أستاذة علم النفس هبه حريري بعد اصدار مؤلفها
"فكر بعقل الطفل" وصفة تربوية تقدمها للتربويين الأستاذة هبه حريري - أستاذة علم النفس بكلية التربية وناشطة اجتماعية ومدربة للتنمية البشرية - كما تقرأ من خلال عربيات مؤلفها الصادر أخيراً تحت عنوان" صناعة نجوم الحياة" وبعض القضايا التربوية المعلقة .
في البداية تقول حريري عن الكتاب: "يشمل الكتاب أقساما ثلاثة تتعلق بتنمية الروح الإيمانية لدى الطفل وغرس عدد من القيم في نفس الطفل تحت عنوان نحيا بحبك يا ربي، وتطوير الطفل وتنمية ثقته بذاته تحت عنوان عالمي الممتع، وجزءا مهارياً لتنمية مهارة الإتقان من خلال تطبيق بعض الأعمال الفنية البسيطة والطبخات وقد تم العمل عليه أربعة سنوات منها ما كان لتصميم البرنامج وتطبيقه على 40 طفل تتراوح أعمارهم بين 9-13".
وعن نتائج التطبيق تقول: "تم تطبيق البرنامج على 40 طفل وقد تفاوتت النتائج لأن الطبيعة البشرية تختلف وتتفاوت من شخص إلى شخص فأظهرت النتائج أن بعض الأطفال تشبعوا بالقيم بنسبة مائه في المائة، بينما حصل آخرون على نسبة 30 في المائة وفارق النتائج يعود للخلفية التربوية لكلا منهم فحينما تكون أرضيه التفكير لدي الطفل خصبة واعتاد على الحوار مع أسرته والمناقشة تكون النتائج ممتازة، والعكس صحيح حينما يفتقد الطفل في منزله أساليب الحوار والمناقشة ولا يملك مهارات بسيطة من القراءة نبدأ بغرس هذه المهارات لديه فتكون النتائج اقل"، وتضيف: "الكتاب يخاطب الطفولة المتوسطة (6-9) والطفولة المتأخرة (10-13) ويشمل طرق تتناسب مع المرحلتين فعلى سبيل المثال الطفل في الطفولة المتوسطة يحب الحديث أكثر من الكتابة بينما نفس التمرين إن طبق على الطفل في الطفولة المتأخرة يفضل الطفل أن يكتب أكثر من أن يتحدث فطريقة التطبيق مختلفة وفقا للطريقة التي تتناسب مع المرحلة"
ضعف القراءة وراءه ضعف التأليف
وعن قلة الإصدارات الموجهة للأطفال ترى أستاذة علم النفس بأنها مشكله نتجت من على مقاعد الدراسة كما أنها ثقافة مجتمع وعدم اتجاه أفراده لاقتناء الكتاب وقراءتها مشيرة إلى عدم وجود أهداف عامة واضحة تسير عليها العملية التعليمية موضحة: "هناك عدد من الأسباب أولها نظام التعليم الذي لم يرسخ أهمية تجارب الفرد وانه قادر على الإبداع في سن صغير، كما لم يعزز أهمية القراءة، ففي ولاية واحدة فقط من الولايات الأمريكية المتحدة يصدر 5000 كتابا في السنة بينما المملكة بجميع مناطقها تصدر في السنة 500 كتابا، نعاني ضعف في القراءة لأن هناك ضعف في التأليف، بالإضافة إلى رؤية الكثير في أن الكتاب الذي يصدر لا بد وأن يكون على مستوى عالي من الحرفية وأن يكون صاحبه ذا خبرة كبيرة في الحياة ومجالاتها المختلفة، بينما يختلف الوضع في الغرب حيث يقوم سائق التاكسي بتأليف كتاب عن تجربته، لذا أعتقد أننا بحاجة إلى كسر حاجز الخجل وأن يتغذى المجتمع بالثقة في قدرات أبنائه فنقل