أقام منتدى عربيات ندوته الثانية تحت عنوان (الأطفال اللقطاء... خطيئة وضحية المجتمع)... وقد تناولت الندوة محاور عديدة تم طرحها على الضيوف لمناقشة الأخطاء الاجتماعية التي ينتج عنها الطفل اللقيط ، وتقييم دور الرعاية التي تعمل على تنشئته، بالإضافة إلى البحث عن وسائل تساهم في تغيير نظرة المجتمع له وتوفير فرص الزواج والعمل.
ضيوف الندوة:
الدكتور عثمان العبدالله (الصحة النفسية)
الأستاذ عمر عباس (الرأي الشرعي)
الأستاذة تعابير (اخصائية اجتماعية)
مجلة عربيات: نبدأ بالمحور الأول ونوجه سؤالنا للدكتور عثمان حيث نود أن نلقي الضوء على المشاكل والأخطاء الإجتماعية التي ينتج عنها وجود الأطفال اللقطاء أو الغير شرعيين فماهي الافرازات الاجتماعية التي تنتج عنها مثل هذه الحالات وإلى أي حد يمكن اعتبارها ظاهرة أو مجرد حالات قليلة على الهامش؟
د.عثمان عبدالله: في البداية أود أن أوضح أننا هنا لمحاولة الوصول إلى مقترحات ، تساعد، على توعية الناس والتفهم الموضوعي لهذا الإنسان... وأنه جزء لا يتجزأ منا... فعلينا الوقوف معه ومعاضدته وتشجيع من حرم نعمة النسل على تبني مثل هؤلاء الأطفال... ففي المجتمعات الغربية، قد لايشكل اللقيط هاجسا، فهو إنسان بالدرجة الأولى ومواطن كفلت له القوانين كافة حقوقه، أما في المجتمعات العربية والإسلامية فالصورة تختلف حيث يستخدم وصف (اللقيط) من قبيل التشاتم والتنابذ بالألفاظ. لكن إذا تحدثنا عن الخطأ في كينونة هذا الإنسان، فهناك عوامل كثيرة يصعب حصرها من أخطاء ترتكب و احتياجات مادية وقد يكون الفقر وراءها، وقوع بعض الفتيات فريسة لبعض الذئاب، سواءا بالإغتصاب، أو بالإستدراج تحت مسمى العشق والغرام.
أما عن كيفية تلافي تلك الحالات فلابد في البدايه من دراستها دراسة علمية سليمة ثم توضع المقترحات الملائمة، وعلى فرضية أننا ندرك بعض هذه الأسباب فمن ضمن المقترحات أذكر:
1 ) تكثيف توعية الفتيات بعدم الإنخداع بشعارات الحب واخذ منها .
2 ) تحمل الأسرة مسؤولية التوجيه والرقابة والإقتراب من الأبناء وسلوكياتهم .
ولايمكن القول عن أي شيء بأنه ظاهرة مالم تثبت احصائيات المسح وجوده لذلك أميل إلى تصنيفها كحالات استثنائية في مجتمع حساس لها وتعتبر فيه مسألة النسب والإنتماء هاجس أساسي .
الأخصائية الإجتماعية: في البداية لا أفضل تسمية هذه الشريحة باللقطاء وأرى أنه من الأفضل تسميتهم بذوي الظروف الخاصة... وعن محور النقاش الأول فهي بالفعل حالات موجودة في مجتمعاتنا وتشهد على وجودها دور الرعاية التي تحاول أن تقدم لهم التنشئة المناسبة لكنها بالطبع تختلف عن التنشئة الصحية للطفل في كنف أسرته.
