مساندة المناهج الدراسية
"لم تكن الأميرة عفت الثنيان مقلّدة لما يجري في المجتمعات الأخرى، بل كانت تبني جهودها على منطلقات البيئة الاجتماعية العريقة، وخصوصًا الإسلامية. وكانت ترى بذلك أن البنية الاجتماعية الإسلامية هي أرفع البنى وأسماها؛ لأن لها تقاليدها، ولها فرص تقدمها وتطورها، وتحمّل المسؤوليات الشخصية والمهنية لا يمكن أن يستقر إلاَّ وفقًا للأطر المحددة والواضحة في الشريعة الإسلامية، ولذا فإن قوة شخصية الفتاة المسلمة، وتمسّكها بالقيم، والمثل تكمن في الأسس السليمة للتنشئة التربوية، كذلك في ترسيخ الأساليب الثقافية والحضارية السليمة. ولقد أسهمت (دار الحنان) في تثقيف أجيال عديدة، وبلورة شخصية الفتاة السعودية"
د.عبد الرحمن محمد الجديع
التزمت (دار الحنان) بمناهج وزارة المعارف، ومن ثم مناهج الرئاسة العامة لتعليم البنات، وأخيراً مناهج وزارة التربية والتعليم، كما عملت على استحداث برامج وآليات مساندة لتلك المناهج وفقاً لأحدث الأساليب التعليمية.
وبالرغم من أن التطوير والاستحداث قد شمل كافة الأقسام، إلاَّ أن ذلك لم يَحُلْ دون وضع خطط خاصة وبرامج لكل مرحلة دراسية بحسب الحاجة منها:
برامج وآليات خاصة بالمرحلة التحضيرية
- ـ تحبيب الطفل في العمل الجماعي، وحثّه على المشاركة فيه، وإفادة الجماعة التي ينتمي إليها بمعلوماته .
- ـ توفير الأنشطة الرياضية التي تقوّي وتساعد الطفل على استخدام عضلاته، وتقوم بتعريفه على أعضاء جسده .
- ـ اكتشاف الميول وتوجيهها، مع خلق روح الإبداع باستخدام الأنشطة الفنية .
- ـ تعويد الطفل على ملاحظة ما حوله، ومحاولة الفهم وتدريب الحواس الخمس .
- ـ التدريب على التفكير قبل الإجابة أو اتخاذ القرار .
- ـ التدريب على الحوار والمناقشة، وطرح الأسئلة حول كل ما يصعب على الطفل فهمه أو استيعابه.
- ـ غرس حب الدين وربطه بأمور الحياة .
- ـ تعليم الطفل كيفية الالتزام بالآداب العامة مثل: الاستماع، الحوار، الطعام .
- ـ رحلات ميدانية تعليمية.
برامج وآليات خاصة بالمرحلة الابتدائية
- ـ التدريب على مادة الإملاء غيباً منذ الصف الأول الابتدائي .
- ـ إدخال حصص التقوية لمادة الرياضيات .
- ـ إدخال حصص المكتبة (مطالعة وحوار وتلخيص) .
- ـ إجراء اختبار المستوى للصفوف الابتدائية .
- ـ إدخال كتاب النشاط الذاتي لطالبات الصف الأول الابتدائي لزيادة حصيلتهن اللغوية .
- ـ إدخال الإملاء التطبيقي، وتحسين الخط للصفوف الابتدائية.
- ـ الزيارات الميدانية.
طالبات المرحلة الابتدائية في زيارة ميدانية
برامج وآليات خاصة بالمرحلة الإعدادية والثانوية
الطالب يتذكر: 10% ممّا يسمع،
و40% ممّا يرى،
و70% ممّا يرى ويسمع ويعمل،
كان ذلك ملخصاً لإحدى الدورات التي استضافت خلالها مدارس (دار الحنان) فريقاً من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، للكشف عن أهمية الاستعانة بالوسائل التعليمية والإيضاحية.
وقد اتّخذت (دار الحنان) خطوات متقدمة لمساندة المناهج عن طريق الوسائل التعليمية والمعامل والمعارض.. وفيما يلي بعض تلك الخطوات:
1) مناهج العلوم
لمساندة مناهج العلوم، كانت دار الحنان أول مدرسة للبنات في المملكة تنشئ معامل مدرسية. ففي عام 1385-1368هـ تم إنشاء معامل الكيمياء، ثم الفيزياء مزوّدة بأحدث الأجهزة والأدوات المطلوبة لإجراء التجارب، ومعرفة النتائج، وتطبيق القوانين العلمية .
وفي عام 1390-1391هـ تم إنشاء معمل الأحياء الذي يعتبر مختبراً نموذجياً مجهزًا بأحدث الأجهزة العلمية الخاصة بالإسقاط، والعرض السينمائي، وأدوات التشريح، والوسائل الإيضاحية، والمجاهر .