الأفكارلا يحتاج كل هذا التعقيد، بالإضافة إلى أننا نعاني من عشوائية الأولويات فلا نعلم مسار العملية التعليمية ولا حتى أهدافها الأمر الذي تتشتت معه الجهود، ففي ماليزيا على سبيل المثال وضعوا هدف أن عام 2010 سيكون التعليم الكترونيا بنسبة 90 بالمائة، ومن عشر سنوات ماضيه ركز التربويون والوزارة والطلاب وأولياء الأمورعلى تحقيق الهدف، واعتقد أننا أن وضعنا أهدافا معلنة تنبع من مشكلات المجتمع وحاولنا معالجتها من خلال العملية التعليمية وأخذنا من ماليزيا نموذجا سيتحسن الوضع "
الأبوة والأمومة علاقة كيفية وليست كمية
وفي سياق الحديث تعتقد حريري بأن الأم العاملة ربما تكون أكثر عطاء وتواجدا مع أبنائها من ربة المنزل والتي لا تخرج للعمل موضحة: "كون الأم العاملة لا تتواجد في المنزل طيلة النهار يحفزها ذلك على تعويض أبنائها عن غيابها بالبقاء معهم والتحدث معهم في ساعات تواجدها، بينما حينما تكون الأم متواجدة في المنزل ربما تظن أن وجودها معهم طيلة اليوم يكفي بينما هي في الواقع مشغولة في أشياء أخرى، فما فائدة خمس ساعات تتواجد بها الأم مع أبنائها ظاهريا؟، ولا نستطيع تعميم ذلك فالقناعة في الأبوة والأمومة الكيفية وليست الكمية، فالهدف التربوي هو المهم ومن الممكن أن ربع ساعة تربوية تقدم مفعول يوازي عشر ساعات من جلوس الأم مع أبنائها، وهذا الكتاب يخدم كثير الأمهات خاصة اللاتي لا يمتلكن فكرة عن الطريقة الملائمة لتعزيز قيمة معينه في نفس الطفل، حيث يشمل ردود فعل الأم حيال تصرف أبنائها ومتى تعارض ومتى تؤيد وكيف تعارض وتؤيد بخطوات سهلة التنفيذ تشمل حتى لغة الجسد"
وعن قله الإصدارات المتخصصة للأطفال ودور الكتاب في عصر التكنولوجيا والألعاب الالكترونية تقول حريري: " فيما يتعلق بمؤلفي صناعة نجوم الحياة لا يعتبر مؤلفا قصصيا قدر ما هو مجموعة من الألعاب والحكايات التي يتم من خلالها غرس القيم والمهارات في الطفل بصورة تتناسب مع تفكيره وسنه وحاجاته للمتعة، ومن المناسب أن يصدر في الوقت الحالي خاصة مع الألعاب الالكترونية وافتقاد المتعة والتعليم بالترفيه في المدارس التي تنتهج أسلوب تقليدي يعتمد على حشو أدمغة الأطفال، ففكرة الكتاب أننا نجعل الطفل يلعب ويستمتع باللعبة التي يصل في آخرها لمغزى مهم يفيده في حياته"
ألعاب البلاي ستيشن كانت حاضرة في طفولة أمهر الجراحين
وتشير إلى أهمية برامج التلفزيون التي تنمي مهارات التفكير لدى الطفل كما تؤكد أهمية ممارسة الألعاب الالكترونية للأطفال كونها تقوم بتقوية عضلاتهم موضحة: "لا أعارض برامج التلفزيون بشكل كلي فكثير من البرامج تنمي مهارة التفكير لدى الطفل لكن أشير إلى أهمية تقنين ما يشاهده الطفل والساعات التي يجلس فيها أمام التلفزيون، وبخصوص الألعاب الالكترونية أظهرت دراسة حديثة في علم الجراحة بأن أمهر الأطباء الممارسين للجراحة وأكثرهم حرفية هم من كان يلعب ألعابا الكترونية مثل "البلي ستيشن"، وليس من السليم أن نمنع بشكل كلي أو نرفض بصورة كلية، وليس أيضا من الملائم أن يكون المجال مفتوحا دون رقابه فعلي سبيل المثال تنمي ألعاب المصارعة أو القتال العنف في نفس الطفل، بينما تغرس في نفس الطفل بعض الألعاب مهارة الإتقان"
