شرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة الفضائية
أطلت علينا بتعابير وجهها الحزين حتى ظننا لمسات الحزن المتوارية وراء تلك العيون ما هي إلا طبيعة رافقتها خلال حياتها، ولكن عند لقائنا بها كانت تلك الابتسامة التي لم نرها عبر الأثير هادئة وجميلة تتناقض مع الكم الهائل من الجراح والأحزان والمآسي التي لفت بها تقاريرها… روت بتلك اللمسات من الحزن تارة ومن النقمة والغضب تارة أخرى تعبيرها الحيادي كإعلامية عن معاناة شعبها… ولم تجد حرجا في الظهور عبر شاشات التلفزة دون " مكياج"، لان الحرج الذي تراه عندما تتبهرج وخلفها أم شهيد اكبر من أي مظاهر شخصية …
مراحل العمل
"شرين نصري أبو عاقلة"من مواليد القدس، أحبت الصحافة بالقدر الذي جعلها تتنازل عن دراسة الهندسة في "جامعة العلوم والتكنولوجيا" في عمان لتنتقل إلى "جامعة اليرموك" في مدينة اربد بالأردن وتتخرج منها بدرجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام… عادت بعدها إلى الوطن الأم لتعمل في عدة مواقع صحافية و أخرى عادية فمن وكالة الغوث إلى "إذاعة صوت فلسطين" إلى العمل مع قناة "عمان الفضائية" إلى العمل في مؤسسة مفتاح لتتوج ذلك كله أخيرا بالعمل مع "قناة الجزيرة الفضائية"، مراسلة لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة إضافة إلى أنها تعمل مراسلة لإذاعة "مونت "كارلو في فرنسا.
الرغبة…والدراسة الأكاديمية
وعن عملها وسر النجاح الذي وصلت إليه تقول:" في البداية الرغبة التي بداخلي هي التي أهلتني للنجاح، وما دعم ذلك كله الدراسة الأكاديمية، وباعتقادي أن الخبرة وسنوات العمل عامل مهم في وصول أي أعلامي للنجاح، المهم أن تكون هناك علاقات مهنية ومصداقية ودقة وموضوعية لدى الصحفي وهي من أهم المقومات التي يجب أن تتوفر لديه، وعليه إعطاء الأهمية لعمله فقط وعدم الاهتمام كثيرا بالأمور الثانوية التي تعوق الصحافي عن أداء عمله و رسالته والوصول إلى هدفه.
وعن خصوصية المرأة في العمل الصحافي التلفزيوني في المجتمع الفلسطيني تقول:" ان وجود جو اجتماعي متفهم لعمل الإعلامية يعطيها هامشا كبيرا من الحرية، ويساعدها على الإبداع والنجاح لكن إذا كانت هناك مضايقات اجتماعية فإنها تحد من حرية الإعلامية ومن قوة العمل أيضا، فأنا في بداياتي كان هناك تفهم كبير من قبل الأهل، وهذا ما أعطاني هامشا من الحرية في العمل ، بالعكس انعكس ليكون حافزا لي للعمل".
أحلم بالعودة إلى الإذاعة
تنقلت شرين بين الإذاعة والتلفزيون، وهي ترى أن لكل ميزاته:" التلفزيون بالرغم من أنه يحتاج لساعات عمل أطول ويحتاج جهدا أكبر ألا أن الصورة تلعب دورا مهما في أداء الرسالة من خلاله وفيه مصداقية في تقريب المراسل إلى المشاهد. بينما الإذاعة تحمل جمالية العلاقة المباشرة ، وردود الفعل تكون مباشرة، وهذا ما يميز الإذاعة عن التلفزيون، وبالنسبة لي أنا أميل إلى الإذاعة وارغب بالعودة إلى العمل الإذاعي يوما ما…"
وعبر هذه الرحلة من العمل في مهنة البحث عن المتاعب، واجهت "أبو عاقلة" الكثير من الصعوبات التي أثرت على عملها وكانت اصعب تلك المواقف تأثيرا على نفسيتها هي مواقف الجنازات و والاجتماع مع عائلات الشهداء والقصف وتقول:" اعتقد ان هذه المواقف يؤثر على الصحافي بشكل عام سواء أكان رجلا أو امرأة ويساعده على أداء رسالته، فأنا أوصل إحساسي من خلال مشاهدتي لصور المعاناة هذه، فعندما المسها عن قرب يصبح لدي قدرة اكبر على إيصالها الى المشاهد.
