تقول الملكة فكتوريا : " باعتباري ملكة بريطانيا العظمى ،أود أن أطالب و بقوة بالدعم و العون من أي جهة داخل حدود المملكة أو خارجها . و أن أدعو كل من يملك القدرة على الكتابة و يجيد فنون التعبير ، و أن أناشد الجميع رجالا و نساء ، لينهضوا معي يجمعنا هدف واحد و هو درأ خطر شرير يتربص بالإنسانية جمعاء و هو خطر المطالبة بما يسمى " حقوق المرأة " . اذ ما تطالب به بعض النساء هو الرعب بعينه ، فهؤلاء النسوة ينادين بوضع يتنافى تماما وطبعهن و فطرتهن اللطيفة الرقيقة ، والأخطر من هذا كله هو أن حصول المرأة على هاته " الحقوق " يعني نسيانها كل جوانب الأحاسيس و الواجبات الأنثوية " .
هذه القولة هي لامرأة غربية ، " متفتحة " ، رغم ذلك فهي تلخص ببراعة منقطعة النظير الوجه الذي يجب أن تكون عليه المرأة منتقدة بشدة النساء اللائي ينظرن إلى المساواة نظرة خاطئة تؤثر – بالدرجة الأولى – على وضعية المرأة داخل المجتمع . هاته " المساواة " تخلق عدة مظاهر تكون فيها المرأة هي المتضرر الأول .
تقول أمينة ، خادمة : " أنا التي أصرف على البيت ككل . منذ مدة و أنا أعمل بالبيوت ، و قد استحلى زوجي جلوسه و بطالته . و هو الآن ينتظر – كالنساء – مصروف البيت . لقد اعتدت على هذا الوضع الشاذ ، في بادئ الأمر كنت أتذمر لكنني الآن استسلمت للوضع ".
كيف نستطيع أن نعلق على هذا ؟ إن خروج المرأة للعمل هو سبب هذا المشكل الذي تطرحه أمينة ، و غيرها كثيرات . لا أحد يعترض بالطبع على عمل المرأة في إطار شرعي و معقول ، هذا مؤكد . لكن تجاوز هذا الإطار قد يخلق عدة مشاكل أولاها و أخطرها : العنوسة . هذا المشكل الذي يسبح فوق رؤوس عدد من النساء . فقد استأثرن بأغلب فرص العمل و بأثمان أرخص مما تتطلبه اليد العاملة الذكورية . و الرجال أغلبهم عاطلون : لا عمل .. لا مال .. لا سكن . و على الشباب – الذين يفترض أن يكونوا في مواقع العمل أن يعانوا البطالة و الخواء ، فينظرون بالتالي إلى الزواج و كأنه كارثة وجب تجنبها بأية طريقة .
وننتقل إلى وجه آخر من المشكلة ..
تقول ربيعة ، ربة بيت ، إنها استطاعت أن تحكم سيطرتها على زوجها فأصبح ك " الخاتم في إصبعها " ، فهي تحاول ما أمكنها أن تكون لها الكلمة الأخيرة في البيت . و قد نجحت في ذلك إلى حد بعيد .
إن هاته الأفكار ، التي تفصل دائما بين الرجل و المرأة ككيانين متنافرين ليس بينهما إلى الحرب و إثبات القدرة على السيطرة ، هي أفكار مبتذلة تبدو كأسطوانة مملة ، و إن كانت بعض العقليات المتخلفة هي السبب في تأجج نار جدال عقيم حول حقوق هذه وواجبات ذاك ، كالأزواج الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم ، مما يجعل المنظمات النسائية – و ما أكثرها – تتشنج و تصرخ أن لا لهضم حقوق المرأة إلى غير ذلك من تلك النداءات المتكررة . و ربما لا تعلم هذه المنظمات إن الرجال أنفسهم يستنكرون مثل هاته التصرفات التي تبعد صفة الرجولة عمّن يمارسها . فضرب رجل جاهل لزوجته لا يعني – بالضرورة – أن كل الرجال يستحقون شتى أنواع العقاب و أنهم لا يفعلون شيئا سوى الاستبداد و الظلم .
فعلى الرجال و النساء معا أن يستنكروا هذا الحاجز الوهمي الذي يضع الرجال في كفة و النساء في كفة أخرى ، و الذي انتقل إلينا عبر أفكار غربية مقيتة تحاول – ما أمكنها ذلك – أن تبعدنا عن قيمنا و ديننا الذين لو تشبثنا بهما لانتهى هذا المشكل الوهمي نهائيا .
يقول الجاحظ : " و المرأة أيضا أرفع حالا من الرجل في أمور فهي التي تراد و تخطب و تعشق و تطلب " .
قال أحدهم للحجاج : أيفدي الأمير أهله ؟ قال الحجاج : " و الله ربما رأيتني أقبل قدم إحداهن ، ثم إن الله تعالى خلق من المرأة ولدا من غير ذكر فخص بالآية العجيبة و البرهان المنير المرأة دون الرجل حين خلق المسيح في بطن مريم من غير ذكر " .
و لا يفهم من هذا أنه تفضيل للمرأة على الرجل إنما هو تنبيه إلى قيمة المرأة بما أنها تعتبر الطرف المظلوم في الغالب .
لقد خلق الله سبحانه و تعالى لكل دوره و خصائصه . فعلى الرجل أن يكون رجلا بمعنى الكلمة و على المرأة أن تكون أنثى ، فهي قوية بأنوثتها و الرجل قوي برجولته و عنفوانه ، فكلهما يكمل الآخر ، و أي قول يهدف إلى فصل أحدهما عن الآخر هو محض هرطقة و لغو ليس إلا .