أحمد الشقيري ينثر خواطره في الإعلام ويتوج مشاريعه بـ"أندلسية"
وسط أجواء تحمل عبق الماضي الأندلسي التقت "عربيات" بأحد نجوم الحاضر الطامحين إلى بناء المستقبل، ومن (أندلسية) المشروع الذي تم تدشينه مؤخراً بأبعاده التجارية والثقافية والإعلامية والاجتماعية باح لنا صاحب المشروع أحمد الشقيري بأسرار خواطره وبرامجه والمراحل الانتقالية التي مر بها حتى تشكلت أهدافه وتحولت من الخاطر إلى أرض الواقع.
خواطر شاب
بدأنا لقاءنا مع الشقيري بسؤاله عن فكرة سلسلة خواطر، فقال:" ولدت الفكرة عندما كنت أتشاور مع قناة MBC الفضائية العام الماضي حول عدد من الأفكار وقد كان من بينها إعداد 4 حلقات من برنامج " يللا شباب " تعرض أسبوعياً خلال شهر رمضان ولكن نظراً لضيق الوقت عدلنا عن ذلك وقد كان جدول برامج القناة مضغوط للغاية فاقترحت تقديم برنامج مدته خمس دقائق رأيت أنها كافية لإيصال الفكرة للمشاهد خاصة وأنني سأكون بمفردي خلافاً لبرنامج "يللا شباب" الذي كان يتطلب فترة زمنية أطول للعرض كوننا نقدمه كمجموعة".
وعن الدقائق الخمس يقول الشقيري:" البرنامج يرتكز على أن خير الكلام ما قل ودل، وقد قمت بربط البرنامج بمقالاتي الأسبوعية في جريدة المدينة والتي كانت تحمل عنوان (خواطر شاب)، فالمقالات كانت قد سبقت البرنامج بعام تقريباً... وبالمناسبة أريد أن أوضح أن البرنامج يحمل اسم ( خواطر ) فقط وليس خواطر شاب".
مخاوف عديدة حاصرت الشقيري مع بداية عرض حلقات "خواطر 1" كون المشاهد العربي لم يُختبر ببرامج من هذا النوع من قبل، فهل سيترقب برنامج مدته 5 دقائق ويرتبط به أم أن مشاهدته له ستكون من قبيل الصدفة؟... الإجابة لدى الشقيري الذي يقول:" كانت مفاجأة، فأصداء (خواطر 1) فاقت التوقعات مما جعل قناة MBC تحبذ استمرار يته بعد رمضان، ولكني فضلت أن يبقى برنامجاً رمضانياً، ومن هنا قررنا الإعداد لـ"خواطر 2" الذي تم عرضه هذا العام، وقد أصبحت مدة الحلقات أطول وبالتالي معلوماتها أغزر".
بالرغم من أن البرنامج يقدمه الشقيري منفرداً إلا أنه يكشف لـ"عربيات" عن العمل الجماعي خلف كواليس، قائلاً:" قبل 3 أشهر من عرض البرنامج قمت بتحديد مواضيع بعض الحلقات معتمداً على قراءتي للكتب والصحف ومشاهدتي للتلفزيون، واخترت تسليط الضوء على الظواهر والممارسات السلبية في المجتمع... ثم نقلت هذا التصور لفريق العمل الذي يضم عدد من المتطوعين والمتطوعات فساهموا معي في عملية البحث والاستطلاع حتى وصلنا إلى تغطية حلقات البرنامج وتعزيزها بآليات مبتكرة تساعد على وصول الفكرة للمشاهد بشكل مؤثر وواضح".
وعن المقاييس التي يعتمد عليها الشقيري لقياس نجاح برامجه، يقول:" توجد عدة مقاييس من بينها استمرارية البرنامج التي تدل على نجاحه خاصة في قناة مثل MBC تهتم بتقييم وتصنيف برامجها ولاتقبل باستمرارية برنامج قاعدته الجماهيرية ضعيفة، كذلك من أهم مؤشرات النجاح بالنسبة لي تأثير البرنامج على المجتمع وأحرص دائماً على تلمس هذا الأثر من الأشخاص المحيطين بي أو عن طريق الإنترنت".