مداخلة: هل من الملاحظ ارتفاع نسبة هذه الحالات لدى طبقة اجتماعية محددة؟
مداخلة: أود ان أشير إلى سبب هام أضيفه على ماذكره الدكتور عثمان فلو لاحظتم غالبية اللقطاء في الملاجيء يبدو أنهم من العماله الافريقية أو الآسيوية وهذا مؤشر خطير على ان العماله المستقدمة غالبا تكون رجل بدون زوجته أو زوجة بدون زوجها ومع اختلاف العادات والتقاليد وغياب الوازع الديني يلجأوا للعلاقات الغير الشرعية أو حتى العلاقات مع مستقدميهم فينتج عنها اطفال لايعترف بهم الأهل او لايستطيعوا الاعتراف بهم ويكون مصيرهم الملجأ... السؤال كيف نحد من ذلك ؟ وماهي الجنسية التي يتم منحها للقطاء؟
د.عثمان عبدالله: عادة ما نرى الطبقة الفقيرة هي من تنتج مثل هؤلاء، ففي الطبقة الغنية تستطيع المرأة، تفادي استمرارها بالحمل والإسقاط في مراحل مبكرة جداً، وكلنا يعلم عن توفر هذه الخاصية سواء هنا بطرق سرية ، أو في المجتمعات المجاورة.
بالنسبة للمداخلة الثانية فالإستشهاد باللون أو الملامح ليس دقيقاً فلاننسى أن مجتمعنا خليط من شتى الألوان... أما كثرة العمالة المستقدمة ومايواكب وجودها من مشاكل فهي حاصلة بالتأكيد ولو أني أعتقد أن فترة الحمل والولادة ستجعل الوافدة تخسر دخلاً معيناً اعتادت على الحصول عليه من عملها... ولا نود أن نصلح الخطأ بالخطأ ونستقدم مع كل عامل عائلته بل علينا أن ندقق في المعايير التي يتم بناءًا عليها الاستقدام من خلال تقييم موضوعي للأعمال التي لانزال نحتاج لعماله فيها ولايوجد لدينا مواطنين يقومون بها.
مجلة عربيات: نتحول إلى ضيفنا الأستاذ عمر عباس لنتعرف على رأيه في محورنا الأول فالملاحظ أن غالبية الأسباب التي ينتج عنها الطفل اللقيط هي العلاقات الغير شرعية فكيف توجهون لتلافيها وماهو الحل الأمثل لمن يقع فيها؟ هل ينسب الطفل إلى والده إذا كان قد ولد عن علاقة غير شرعية؟
الأستاذ عمر عباس: أولاً لاستعراض الأسباب من الناحية الشرعية فهي غالباً تنقسم إلى:
1 ) علاقة اتصال غير شرعي ينتج عنها مولود حاول أطرافه التخلص منه خشية العار أو الفضيحة .
2 ) أن لاتكون هناك علاقة محرمة ولكن لأسباب معينة كالحاجة والفقر .
3 ) أن تكون هناك نعرات أو مفاهيم جاهلية تقتضي التخلص من جنس معين من الأبناء ولو أني كنت أعتقد أن هذا الأمر قد انقرض إلا أنني اتفاجأ في بعض الأحيان بسماع قصص من هذا النوع .
4 ) أن يكون هناك جهل لمسائل النكاح والتبني فنسمع عن الزواج العرفي وغيره من أشخاص يتبنون مثلا طفل ثم يفاجئوا بمعرفة حكم شرعي فيما بعد فيتركوا الطفل بجهل أيضاً للتخلص منه .
و الجهل من أهم الأسباب.. ولايقتصر على عدم معرفة أن العلاقة محرمة أو أن هذا ممقوت، بل يتسرب إلى عدم معرفة العقوبات المترتبة على تلك التصرفات وتلك العلاقات وربما الجهل بمقام الله الذي نهانا عن العلاقات المحرمة وهنا نحتاج إلى توعية ارشادية إيمانية قوية جدا على مستوى عامة مجتمعنا عموما وفي أوساط الشباب والفتيات خصيصاً.. وهذا الامر ليس حكرا فقط على خطباء المساجد والدعاة والعلماء وجهات الحسبة مع أنهم في الواجهة، ولكنه واجب حتمي على كل فرد منا لأننا جسد واحد ولابد من تكافلنا دينيا قبل تكافلنا اجتماعيا أو مادياً .. وهذا يكون بالمناصحة المهذبة والتوجيه.
