محاضرة عن شعر الأمير خالد الفيصل للدكتورة لويزا بولبرس
بدعوة من جمعية أصدقاء الكاتب والكتاب ولقاء الجمعة الثقافي ألقت الدكتورة لويزا بولبرس محاضرة بعنوان "بؤرة التبدي وحوارية التناص في شعر سمو الأمير خالد الفيصل" وذلك بحضور نخبة من الشعراء والأدباء في مركز توفيق طبارة الثقافي ببيروت.
الأرز الخالد
افتتحت الدكتورة لويزة محاضرتها بكلمة حول انتصار لبنان واستعادة الجنوب والقت بهذه المناسبة قصيدتها الأرز الخالد ومن أجمل أبياتها:
أغرى العدو بنا على شك بنا
أن ظن جهلا ليس يوقفه مدى
حمد امتشاق الوهم فيه مؤملاً
حتى رأى الإذعان حرصاً أحمدا
شر الحروب مع العدو اذا بدا
يوماً وقد حمل الحسام المغمدا
مقتطفات من المحاضرة
ثم بدأت محاضرتها قائلة " اسمحوا لي أن أمهد لمداخلتي هذه بكلمة عامة عن تجربة سمو الأمير خالد الفيصل الشعرية والتي نلمس من خلالها نموذج لتداخل الثقافي والسياسي،نموذج ثقف السياسة ولم يسيِّس الثقافة....إنك حين تقرأ سمو الأمير في شعره وتراه في لوحاته وتسمعه في حواراته تجد فيه إلى جانب المسؤول السياسي المساهم في التشكيل الواقعي لمعالم المنطقة باقتدار،الرجل الفنان الخافق مع نزو الرمل وتوهج القيظ وترحل الغيم وتلفت الظبي وتغنج الغيد وتنقل الطيب.....وهذا التماهي مع الطبيعة جعل القصيدة عنده تنكتب بالألوان كما جعل اللوحة لديه ترتسم بالكلمات وإذا ما انتابنا فيهما إحساس بالغموض فهو غموضً لا يصل إلى التلبيس والإنبهام.
ان خصوصية تجربة الشاعر الكبير كانت وراء هذه الدراسة التي أتشرف بعرضها اليوم والتي حاولت فيها أن أقف على طبيعة البنية الأساس التي يمكن أن تختزل على ضوئها،وسنتناول نصوصاً للشاعروعلاقتها بنصوص شعراء آخرين لا من باب تحديد الأصول ولكن من باب " النص لا ينشأ من فراغ " مع التركيز على الوحدة الدلالية "التبدي" والواضحة باستحضاره لصور البادية في أدق ملامحها.
ان أول ما يلفت الإنتباه في النصوص الشعرية المختارة للقراءة في أمسيته الأخيره،اندماجها مع نص نثري في صيغة حوار بين الشعر والشاعر...يقول الشاعر "يقال ان سيرة حياة الشاعر هي شعره وما عدا ذلك مجرد هوامش...واذا كان البعض يرى في هذا القول شيئاً من المبالغة فلا خلاف على أن الشعر كائن حي يستتر داخل الشاعر....يعيش أحاسيسه...ويسمع دبيب أفكاره....وينطق أحياناً بما لا يدور في خلده" ولعل البيت الأخير من قصيدة "قالت من انت؟" يؤكد وعياً بالفرق بينهما:
إما عرفتيني فلاني بزعلان
حتى أنا تراني احترت فيني
ولعل المرحلة التي شهدت ولادة الشعر والشاعر والتي كانت بدايتها لحظة النطق بأول قصيدة،تعتبر المنطلق الصحيح لدخول متن الشاعر وسنعتمد في مقاربة هذه المرحلة على قصيدة " يوم أنا طالب "باعتباره نص يستحضر ملامح تلك المرحلة التي يقول فيها:
يوم أنا طالب هقيت اني عرفت
كل ما في الكون من سر الحياة
يوم انا طالب تحمست ووعدت
اني أصلح ماتبين لي خطاه
يوم أنا طالب على الغيمة رسمت
ضحكة الدنيا على عذب الشفاة
يوم انا طالب تخيلت وحلمت
إني ألبس من هدب شمسي عباة
وانكسر غصن الخيال اللي زرعت
والتوى صدري على تسعين آه
ان هذه القصيدة تمثل في رأينا النص المفتاح للتجربة الإبداعية عند خالد الفيصل وتبوح لنا بسر البداية وبدت الناصر الأولى التي يقال أتها كونته من ماء ونار وهواء وتراب.
ثم ننظر إلى موضوع الصيد لنرى كيف يوجد الأطر والأشكال والصور والرموز ويشكل غرض الصيد على سبيل المثال فضاء لتجسيد نزوع الفكر إلى التسامي وبقاء الذات على الأرض:
سـتل جناحه ثم حام
يرقى على متن الهوا
يزفه بعيد وأنا
مـــــحــــدود في حــــد الــنــظـــر
له بالهوا شف ومرام
يلعب مع الغيمة سوا
ولا جناح لي وأطير
والأرض صــــــــارت لي مـــــقــــر
ونذكر من بين الشعراء الذين دخل معهم خالد الفيصل في حوار مباشر امرأ القيس والمتنبي وأبا فراس الحمداني والشريف الرضي،وأول مايلاحظ على هؤلاء الشعراء أنهم جمعوا بين الشعر والسياسة فامرؤ القيس وابوفراس والشريف الرضي أمراء أما المتنبي فقد سعى في غير ما توانٍ إلى الإمارة....ولقد جعلتهم هذه السمة المشتركة يعيشون في مرحلة النضج تبعات الجمع بين الحق والواجب والخيال والواقع فتحملت أنفسهم ثقل التوتر والتضاد.