أحترم النقد البناء وأعمل بقاعدة لا إنكار فيما اختلف فيه العلماء
أما عن مدى تأثره بالنقد السلبي والإيجابي و اعتماده على النقد كمؤشر للنجاح، فيقول:" النقد أنواع فهناك من ينتقدك وهو يريد لك الخير فيواجهك بالسلبيات والإيجابيات وينبهك إلى مايجب عليك تجنبه في المستقبل وهذه النوعية من النقد أهتم بها كثيراً وآخذ بها في عملي، وهناك نقد لمجرد النقد والتجريح بمعنى أن لا يرى الناقد أي إيجابية ويتبنى أسلوب النقد الهادم فهذا الأمر أهمله ولا أتفاعل معه بالرد، وهناك نقد حاد على أمور خلافية فمثلاً يتكرر دائماً الانتقاد لموسيقى وأغاني البرنامج وهذه وجهة نظر أستمع إليها وأحترمها ولكنها مسألة خلافية والقاعدة تقول (لا إنكار فيما اختلف فيه العلماء)"... تداخلت معه مشاكسة بقولي:" ولكنك نسيت أن تذكر المديح، فكيف تتعامل معه؟"... أجاب ضاحكاً:" يسعدني بالتأكيد فالإنسان يفرح عندما يحظى عمله بالثناء و المديح".
ومن دائرة التأثر إلى التأثير حاولت أن أتلمس مع ضيفي الأثر الاجتماعي الذي تركه البرنامج على شريحة الشباب، فقال:" الجانب العملي هو ما أنشده، وهو الذي يحول الرسالة المرئية أو المكتوبة إلى عمل على أرض الواقع، فبعض الحلقات دفعت الشباب إلى التطبيق العملي مثل حلقة تنظيف المساجد حيث تلقيت عدد من صور المساجد قبل وبعد التنظيف، وأعتبر أن هذا التطبيق من مؤشرات النجاح".
تجارب إعلامية
خاض الشقيري تجارب إعلامية مختلفة منها ما كان في الإعلام المرئي من خلال برنامج "يلا شباب" ثم "خواطر"، كما شارك بمقالات أسبوعية بصحيفة "المدينة" السعودية تحت عنوان "خواطر شاب"، وأخيراً افتتح موقعه الإلكتروني www.thakafa.net وعن أكثر تلك الوسائل الإعلامية تأثيراً من وجهة نظره، يقول:" أعتقد أن التلفزيون له تأثير أكبر من غيره، ولكن عن تجربة أؤمن بضرورة التكامل بين وسائل الإعلام... فالبرنامج التلفزيوني من المهم أن يرتبط بموقع إلكتروني لاستطلاع آراء المشاهدين وإتاحة مساحة أوسع لهم للمشاركة بآرائهم ومقترحاتهم وهذا قد ساعدنا كثيراً في إعداد الحلقات وتقييم نجاحها مع وضع خطط تطويرية للجزء الثالث نراعي فيها تجنب السلبيات وتعزيز الإيجابيات... من جهة أخرى أعتقد أن كل وسيلة إعلامية تخدم شريحة مختلفة، فالشباب تصل إليهم المعلومة عن طريق برامج التلفزيون والانترنت أسرع من مقالات الصحف، والصحف نصل عن طريقها إلى الآباء اللذين يقومون على تنشئة جيل المستقبل وهم غالباً لايتصفحون الإنترنت".
إعادة أمة اقرأ للقراءة
يمارس أحمد الشقيري عمله التجاري في مؤسسته التجارية الخاصة، ويولي إلى جانب ذلك اهتماماً كبيراً بالشأن الثقافي والعمل الاجتماعي والإعلامي... هذه المهام والاهتمامات وضعها مؤخراً في بوتقة (أندلسية)، المشروع الذي يروي لنا عن طبيعته وبدايته، قائلاً:" قبل عامين تقريباً قمت بحضور دورة للدكتور طارق السويدان وكانت بعنوان (رتب حياتك) وقد خرجت منها بهدف خاص هو محاولة (إعادة أمة اقرأ إلى القراءة)، هذه المحاولة ليس من السهل أن تنجح بشكل سريع إذا قدمتها للملايين من خلال برنامج تلفزيوني لذلك اخترت أن أتوجه إلى شريحة محدودة بفاعلية أكبر، وكنت قد لمست إقبال فئة الشباب على المقاهي وأردت أن أوظف تواجدهم فيها خلال أوقات الفراغ بشكل مفيد، ومن هنا بدأت فكرة (أندلسية) كمشروع ثقافي وتجاري، فهي مقهى لايقدم المأكولات والمشروبات فحسب بل تتوفر فيه كذلك كتب منتقاة بعناية".
