن يتنازل الزوج عن العصمة لزوجته فهل هذا يؤثر على شرعية عقد الزواج؟ بالطبع لا، والزوج بوسعه أن يلجأ للمحكمة لطلب الطلاق وإن كانت العصمة بيد الزوجة... وكذلك حقوق المرأة المادية التي تتنازل عنها في زواج المسيار لها أن تطلبها منه إذا طلقها بل وتقاضيه بها والمحكمة سوف تنصفها لأنه حق مشروع لها.
ألا ترين أن إعلان هذه الإجازة لزواج المسيار من المجمع الفقهي يعتبر إشارة خضراء لتعميمه في كل الدول الإسلامية؟
لا، ليس تعميماً... فهناك بعض الدول مثل دول الخليج تكاليف الزواج فيها مرتفعه جداً كما أن الفتاة أصبحت تصل إلى مرحله متقدمة من التعليم و قد يخشي الشاب من الزواج من فتاة أكثر منه علماً خاصة إذا كان قد فضل التجارة والعمل مبكرا على التعليم، لذلك نجد أن بعض الرجال في الخليج على سبيل المثال يفضلون الزواج من خارج الخليج هرباً من تكاليف الزواج الباهظة مما يزيد من نسبة العنوسة وبالتالي أصبح زواج المسيار بمثابة حل مشروع لهن... في نفس الوقت هناك دول أخرى مثل مصر أعتقد انه لاتوجد ضرورة فيها للجوء إلى زواج المسيار.
لايصح أن نحل مشكلة العنوسة بتعدد يتجاهل شرط العدل أو زواج قد يفضي إلى الطلاق
بما أنك قد أشرت إلى مشكلة العنوسة فهل برأيك التعدد بوسعه أن يكون حلاً لهذه المشكلة؟
أنا ضد استخدام التعدد كحل لمشكلة العنوسة، ذلك أن تشريع التعدد مقيد بالعدل التام بين الزوجتين فإذا أقدم الرجل على الزواج من فتاة لمجرد الرغبة بحل مشكلتها سيجد صعوبة في أن يعدل بينها وبين زوجته الأولى وقد يعجز عن المساواة بينهما كما حثنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، بل وربما يكون الطلاق نتاج ذلك الحل وبالتالي نحل مشكله العنوسة لنواجه مشكله الطلاق... هذا رأيي وعلى كل حال إذا كان هذا الزواج بموافقة ورضا الطرفين فهو جائز.
طالبتِ بمنح المرأة حق الإفتاء وتولي القضاء، فماهو ردك على من يعارض ذلك؟
انعقد الإجماع منذ عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ومن الفقهاء على أن الذكورة ليست شرطا في المفتي بدليل أن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كن يقدمن الفتوى للرجال والنساء معا... كما أننا نعلم أن الإمام الشافعي قد (تفقه) أي تعلم الفقه من السيدة نفيسة رضي الله عنها، وهذا يؤكد على أهلية المرأة للفتوى... كذلك لايوجد في الدين مايمنع المرأة من تولي القضاء.
ما هو رأيك في الدعاة الجدد؟
مع الأسف الشديد قافلة الدعوة كلها ليست على قلب واحد سواء كانت هذه القافلة من الدعاة الجدد أو حتى من مذيعي البرامج الدينية، وبالتالي فهناك اختلاف في المنهج بين الأساتذة الأزهريين وما يسمي بالدعاة الجدد الذين تأثروا بفكر معين و تتلمذوا على يد مشائخه، ويعيب هذا الفكر أنه يلتزم بمذهب واحد فقط وهو المذهب الحنبلي، بينما الأزهري على سبيل المثال يدرس 8 مذاهب فيتخرج بآفاق أوسع.
هل معني ذلك أنه لا يعجبك أحد من هؤلاء الدعاة؟
بالتأكيد لا، فهناك أسماء لافتة بأسلوبها المتميز في الدعوة ومن بينهم الشيخ خالد الجندي.
حدث تصدع داخل الأسرة المسلمة، فبرأيك ماهو السبب؟ وماهو الحل؟
أقول للمجتمعات الإسلامية الأسرة ثم الأسرة ثم الأسرة... لابد من إحياء دور الأسرة استناداً إلى قول الرسول عليه السلام "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"... فالرجل راعٍ في بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة كذلك راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها... والرعاية هنا ليست بالقسوة والضرب أو التوبيخ لكنها الرعاية بالحب والحنان والحوار والقدوة الحسنة التي يجدها الابن في والده و تجدها الابنة في والدتها... أنادي بصحوة أسرية نتبع فيها الأساليب السليمة لتربية الأبناء
علاقات الإنترنت خيانة من نوع جديد
نشأت مع الإنترنت بما توفره من وسائل تواصل علاقات جديدة على المجتمع، فماهو الحكم في علاقات قد تنشأ بين المرأة ورجل غريب عنها عن طريق الإنترنت؟ وهل تعد هذه العلاقات من قبيل الخيانة الزوجية؟
الأمر سواء بالنسبة للرجل و المرأة ويعد شكل من أشكال الخيانة الزوجية... وكما يجب أن تصون الزوجة كرامة زوجها وتعاشره بالمعروف عليه أن يعاملها بالمثل... فلايصح أن ينشغل الزوج عن زوجته طوال اليوم في عمله ثم يعود إلى المنزل متعباً ليذهب مباشرة إلى النوم وتبقى بمفردها طوال الوقت... لابد أن يملأ الرجل الفراغ في حياة زوجته ولايتركها تواجه كل مغريات العصر الجديدة من انترنت ومحمول وغيرها حتى لا تنجرف في ذلك الطريق المظلم أو تدخل الخيانة حياتها من ثغرة الفراغ فيزين لها الشيطان أن تشغل وقت فراغها بعلاقات على الإنترنت قد تفضي إلى مأساة كبيرة.
نسمع الكثير من الفتاوى الغريبة اليوم، ولكن كمتخصصة في هذا المجال ماهو أغربها بالنسبة لك؟
بالفعل هناك الكثير من الفتاوي الغريبة التي نسمعها في هذا الزمان، من بينها الفتوى التي تقول بأن الحمل يعيش في بطن الأم 4 سنوات!!... وإن كان لها وجود في بعض كتب الفقه النادرة إلا أن كل ماورد فيها لايعد حكماً ولا يصح تعميمها ونشرها في عصر نأخذ فيه بأسباب العلم.
وما أغرب سؤال وصل إلى الدكتورة سعاد صالح؟
الأسئلة كثيرة، فهناك سيدة اتصلت بي تشتكي من أنها قد اكتشفت أن زوجها على علاقة بالخادمة وفوجئت بها تقول "لو بس مش الخدامة كنت حسكت"!!... كذلك الأسئلة عن الكلاب والقطط، فهناك امرأة اشتكت من أنها تملك قطه تنجب كثيرا وسألتني إن كان بإمكانها أن تنزع رحم القطه حتى لا تنجب مره أخرى؟.
ما هو جديد الدكتورة سعاد صالح من إصدارات؟
صدر لي في شهر رمضان كتاباً عن الصيام وأحكامه، كما شاركت ببحث عن استقلال القضاء وتولي المرأة للقضاء.