من شارك في وضع الاستراتيجية؟
روح العمل الجماعي، حس وطني عال، فكر ناضج، رؤية شمولية انجلت من آفاقها المصالح الشخصية لتتجه نحو المصلحة العامة. هؤلاء باختصار من شاركوا من أبناء وبنات الوطن في ورش العمل التي انطلقت قافلتها العام الماضي بهدف وضع إستراتيجية شاملة لتطوير منطقة مكة المكرمة، فلقد تحولت أمامي كل الأسماء الرائعة إلى مهام وأدوار ورؤى استرجعتها وأنا أستمع للخطة العشرية التي أعلنها الأمير خالد الفيصل كنتاج لتلك الجلسات وغيرها.
هؤلاء كانوا المشاركين والمشاركات، أما المحركات فقد كانت نية صادقة وشفافية وحماسًا بثها الأمير خالد الفيصل في المكان، وآلية علمية وضعتها مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي برئاسة الأمير فيصل بن عبدالله فتحت أمام الجميع آفاق الحلم شريطة أن يلامس الواقع بخطط عمل ومؤشرات قياس للنجاح والتقدم حتى تجني المنطقة ثمار خطتها ذات الأهداف قصيرة وبعيدة المدى.
قد يكون نتاج الجلسات خطة واعدة تتعلق ببنودها الآمال، أما الأهم فهو انعكاسها حيث ازداد من شارك فيها إيماناً بمستقبل منطقته، واستشعاراً بالخطوات الواثقة للقيادة التي تحرص على الكشف عن جوانب القصور والخلل لتتجاوزها، وإدراكا لحرص الوطن على تلمس رؤى أطرافه وإشراك رجاله ونسائه وكباره وشبابه في صياغة ملامح المستقبل الذي يستحقونه.
"أثق بكم ثقة لا حدود لها وأتمنى أن تثقوا بي" كان ذلك آخر قول أميرنا بعد الإعلان عن الخطة العشرية للمنطقة الأسبوع الماضي ويعلم الله أننا كلنا ثقة وتأييد له ولتلك المبادرة التي نفتخر بها، ولكن ختام قوله كان بداية هواجس وتساؤلات شغلت الحضور في القاعات النسائية وربما الرجالية، أولها مخاوف من أن تكون تلك البنود التي لم تترك شأناً إلا وتناولته مجرد آمال سيصعب تحويلها إلى واقع، والإجابة المختصرة لتبديد المخاوف هو أن جلسات الإستراتيجية كانت تشترط في كل محور وضع خطة عمل ومؤشر قياس لأدائها، وقد تبع ذلك على حد علمي عمل طويل على المقترحات من اللجان العلمية، غير أن الأداة المبيدة حقاً للمخاوف ستكون نشر وتوزيع تفاصيل الخطة وبرامج عملها على كل مواطن في المنطقة لينتقل من مرحلة الشك إلى اليقين والمراقبة والعمل.
أما التساؤل الأهم الذي سمعته يتردد كثيراً فهو "كيف نشارك في تحقيق هذا الأمل؟"، لقد صدق أميرنا قولاً عندما أكد أن الإستراتيجية قد شارك الجنسان من مختلف الشرائح والأعمار في صياغتها غير أن تلك التجربة الرائعة التي نغبط أنفسنا عليها نتمنى أن يخوضها كل أبناء وبنات المنطقة ليكونوا شركاء في تطويرها دون أن يتخلف فرد عن أداء واجبه قبل أن يجني ثمار عمل غيره.
الخطة نتجت عن جلسات عصف ذهني، أما التطبيق فقد يحتاج إلى عاصفة توعوية وثقافية تجتاح المدارس والجامعات والمنازل والدوائر الحكومية والقطاع الخاص لتقتلع السلبية، ويستشعر معها كل فرد أهميته ودوره في تحقيق نهضة منطقته التي لن تسير قدماً دون مشاركته.
يحتاج كل مواطن في منطقة مكة أن يعيش خطة وبرامج تطوير منطقته، قد يكون ذلك بواسطة قناة فضائية متخصصة في برامج الواقع التي تنقل خطوات العمل، وقد يكون بحملات توعوية وإعلامية تحاصره، وقد يكون بمراكز في الأحياء دورها أن تشرك سكانها، والمؤكد أن جميع مجالس المنطقة وأخص منها الثقافية ستكون بحاجة إلى مشاركة متوازنة من الرجل والمرأة والشاب ليشهد التطبيق ما شهده الإعداد من رؤى وعمل مشترك. وقد يكون كل ما ذكرته لا يرتقي إلى التنسيق الذي ننتظره من رجل صادق وحكيم وثق بنا فشاركنا التخطيط، ووثقنا به فعقدنا العزم على أن يخرج الإنجاز مصدقاً بتواقيع كل سكان هذه المنطقة على صفحة هامة من صفحات نهضة الوطن.
رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