الانهيارات الصخرية في جبل كرا تخلف اصابات وضحايا
رائد بن جعفر الغامدي شاب من الطائف عمره 29 سنة، أراد أن يذهب لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان وعند مروره بطريق جبل كرا حدثت انهيارات صخرية فتوقف بسيارته ليبعد بعض الأحجار عن الطريق لكن صخرة سقطت عليه من قمة الجبل فمات.
قضية الانهيارات الصخرية بجبل كرا ليست حديثة العهد، بل أن إهمالها جعل منه بداية لم تنتهي وقد تصبح مشكلة أزلية.
فالإدارة العامة للطرق بمحافظة الطائف لا تتحرك لعمل الصيانة اللازمة وحماية المسافرين، حيث تركز على جمع مخلفات الانهيارات الصخرية من صخور وأتربة من الجهة اليمنى لتصبها على الأودية المطلة على بقية طريق عقبة جبل كرا من الجهة اليسرى.
عربيات فتحت ملف القضية مع الدفاع المدني بالطائف، ومع الإدارة العامة للطرق بمحافظة الطائف، ومع أستاذ الهندسة الجيولوجية الأستاذ الدكتور بهاء الدين صدقة.
في البداية يوضح الناطق الإعلامي لإدارة الدفاع المدني بالطائف المقدم خالد القحطاني لـ عربيات قائلاً: "تم تشكيل عدد من اللجان تتعلق بهذا الشأن، وكان من أهمها اللجنة التي تم تشكيلها برئاسة معالي محافظ الطائف/ فهد بن عبد العزيز بن معمر، وعضوية أصحاب السعادة ومدراء الإدارات المعنية (الدفاع المدني، والمرور، والطرق، والمواصلات)، بالإضافة إلى مندوب مفوّض من الشركة المنفذة للمشروع الأخير، ومن خلال الاجتماع أوصت اللجنة بضرورة إيجاد حل جذري للقضاء على ظاهرة الانهيارات وتساقط الصخور".
وأكد القحطاني على أن الدفاع المدني لديه عدة دراسات علمية من جهات حكومية معتمدة حول مشكلة تساقط الصخور بطريق جبل كرا نظراً لأهمية المشكلة والتي دفعت بإدارة الدفاع المدني إلى استحداث مركز للدفاع المدني في منتصف طريق جبل كرا بكامل تجهيزاته وفرقه، على اعتبار أن الحوادث الناجمة عن تساقط الصخور تخلف الكثير من الخسائر في الممتلكات، وتشكل خطراً بالغاً على سلامة الأرواح.
وذكر القحطاني أن الدفاع المدني شكل عدة لجان فرعية ورئيسية لوضع اشتراطات السلامة التي يجب أن تتوافر في طريق جبل كرا، وطالب بتحديث الدراسات الجيولوجية لمعرفة التغيرات التي طرأت على جبل كرا بعد توسعته، خاصة وأن الشركة المنفذة للمشروع كانت تستخدم مواد لتفجير وتفتيت الصخور مما قد يؤثر على طبيعة وصلابة الصخور.
جمع الصخور ورميها في الأودية مخالف لشروط السلامة
وفي سؤال عن سلامة جمع المخلفات والصخور والأتربة المتساقطة ووضعها في الأودية المنحدرة من جبل كرا أجاب القحطاني: "هذا الأمر مخالف لاشتراطات السلامة، وتسبب بمخاطر بالغاً على السياحة والبيئة الجبلية، كما يشكل خطورة على المسافرين، أو حتى على رجال الدفاع المدني الذين كثيراً ما يباشرون حوادث إنقاذ لسيارات تسقط في تلك المنحدرات، مما يجعل العمل على أرض متحركة غير صلبة وقابلة للانزلاق". ونبّه القحطاني إلى ضرورة متابعة الأنشطة والبرامج التوعوية التي تقيمها إدارة الدفاع المدني من خلال معارضها التوعوية ومن خلال رسائلها الإعلامية في الصحف المطبوعة والإلكترونية، وفي الإذاعات، والفضائيات للمحافظة على أساليب السلامة.
السيل الركامي الناتج عن رمي المخلفات أضراره كبيرة
أستاذ الهندسة الجيولوجية بجامعة الملك عبد العزيز الأستاذ الدكتور بهاء الدين صدقة والذي يقوم بإجراء دراسة علمية بدعم من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة مشاكل التساقطات الصخرية بعقبة الهدا، ووضع حلول لها. يقول: "ستنتهي الدراسة التفصيلية على طول طريق العقبة بامتداد 22 كيلومتر صاعد و 22 كيلومتر هابط في غضون أشهر قليلة، ومن المتوقع أن تكون الحلول العلمية والهندسية الموصى بها لكل موقع به تساقط صخري بإذن الله قيد التنفيذ لتلك التساقطات المتعددة، وتتلخص الحلول في عمل شبكات وأسوار خرسانية وإعادة تصميم منحدرات ورش خرساني".
ويعلق صدقة حول الآليات التي تقوم بتفريغ مخلفات الانهيارات إلى جبال تطل على منعطفات بطريق جبل كرا قائلاً: "الجزء العلوي من طريق عقبة الهدا متعدد الالتواء حسب طبيعته الجغرافية، لذلك هناك أجزاء من الطريق تعلو بعضها ومن الطبيعي فإنه بعد تفريغ مخلفات المقاطع الصخرية في أعالي الأودية سواء أثناء التشييد أو بعد تنفيذ الطريق فإنها ستسقط متدحرجة لأسفل بامتداد الوادي حتى تتقاطع مع ذلك الجزء من الطريق الذي يتقاطع مع الوادي، خاصة وأن زاوية ميل أعالي الأودية تكون عالية أكثر من 45 درجة مما يسهل انزلاق الركام الصخري". ويضيف صدقة: "ومن ضمن الخواص الهندسية لهذه المخلفات الصخرية أنها غير متماسكة ومتراكمة فوق بعضها بشرط تراكمها بزاوية ميل قليلة، فإذا زادت كمية الركام الصخري المفرغ فوقها فذلك يمكنها من أن تتحرك لأسفل بسرعة، حيث تفقد تماسكها مع بعضها تحت تأثير الوزن، خاصة عند هطول الأمطار، وتسبب ما يعرف باسم سيل ركام صخري وهو ما يكثر مشاهدته على امتداد طريق أي عقبة بعد وأثناء حدوث الأمطار، وهذا السيل الركامي يتسبب في ضرر لذلك الجزء السفلي من الطريق".
عربيات حاولت التواصل قبل النشر مع المهندس عمر الحسيني مدير إدارة الطرق بالطائف، والذي استلم محاور القضية مع صور المادة، بينما لم يبدي تجاوب لمدة تجاوزت ثلاثة أسابيع.
يُذكر أن إدارة الدفاع المدني بمحافظة الطائف حصرت وقوع (13) حادث سقوط وانهيار خلفّت حالة وفاة واحدة وعدد من الإصابات بطريق جبل كرا خلال (14) شهراً وحتى نهاية شهر 4/1432هـ.