الإعلام، السلاح العربي المفقود
صورة التقطها مصور فرنسي لمقتل (درة) من آلاف الدرر المقتولة...
وبرنامج من إعداد صحفي متمكن، من مئات البرامج التي تزخر بها أرشيفات قنواتنا...
مع ذلك أقاما الدنيا ولم يقعدانها...
كان لهما المفعول السحري الذي عشنا في العالم العربي نحاول أن نصل لتركيبته بشتى الطرق دون جدوى، حاولنا أن نصرخ... أن نرقص ألماً... أن نفاوض... ونحارب... ونسالم آملين أن تصل أصداء قضيتنا للعالم، ولا حياة لمن تنادي، فالواقع أننا كنا نصرخ بأنفسنا ونشكي حالنا لحالنا ونحارب بعضنا البعض... نحلم بالسلام... ونتباكى على الأطلال... ونقول كنا ذات يوم... وكان، وعندما نيأس نقول غداً يأتي النصر، غداً ينصفنا العالم ويعرف حقيقة قدسنا ويدرك المعنى الحقيقي للإرهاب.
صورة وبرنامج... ولعلهما كانا كفيلان بتعريفنا على من يحكم العالم اليوم، فلم تعد الخطابات ولا الهتافات تحركان ساكناً، وحده الإعلام يملك المفتاح ويصل إلى كل بيت وعقل... و بالتحديد الإعلام الفضائي الناطق باللغة الإنجليزية.
فلم يكن لبرنامج مثل (بانوراما) البي بي سي أن يترك كل هذا الأثر لو لم يكن يبث على قناة عالمية لا تعترف بحدود المكان... وماكان له أن يصل لو لم يكن باللغة الإنجليزية المتداولة في مختلف بقاع الأرض... لقد نجحت القناة في أن تنقلنا 20 عاماً للوراء لنشاهد مأساة (صبراً وشاتيلا) وكأنها وقعت بالأمس القريب، بل وتفجر الأوضاع الحالية ليقف رئيس الدولة المحتلة أو (المختلة) في قفص الإتهام وعلى بعد خطوات من المحاكمة.
قد نكون فرحنا بذلك أو سخطنا، لكن هذا لا يمنع أن نسأل أنفسنا: أين كنا؟، فصبرا وشاتيلا نعرفها ونعرف غيرها من المجازر والأهوال، ولكننا نحتفظ بها لأنفسنا لنتطلع عليها في الخفاء.
ونعود ونتسائل: أين إعلامنا؟ .. أما الجواب بالتأكيد أنه موجود وبقوة فعدد القنوات الفضائية العربية لا يعد ولا يحصى، وعدد برامجها التي في تزايد مستمر... لكنه حقاً الإعلام الحاضر الغائب!.
فعندما نشاهد اليوم هذه السطوة الكبيرة للإعلام على عقول العالم وقدرته على تحويل المسارات وكشف الحقائق، ندرك أن إعلامنا يركض في الإتجاه المعاكس لإحتياجاتنا... ولاننكر وجود بعض الفضائيات الإخبارية العربية المتطورة والمتميزة بفريق عملها وتغطياتها... بل أن بعضها قدم (لنا) برامج عن تلك المجازر ويقدم (لنا) في كل يوم حقائق أكثر أهمية وأقوى تأثيراً لكن لنضع آلاف الخطوط الحمراء تحت كلمة (لنا)... لأن كل ما تقدمه فضائياتنا يبقى محصوراً فيما بيننا وبين المتحدثين باللغة العربية... بإستثناء نشرات أخبار مترجمة للغات أخرى لكنها بالطبع غير كافية، وهذا ما نزداد إيماناً به عندما يعلن مسؤول إسرائيلي أنهم بصدد إفتتاح قناة إخبارية متخصصة إسرائيلية ناطقة باللغة العربية، فهم أدركوا أن سمومهم وصلت لكل شخص في هذا العالم بلغته ولم يتبقى لهم إلا تسميم العقل العربي بعد أن وضعوا أنفسهم كالخنجر في صدر الخارطة العربية.
وماذا بعد؟ هل من درس يتعلمه العالم العربي من هذا الحدث؟... وهل من تحرك إعلامي لبث قناة فضائية عربية على مستوى عالمي وباللغة الإنجليزية؟.
لا أعتقد أن العالم العربي ينقصه الأشخاص المؤهلين للقيام بهذا العمل... و لا يمكن أن يكون التمويل هو العائق، فما يضيع من حقائق أمتنا أغلى بكثير، وما يتم إنفاقه على مئات القنوات الترفيهية الفضائية لو تم دمجه وتخصيصه لمثل هذه القناة سيكون كفيلاً بوضعنا على المسار الصحيح لتنظيف عقول العالم الغربي الذي نجح إعلامه بتصويرنا في ثوب الإرهاب والتخلف.
ولعلنا بعد أن لمسنا الأثر الإعلامي الذي تحدثه هذه البرامج الوثائقية أدركنا أننا نحارب بلا سلاح، فالإعلام اليوم هو السلاح الحقيقي الذي يشهر فوهته نحونا من جهة... ويمنحنا مقبضه من الجهة الأخرى... فهل نمسك بها أم نعرض عنها؟.
سؤال نترقب إجابته من فضائياتنا.