أما الحلول المقترحة:
1) الزواج (فهو أغض للبصر وأحصن للفرج وهو نصف الدين وربما لايسعنا ان نسهب في فضائل هذه العبادة المباركة)
2) شغل الشباب والفتيات وعدم تركهم عرضة للفراغ والمفاتن
3) تدارك ظاهرة البطالة والفراغ
بالنسبة لماذا يفعل من يقع في هذا الأمر فالإجابة يمكننا أن نستخلصها من قصة الغامدية التي تابت من الزنا في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ولن أطيل في سردها فلابد أن الجميع يعرفها لكننا سنأخذ منها العبر فلابد من التوبة الصادقة من الشخص الذي اقترف هذا الذنب.. ونأخذ كذلك من وصايا تلك القصة:
1 ) غضب الرسول عليه الصلاة والسلام عندما عندما رفض أحد الصحابة الصلاة عليها وهذا يعلمنا أن نتقبل التائب ونحترم توبته .
2 ) منح كافل المولود منزلة عالية تضعه في رفقة الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة .
وهذا يدلل على مدى حرص الإسلام على الأبناء الذين ولدوا عن علاقة غير شرعية حيث أنهم لم يقترفوا ذنباً يستحقووا المعاناه والعقاب عليه وعلينا رعايتهم وكفالته فرض كفاية على المسلمين ليكون ابناً أو أخاً أو جاراً لنا له مالنا وعليه ماعلينا لقوله تعالى (فان لم تعلموا آبائهم فاخوانكم في الدين ومواليكم) .
مجلة عربيات: نوجه سؤالنا للأخصائية الإجتماعية عن تقييمها لدور الرعاية وهل تعتقدي أنها مؤهلة في العالم العربي للتعامل مع هؤلاء الأطفال من خلال أكاديميات متخصصات أم أن المهمة توكل لأشخاص غير مؤهلين؟
الأخصائية الإجتماعية: بحكم عملي في دار تعنى بذوي الإحتياجات الخاصة منذ سن الولادة وحتى السادسة فإننا لازلنا نعاني من انعدام التخصص وغالبية العاملات هن متطوعات لخدمة هذه الفئة من المحرومين فيغيب عنهم الجوانب النفسية والإجتماعية المتخصصة بهذا المجال... ولابد من اخضاع العاملين إلى دورات تدريبية واختبارات نفسية توضح مدى قدرتهم على التعامل مع هذه الفئة التي تحتاج إلى الأم الحاضنة ومن الضروري وجودها في دار الرعاية لتكون بمثابة الأم البديلة... أما من الجانب المادي فهو متوفر إلى حد كبير في هذه الدور لكن الأطفال في الواقع يحتاجون إلى الجوانب العاطفية والنفسية أكثر لتعويضهم عن الحرمات ومعالجة المشاكل النفسية ودفعهم إلى التواصل مع الآخرين .
مداخلة: لي ملاحظة وهي أنه للأسف غالبية العاملين في مراكز الرعاية ليسوا فقط غير متخصصين بل هم من خريجي السجون والاصلاحيات ... وهذا أمر خطير جداً على تنشئة الأطفال .
الأخصائية الإجتماعية: من الخطأ أن ننظر لخريجي السجون أو الإصلاحيات نظرة سيئة فمن أذنب يستحق أن نمنحه فرصه لاثبات ذاته وتصحيح خطأه ونكفل له عمل ... أما إذا عين أحدهم في هذه الدور فيكون عمله ثانوي لايمس الأساسيات إنما لمساعدة ذوي الإختصاص .
صناع القرار في هذا المجال يجب أن يكون اختصاصهم في الصحة النفسية والإجتماعية حتى يتمكنوا من تطوير الخدمات والرعاية وبرامج التأهيل
د.عثمان عبدالله: لا أعتقد أن لدينا قلة في عدد المختصين القادرين على العمل في مثل تلك الدور، المشكلة في أن الجهة المعنية من صناع القرار غير متخصصة في الصحة النفسية او الإجتماعية، ومن يجهل شئ كيف له أن يعرف متطلباته؟. جميع الأخصائيين والأخصائيات النفسيات المواطنين، قادرين على تقديم أفضل الخدمات فقط ليعطوا الضوء الأخضر للعمل، والإبداع، ولواحتاجوا مزيدا من المشورة فالجامعات مليئة بالأساتذه في هذا المجال وغيره من المجالات الإنسانية.