الإعلامية فرضت احترامها …ولكن
إلا أنها ترى العمل الصحافي بالنسبة للرجل اسهل منه للفتاة وذلك لجو المجتمع الذي نعيش، فهو يعطي الحرية للصحافي في العمل لمدة أربع وعشرين ساعة لكنه لا يتقبله للفتاة، ولا يعطيها الحرية التامة، ولكن رغم كل هذه الأجواء استطاعت العديد من الصحافيات العمل والمنافسة على أساس العمل المهني وهذا نجاح يحسب للفتاة ومهنة المراسلات الصحافيات حصلت على احترام المجتمع وتقديره.
وتعود وتتطرق إلى مشكلة كبيرة بالنسبة للإعلامية وهو طبيعة نظرة المجتمع إلى المرأة بشكل عام وتعلق ان :" المجتمع الذي نعيش فيه يفرض قوة الرجل على المرأة، فالإعلامية في المؤسسات تعمل وتؤدي دورها لكنها لم تستطيع الوصول إلى مراكز عليا في هذه المؤسسات، فالمشكلة أننا نطالب المرأة بالعمل لنيل حقوقها ولكننا لا نهيئ الجو المناسب لذلك، فالمرأة استطاعت أن تخطي المراحل الصعبة من العمل وهي في الميدان وعلى الأرض، ولكن المجتمع هو الذي يتحمل الدور الأكبر في مساعدة المرأة على الوصول إلى حقها.
وعن الصعوبات التي تواجهها تقول إنها صعوبات عادية يتعرض لها أي مراسل تتمثل في عامل الوقت:" نحن نضطر أحيانا لاخراج التقرير بسرعة قبل موعد بث النشرة، ففي فترة النصف ساعة قبل النشرة يكون هناك عمل كبير خاصة إذا كنا في مناطق أخرى خارج رام الله."
أما بالنسبة لعملها في حالة زواجها فتقول:" الأمر سيكون صعبا للغاية، ولكن درجة الصعوبة تعود إلى مدى تفهم الزوج لطبيعة عمل زوجته، فليس هناك امرأة تستطيع ترك أبنائها لمدة طويلة، فالمطلوب هو أن تنظم المرأة وقتها وتعطي كل جانب حقه، وبالنسبة لي في حالة ارتباطي مستقبلا فأنا لن أتخلى عن كلا الطرفين وسأحاول ترتيب وقتي لاعطي كل منهم حقه سواء العمل أو البيت".
وعن طموحات شرين أبو عاقلة تقول:" ليس هناك أشياء كثيرة أضعها في مخيلتي ولكن هناك رسالة أحاول أداءها هناك أشياء كثيرة ارغب بتوسيعها، كأن أكون مسؤولة عن برنامج كامل، ولكن حاليا أنا مرتاحة اشعر بان كل يوم اعمل فيه يضيف جديدا لشخصيتي وقدراتي وخبراتي."
وفي النهاية كان لا بد لنا ان نطلب منها كلمة الى كل من تطمح في خوض هذا المجال فقالت:" ان العمل الإعلامي عمل مميز، وان لا تخاف منه كثيرا فأي واحدة لديها الرغبة وتدعمها بالدراسة الأكاديمية تستطيع منافسة أي شاب في هذا المجال، وبالنسبة للمخاطر التي يتعرض لها الصحافي،فهي تحاصر الفلسطينيين كافة وليس الصحافي فقط فلماذا الخوف؟و الصحافة رسالة وطنية سامية والمرأة تستطيع إيصالها وتحقيق ذاتها من خلالها.