كما تم تجهيز معامل اللغات بالوسائل السمعية والبصرية، ووزعت على المدارس بمختلف مراحلها لتساعد على تقديم المناهج الدراسية والأنشطة الإضافية .
2) مناهج اللغات
منذ افتتاح (دار الحنان) بدأت بتدريس طالباتها مبادئ اللغة الإنجليزية من المرحلة الابتدائية، وفي عام 1400هـ تمت الاستعانة بعدد من المختصات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتقديم دورات Teaching English as a foreign language لمعلمات اللغة الإنجليزية بدار الحنان .
و في عام 1965م اتجهت السيدة سيسيل إلى إضافة اللغة الفرنسية، وجلب مناهج اللغتين من بعض مدارس الدول العربية، وعن تلك الخطوة تقول:" بعد أن نختار المناهج المناسبة كنا نقوم بعرضها على لجنة مراجعة متخصصة في (دار الحنان) لإجراء بعض التعديلات على الصور والمواضيع التي تعتمد عليها الكتب، حتى تتناسب مع المجتمع السعودي. وقد أصبحت لدى هذه اللجنة خبرة كبيرة في هذا المجال، ولاحقاً كانت ترسل بعض الملاحظات الدقيقة للقائمين على مناهج اللغة الإنجليزية بالرئاسة العامة لتعليم البنات ".
وفي عام 1970م عقدت (دار الحنان) اتفاقية مع القنصليتين الفرنسية والبريطانية بجدة لتزويدها بمناهج اللغات، ومن ثم تم الاعتماد على برامج من جامعة كيمبردج البريطانية.. كما تسارعت الخطى لتواكب العصر، فبدأت (دار الحنان) في السنوات الأخيرة تحضر الطالبات بعد إتقان اللغة لتقديم اختبارات معتمدة على مستويات مختلفة تؤهلهن لدخول أي جامعة في العالم دون عناء ومن تلك الشهادات باللغة الإنجليزية:
- ـ المرحلة الابتدائية: KET-PET
- ـ المرحلة الإعدادية والثانوية: TOEFEL&G.C.S.E
- أمّا اللغة الفرنسية فتعدّ الطالبات بعد إتقانها أيضاً لعدة شهادات من مستويات مختلفة حتى تصل كما في اللغة الإنجليزية لمستوى الثانوية العامة، ومن تلك الشهادات المعتمدة من فرنسا:
- ـ في المرحلة الابتدائية: JUNIOR1-JUNIOR2
- ـ في المرحلة الإعدادية والثانوية: DELF-DALF
3) مناهج الاجتماعيات
تغييرات عديدة طرأت على مناهج تعليم البنات في المملكة العربية السعودية في مراحل مختلفة، يعود السبب في بعض تلك التغييرات إلى تحوّل تبعية مدارس البنات من وزارة المعارف إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات.
من بين تلك التحوّلات التي شهدتها مناهج الاجتماعيات كان إلغاء منهج الجيولوجيا، وإلغاء تاريخ عصر النهضة الأوروبية، وجغرافيا العالم وحصرها على الدول العربية.
ومن منطلق حرص (دار الحنان) على الثقافة العامة لطالباتها كانت تقيم ـ دورياً ـ مسابقات ثقافية تتطلب من الطالبات الاطّلاع على كتب التاريخ والجغرافيا التي تتوفر في مكتبة (دار الحنان)، وتحفزهن على البحث والقراءة للإلمام بالمعلومات الهامة عن التاريخ، وعن دول العالم.. كما كانت حصص الجغرافيا تقدم للطالبات في المعمل الذي تتوفر فيه أحدث الوسائل التعليمية.
4) المناهج الدينية
كسائر المناهج الأخرى كان للمناهج الدينية في مدارس البنات وقفة مع التغيير أرصدها مع السيدة شفق برازي - معلمة المواد الدينية - فتقول:
"حصلت على بكالوريوس شريعة ودبلوم التربية من كلية التربية في جامعة دمشق، ثم جئت إلى (دار الحنان) في عام 1973م، فقمت بتدريس طالبات المرحلة الثانوية بالإضافة لتدريس طالبات جامعة الملك عبدالعزيز لمواد الثقافة الإسلامية في الفترة المسائية، حيث كانت (دار الحنان) آنذاك تساند الجامعة بمعلماتها، وأذكر أنني التقيتُ وقتها بالشيخ محمد متولى الشعراوي ـ يرحمه الله ـ لوضع أسئلة اختبار مواد الثقافة الإسلامية".. وتستطرد حديثها عن المناهج فتقول:" في تلك المرحلة لم تكن هناك مناهج بمعنى الكلمة، ولكنها كانت عبارة عن وريقات نبني عليها المنهج، ونلقن الطالبات، وكانت تحمل مسمّى (العقيدة الواسطية)، وفيما بعد تم اعتماد مناهج التوحيد من تأليف الشيخ محمد قطب، والثقافة الإسلامية من تأليف الشيخ منّاع القطان، وكانت تلك المناهج أعلى من مستوى الطالبات، بالإضافة لذلك كانت مكتوبة بأسلوب أدبي صعب وغير منهجي، فكنا نواجه صعوبة في وضع الأسئلة، ونعاني من أن المنهج لا يمكن تغطيته في عدد الحصص الرسمية المفروضة على الطالبات، وقد عرضنا تلك المشكلة على إدارة (دار الحنان) التي قامت بدورها بتخصيص حصة إضافية للدين ساعدتنا كثيراً كمعلمات، كما ساعدت الطالبات على استيعاب المنهج".