من جهة أخرى لابد أن ننظر للإنسان نظرة شاملة كجسد وعقل وروح وهذا ماتنادي به منظمة الصحة العالمية دائماً... جميع الجهات المهتمة بالفرد من الناحية الإجتماعية ، يجب أن يتولاها متخصصون في النفس البشرية ، وكما ذكرت سابقا ، لدينا طوابير من الشباب والفتيات المتخصصات في علم النفس والخدمه الإجتماعية ، عاطلون ، يجب الإستفادة منهم في كل المؤسسات التابعة للشئون الإجتماعية ، وتكون هذه الدور ، فنيا تحت اشراف إدارات فنية ، يوفر بها استشاريون في الصحة النفسية والإجتماعية ، لوضع البرامج ومتابعة التنفيذ ، والتقييم والتصحيح ... وعند الحاجه التدريب في نفس الموقع training in spot
الطفل من هؤلاء، يبدأ الدراسة الرسمية في سن السادسة، فيجب أن تكون شخصيته عندما يصل لهذا السن سليمة، ومدربة على التكيف مع كل الأوضاع ، وفوق ذلك يجب أن يكون له اسم معين، فليس من المعقول أن أخصص له مدرسة أو أن الحقه بالمدرسة بدون اسم . وكذلك يجب أن ينتقل من هذه الدور إلى دور صغيره داخل الأحياء ، سواءا من خلال تكوين أسر بديلة ، مدربة ، أو من خلال استئجار عوائل لتقوم على رعايته، بعد تدريبها ، ودون أن تشعره بأنه لقيط ، يمكن أن يعامل مثل اليتيم .
مجلة عربيات: الاستاذة الفاضلة الحقيقة يشغلني دائما سؤال كيف يصل هؤلاء اللقطاء اليكم ؟ وماهي الإجراءات المطلوبة؟
الاخصائية الاجتماعية: يصلون إلى مجمع طبي بعد سلسلة من الإجراءات القانونية حيث يتم الكشف عليهم للتأكد من عدم اصابتهم بأمراض معدية ومن ثم يتم تحويلهم عن طريق الشرطة إلى دار الحضانة التابعة للمنطقة المركزية... وتوجد شروط مثل أن يحمل شهادة ميلاد وان لم يكن يملكها يتم استخراجها له مع جنسية إذا كان مجهول الأبوين .... أما اذا كانت الأم معروفة مثلاً فلابد من تنازل خطي منها... وكثيراً ما نستقبل حالات تعاني أسرها من ظروف سيئة وغير قادرة على تنشئتهم... بالنسبة للاسم فهو يعطي اسم رباعي كامل خالي من ال التعريف لتمميزه .
تعرض اللقيط للإهانة والضغوط يجعله مهيئاً للإضطرابات النفسية والعقلية إلى جانب تعاطي الخمور أو المخدرات في مراحل الشباب لكي يبتعد عن التفكير في المشكلة المتعلقة بكينونته
مجلة عربيات: مرحلة الإدراك واستيعاب اللقيط لوضعه الإجتماعي مرحلة حساسة جداً فكيف يتم التعامل معه خلالها ؟
د.عثمان عبدالله: أود أن أشير هنا إلى حساسية الطفل اللقيط خاصة إذا تعرض إلى الإهانة من المشرف أو توجهت إليه عبارة تهز كيانه... فهو يدرك بكل حواسه أن لكل طفل أم وأب ، وهو غير معروف الأب ولا الأم ، فما بالك إذا ضاعفنا الضغوط عليه و خرج للمجتمع؟ هذا الطفل يصبح مهيئاً فيما بعد للاضطرابات النفسية والعقلية بل وكثيراً ما نجد أن مدمني الخمور والمخدرات هم من هذه الفئات التي تتعاطاها للإبتعاد عن التفكير في هذه المشكلة المتعلقة بكينونتهم. فكلنا يعلم أن السنوات الأولى من حياتنا لها تأثير كبير في نوعية الشخصية التي نطورها ، فإن اهتممنا به في تلك المرحلة فقد نجنبه مثل تلك الإضطرابات ... من جهة أخرى هناك فروق فردية لابد من اخذها بالإعتبار، فالبعض لديه القدرة على التحمل وتجاوز ذلك كله ... وقد نجد منهم من تفوق علميا وأصبح أستاذاً جامعياً ، أو يشغل مراكز هامة، أو ينجح في التجارة والإستثمار... فالمطلوب منا أن نوفر لهم برامج التوجيه والإرشاد النفسي الملائمة في الصغر وحبذا لو نقلناهم من ذلك التجمع المسمى دورا، إلى دور داخل الأحياء ، ومنحناهم أسماء لايشك فيها لنعالج مشاكلهم .
