بقلم / رابعة الختام
دقت ساعة غرفتي السابعة والنصف لتزيد من قلقي وحيرتي ففي مثل هذا الوقت سأكون في حفلة عيد ميلاد صديقتي …. فقد قبلت الدعوة وأعددت كل شيء لأبدو أنيقة حتى تسريحة شعري قد اخترتها واستقريت عليها…… هديتي إلى صديقتي قد انتقيتها بعناية فأنا أعرفها جيدا وأعرف أن هديتي ستروقها .
ولكني لا أعرف ما سبب حيرتي وقلقي ربما لأنني سأذهب الحفلة بمفردي فقد اعتدت على الخروج بصحبة والدي أو أختي أو بنات عمي ولم أقلق معهم أبداً فأنا أعرفهم وأندمج معهم بسهولة وأيضا صديقتي أعرفها جيدا إذاً… ما سبب حيرتي وقلقي ؟! .
حتى دخلت أختي التي جاءت منذ عدة أسابيع بعد عام من الغربة لعمل زوجها في السلك الدبلوماسي .. حاولت الترحيب بها.. ونقل مشاعري لها.. فكم أشتاق إليها .. وإلى الحديث معها ولكنها تفحصتني جيدا عيناها كشفت حيرتي حاولت الهروب من نظراتها….. و فاجأتني ما بك هل ينقصك شيء فغدا ستبدين في ملابسك وكأنك عروس في حفل زفافها .. ولكني أراك قلقة.. فأجبتها مجرد إحساس غريب وأسئلة كثيرة لا أعرف لها إجابة أهمها كيف أتصرف غدا فلأول مرة أخرج بمفردي وربما وجدت أشخاص كثيرين ولا أعرف كيف أتعامل معهم.. هل ألتزم الصمت وأنصرف بعيدا عنهم أم أختلط بهم وأتعامل بطبيعتي فربما انتقدوني في تصرف أو في سلوك فلا أعرف كيف أتصرف في مثل هذه الحالات.
ابتسمت أختي ابتسامة عريضة.. وضمتني إليها.. وهمست ..لا تنزعجي ….فكثيرا من الفتيات في مثل سنك لا يعرفن كيف يتعاملن .. ولا يعني هذا عيب جسيم بهن ولكن قلة الخبرة وراء السلوكيات الغير مقبولة .. وهناك أخطاء شائعة يجب أن تتجنبيها وهو ما يعرف بفن التعامل أو )الإتيكيت(.
أهمها أن الفتاة لا تعرف كيف تتصرف إذا قدمها شخص ما إلى مجموعة من الناس هم بالنسبة له مألوفين ولكن بالنسبة لها غرباء وإذا تعرضت لمثل هذا فعليك أن تخفضي صوتك ولا تقدمي نفسك بصوت مرتفع ولا بصوت محبوس لا يسمعك أحد ولكن بنبرة صوت يسمعها الناس دون إزعاج …..ولا تتكلمي كثيرا فمن يتكلم كثيرا يخطأ أكثر … ولا تتحدثي عن فلانة التي طلقها زوجها الأسبوع الماضي أوفلانة التي غضبت من تصرف فلانة أو التي توفى والدها العام الماضي أو ……. إلخ.. حتى لا ينتقدك الغرباء فيسألون من أنتي وتدور الدائرة عليك ويكون مدخل لغرفة أسرارك أو أسرار عائلتك … فيقولوا إنها فلانة التي سافرت أختها وتوفيت والدتها العام الماضي وتعيش مع والدها وهكذا وربما تطرقوا إلى أمور من نسج خيالهم فأصابوك أو أصابوا أسرتك بما ليس فيهم .
أضافت أختي ... لا تنزوي بعيدا عن الضيوف فهذا من شأنه أن يلفت الأنظار إليك بصورة تسيء أكثر مما تنفع .. وحافظي على مظهرك بشكل ثابت طوال الحفلة فلا تدعى الكأس تنسكب عليك فتتسخ ملابسك وتهتز أناقتك ولا تفرطي في وضع المساحيق فتبدين كدمية بلا روح " عروس المولد " ولكن عليك بالاعتدال فليس هناك افضل من البساطة في كل شيء خاصة صوتك .. ملبسك .. مكياجك ..
