البحث عن منبر إعلامي للشباب
طرأت على مجتمعاتنا تطورات تكنولوجية متسارعة, وإذا ما تناولنا منها الإنترنت والنشر الإلكتروني كمثال للتقنيات الحديثة المؤثرة تحديداً على وسائل الإعلام التقليدية والمستقطبة لقطاع الشباب, سنجد أننا أصبحنا بمواجهة ظواهر عديدة أفرزتها هذه الأداة وحملها لنا ذلك الضيف الافتراضي الثقيل على من لايحسن استقباله, والخفيف على من يجيد استثماره وبالرغم من أن المواقع الالكترونية تحظى بإقبال متزايد من فئة الشباب إلا أنه يخطئ من يعتقد أن الإنترنت تشكل خطورة على مستقبل الصحافة المطبوعة, بل ويفتقد للرؤية المستقبلية السليمة والمحيطة بالتطورات المتوقعة لأدوات النشر ووسائل الإعلام خلال السنوات القادمة. فالاستمرارية والنجاح مكفولان لكافة الوسائل القادرة على تطوير أدواتها وتلبية رغبات المتلقي وهذا ما سأتناوله لاحقاً أما القضية التي يفترض التركيز عليها فهي كيفية إيجاد صيغة تكاملية ايجابية بين كافة وسائل الإعلام لتحقيق مستويات عالية في مجال النشر ترتقي بالمطبوعات والمواقع العربية في آن واحد وتتسم بقناعة أن العملية التنافسية الصحية هي التي ترفع من كفاءة الطرح وتدفع المتنافسين إلى استنفار مؤشراتهم لرصد المتغيرات التي تطرأ على اهتمامات الجمهور, والخاسر في هذه المنافسة من يحصر تفكيره على محاولة تهميش الاخر أو تجاهل جمهوره مراهناً على ولاء الجمهور الذي يكتفي به مؤقتاً وقد يتسرب من يديه لاحقاً.
ولو دققنا النظر في اهتمامات الشباب على الإنترنت نلاحظ أن الغالبية العظمى من المشتركين الفعالين في المواقع العربية الكبيرة وتحديداً منتديات الحوار هم من الشباب السعودي (اناثاً وذكوراً) ولايقتصر ذلك على المنتديات السعودية بل يمتد إلى منتديات الحوار الصادرة من كافة الأقطار العربية الشقيقة. هذه الظاهرة لابد وأن تنبهنا إلى أمور عديدة أولها اهتمام الشباب بعملية التواصل والحوار والنقاش وحاجتهم لأن يكون لهم منبر للرأي, وأخطرها افتقاد حلقة الوصل بين هذا الصوت والقنوات الإعلامية الرسمية, وكذلك بينه وبين المختصين القادرين على الإجابة عن الأسئلة أو تقديم التوجيه السليم الذي يُؤطر التفكير ويُوظف الحماسة.
والمشكلة أن هذا الجمهور الذي وجد ضالته في المنتديات والتي يتخرج منها يومياً أبطال بعضهم من ذهب والآخر من ورق يبدو أنه إلى الآن جمهور غير مُستهدف من قبل وسائل الإعلام والصحافة المحلية المطبوعة تحديداً والتي ينحصر الخطاب والمساحة المخصصة للشباب فيها على (الرياضة والفن والترفيه) بينما يعلن الشباب في تلك المنتديات عن توجهاتهم الثقافية والأدبية والدينية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والاقتصادية وعن رغبتهم وحقهم في أن يكونوا شركاء بالرأي في كل ما يتعلق بمستقبلهم وطموحاتهم ووطنهم.
في مواجهة هذا الباب الشبكي المفتوح لاستقبال الجمهور على الرحب والسعة, يبدو ان على وسائل الإعلام المختلفة اليوم تحديث بياناتها عن الفئات المستهدفة لتطرق أبواباً جديدة يجلس وراءها جمهور من الشباب تتجاوز نسبته 60% من مجموع التعداد السكاني في المملكة ولم يستهدف بالشكل المطلوب من قبل وسائل الإعلام التقليدية التي ينتظر منها ان تخاطبه بلغته وتفتتح له منبراً أميناً ومتسعاً, مُراعية النظر إليه كمحور الطرح وصاحبه لا الضيف ولا الضمير الغائب والمستتر وراء آراء الكبار والمشرحين لقضاياه. وحتى لايعتقد أحد أنني أقلل من أهمية تناول المختصين لقضايا الشباب أو أدعو إلى إحلال الشباب مكان الكبار, فأمنيتي باختصار أن تُبادر دور النشر الرائدة في وطننا الحبيب إلى خوض تجربة تواكب متطلبات هذه الشريحة بإصدار صحيفة يومية مخصصة للشباب تُخاطب فكرهم وتحتضن اراءهم وتقوم على سواعدهم مستثمرة النتاج الإيجابي الذي أخرجته الإنترنت من كتاب ومحاورين ومبدعين وباحثين, ولتسهم في تقنين مخاطر انعزال هذه الشريحة عن وسائل الإعلام الرسمية, وتعمل على تفعيل ما أكد عليه ورسخه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة في ندوة (الشباب والمستقبل) من أهمية فتح مجالات الحوار والرأي أمام الشباب السعودي.
* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