أثناء تواجدنا في أندلسية كان الإقبال على المكان ملفتاً غير أن الغالبية يبدو أنها لم تتفاعل سوى مع (أندلسية) المقهى دون أن يتحول انتباهها واهتمامها إلى المكتبة الثرية للحد الذي يدفعها إلى التقاط أحد الكتب وقراءته، والسؤال طرح نفسه على طاولة الشقيري الأندلسية "هل فشل الشق الثقافي في المشروع؟"، فأجاب سريعاً:" على الإطلاق، أنا أعلم أن فكرة المقهى ستظل مسيطرة على الزوار في البداية وقلة منهم ستحضر الآن للقراءة، هذا أمر متوقع ولكني أعمل تدريجياً على إحياء عادة شبة ميتة في نفوس الناس وأعتقد أن الوقت والتخطيط السليم سيساعد على تحقيق الهدف"... وعن مايخفيه في جعبته من خطط وأفكار، يقول:" هناك العديد من الأفكار التي لم أبدأ بتفعيلها حتى الآن، من بينها فكرة كتاب الشهر والندوات التي ستقام دورياً في (أندلسية)، بالإضافة إلى نوادي القراءة وأفرادها هم عبارة عن مجموعة من الشباب لديهم اهتمامات كبيرة بالقراءة ستتم استضافتهم من وقت لآخر لمناقشة كتب مختارة"... قاطعته بفضولي لمعرفة المزيد عن هذه المجموعات، فاستدرك قائلا:" أعتبرهم نخبة تميزت باهتمامها بالقراءة وتلقائياً قد شكل الاهتمام المشترك هذه المجموعات فكانوا يجتمعون في المنازل ومن المناسب أن نهيئ لهم مكان يستوعب اهتماماتهم في المقاهي لذلك أنسق لاستضافتهم في أندلسية وأنا أتمنى أن تتسع رقعتهم ويكونوا نواة لجيل قارئ ومثقف وتحفز تجربتهم الجميع للقراءة الإيجابية المصحوبة بالنقاش وتبادل الآراء والفوائد... وربما في مراحل لاحقاً تتمكن أندلسية من رعاية إنتاجهم من ملخصات أو كتب يتم توزيعها على الزوار دعماً لهؤلاء الشباب وترويجاً للإنتاج المتميز ونشراً لثقافة القراءة".
تبدو خطوات الشاب أحمد الشقيري مدروسة مثل خواطره، ولكن الملفت أنها كذلك مترابطة بالرغم من تشعب مجالاتها، فقد لاحظنا أن أغلب حلقات (خواطر2) قد تم تصويرها في (أندلسية) كما أن البرنامج يظهر في نهايته أنه من إنتاج (أندلسية)، نقلت هذه الملاحظة إلى ضيفي الذي أجاب قائلاً:" بالفعل، (خواطر1) كانت قد أنتجته MBC أما (خواطر2) فأنتجته أندلسية بناءًا على طلبي وباعتبار أن البرنامج فكرتي وقد تم تصوير أغلب الحلقات في أندلسية، ثم بعد ذلك قامت MBC بشراء الحلقات وهي بادرة تعاون وتجاوب من إدارة القناة تستحق الثناء والتقدير عليها"... أما عن نيته لخوض تجربة الإنتاج للآخرين فأبدى الشقيري استعدادا مشروطاً بقوله:" إذا كانت برامج لا تتقاطع مع مساري ورؤيتي".
