صعوبة التعلم تُكتشف بمتابعة التحصيل الدراسي
ضيفة عربيات امرأة غير عادية، ترى أن العمل واجبا وطنيا قبل أن يكون تعليميا، ساهمت في تعريب المنهج الانجليزي بما يتواءم مع طبيعة المجتمع، وعشقت العمل التطوعي فغرسته في أبنائها، الأستاذة سعاد سليمان الأنصاري مساعد المدير التنفيذي لمركز تعليم وتقويم الطفل، والذي يعد أبرز المراكز العربية المتخصصة في مجال صعوبات التعلم في حوارها تسلط الضوء على أهمية اكتشاف الأم مبكرا لمشكلة طفلها.
لماذا اخترت هذا المجال كعمل وماذا تقدمين من خلاله ؟
أخذت القرار عام 2007 بالانضمام إلي المركز حيث تم اختياري من قبل الأخت فاتن البدر- المدير العام للمركز- للقيام بهذه المهمة التي أعتبرها مهمة وطنية لأن العناية بالفرد والأخذ بيديه ومساعدته على التخلص من نقاط ضعفه، يعني الاندماج في مجتمعه بعيدا عن العزلة التي قد يفرضها نقص ما في تحصيله أو تواصله دراسيا، مما ينعكس بالطبع على سلوكه وشخصيته، وهو شيء ينبغي بذل الجهد من أجله، لأن طفل مندمج متعاون ناجح دراسيا يعني الكثيرلمجتمعه، وقد وجدت أن عملي في هذا المركز الذي يهتم بالأطفال متعثري التعلم ليس بعيدا عن مجال عملي كموجه عام للغة الانجليزية، حيث له علاقة بالعملية التعليمية وإن كان بشكل مختلف، أي أن عطائي سيكون متواصلا في المجال الذي أحبه.
ماذا أضاف لكِ العمل في المركز ؟
العمل في المركز أضاف لي الكثير، فإلى جانب النواحي الإنسانية والتي تشعرني بالرضا والسعادة كلما مددت يد العون لأم استنفذت كل الطرق في البحث عن وسيلة تساعد بها ابنها الذي يواجه صعوبات في التعلم، أضاف لي خبرات جديدة تضاف إلى خبرتي القديمة ، إلى جانب مساهمتي في إلقاء الضوء على فئة كانت مجهولة في المجتمع لنمد لها يد العون والرعاية التي تحتاج إليها.
حدثينا عن المركز متى بدأ ؟
المركز بدأ عام 1984 كجمعية نفع عام في منطقة الشويخ بالكويت، وقد قامت بتأسيسه مجموعة من الأمهات الكويتيات اللتي تحققن من وجود مظاهرلصعوبات التعلم لدى أبنائهم وقد كن يسافرن بأبنائهن للخارج لتشخيص حالاتهم، ووضع الخطط العلاجية لهم، فرأت هذه المجموعة أهمية انشاء مركز في الكويت، وهو حاليا في منطقة السرة والمركز تابع لوزارة الأوقاف .
ويقدم المركز الخدمات التشخيصية والعلاجية للأفراد ذوي صعوبات التعلم، بالإضافة إلى توفير التدريب المتخصص وزيادة الوعي بصعوبات التعلم في الوسط المحلي والاقليمي وذلك على أيدي اختصاصين نفسيين وتربويين يتم تدريبهم للتعامل مع نوعية الأطفال الذين يلتحقوا بالمركز .
والمركز لايقدم الخدمة فقط للاطفال الذين يواجهون التعثر في التعلم بل يمتد إلى أهلهم أيضا بالتوعية،ومعلميهم بالتدريب، وباقي المهن ذات الصلة، للتغلب على التحديات التي تشكلها صعوبات التعلم.
ويعتبر المركز الأول من نوعه في العالم حيث يقدم التشخيص وكذلك العلاج، ويصنف في المملكة المتحدة والولايات الأمريكية المتحدة كأحد أبرز المراكز العربية المتخصصة في مجال صعوبات التعلم.
