حوار الأجيال
القدرة على إحتواء وتفهم النفسيات البشرية وإجادة التعامل معها تعد من أصعب الأمور وأهمها، فهي تنعكس بشكل إيجابي وصحي على علاقاتنا مع الآخرين وتفاعلنا معهم... ولعل هذه المقدرة هبة من الله عز وجل لكنها الشيء الذي بإمكاننا أن نصل إليه بسعة الأفق وبعد النظر ورحابة الصدر دون تسرع في إطلاق الأحكام وردود الأفعال أو تصلب في الآراء.
وفي محاولة منّا للمس مواقع الإختلاف بين جيل الآباء والأبناء بتحقيقنا الصحفي (حوار الأجيال) وجدنا أن النقطة المحورية هي إحساس الشباب بضعف الثقة في قدراتهم مما يسبب لهم نوع من الإحباط وقد يتحول لردود أفعال سلبية بالتمرد على كل ماهو تقليدي كمحاولة لإثبات الذات بشكل خاطيء، وهذا مالانتمنى أن يصل إليه شبابنا أمل المستقبل والبذرة التي لاترتوي إلا بالتشجيع والموازرة والتوجيه التربوي السليم حتى لاتذبل قبل أن تثمر وقبل أن نقطف ثمارها.
ويبرز هنا دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات التعليمية التي لابد أن تبحث وتنقب عن كنوز المواهب المدفونة وتتبناها وتدعمها وتصقلها بشكل علمي مدروس لترسم لها الطريق وتوظف قدراتها وتستثمرها في خدمة أوطانها وتتيح لها الفرص والمساحة اللازمة للتحرك واثبات الذات مع وجود الحوافز والتقدير... فالنفس البشرية بطبيعتها تحتاج لمن يتفاعل معها ويهتم بأفكارها ويقدر انجازاتها لتستمر بالعطاء... والكلمة التي تحيي قد تقتل بكل بساطة بتقليلها من أهمية الطرف الآخر وأفكاره، وكذلك النظر للشباب من أبراج الخبرة العاجية يباعد المسافة ويجعل التقارب والحوار والتعاون مستحيلاً.
ويبقى المجتمع في أمس الحاجة لخبرات الكبار وتجاربهم ولمواهب الشباب وأفكارهم، فبسواعدهم تسير عجلة التطور وبطموحاتهم وعملهم نحقق النهضة المنشودة... أما الخطأ الذي لابد من تقويمه فهو اعتقاد الكبار أنه بالخبرة وحدها نصل، واعتقاد الشباب أنه بالذكاء والإندفاع وحده نصل... والواقع يؤكد أن النجاح مزيج وقوام متناغم من هذا وذاك ولابد من إيمان كل طرف بالآخر وتقدير وتقييم ما يملك دون انتقاص أوتقليل أحد الأطراف لأهمية الآخر.
ولتكن لنا نهضة عمرانية وثقافية وتكنولوجية متطورة كما يرغبها الشباب لكن بهويتنا وجذورنا التي نستمدها من الكبار... فالأمل في الغد المشرق كبير والمسؤولية تقع على عاتق الجميع من شباب وشيوخ ومؤسسات تعليمية وقطاعات حكومية وخاصة... كلنا شركاء في هدف واحد وبنيان واحد اسمه حضارة ورقي أوطاننا.
وكم تستحق أوطاننا أن نعمل ونتكاتف من أجلها.