استقطاب العقول المهاجرة
تناولت في المقال السابق اهمية البحث العلمي وضرورة تأمين بيئة مناسبة تمكن الباحثين من اداء عملهم في ظل اكتفاء مادي ومعنوي, وقد سعدت باستقبال عدد من الرسائل بهذا الخصوص كان ابرزها رسالة من القارئ (احمد القحطاني) الذي اشار الى دور القطاع الخاص في دعم البحث العلمي والعلماء, وانقل لكم بعض المقتطفات من رسالته التي جاء فيها: (يتكفل القطاع الخاص بميزانيات البحث العلمي في الدول المتقدمة وينحصر دعم الحكومات على الابحاث ذات العلاقة بالأمن والطاقة وبعض الجوانب الصحية, ففي الولايات المتحدة 80% من الانفاق يتم من قبل مؤسسات القطاع الاهلي, في حين ان الانفاق الحكومي المدني لا يتجاوز 20% وفي اليابان نجد ان الصناعة تنفق على البحث والتطوير 73% من مجمل الانفاق بينما تنفق الحكومة تقريبا 27% وفي الاتحاد الاوروبي فان الصناعات الاهلية تنفق ما مقداره 53% من مجمل الانفاق على البحث والتطوير, وتنفق الشركات الكبيرة سواء كانت صناعية او مالية او خدمية في الدول الغربية او اليابان على تمويل مشاريع الابحاث واقامة المؤسسات العلمية وتمويل بعثات البحث العلمي وتمويل كل ماله علاقة بالاكتشافات والاختراعات بينما تقدم حكومات الدول المتقدمة تشجيعا خاصا لمؤسسات القطاع الأهلي لدعم البحث العلمي من خلال الاعفاءات الجمركية والامتيازات التي تعطي لمثل هذا الانفاق).
ولا أملك اضافة سوى ان اشكر الأخ (احمد القحطاني) على اثرائه للموضوع بهذه الاحصائيات والمعلومات القيمة لاعود الى ماكنت اود ان ابدأ به المقال السابق من دعوة لاستقطاب العقول السعودية المهاجرة حتى تسهم بعلمها وعملها في مرحلة النهضة الشاملة التي نعيشها اليوم خاصة المبرزين منهم في الحقول العلمية والتكنولوجية.. فقد آن الأوان لوضع استراتيجية للاستفادةمن تلك الكفاءات محليا.. ولعل الخطوة الاولى التي نتطلع اليها هي توفير قاعدةبيانات تسهم السفارات السعودية باعدادها لحصر الاسماء السعودية البارزة في المجال العلمي والتكنولوجي في الخارج وتوثق انجازات ابناء وبنات الوطن على المستوى الدولي لتكون بمثابة موسوعة تضم العلماء والعالمات على غرار موسوعات المثقفين والادباء السعوديين. وقد تسهم تلك الموسوعة في التنسيق لاقامة مؤتمر سنوي يستضيف اصحاب تلك التجارب الثرية للتواصل معهم والاستفادة من خبراتهم وعقد دورات تدريبية على مستوى عالٍ تهدف الى اعداد الشباب وتحفيزهم على الانخراط في المجالات العلمية والتكنولوجية التي تتضاعف اهميتها يوما بعد يوم في عصر العولمة.
ربما يلاحظ القارئ الكريم انني ذكرت استضافتهم ولم اذكر استعادتهم وتوظيفهم بالرغم من اننا بامس الحاجة لتواجدهم فهم حجر الاساس في بناء قاعدة ننطلق منها بثبات نحو نهضة علمية شاملة ولكني ارجأت ذلك الحلم لاننا بحاجة قبل تحقيقه الى ان نتوصل الى (اختراع) يسمى استحداث الوظائف لتلك الحالات الاستثنائية فقد اصابني الذهول وانا ابحث عن تفسير لاستمرارية غياب عدد من الرموز عن الساحة العلمية المحلية خاصة العالمات السعوديات منهم واللاتي صرح بعضهن في محافل مختلفة انهن سعين للعمل في الوطن بعد سنوات من الاغتراب والانجازات فكانت سيرتهن الذاتية المليئة بالدرجات العلمية والخبرات العملية عقبة في طريق ايجاد وظائف مناسبة لهن وواجهن اجابة قد يبدو فيها نوع من السخرية او ربما كانت من قبيل المزاح الثقيل الذي يؤلم اكثر مما يضحك وهي تفيد بانهن over qualified أو مؤهلاتهن اعلى من المؤهلات المطلوبة للوظائف الشاغرة فَعُدْنَ ادراجهن من حيث أَتَيْنَ..
واتساءل هل مازال القائمون على بعض المؤسسات العلمية متمسكين برؤية تقتل الفكر الخلاق وتحد من قدرات المتميزين في اطار ضيق فتجد الكفاءات العلمية ان عليها ان تتكيف مع محدودية الفرص المتاحة او غيابها بدلامن أن تتكيف طبيعة الوظائف او تستحدث لتوفر لهم فضاءات تتسع لاحتياجاتهم وتذلل لهم العقبات لتحقيق ذات الانجازات التي نجحوا بتحقيقها في الخارج?..مجرد تساؤل!!!
*رئيسة تحرير مجلة عربيات الالكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