النظرة السلبية تولد المشاعر السلبية
الاخصائية الاجتماعية: هذه الفئه تختلط بالمجتمع من سن الدراسة أي خمس سنوات تقريبا في هذه السن نوضح لهم بما يتناسب مع سنهم أوضاعهم المغايرة لا قرانهم خارج الموسسة... فالطفل حينها يبدأ بادراك ويخرج متفائل لانه يعتقد ان المجتمع يرحب به ومتقبل ومتفهم لوضعه لكنه هنا يصتدم بواقع المجتمع بالنبذ والتحقير والنفور الذي يدفعه للعزلة والتساؤل عن وضعه وأهله وسبب وجوده هنا ... و تبدأ الغيرة والاحساس يتكون من ردة فعل المجتمع ومع مرور الايام غالبا ما يتكون بداخله حقد على الابوين يتبعه حقد على المجتمع الذي لم يقدر وضعه و نظر اليه كمنذنب .... هناك في الموسسة أنظمة لدمجهم بالمجتمع كالأسر البديلة والاسر الصديقة والزيارات المفتوحة ... كل ذلك خفف من تلك النظره أحيانا وزادها في أحيان أخرى .
مداخلة: استوقفتني نقطة الأسر البديلة والحقيقه شاهدت نموذج مشابه لهذا من خلال جمعية الرعاية الصحية المنزلية للمرضى بحيث يتم توفير علاج ورعاية للمرضى في مساكنهم ويشارك المتطوعين بزيارتهم ورعايتهم والتكفل باحتياجاتهم النفسية والمادية.... مثل هذه الفكرة تغيب عنا بالنسبه للأيتام واللقطاء فحبذا لو كان هناك برنامج لإعداد الأسر البديلة واتاحة المجال للاسر المتطوعة لتستضيف الاطفال وترعاهم وتدعوهم من وقت لاخر او تتكفل بهم بشكل دوري ليبدأوا بالانخراط في المجتمع من سن مبكر ويشعروا بالجو الاسري المتكامل الذي يفتقدونه.
الاخصائية الاجتماعية: هذا صحيح وعلينا إعادة النظر في أساسيات التنشئة لكن توجد صعوبات مثلاً لانستطيع أن نجعل الأم الحاضنة مع الأطفال طوال اليوم وأغلبهم يعملون بالتناوب في فترات صباحية ومسائية ، هنا يعاني الطفل من ازدواجية في التنشئة فهذه تربي بطريقة تختلف عن الأخرى بالإضافة إلى تدخل الطاقم الإداري والإشرافي وقد يتلقى الطفل أوامر ونواهي متناقضة من عدة أشخاص يعتبرون سلطة ضابطة وهذا يؤثر عليه نفسياً .