وعن تقييمها للأنشطة والبرامج الصيفية التي باتت منتشرة في الآونة الأخيرة بحكم كونها ناشطة اجتماعية و مدربة في التنيمة البشرية تقول: " تسير البرامج الصيفية في الطريق الصحيح وقد بدأت تحظى بالتخصص والجودة المنشودين، ففي الماضي كانت البرامج الصيفية تقدم كل شيء وأي شيء بينما اليوم تستند على رؤى واستراتيجيات ومنهجيات وخطة واضحة، ولا أستطيع الزعم بأنها وصلت لمراحل متقدمة لكنها في طور التطور وقريبا ستماثل مراكز عالمية"
الثقافة الجنسية أسلوب حياة، وهذه ما ينقص الأنشطة اللا منهجية
وتستعرض خلال حديثها أهمية خروج الأنشطة اللا منهجية من الصورة النمطية والطابع التقليدي لتؤدي دورها الذي وضعت من أجله، مشيرة إلى أهمية التفكير بعقل الطفل والنزول لمستوى فكره ومعرفة احتياجاته وإشباعها بالطريقة التي تتناسب مع المرحلة العمرية التي يمر بها مضيفة: "آن الأوان لتفعيل الأنشطة المنهجية بالصورة الصحيحة، ومن المفترض أن يحصل الطفل على خبرات بعيدا عن الكتاب المدرسي، وهذه الخبرات لا تكتسب إلا من خلال الأنشطة اللا منهجية إن تم تفعيل دورها بصورة صحيحة، فمشكلة هذه الأنشطة أنها لا تتلاءم مع الجيل ولا احتياجات الطفل في مراحل التعليم المختلفة، كما انه من المفترض أن ينزل التربوي إلى مستوى عقل الطفل ويقدم الخدمات التي تناسب مرحلته العمرية بالصورة التي تجذبه، فالتربية إن دمجت مع المتعة ستكون النتائج مبهرة، بالإضافة إلى أن الأنشطة اللا منهجية لا تركز على شمولية تكوين الطفل، فالطفل روح وعقل وجسد وعاطفة ويتم التركيز من خلالها على العقل فقط بطريقة تقليدية ويتم تجاهل الروح والعاطفة والجسد، فمدارس البنات تفتقر للرياضة بينما تقتصر الرياضة في مدارس الأولاد على حصة كرة قدم، وهذا يتعارض مع النظرة الشمولية وهذا السبب وراء نشأة جيل لا يعرف أهدافه"
مستعرضة في ختام حديثها أهمية توعية الطفل جنسيا مشيرة إلى أن التثقيف الجنسي للطفل يبدأ من أول يوم يولد فيه الطفل مضيفة: "الثقافة الجنسية أو التربية الجنسية للطفل لا تعني تعريفه بمعلومات لا تتناسب مع عمره، وكشف الحقائق مبكرا، إنما تربيته جنسيا بمعنى احترام خصوصيته منذ ولادته فعلى سبيل المثال لايقوم بتبديل ملابسه والتكشف عليه سوى أمه وشخص موثوق به، ويقاس على ذلك أمور كثيرة من طريقة ملبسه واهتماماته والبرامج التي يشاهدها على التلفزيون، إضافة إلى غرس أسلوب ناقد في شخصيته ليرفض الأشياء الخاطئة التي يراها، واعتبر أن سورة النور تحوي 50 %من منهج الحياة الجنسية للإنسان، فالثقافة الجنسية ليست معرفة إنما أسلوب حياة ومعاملة وسلوكيات"