الحساسية الرجالية من الكائنات النسائية
على استحياء وصلتني رسالة بريدية من أحد أعضاء موقعي الإلكتروني يعتذر فيها عن ضرورة إيصال رسالة لي حملها من صديق يستعد لتحضير الدكتوراه في كندا وأكد أنه لم يكن ليفعل ذلك لو لم يصر صديقه على أنها أمانة يجب أن تصل لي ولكافة الموجودين في موقعي , والرسالة مفادها باختصار أنه قام بزيارة الموقع وأُعجب به أيما إعجاب مما دفعه للبحث عن الإدارة التي تقف وراء هذا العمل فوجد على حد قوله -مالايحبه ولايرضاه- فالموقع والعياذ بالله ملك لامرأة!! وتفضل بإيراد حديث من تأليفه قائلاً : ''لعن الله قوماً حكّموا عليهم امرأة'' موجهاً صرخته للملعونين من وجهة نظره لإخلاء المكان ومناشداً إياهم بمراجعة رجولتهم وعروبتهم وإسلامهم ليعودوا عما اقترفته أيديهم من ذنب... ومتسامحاً جزاه الله خيراً بعض الشيء في قوله: ''لابأس في أن يكون للمرأة موقع شريطة ألا تتحكم فيه أو تضع الشروط والقوانين!!''.
وخلافاً لما توقع حامل الرسالة فقد سعدت بها جداً وأشعلت بداخلي روح التحدي والحماس لأشجعه على نشرها معتبرة إياها مؤشراً أرصد به مدى انتشار هذا الفكر, وأرفقتها بتصحيح مضطر أن يقبله سيدي الرجل صاحب الرسالة شاء أم أبى لنص الحديث الذي خذلته غيرته المفتعلة على تعاليم الإسلام عن أهمية التحقق منه وتجاوزت رغبته بالصراخ على عدم الإفتراء على رسول الله عليه الصلاة والسلام فتسرع باللعن كونه الأقرب إلى بث الرعب في النفوس والتأثير بينما نص الحديث الذي يقصده في غير موضعه: ''ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة''... ولم أنس تقديم نصيحة له مغلفة بورق السوليفان الوردي ليسحب رسالة الدكتوراه التي يجهد نفسه بتقديمها لجامعة كندية ذلك أن أمرها سيكون مشكوكاً فيه وفق معتقداته خاصة وأنه لاتوجد جامعة كندية إلا وتضم قيادات نسائية تعلم وتوجه وتناقش وتجيز رسالة الدكتوراه التي سيقدمها لهم إلا إذا كان لدى دكتور المستقبل استثناء شرعي للمرأة الكندية يخول لها أن تتحكم في مسيرته التعليمية وشهادته الأكاديمية في الوقت الذي يربأ بنفسه وبرجولة بعض أبناء وطنه من الاستفادة من موقع الكتروني تديره امرأة سعودية.
ولعل الشيء الوحيد الذي يؤسفني هو الجهل, فسيدي الفاضل قد يحصل على شهادة عالية وهو جاهل مع مرتبة الشرف بأبسط أمور دينه في الاستشهاد بالأحاديث وجاهل دون (مرتبة) ولا حتى (كنبة) بتفسير معنى الولاية وإسقاطه على مالايفقه فيه من آليات وطبيعة عملنا... كما أنه قد أجرم بحق الرجولة والعروبة والعقيدة باختزالها على هكذا أمر... وسنعاود استيراده من كندا بعد تصديره وفكره مع الأسف مغلفاً بنفس ورق القصدير العازل للنور وبنفس المعتقدات التي تغتال نتاج عمل المرأة السعودية دون غيرها من النساء بعذر أنها (امرأة) وأنه رجل ملصق عملية الإغتيال بالإسلام... أو لعله يدرك ذات يوم الفارق بين الملكية والإدارة والولاية العظمى المذكورة في الحديث الشريف, ولعله يكتشف أن المرأة في عملها (فكر) وفي بيتها (أنثى) والرجل لايتحسس من الفكر إذا كان مدركاً لقيمته ولامساً لفائدته إلا إذا كان معانياً من عقدة النقص أو شاهداً على أخطاء شرعية بعيداً عن الحساسية النفسية والعصبية الخطيرة على بعض رجالنا والمعدية لأبنائنا من كائن المرأة.
* رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