مداخلة: من السهل جدا اظهار التعاطف مع مشكلة اللقطاء لكن المشكلة الأساسية أننا بصراحة لانستطيع تغيير نظرتنا من الداخل، فاللقيط يظل لقيط في نظرنا ونظر المجتمع ولايقبل أحد مثلا ان يزوج ابنته من شخص يعرف انه لقيط أو العكس فماهو العلاج للمجتمع قبل أن نعالج هؤلاء؟
مجلة عربيات: لقد سبقنا صاحب المداخلة بطرح المحور التالي الذي نود الانتقال له، وهو المرحلة الحرجة التي يصل فيها اللقيط الى مواجهة مع المجتمع للعمل أو الزواج .... بالطبع المجتمع يتخوف كثيرا من الاحتكاك بهم لأن المفهوم الدارج هو أنهم يكون لديهم كراهية او حقد على المجتمع متولد من عقدة النقص التي عانوا منها والحرمان الذي قد ينعكس بممارسات العنف أو غيرها من الممارسات الخاطئة فما رأيكم في ذلك؟ وهل هذه المخاوف حقيقية؟ أم انها مجرد مفاهيم خاطئة؟
الأسر البديلة والأسر الصديقة والزيارات الدورية تساهم باندماجهم في المجتمع
الاخصائية الإجتماعية: زواجهم يكون غالباً فيما بينهم من ذوي الظروف الخاصه أو من أشخاص مستواهم الاقتصادي منخفض ودورنا هنا هو المتابعة للحالة حتي بعد زواجها فأما الذكر فبعد بلوغه سن معين يعطى مال ليبدأ به مشروع لحياته العملية ... كذلك هناك بعض الأسر المعروفه التي تتزوج منهم إما لكسب الاجر او لعيب في الابن أو الابنة. بالنسبه لتقبل المجتمع لهم نحن نمنحهم فرصه للاندماج مع المجتمع عن طريق الأسرة البديلة مدى العمر حيث يؤخذ الطفل صغير ليكون ابن لهم بالرضاع ... أما فوق السنتين فغالبا يكون نظام الأسر الصديقة وهي استضافة الطفل لفتره مثلا في الاجازات بشكل اسبوعي حتي يشعر بالجو العائلي الذي من الاستحالة ان يجده في الموسسة ... والزيارات تكون ممن يرغب لزيارتهم على فترات بعد أخذ اذن إداري لقضاء يوم أو ساعات بالاضافة للمهرجانات التي تقام داخل الموسسة بقصد تواصلهم مع الاخرين.
لايجوز محو السيء بالسيء بأن تجهض المرأة حملها إذا وقعت في الخطيئة
مداخلة: وددت أن أسأل عن الاجهاض في حالة حدوث الحمل غير الشرعي ماموقف الاسلام منه ؟ وهل الاجهاض في البداية يعد حلا أقل قسوة من انجاب طفل لقيط ؟ وماسيعانيه هذا اللقيط من تبعات فيما بعد.
الأستاذ عمر عباس: في البداية سننطلق من قاعدة (إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكنه يمحو السيء بالحسن) ... فإذا كان هناك علاج حسن فلامجال للعلاج السيء .. ولكن إذا تعذر وجود علاج حسن (وهنا هذا الامر غير صحيح لوجود منهج نبوي ساذكره بعد قليل) أقول عموما اذا لم يوجد حل سليم وحسن فإننا ننظر إلى المفسدتين ونتحمل أيسرهما لدرء أعظمهما.
أما في موضوعنا هنا فالأمر قد فصل بتوجيه نبوي في قصة الصحابية التائبة من الزنا فقد كانت تستطيع إجهاض الجنين ولو كان حلا مناسبا لكان اقترحه لها النبي صلى الله عليه وسلم (والاجهاض والاسقاط كان معروفا قبل الاسلام).
ولكن شرع الله ودين الرحمة يعلو ولايعلى .. فقد منع وحرم قتل الجنين وإجهاضه مهما كانت نطفته ومصدرها من حلال او خطيئة .. وقد فرض الوصاية على هذا الجنين وإن كان لقيطا بأن ينفق عليه ويرعى مثل ابنائنا الى ان يبلغ اشده بل ويحكم على اسلامه وإن كان من ابوين كافرين ويعتبر حرا غير رقيق وله حقوقه الكاملة كمسلم حر واذا عدم المال فبيت المال مأمور ان يكفله ويرعاه وينفق عليه الى ان يبلغ اشده ويقدر على الاكتساب بنفسه وفي وضعنا الراهن فيجب على ولي امر بلدته ان يكفل علاجه وتعليمه ودراسته وهذا شرعا قبل كونه قانونا هكذا افتى سلفنا الصالح .
