عملت اسرائيل ومنذ بداية احتلالها للاراضي العربية في فلسطين على تكريس السينما جنباً الى جنب مع الآله العسكرية في خدمة أهداف استراتيجياتها القائمة على نزعة التسلط في صراعها المزمن مع العرب.
وخلال فترة الخمسينيات و بداية الستينات كان غالبية المنتجين والمخرجين والفنيين العاملين في السينما الاسرائيلية إما من الاجانب او المهاجرين الجدد أمثال البريطاني ( فو وولدر بكنسون ) " التل24لا يجيب " او الامريكيى اليهودي ( لاري ذريش ) "عمود الملح" أوالعراقي اليهودي ( نورى صعب ) "بلا وطن 1952م" الذين ساهموا في مولد صناعة السينما الاسرائيلية والذين جاءوا اساساً بناءًا على دعوة من وحدة السينما بالجيش التى شكلتها قوات الدفاع عام 1948 م لاخراج افلام تعليمية للجيش.
وقد تمحورت أهداف السينما الاسرائيلية ومنذ نشأتها على محاولة تاصيل بعض المفاهيم المغلوطة عن حقائق الصراع الدائر في الشرق إضافة الى محاولة تقديم صورة هي ابعد ما تكون عن الحقيقة لملامح ذلك الصراع معتمده في ذلك على تقنيات التاثير السينمائى في ذهن المتلقى.
اسرائيل المسالمة ... القوية :
فمن تصوير اسرائيل بالكيان المسالم المستميت في سبيل الدفاع عن حقوقه الازلية في ارض الميعاد الى تجسيم القدرات الخارقة لاسرائيل القوية الشجاعة المتفانية مروراً بتجسيد حقيقة العرب النازيون و تصوير حالة حصارجائر للدولة العبرية وسط محيط شائك من الاحقاد والارهاب العربي.
وكل هذه محاور ارتكزت عليها صناعة السينما في اسرائيل وحوت كما هائلا من المغالطات التاريخية والتشويش المتعمد لابجديات الصراع الدائر.
مشاهد العرب ..والنازية
- التل 24 لايجيب لـ " فو وولدر بكنسون"-
مشهد النازي قرب نهاية فيلم "التل 24 لايجيب" يقدم الحجة الدامغة لهدف الفيلم التعليمي والرمزي وهو ما يتوافق مع شعور اليهود في فترة ما بعد الهولوكوست حيث ينهض كالعنقاء من بين رماد وكوارث العرب لكن ليواجه عدوا يشبهه في مكان اخر هذه العلاقة بين العرب والنازية تبدو صراحة او ضمنا في افلام اخرى فالصور التى تصاحب عناوين فيلم "عمود النار" الذي تدور احداثه اثناء حرب 48م ويحكى قصة دفاع مجموعة صغيرة من طلائع " الكيبيوتز " ضد العدو المصري الذي يفوقهم عددا وعدة.
هذه المقدمة توحى بنفس مشاهد الموت من "اشتوفتز" وذكريات الشخصيات المحورية الاليمة تقترن على الفور بهجوم العرب .
عملية القاهرة 1965م لـ " مناحم جولان "
فيلم مناحم جولان "عملية القاهرة" 65م على طريقة افلام جيمس بوند فان العلماء النازيين من الشباب والكهول يعملون مع المصريين على تطوير صواريخ لاستخدامها ضد اسرائيل مع ابراز المقارنة بين تقدم الالمان وتاخر العرب تماما كالانماط التى تعكسها الثقافة الشعبية عن الغباء العربي خاصة في الاسكتشات والنكات.
ثمانية في اثر واحد- 64م
وفي فيلم للاطفال بعنوان " ثمانية في أثر واحد " 64م من اخراج جولان يظهر شخصية المانية وقد تخفت تحت ستار استاذ جامعى في حين انها تتتجسس على القوات الجوية الاسرائيلية لحساب العرب.
والجدير بالذكر ان الالمان والالماني والمانيا تعنى في اسرائيل النازية طوال الاربعينات وحتى بداية السبعينات والفيلم بهذا يعتنق بعض التيارات الادبية خاصة ادب الشباب الذي يضع العرب والنازية على قدم المساواة كما في رواية ( تزائيف فادي ) "من يهرب من الدروب الضيقة" ورواية ( اون ساريج واندين ) في الطائرة المخطوفة ، اضافة الى الافلام المشتركة مع اسرائيل التى تركز على الفارين من الهولوكوست مثل( القفص الزجاجي ) 64م والنازيين في اسرائيل .. ومثل ( ساعة الحقيقة ) 64م وهي أفلام اخرجت اثر الضجة التى اطاحت بمحاكمة ايخمان.
شقيقة الحب " انتاج هوليود"
هذا الربط بين العرب والنازية يتسلل لافلام من انتاج هوليود بطريقة غير مباشرة لاعلاقة لموضوعاتها باسرائيل مثل فيلم ( شقيقة الحب ) باظهار الماني نازي يمدح العرب لانهم من نوعه كما يقول وهي مقارنه سياسية في غير مكانها الصحيح فرغم ان النازية لم تمثل بالعرب كما فعلت باليهود الا انهم كانوا محترقون منها كجنس آرى وعلينا ان نشاهد افلام الدعاية النازية التى تندد بالحلفاء لاستخدامهم السود والبربر والعرب من المستعمرات في جيوشهم.
صحيح ان بعض تيارات القومية المصرية اعتبرت المانيا كحليف محتمل اثناء الحرب العالمية الثانية لكن كمناورة دافعها العداء للاستعمار البريطاني في مصر وهي العلاقة التى انتقدها جمال عبد الناصر في فلسفة
الثورة كما ان مفتى فلسطين كان على اتصال بهتلر لاحتمال التحالف معه لكن علينا ان نتذكر ان بعض قادة الصهيونية من فلسطين غير بعيدين عن هذه الشبهة في تحالفهم مع النازية.