هل يقدم المركز منهجا لمتعثري التعلم من الأطفال، وهل هناك فصول دراسية صباحية ؟
نعم، ويقدم المركز منهجا خاصا به، وهو منهج وزاري، ولكن هناك خطة فردية حيث يكون لدى الطفل مهارات مفقودة تحتاج إلى طريقة متخصصة في التدريس، ويتم النظر إلى نوع صعوبات التعلم الذي يواجهها الطفل وطبيعة حالته والتي يشخصها المتخصصون عن طريق القيام باختبار للذكاء بمجرد دخول الطفل للمركز، وهناك ثمانية أنواع من صعوبات التعلم منها تعثر القراءة وتعثر الحساب ، وتعثر الكتابة . وهناك صعوبات شديدة لا يقبلها المركز إنما نقوم بإرشاد أولياء الأمور إلى الجهة التي يمكن فيها متابعة طفلها، ويتحدد إن كانت البرنامج صباحي أو مسائي طبقا لرغبة أولياء الأمور، ونحن نقبل الأطفال من الصف الثالث إلى الصف التاسع لينتقلوا بعد ذلك لاستكمال تعليمهم في المدارس العادية، وخدماتنا لا تقف عند تخرج الأبناء بل أقوم بمتابعتهم شخصيا في مدارسهم بشكل دوري وأنسق مع معلميهم وأتلقى تقارير عن أدائهم الدراسي حرصا منا على وصولهم إلى ما نصبو إليه.
هل هناك شروط للالتحاق بالمركز ؟
شروط الالتحاق هي أن يتقدم ولي الأمربآخر شهادات مدرسية حصل عليها الطفل، إلى جانب شهادات صحية تفيد بخلو الطفل من وجود أي إعاقات سمعية أو بصرية، أي يكون الطفل سليم تماما من الناحية الصحية، ويقبل المركز الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم فقط، وليس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن المركز يقدم خدماته مجانية، بينما يكون التشخيص مقابل مبلغ رمزي ، ويقدم خدماته للكويتين والخليجيين.
كيف يمكن للأم اكتشاف أن ابنها يعاني من صعوبة تعلم ؟
يجب أن تكون الأم متابعة جيدة لمدى تحصيل طفلها الدراسي والتنسيق مع معلميه ومراقبة سلوكه، وهناك مجموعة من التصرفات تشير إلى أن هناك خلل ما يحتاج إلى علاج منها"فرط نشاط الطفل في الفصل والمنزل، تشتت انتباهه أثناء التحصيل المدرسي سواء في المدرسة أو في المنزل إلى جانب شعوره بالذكاء وأنه يفهم أكثر من زملائه في الفصل ولكن أداءه ليس على مستوى هذا الذكاء فهو يرى الكلمة ليس بشكلها الصحيح فتذهب به الأم إلى طبيب العيون فتجد أن عيونه سليمة، وقتها عليها البحث عن الخلل في اتجاه آخر".
ما الجديد الذي يقدمه المركز، وما هي الخطط المستقبلية؟
كل يوم في المركز لدينا جديد، حيث أننا نقدم دورات تدريبية، وورش عمل، وندوات بشكل مستمر على مدار العام للمعلمين وأولياء الأمور، وذلك لمواكبة أحدث ما وصل إليه العلم في هذا المجال، وبعض هذه الأنشطة مدعوم من منظمات علمية عالمية مثل مؤسسة التقدم العلمي .
وقد واجهتنا صعوبة عدم وجود منهج يعلم القراءة والكتابة لذوي صعوبات التعلم باللغة العربية، فقمنا بالمشاركة مع الأستاذ الدكتور شارلي هاينز أستاذ بجامعة هارفارد، والدكتورعبد الستار محفوظي، إضافة إلى أننا قمنا بجمع البيانات وأخذ آراء أولياء الأمور في كيفية وضع المنهج العربي المترجم من المنهج الانجليزي بالطريقة التي تتواءم مع طبيعة الأطفال المتعثرين وطبيعة مجتمعنا، ونحن الآن بصدد تجربته أولا في المركز ثم نطبقه بالتدريج على المدارس.
هل هناك إقبال من أولياء الأمور على المركز ؟
نعم هناك إقبال كبير من الآباء على المركز، ولا ينحصر الإقبال على الكويت، فهناك إقبال من السعودية والإمارات، والفضل يعود للإعلام والدورالذي قام به للتنويه عن المركز.
الحياة مجموعة رسائل، فما هي رسائلك في الحياة التي تحبي أن يستكملها أبنائك؟
رسالتي التي زرعتها بأبنائي وهم صغار وأصبحت جزءً من تكوينهم وشخصيتهم هي تقبل الآخر للإنفتاح على العالم من حولنا، كذلك زرعت فيهم حب الخير وحب العمل التطوعي الذي أعشقه وأجد سعادتي فيه، فهو الذي سيظل وسيبقى رصيدا لنا في الآخرة، وقد ربيت أبنائي على الحب بمفهومه الكبير والذي يعد العمل الخيري فرع من فروعه الكثيرة.