إجابة مؤجلة
في لحظة واحدة انقلب كل شيء …
تراجعت ابتسامتها و انطفأ بريق عينيها و ماتت الحروف على شفتيها …
حدث كل هذا في لحظة …
حتى هو لاحظ ما اعتراها
كان وجهها مدفونا في كتفه بعد أن استقبلته بتهليل و صياح المشتاقة …
رغم ارهاقه الشديد فتح ذراعيه و استقبل صخب احتفالها بعودته …
لكنها فجأة انطفأت …
بسرعة انسحبت …
تطلعت إليه بعيون متسائلة ، لكنها لم تسأل …
تركته يتقدمها الى غرفة النوم …
تبعته بصمت …
جلست على حافة الفراش تراقبه و هو يبدل ثياب السفر …
كان يفعل أشياء كثيرة في نفس الوقت ، كان يهم بخلع قطعة ، ثم يتراجع ، و يهم بفتح الحقيبة ثم يتراجع ، كان يفتح الخزانة ، يتطلع فيها كمن لا يعرف عما يبحث ، ثم يغلقها بلا نتيجة …
و كان يتطلع اليها يبتسم أو يهمس بكلمات غير مرتبة ..
و كانت تراقبه ..
أزيز طائرة كان يصل اليهما عبر النافذة المغلقة ، يقطع صمتا متعمدا ، و يرسم علامات الاستفهام في فضاء الغرفة …
ازاح الحقيبة جانبا و جلس امامها على الفراش
ابتسم لعينيها المتعبتين …
همس :
- افتقدتك كثيرا …
ابتسمت تفهما و مدت يديها تحتضن كفيه …
كانت يداه باردتين
فركتهما برفق و كان مستسلما ..
اغراه الحنان فمد عنقه ..
يريد قبلة .. يريد ان يتوسد كتفها .. يريد شيئا ما .. لكنه لم يحصل عليه ..
نهضت بسرعة ، همست تفسر :
- سأعد الطعام .. لابد أنك جائع …
تركها تغادر ، و التفت لاغراضه
فيما بعد و امام طعام شهي تتصاعد ابخرته ، كان الصمت ثالث اثنان لا يأكلان .. تلوك افواههما لقمة بلا طعم و تهرب عيونهما من التقاء الصدفة ..
و أمام التلفاز ، أكمل الصمت قصته .. مشاهد متتابعة لقصة غير مفهومة ، كانت ظلال اضواء التلفاز تنعكس على وجهيهما في الظلام .. و صوت رشفات الشاي الخافتة تؤكد أنهما من الأحياء …
عندما أقفل التلفاز و نهض .. نهضت
توجه لغرفة النوم … و توجهت
استلقى على الفراش … فاستلقت
همس كأنه يخاطب نفسه :
- كان يوما متعبا ..
و سمعته …
حبست كلاما كثيرا كانت تود جدا لو قالته …
- انهيت اعمالا كثيرة كانت معلقة ..
قفز السؤال ( الاتهام ) الاحمق من عينيها فاحكمت زم شفتيها حتى لا يخرج …
- تضاعف ايام الغياب لم يكن بيدي .. كنت اريد ان اعود سريعا .. لكن العمل ..
يأبى السؤال الاحمق إلا أن يفز من عينيها .. تغلقهما بقوة فتحرقها عيونها و تتطاير شرارات صغيرة على سطح العين المغلقة لا يراها إلا هي .. تنشغل بملاحقتها و عدها …
يتنهد و يهمس :
- تصبحين على خير …
تنتبه لتحيته .. تفتح فمها ، تفك أسر لسانها ، ترد التحية ، فيغلبها السؤال :
- مازلت انتظر مالم تقله ..
دقيقة ثقيلة من صمت راجف ..
آلاف الاجوبة .. آلاف الكلمات ..
وداع قادم .. تاريخ راحل …
قرارات صاخبة .. و ذكريات عنيدة …
دوامات من الخوف لفتهما في دقيقة .. صاخبة .. صامتة …
ازاح الغطاء و استدار إليها ، لمح ألتماعة عينيها المتحفزة في ظلام الغرفة المحتمل ، كانت عيناها لؤلؤتان .. مد يده نحوها ، بسطها جناح من محبة…
و تكورت بين احضانه …
تمت
سحر الرملاوي
[email protected]