في عام 1412هـ قامت رئاسة تعليم البنات بتغيير المناهج الدينية التي أصبحت أكثر تنوعاً ومناسبة لعمر الطالبات وأقل صعوبة.
وعن البرامج المساندة للمناهج الدينية التي كانت تقدمها (دار الحنان) تقول السيدة شفق:
"خلال مشواري قمت بالتدريس في عدد من المدارس والجامعات والكليات في المملكة، وفي سوريا، ولكن (دار الحنان) كانت أكثر مؤسسة تعليمية وجدت فيها مساحة لتقديم المناهج بأسلوب حيوي، بالإضافة إلى النشاط الديني المساند الذي يحفز الطالبة على البحث والإدراك والتعمق في المفاهيم الإسلامية العظيمة لتتحوّل من مجرد منهج دراسي إلى منهج حياة".
وقد دعمت (دار الحنان) المناهج الدينية:
- ـ بالوسائل الإيضاحية التي تستخدم خلال الحصص لتقديم الدروس.
- ـ بالمعارض التي تجسد المفاهيم الإسلامية والأحداث الهامة في التاريخ الإسلامي.
- ـ بالأبحاث العلمية التي كانت تقدمها الطالبات من خلال الفصول والجمعيات.
5) مناهج اللغة العربية
لم يكن التفوق في اللغة العربية خياراً أمام الطالبات في (دار الحنان)، بل كان أمراً لا مفر منه مع حرص المدرسة على اختيار نخبة من معلمات اللغة العربية الكفؤات.. وقد تم إلزام الطالبات خلال الحصص بالحديث باللغة الفصحى، بالإضافة إلى التركيز على مادة الإنشاء والتعبير التي كانت تُقام فيها مسابقات دورية بين الطالبات على مستوى الفصول والمراحل الدراسية.
من جهة أخرى تم تقديم برامج خاصة من خلال مكتبة (دار الحنان) لتقوية اللغة من خلال القراءة والتلخيص وتعلم فنون الكتابة .
إلى جانب فنون الخطابة، ومهارات الإلقاء، والمساجلات الشعرية التي تعتمد على النصوص الواردة في المناهج، وتساندها مسابقات أخرى تعتمد على نصوص من تأليف الطالبات الموهوبات في هذا المجال لتنمية مواهبهن وتشجيعها.
لم يكن إتقان اللغة العربية خياراً أمام الطالبة، ذلك أنها كانت مطالبة بالمشاركة في الأبحاث العلمية سنوياً والتي يشترط كتابها بلغة عربية سليمة يدخل في تقييمها سلامة النص من الأخطاء اللغوية.
6) مناهج التربية الفنية
جهزت (دار الحنان) قاعات للرسم والخياطة، ومطبخًا للتدبير المنزلي. وقد أطلقت عليها (معامل) لأن حصصها كانت تقدم على صورة ورش العمل، وشأنها شأن غيرها من المناهج حظيت بالمساندة والتفعيل من خلال الجمعيات والمسابقات الفنية التي أفرزت إبراز الموهوبات في الرسم والأشغال.. كما امتدت إلى إقامة دورات ومسابقات في تنسيق طاولات الطعام وآداب الضيافة.
7) الحاسب الآلي
عندما أصبح من الضروري للطالبة أن تتعلم مبادئ الكمبيوتر بادرت (دار الحنان) في عام 1408هـ بتدريس الطالبة منذ المرحلة الابتدائية الحاسب الآلي كمادة إضافية، تقدم من خلال حصتين في الأسبوع.. وأسست المدرسة معمل (صخر) المجهز بأحدث الأجهزة، بالإضافة إلى الطابعات وجهاز العرض الذي تعتمد عليه المعلمة (1) في الشرح بينما بوسع الطالبة أن تطبق الدرس عمليّاً من خلال استخدام جهاز الكمبيوتر والبرامج الأساسية والتطبيقية.. كما تم الاعتماد على استخدام الحاسب في معامل اللغات لتتقن الطالبات عملية البحث عبر شبكة الإنترنت.. وفيما بعد أدخلت الرئاسة العامة لتعليم البنات الحاسب الآلي رسمياً ضمن برنامجها التعليمي.
(1) حصلت جميع معلمات دار الحنان على دورات في الحاسب الآلي استعداداً لدخول التقنيات الحديثة في برامجها التعليمية