" لا تحاسبوني على جرائمي .. بل حاسبوا الظروف التي جعلتني لصة تطاردها العدالة " ..
بهذه الكلمات بدأت (( كريمة هاشم )) تروي مأساتها بعد أن سقطت في أيدي رجال مباحث الجيزة بضبطها متلبسة بسرقة مشغولات ذهبية تقدر قيمتها بـ10 آلاف جنيه .
قالت كريمة : " حكايتي ليست من رحم اليوم ... بل هي من ميراث الأمس البعيد ... ولدت في أسرة معظم أفرادها يعملون بالسرقة... فوالدي من كبار اللصوص ووالدتي كانت لصة محترفة في القطارات ... ضاق بي الحال في محافظة المنيا بعد أن عرف الأهالي أننا لصوص .... وكان أي فرد يسرق منه شئ يأتي الى منزلنا ويتهمنا بسرقته .... فقررت الهجرة الى القاهرة حيث لا أحد يستطيع أن يتعرف علي " ....
وتكمل كريمة قصتها : " في القاهرة افتقدت الأمان اكثر بين ملايين البشر المختلفين عن من عرفتهم في المنيا ... كنت أخاف على نفسي .... فأغلقت أذني عن سماع كلمات الغزل .... خوفاً من أن يدق قلبي بالحب ... وتفرغت للنشل والسرقة ولكنني تخصصت في سرقة الذهب من النساء ... كانت أول جريمة سرقة حلق ذهبي وذهبت الى الصاغة ... وبعته الى أحد التجار ... ووقعت في غرام الذهب حتى أدخل الشيطان في عقلي أن أدخل محلات الذهب واستغل انشغال صاحب المحل وأسرق بعض المشغولات الذهبية ... نجحت مرة واثنين وعشرة وعشرين فأنا في كل مرة أخطط لجريمتي جيداً .... تارة في امبابة ومرة أخرى في بولاق و كل مرة كنت أربح أكثر من 1000 جنيه حتى أنني ذات مرة سرقت مشغولات ذهبية قيمتها 5 آلاف جنيه ... وكنت أتوقف بعد كل عملية لبعض الوقت ولا أعاود زيارة المحل الذي سرقته من باب الحرص ..
توبة قصيرة
لكن في لحظة ما قررت أن أتوب بعد أن ارتبطت بشاب لمست فيه الحنان و تم زواجنا إلا أن سعادتنا لم تكتمل فقد مرض بعد عامين من الزواج و شعرت بأن الدنيا بدأت تكشر عن أنيابها لي ، فلم يعد أمامي سوى أن أعود إلى ممارسة السرقة من جديد .... وخاصة أنني كنت قد نفذت أكثر من 50 جريمة سرقة دون أن أسقط في أيدي رجال المباحث ... كنت أتمنى أن أنفذ عملية كبيرة أتوب بعدها لأنني كنت أبحث عن الأمان .... لكن كل عملية سرقة تنجح كان الشيطان يشجعني في أن أنفذ غيرها خاصة أنني كنت أبيع الذهب لصائغ يصهره مرة أخرى ولا تستطيع الشرطة أن تتعرف عليه ".
وتضيف : " كنت أتمنى أن أكتب تاريخ للجريمة مثل نجوم الكرة فقد اقتربت من رقم المائة جريمة .. وربحت نقود كثيرة ... وعندما وصلت إلى الجريمة رقم 99 شعرت بثقة غريبة ... في لحظتها توقعت بأنني لن أسقط أبدا في أيدي رجال المباحث .... الشعور بالثقة جعلني أهزم أي يقظة للضمير بأن أتوب عن ممارسة السرقة " .
وتلقى اللواء (( عبدالجواد أحمد )) مدير مباحث الجيزة عدة بلاغات بتعرض محلات الذهب للسرقة وأعطى أصحاب المحلات أوصاف السيدة التي استطاعت أن تغافل العمال وتسرق المشغولات الذهبية ... وأدرك اللواء جاد جميل مدير المباحث الجنائية أن السيدة التي سرقت المحلات هي " هنجرانية " وطلب معلومات عن نساء الهنجرانية اللاتي سبق ضبطهن .. و المفاجأة أن كريمة لم يسبق ضبطها ولكنها مسجلة سرقات.
العميد (( كمال الدالي )) والعقيد (( جرير مصطفى )) شكلا فريق بحث لرصد خطوات كريمة ومعرفة الأماكن التي تتردد عليها ... وصدقت توقعات رجال المباحث بعد أن عرفوا أن تفكير كريمة سوف يكون في جنوب الجيزة.
العمرانية كانت وجهة كريمة الأخيرة حيث حددت " الفريسة الجديدة " محل ذهب في شارع هاديء غير مزدحم بالمارة .. و في ساعة الصفر كانت كريمة بداخل المحل ، بدأت تستعرض في روية المجوهرات واستطاعت أن تغافل العاملين وأثناء خروجها من المحل كان في انتظارها الرائد (( محمد حسين )) رئيس مباحث العمرانية الذي ألقى القبض عليها متلبسة بسرقة مشغولات ذهبية قيمتها أكثر من 10 آلاف جنيه.
كريمة فور وقوعها لم تحاول أن تنكر بل اعترفت بالسرقة والقت باللوم على ظروفها وتم عرضها على النيابة التي باشرت التحقيق وأمرت بحبسها 45 يوما على ذمة التحقيق.