منتدى جدة الاقتصادي.. نقاط تبحث عن حروفها
ثلاثة أيام لم أحظ خلالها بحضور أي من الجلسات التي كنت أستهدفها سوى جلسة يتيمة, فالجلسات التي حفظت مواعيدها عن ظهر قلب من موقع منتدى جدة الاقتصادي على شبكة الانترنت- والذي يبدو أن تحديثه قد سقط سهواً من حسابات منظمي المنتدى فظل مُصراً على أن الكلمة الافتتاحية ستكون للسيدة سوزان مبارك حتى بعد اعتذارها- كنت أصل لأجد الجلسات إما ألغيت أو تبدل توقيتها أو تغير مكانها أو دمجت مع غيرها.. أما الجلسة اليتيمة التي كتب لي أن أحضرها منذ البداية فهي أيضاً من الجلسات التي طالتها عجلة التنقل والتغيير وظللت ألاحق أخبارها إلى أن استقرت واقتنصت حضورها حتى لا أضيع على نفسي فرصة جديدة للإصغاء لتجربة عالمتنا السعودية الشابة/ حياة سندي في موضوع هام يتناول (هجرة العقول واستعادتها واستثمارها).
قبل أن أغادر منتدى جدة ويغادرنا باختتام جلساته التي تركت كالمعتاد بل وربما أكثر من المعتاد علامات استفهام كثيرة, صادفت ضالتي التي يبدو أنها لمحت تلك الأسئلة الحائرة ودعتني لأصحبها وبعض الأخوات لتناول وجبتها الأولى بعد يوم طويل وشاق, وبدأت أمطرها بأسئلتي لعلي أفهم ما تعذر عليّ استيعابه على مدى سنوات مضت أثبت فيها هذا المنتدى أنه الأكثر إثارة للجدل على المستوى المحلي ليس بسبب أوراق العمل التي يتم طرحها فيه ولكن بسبب الغموض الذي يكتنف أهدافه والاتهامات الموجة له والتي كنت أتوقع أن التطرق إليها محرماً على منابرنا الإعلامية أو أن القائمين على المنتدى يتجنبون الإجابة عليها, قبل أن تثبت لي التجربة مع الأخت/ مها فتيحي رئيسة العلاقات العامة باللجنة النسائية المنظمة للمنتدى أنه ببساطة لم يطرح عليهم أحد تلك التساؤلات لإتاحة الفرصة لهم للإجابة عليها بشكل مباشر وصريح.. وقد لا تتسع المساحة هنا لأكثر من سؤال واحد بريء أردت أن أتخلص من عبء التفكير فيه على أمل أن أفهم وغيري لماذا يتكبد منتدى جدة سنوياً عناء استضافة أسماء تثير السخط والاستفزاز للرأي العام المحلي? ولماذا تهدر أموال من الأجدى أن تدعم مشاريع وطنية فيتم تقديمها على طبق من ذهب لشخصيات لن تقدم لنا ولا لاقتصادنا تجربة تستحق الوقوف عليها أو الإصغاء لها? لماذا قدرنا أن نأخذ من الآخر أسوأ ما لديه ونغرق كل عام في جدل بيزنطي حول المنتدى الاقتصادي ونبتعد مع هذا الجدل عن الاقتصاد والمقاصد من هذا المنتدى?
بهدوء شديد أجابتني مضيفتي مؤكدة أن الأسماء المشاركة يرتبط كل منها بأحد أهداف المنتدى.. وزادتني مقدمة الإجابة استغراباً وأنا أتعجل الحكم مستعجبة من أن يكون من بين أهداف المنتدى الاستفزاز مثلاً!!... إلا أنها استدركت بقولها أن الأهداف يقع من بينها الهدف الإعلامي لتوجيه رسالة غير مباشرة للإعلام الغربي الذي يهاجمنا في قضية عدم قبول الآخر فنؤكد باستضافة بعض الأسماء التي لا نتفق مع رؤاها وسياستها أن المسألة ليست رفضاً مبنياً على جهل أو تعصب أو ضعف بقدر ما هو رفض موضوعي واختلاف منطقي ينشكف للعالم عبر وسائل إعلامه عن طريق الحوار المباشر والتفاعل الذي تشهده قاعات منتدى جدة الاقتصادي بين هذه الشخصيات والجمهور السعودي الواعي الذي يسجل كلمته وموقفه بشكل حضاري.
تلك إجابة من الإجابات التي لا أملك معها سوى أن أقول إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية شريطة أن يقف أطراف الخلاف على قاعدة فهم مشترك للأهداف بعيداً عن التكهنات, فمن هنا ومن نقطة استيعابنا لأهداف المنتدى الاقتصادي كل على حدة قد يكون بوسعنا الحكم على ما تتمخض عنه من نتائج, بل وقد نتمكن مع بعض الشفافية المطلوبة من إعادة قراءة أمور عديدة بشكل مختلف في مرحلة نناشد إعلامنا فيها أن يكون حلقة وصل تسهم في تقليص مساحة الخلاف بمواجهتها وعدم تجاهلها حتى لا تؤدي لانقسامات وصراعات ثانوية نبتعد معها عن مناقشة أولويات أخرى تتعلق بأوراق العمل والاستفادة الاقتصادية المنشودة من المنتدى.
* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