السياسة لها أهلها ولست منهم |
مع تلك الإجابة وجدت الفرصة مواتية لمشاكسة ضيفي بسؤال حول سبب تجنبه للقضايا السياسة في أطروحاته المختلفة وإن كان ذلك يعود إلى خشيته من السياسة، فأجاب قائلاً:" أؤمن بالتخصص، وقد اخترت الجانب الاجتماعي والفكري وإن كان الفكري قد طغى اهتمامي به على الاجتماعي... أما السياسة فلها أهلها، وأنا بالتأكيد لست من أهلها". |
المراحل الإنتقالية تسهم في تشكيل الشخصية
من الملاحظ أن أغلب الأسماء التي تقود اليوم حركة التوعية في صفوف الشباب هم أنفسهم من شريحة الشباب، ومن الملفت كذلك أن مسيرتهم قد تخللتها مراحل انتقالية وأحداث ساهمت في تغيير مسار حياتهم وتشكيل شخصياتهم، بحثاً عن تلك المراحل انتقلت مع ضيفي إلى استعراضها فقدمها لـ"عربيات" بخط زمني منسق يبدو أنه يحفظه عن ظهر قلب لأهميته.
القراءة توسع المدارك وتجربة الاحتكاك بالرموز في (يللا شباب) كانت بمثابة التوسعة الثانية لآفاق تفكيري
التدخين يهدد (أندلسية) ولن أتنازل عن حظره
سر نجاحك في ترتيب حياتك
|
المرحلة الأولى: في عام 1994م مع (الصلاة)، التي يؤكد الشقيري على أنها الخطوة الأهم للارتباط بالخالق... وعندما سألته إن كان يقصد الصلاة في المسجد؟... أجاب سريعاً:" لا، الصلاة بحد ذاتها والالتزام بها والخشوع فيها في المنزل أو المسجد، فهذا هو الأساس وقد كانت مرحلة مهمة نقلتني نقلة نوعية في علاقتي مع الله سبحانه وتعالى". |
بين رمضان ورمضان
يفاجئ أحمد الشقيري جمهوره في كل عام بمشروع جديد، فماذا بعد خواطر وأندلسية ياترى؟... يكشف الشقيري لـ(عربيات) جديده قائلاً:" (خواطر 3) في الطريق مع احتمال تواجد برنامج جديد عن الحبيب عليه الصلاة والسلام ولكن الرؤية لم تتضح بعد، كذلك أتطلع إلى إصدار كتاب بالإضافة لتطوير المشاريع الحالية مثل (أندلسية) وموقع الإنترنت"... وفيما إذا كان سيحتفظ بالتوقيت الرمضاني لطرح جديده، قال:" برنامج خواطر سيظل رمضانياً ولكن مابين رمضان ورمضان فمن المحتمل أن يكون هناك برنامجاً آخراً".
رسالة من شاب إلى كل شاب
وفي ختام حواري سألت الشقيري عن نصيحته للشباب، فقال " أنصح كل شاب بتحديد هدفه في الحياة وبالقراءة، وهناك قاعدة للدكتور طارق السويدان يرى فيها أن 50% من قراءات الشاب يجب أن تكون في مجال تخصصه وهدفه في الحياة و50% في مجالات مختلفة فكرية، أدبية، دينية،اجتماعية، عامة وتاريخية، ليتمكن من تطوير ذاته وتوسيع مداركه"... قاطعته متسائلة:" وماذا عن الرياضة؟"... فأجاب ضاحكاً:" بالتأكيد لن أنساها من ضمن النصائح فأقول للشاب مرن عقلك بالقراءة وجسدك بالرياضة"... ويضيف:" يوم كل منا عبارة عن 24 ساعة وهي نفس ساعات اليوم التي أحسن الرسول عليه الصلاة والسلام استثمارها ليؤسس دين أمة بأكملها، وهي كذلك نفس الساعات التي جعلت من (بيل جيتس) أثرى رجل في العالم، وهي التي بوسع كل انسان أن يوظفها بتنظيم وقته وترتيب أولوياته وتحديد هدفه حتى يصل إلى تحقيقه"... أما عن دور الأهل، فيقول:" مثلث النهضة هو عبارة عن (الأهل، المدرسة، الإعلام) فإذا اكتملت الأضلاع اكتمل المجتمع، وأنا أدعو الآباء لتربية أبنائهم بالحكمة والرفق لا بالحجر والمنع".