مداخلة: ماحكم الشرع في كفالة اللقيط؟ هل لكافله نفس أجر اليتيم؟
الأستاذ عمر عباس: بالنسبة للأجر فنعم لأن مجهول الأبوين محروم مثله مثل اليتيم بل يقع كثير من الاحكام عليه مثل الاحكام الواقعة على اليتيم ... فالمعروف معه يوازي إن لم أقل يزيد على أجر اليتيم .. ولعل ذلك يرجع لأسباب وهي أن اليتيم له من يعود إليه من الاقارب فهو فقط محروم من حنان الوالدين او احدهما .. أما هذا البريء المسكين فهو محروم من أكثر من ذلك اذا استشعرنا حالته فهو لا اهل له ولا حماية ولا معيشة فكيف بالله عليك حين يجد قلبا دافئا يحويه ويحتضنه ويعوضه مافقد لاشك أن ذلك الكريم سينال عند الله أجرا عظيما ... ويكفي أن نرى في الأحكام أن كافل اللقيط يعطى من الصلاحيات كالنسبة وغيرها مالا يعطى كافل اليتيم وكل ذلك تحفيزا من الشارع وترغيبا في هذا الخير العظيم.
التوصيات
ـ وجود هذه الفئة غالباً ما يرتبط بخلل اجتماعي أو ارتكاب محظورات شرعية لكن ينبغي اجراء دراسات وبحوث لنخرج منها باحصائيات نعرف على ضوءها الأسباب الفعلية ونسبها ونضع المقترحات الملائمة .
ـ التدقيق في المعايير التي يتم بناءًا عليها الاستقدام من خلال تقييم موضوعي للأعمال التي لانزال نحتاج لعماله فيها ولايوجد لدينا مواطنين يقومون بها نظراً لوجود حالات عديدة نتجت عن العلاقات الغير شرعية للوافدين خاصة عندما يتم استقدام زوج بدون زوجته أو العكس .
ـ حكم الإسلام في اللقيط أنه مسلم حر ولكافله الأجر العظيم عند الله إذا أحسن معاملته وتربيته .
ـ صانعو القرار في الجهات المعنية يجب أن يكونوا من ذوي الاختصاصات المتعلقة بالصحة النفسية والاجتماعية ليتمكنوا من اتخاذ القرار والتوجيه السليم .
ـ اعادة هيكلة الموسسات الايوايئة والبحث عن ذوي الكفائة والاعداد الجيد من الخريجين والخريجات والاهتمام بالنواحي النفسية والعاطفية والتاهيل الدوري للعاملين فيها من خلال دورات تدريبية مع وضع أجهزة من واجبها الرقابة والاشراف على تلك الدور بشكل حازم .
ـ إعداد برامج خاصة بتأهيل اللقطاء وتعليمهم مع مراقبة تطبيقها والاستعانة بالكفاءات الوطنية ، و امكانية تشكيل لجان فنية ولو بنظام الاستشارة الغير متفرغة للإشراف على هذا العمل .
ـ التأهيل الإجتماعي ، بربطهم بالمجتمع الخارجي وتعريفهم بأقرانهم وتكوين علاقات صداقة لهم خارج الدور مع تفعيل دور الأسر البديلة والصديقة ودعمها .
ـ تغيير نظرة المجتمع وهي تبقى النقطة الأصعب وتتطلب تكاتف وتوعية من جهات التربية والتعليم والإعلام والأسرة ، بتوضيح لنظرة الشرع والدين فيهم مع وجوب ابراز النماذج المشرفة منهم ليكونوا نموذج حي على أن ظروفهم لا تحول بينهم وبين التميز والصلاح والنجاح كأي فرد آخر في المجتمع .
ـ نبذهم وعزلهم يؤدي إلى أن يصبحوا عالة على المجتمع بمعاناتهم من المرض النفسي أو العقلي أو الفساد والحقد على المجتمع الذي يضطهدهم فيجب مساعدتهم على الإندماج والعيش الكريم .
ـ قيام المؤسسات الإجتماعية المعنية بأمرهم بتهيئة فرص الزواج والعمل لهم .
ـ تعزيز إحساس كل فرد في المجتمع بدوره الذي يفرضه عليه دينه وانتمائه لمساعدة هذه الفئة بالدعم المادي أو النفسي وزيارة مراكز الرعاية والاحتكاك بمن تأويهم لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وزرع الحب في نفوسهم .