العنوسة على أعتاب جامع البنات في مصر.. بين خرافات حل عقدة الزواج، وفتنة الاستغلال
زيارة واحدة لجامع البنات يوم الخميس أو الجمعة بحى بورسعيد بمصر تخلص الفتيات من شبح العنوسة وتعجل بتزويجهن! هذا ما تتداوله بعض الفتيات فى مصرعلى خلفية تاريخ إنشاء المسجد الذى بناه الأمير عبد الغنى الفخري، وأطلق عليه هذا الاسم نسبة لبناته السبعة اللاتى توفين وهن عذراوات حزناً عليهن، وهناك اعتقاد خاطىء للفتيات بأن المسجد بداخله مقابر لبنات الأمير يسمعن ندائهن وأدعيتهن و يلبين طلباتهن بالزواج، ولديهن طقوس خاصة كإشعال البخور والشموع والتجمع فى وسط المسجد والإمساك بايديهن والمشاركة فى الأدعية من أجل سرعة الزواج... لذا قررنا في عربيات القيام بجولة داخل مسجد البنات لمقابلة الفتيات واستطلاع آرائهن بالإضافة إلى رأى إمام المسجد للكشف عن أسرار هذا المسجد وما يشهده من ممارسات.
طقوس الزيارة
فى البداية تقول مديحة سالم 28 عاما: "سمعت كثيراً عن بركة مسجد البنات فى فك العنوسة من إحدى صديقاتى اللاتى تزوجت بالفعل فور زيارتها له مرتين فقط على التوالي، وفكرت فى خوض التجربة ولكننى تخوفت من الذهاب بمفردى فاصطحبت والدتى معى للمسجد ووجدت العديد من الفتيات داخل المكان يبكين واقفات حول بئر فى وسط المسجد فارغ لا يوجد به مياه، ويرددن بصوت عالي آيات قرانية وأدعية، فوقفت بجانبهن أقلدهن وأفعل ما يفعلن، وأشعلت معهن البخور والشموع ونحن نلف حول البئر أكثر من مرة فى شكل دائري ونرفع أيدينا للسماء وندعو الله بفك كربنا وفك أزمتنا والتعجيل بزواجنا، ولازلت أتردد على المسجد حتى الآن يوم الجمعة من كل أسبوع أملاً فى تحقيق أمنيتى بالزواج، وأشعر براحة لا مثيل لها تجاه المكان وأثناء صلاتى فيه".
فك "النحس" والسحر
وتضيف منى ماهر 33 سنة قائلة: "في البداية لم أكن مقتنعة بما يقال عن مسجد البنات و(سره الباتع) فى جلب العريس للفتاة على وجه السرعة، ولكننى على يقين بأن الدعاء وتكراره بصفة مستمرة قد يغير القدر و يسرع النصيب، فمبالك فى مكان مريح ومبارك كمسجد البنات! خاصة أن به مقابر بنات الأمير الذى بناه واللاتى عانين نفس مشكلتنا (تأخر الزواج) وأعتقد هذا هو سر بركته، وقد جئت لزيارته بناءاً على ماسمعته من بنات خالتى اللاتى كن يأتين هنا للصلاة والدعاء لحل عقدتهن حيث كانت تبلغ أعمارهن 40 عاماً و 39 عاماً والحمد لله تزوجن. فقد تطول الفترة أو تقصر تبعاً للنصيب وإرادة الله سبحانه وتعالى، ولكننا نعتبر المسجد من المقدسات مثله مثل جوامع أخرى كجامع السيدة نفسية والسيدة زينب، فكل هذه الأماكن لها بركة وتبعث على الراحة النفسية وتفك النحس والسحر، وهذه حقيقة من واقع حكايات كثيرات من الفتيات".
مصادفات تعزز القناعات
وتقول هيام محسن 23 سنة: "أنا بطبعي لا أؤمن بالخرافات ولا أتبعها حتى لا أصاب بالإحباط والإكتئاب مثل كثير من الفتيات، خاصة أنها بلا جدوى، ولكننى كنت ذاهبة للسوق بجانب المسجد فى إحدى المرات مع ابنة خالتى ودخلنا المسجد لنصلى المغرب وبالصدفة التقينا ببعض الفتيات يروين لنا هذه القصص ويؤكدن لنا أن فتيات كثيرات انحلت عقدتهن فى هذا المسجد، وفي ذلك الوقت وقفنا مثلهن حول البئر وأكثرنا من الدعاء، وحتى الآن لم نرزق بالزوج الصالح، وهو مما يدل على أن الزواج بيد الله، وأن ما يقال خرافات وليس له أى أساس من الصحة، فربما لعبت المصادفة دورها مع البعض وكان حظهن أفضل من غيرهن ليس إلا".
إمام المسجد: خرافات وخزعبلات وخدعة من أجل الحصول على المال
ويعلق الشيخ فراج حسن إمام مسجد البنات على هذه الظاهرة قائلاً: "هذه الأقاويل مجرد خرافات وخزعبلات فى أذهان الفتيات وليس لها أى أساس من الصحة على الإطلاق، فأنا إمام وخطيب لهذا المسجد منذ سنوات عديدة ولم أشاهد أو أسمع عن ذلك في حياتي، وكل ما فى الأمر أنها شائعة تداولت بين فتيات ضعاف النفوس ذوات ثقافات محدودة تناقلنها فيما بينهن وانتشرت بشكل كبير، حتى أصبحت موروث لديهن بزيارة المسجد وأداء الطقوس اللاتى ابتدعوها فى الجامع، بالإضافة إلى أنه لا توجد مقابر أو مقام للصلاة، وإنما يوجد مصلى للسيدات ملحق بالمسجد كأي مسجد آخر به مكان مخصص لصلاة السيدات. وكل يوم أقابل سيدات وفتيات يأتين من مسافات بعيدة ومن دول عربية من أجل ذلك، ومنهن سيدة لديها ابنتين عازبات لم تتزوجا ومعها زجاجة وتسالنى عن مياة البئر بالمسجد لحل أزمة ابنتيها وفك السحر عنهن، واكتشفت وقتها أن خدام المكان الذين يعملون بالمسجد خدعوها بذلك من أجل الحصول على المال، خاصة أن البئر فارغ منذ سنوات، وحتى لو وجد به مياه فهى غير صالحة للشرب على الإطلاق وانما كانت تستخدم لوضوء المصلين وبالتالى كانوا يتخذوا ذلك وسيلة للنصب والاحتيال، وواجبى توعية هؤلاء الفتيات بالحكم الشرعى لهذه الخرافات وأنها تعتبر فتنة، وضرورة الالتزام بالعبادات والصلاة وطاعة الله سبحانه وتعالى وقراءة الرقية الشرعية دوماً، واليقين بأن الزواج قسمة ونصيب من الله سبحانه وتعالى".