سعاد العتيقي: نتاجنا الثقافي يقوم على الكم لا على الكيف
تعددت أبواب المعرفة وسبلها فلم تعد تقتصر على القراءة، وفي لقاء اليوم مع السيدة سعاد العتيقي- مدير عام مكتبة البابطين – تطرح أدواتها، وتقرأ الأزمة الثقافية التي يمر بها الوطن العربي، وترفض فكرة احتياجه لثورة ثقافية إنما ترى في التدرج الإصلاحي المدروس بمشاركة الأسرة والمدرسة ومؤسسات الدولة الأخرى وسيلة للتطور الحضاري والتي تعتبر الثقافة أحد أعمدته.
هل بالفعل لدينا أزمة ثقافية في الوطن العربي؟
هناك أزمة مثقف وليس أزمة ثقافة، فالثقافة فعلا موجودة ومتاحة في كل أدوات المعرفة من كتب ووسائل إعلام، ونقاشات، وندوات، ومحاضرات، وأمسيات بشكل عام موجودة في مختلف الأنشطة الثقافية، لكن المشكلة في المثقف العربي الذي يتمتع بسلبية كبيرة، واغتراب عن واقعه، والدلائل على صحة ذلك كثيرة منها إقصاء المثقف عن مركز القرار، لذلك نرى أن غالبية المشروعات السياسية الكبرى لا يشترك فيها المثقفين، كما أنهم أصبحوا غير قادرين على التأثير في الجمهور، وهذا يعني أن المأزق هو شخصي يكمن في عقلية ممارسي الثقافة وليس في الثقافة نفسها.
المؤسسات الثقافية لا تؤدي دورها، وأرفض مصطلح ثورة
هل نتاجنا الثقافي الحالي لا يكفي لقيام ثورة ثقافية ؟ أم أنه يكفي ولكن لدينا عزوف عن القراءة والاطلاع؟
بداية لا أحبذ كلمة "ثورة" فهي قد تكون مرادفه للعصيان أو الفوضى أحيانا أو التغيير بالقوة، بل أفضل التدرج بالإصلاح الهادئ والمدروس.
ونتاجنا الثقافي يقوم على الكم لا على الكيف، أي أن نتاجنا مشتت وغير نوعي، وغير مدروس، كما أن المؤسسات الرسمية غالبا لا تنهض بدورها الكامل، والذي يزيد الأمر سوءا هو العزوف عن القراءة، وقديما قيل الأمة التي لا تقرأ تموت قبل أوانها.
ولا شك أنه قياسا بالغرب فالقراءة عندنا في أدنى مستوياتها، فحينما توزع رواية مثل "شيفرة دافنشي" لدان براون أكثر من ستين مليون نسخة بلغات مختلفة، فهذا يعني أننا في أخر قائمة القراءة، وهذا العزوف نتاج عوامل مجتمعة.
هل ما نحن فيه من عزوف له علاقة بتأخرنا في جميع المجالات، وهل هذا العزوف عن القراءة له علاقة بما نتعلمه في المدرسة ؟
إن ثقافة القراءة هي نتاج تعاون مشترك بين الأسرة والمدرسة، وتتحمل الحكومات طبعا عبئا كبيرا في هذا الجانب، لأننا نأمل أن نصل إلى مرحلة القراءة اليومية التي نمارسها خلال حياتنا اليومية في المطارات، وعند الانتظار، وفي المقاهي،كما يجب الاحتفاء بالكتاب من خلال ندوات وبرامج تليفزيونية، وتخصيص حيز من وسائل الإعلام للمادة الثقافية بشكل عام وللكتاب بشكل خاص.
وطبعا تخلفنا في القراءة سبب تخلفنا في كثير من المجالات فهناك حكمة تقول إن الذين يسيطرون على العالم هم الذين يعرفون كيف يقرؤون.
أتطلع لاسثمار دخول الشباب في مجال النشر
ما هو تقييمكم لحجم النشر في الكويت ؟
في السنوات العشر الأخيرة نشط النشر في الكويت، والدليل ظهور عدد من دور النشر الكويتية على الساحة والتي يشرف عليها جيل من الشباب، وقد تبنت هذه الدور إصدارات إبداعية مهمة كالروايات والقصص و الأشعار.
وهذا المنعطف الايجابي يفترض بنا أن نستثمره رسميا وشعبيا بشكل جيد من خلال تشجيع هذه الإصدارات، وتكريس دورها في التنمية إلى جانب كل الفعاليات الأخرى كالاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية .
دور النشر تنتظر معارض الكتاب لتحقق المكاسب لهذه الأسباب
هل هناك صعوبات تواجهها دور النشر في الكويت ؟
على الصعيد الرسمي ليس هناك ما يحول دون وجود دور نشر، ولا تواجه الدور في هذا الصدد أية مشاكل، ولكن الصعوبات التي تواجهها هذه الدور تكمن في الإمكانات المادية التي من شأنها أن تحقق استمرارية لهذه الدور. وهنا يأتي دور المؤسسات الرسمية والخاصة ودور الجمهور في مساعدة تلك الدور عن طريق القراءة، لا أن تنتظر هذه الدور المبيعات من عام إلى عام في معارض الكتب.
ما هو دور مكتبة البابطين في مشروع الجليس؟
مشروع الجليس هو مشروع غير ربحي يهدف إلى التشجيع على الكتابة والقراءة لإحياء الثقافة لدى الشباب، كما أنه يهدف لتبنى أعمال الشباب الفكرية ونشرها وطباعتها، ويقوم بمجموعة من الدورات التدريبية مثل دورة فن كتابة المقال الصحفي، ودورة التمتع بالقراءة، ويقيم المشروع مسابقة سنوية عن أفضل مقال شباب على مستوى الكويت.
ويتكون مشروع الجليس من العديد من نوادي القراءة، ونظراً للدور الريادي الذي تقوم به مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي على الساحة الثقافية فإن المكتبة هي أحد الرعاة الأساسيين للمشروع حيث تقوم باستضافة أعضاء العديد من نوادي القراءة التابعة لمشروع الجليس للاجتماع بين جنبات المكتبة للقراءة ومناقشة ما تم قراءته من كتب بهدف تشجيع القراءة الهادفة لدى الشباب، وذلك بما تحتويه المكتبة من مجموعات من الكتب والدوريات وشتى أنواع مصادر المعلومات الحديث منها والنادر.
التطور الحضاري لا يكتمل دون مؤازرة العلوم والمعارف
رسالة لمن توجهينها وماذا تقولين؟
هي رسالة ليست مني ولكنها من الوطن كله وتحديدا من المهتمين بالحياة الثقافية أوجهها إلى المعنيين بالشأن الثقافي عندنا في الكويت وخصوصا الرسمية منها كالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ورابطة الأدباء، أتمنى أن يقوموا بتفعيل دور الحياة الثقافية أكثر في الكويت، وأن تجعلها أكثر جماهيرية، وأن تحقق الدعم للمؤلفين وتوفر لهم المنصات التي يقدمون من خلالها نتاجهم الأدبي للجمهور، للتواصل معه والنقاش وتبادل وجهات النظر.
والرسالة نفسها أُعيد توجيهها للجمهور الذي أطمح أن يولي القراءة أهمية كبيرة في حياته، لأن أي تطور لا يكتمل حضاريا إلا إذا آزرته العلوم والمعارف وبنظرة للتاريخ نتأكد من كل ذلك.
كما أشكركم في عربيات على اهتمامكم بالثقافة، متمنية أن تحقق رسالتكم أنتم أيضا كل النجاح والتوفيق.
حقائق بالأرقام
الفرد العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق في السنة في مقابل 36 ساعة للفرد الأوربي والأمريكي.
نصيب الفرد العربي من القراءة لا يتجاوز ربع صفحة سنويا، بينما يتجاوز نصيب الفرد الأمريكي11 كتابا، والاوربي7 كتب.
ويصدر كتاب واحد لكل ربع مليون قارئ عربي سنويا، مقابل كتاب واحد لكل خمسة آلاف في أوربا وأمريكا.
ـ تعد قارة أوروبا أنشط قارات العالم في مجال نشر الكتب، وفيها أكثر من نصف المطابع وأكثر من نصف دور النشر، كما يعيش في أوربا أكبر عدد من المؤلفين في العالم، وترتب قارات العالم وفق حجم الكتب التي تصدرها على النحو التالي:
1 ـ أوربا وتنتج 53 في المائة من الكتب
2 ـ آسيا وتنتج 22 في المائة من الكتب
3 ـ أميركا الشمالية وتنتج 12 في المائة من الكتب
4 ـ أميركا الجنوبية 8 في المائة من الكتب
5 ـ أستراليا وتنتج 2.5 في المائة من الكتب
6 ـ أفريقيا وتنتج 2.5 في المائة من الكتب
أما أكبر عشر دول منتجة للكتب فهي على النحو التالي: الاتحاد السوفياتي (سابقاً) الولايات المتحدة الأميركية، ألمانيا، اليابان، بريطانيا، فرنسا، إسبانيا، الصين، كوريا الجنوبية، وكندا.
البلدان العربية
بالنسبة للبلاد العربية فقد أظهرت بعض الدراسات أن مصر والعراق والسعودية ولبنان تعد من أنشط الدول العربية في مجال نشر الكتب.