سألتها .. هل يوجد للجلوس أو للمشي أسلوب محدد يجب إتباعه؟
فقالت لا تجلسي بانحناء ولا بارتخاء ولا تشبكي قدما في الأخرى ولا تقوسي قدميك فتبدين كطفلة غريبة خائفة ولكن أجلسي جلسة معتدلة واثقة توحي بالثقة بلا غرور وعن خطواتك فلا تمشي منحنية ولكن بخطوات كلها ثقة وحيوية مهما كانت الأسباب .
فقلت لها .. وماذا عن فن التعامل إذا دعيت للطعام ؟
فأجابتني إذا دعيت للطعام فلا تجلسي إلى المائدة بمفردك ولكن اتركي صاحبة الدعوة هي التي تجلسك في
المكان الذي تحدده هي ولا تتحدثي بصوت مرتفع أثناء الطعام أو تحدثي جلبة ، وتجنبي أن تصطدم الملعقة أو الشوكة في طبقك أو تلوحي بشوكتك إذا تحدثني حتى لا تزعجي أحداً ... ولا ترفعي الطبق من فوق مائدة الطعام مهما كانت الأسباب كما لا تنكبي على الطعام بنهم ... ولكن اجعلي رأسك أعلى من مستوى كتفك قليلا وارفعي الملعقة إلى فمك بلطف وإذا كانت السلطة من الأوراق الطويلة فقطعيها ولا تأكليها كاملة وتجنبي أن تلطخي شفاهك بالزبد أو الصلصة أو الكاتشب ... لتصبحين موضع إعجاب دون تكلف .
وكيف أقدم هديتي ؟
فاعتدلت أختي في مجلسها وقالت أريني أولا هديتك فناولتها الهدية وقد كانت قنينة من العطر فقالت لماذا اخترت هذا العطر بالتحديد ؟
فقلت : صديقتي مغرمة برائحة الورود.
قالت : لقد أصبت.. ولكن هل ستعطيها لها هكذا ؟
قلت : ماذا يجب أن أفعل ؟
قالت : بداية لابد أن تبذلي مجهود في تغليف هديتك مهما كانت قيمتها بحيث تبدو أنيقة وقدميها ببعض كلمات الود والمشاعر الرقيقة .
و إذا أعطاك أحداً هدية فلا ترديها بهدية أخرى في نفس الوقت ولكن لا تتأخري في ردها عندما تأتي له مناسبة سعيدة خاصة وأن هناك اعتقاد خاطئ " بأنك أعطيتنني هدية فيجب أن أعطيك أخرى فوراً " ... وأيضا لا تقولي شكراً لمن منحك الهدية فكلمة شكراً تقال بعد إنهاء الطعام وليس في الهدايا ولكن عبري عن شكرك بكلمات رقيقة أخرى مثل كم أنتي طيبة القلب … رقيقة المشاعر .. جميل أن تتذكريني .. أو أي كلمة إعجاب بالهدية .
وأنهت أختي حديثها وقالت لا تنزعجي فغداً ستصبحين أنيقة الحفلة ولا تنسي أن تحكي لي بعد عودتك وأني لمضطرة أن أنصرف الآن وأراك على خير إن شاء الله .
ودعت أختي وفكرت جيداً في حديثها وانصرف القلق عني لأتذكر نصائحها حتى جاء موعد الحفلة وقد تصرفت كما قالت لي وتعجبت فقد مرت عليً جميع ملاحظتها وكأنها عرفت سيناريو الحفلة منذ لحظة دخولي حتى انصرافي منها وعدت إلى منزلنا تغمرني الفرحة والسعادة لأشكر أختي على نصائحها التي تمنيت أن تسمعها كل فتاة لتتجنب كثير من السلوكيات الغير مرغوبة بسبب قلة خبراتها .