التقينا بـ'' سيرينا '' الأمريكية في زاوية الخطباء بهايدبارك لندن, كانت تبحث عن مسلمات يتحدثن الانجليزية وعرفتنا بنفسها فهي تحضر لرسالة الماجستير بالعلوم ومنذ فترة تشعر بشيء ما يجذبها نحو الإسلام الذي انبهرت به كأكثر الأديان سرعة في الانتشار وبدأت باقتناء الكتب والقيام بجولات عديدة سعت فيها للقاء مسلمين وقالت: '' أتمنى أن تتفهموا موقفي فأنا على وشك أن أغير عقيدتي وحياتي لأعتنق الإسلام ولاتهمني أي صعوبات قد أواجهها, يمكنني أن أتحمل كل ذلك !! فقط إذا وجدت إجابات مقنعة على كل تساؤلاتي فهل أنتم على استعداد لمساعدتي?''...

وجدت نفسي أتنحى جانباً ناصحة إياها بزيارة المركز الإسلامي بلندن بينما آثرت صديقتي العزيزة ''أمل'' أن تتصدى لتلك الأسئلة واضعة نصب عينها قول الرسول عليه الصلاة والسلام ''لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم''... وبدأت أمل وكلي أمل فيها بعد الله أن تنجح في مهمتها مستهلة حديثها بنقاط الالتقاء بين الإسلام والمسيحية وأن المسلمين يؤمنون بعيسى ابن مريم عليه السلام وأوضحت لها الحكمة من تشريعات عديدة في الإسلام إلى أن تطرقت إلى جزئية الخلاف بأن المسيح ليس ابن الله وأن الإنجيل تعرض للتحريف, وهنا أعادتها سيرينا إلى نقطة الصفر عندما صرحت عن السؤال الذي يشغلها بتردد قائلة: ''أتمنى مجدداً أن لاتفهمي من اسئلتي أنني أهاجم الدين الإسلامي أو أشكك فيه فأنا أؤكد أن هذا ليس غرضي, أنا أبحث عن الحقيقة و ليطمئن قلبي أريد أن أعرف ماهو دليلكم على أن القرآن لم يحرف كغيره من الكتب خاصة وأن نبيكم كان أمياً ولم يكتبه بنفسه?!''....

قد يبدو السؤال سهلاً إذا حاولنا الإجابة عليه فيما بيننا كمسلمين لأن الأدلة على حفظ القرآن من القرآن نفسه ومن السنة كثيرة وإيماننا بها راسخاً لكن بالنسبة لمن لايؤمن بالقرآن أساساً عجزنا في تلك اللحظة عن تقديم إجابة شافية لها وعدنا لمناشدتها بزيارة المركز الإسلامي ووجدناها مترددة حيال اتخاذ هذه الخطوة نظراً لتجارب سابقة مع بعض الدعاة الذين قاموا بتعنيفها على توجيه مثل هذه الأسئلة التي تشكك بالقرآن والنبوة كونها تعتقد أيضاً بما ورد في أحد أناجيلهم بأن تسلسل النسب للنبي الذي تنبأ به الإنجيل لايتفق وتسلسل نسب سيدنا محمد عليه السلام...

اعتذرنا من سيرينا وطلبنا أن تمهلنا بعض الوقت لنوافيها بالرد الشافي على بريدها الالكتروني وانتهى لقاؤنا بها ونحن نلوم أنفسنا ونتعجب من عدم استعدادنا للإجابة على مثل هذه الأسئلة البسيطة بأدلة قاطعة يمكنها كغير مسلمة استيعابها بالرغم من أننا قد نكون درسنا هذه الأمور في مناهجنا وعرفنا نقاط الضعف في الأديان الأخرى لكننا لم نتعلم كيف نخاطب غير المسلمين أو ندعو من نشأ في ظل ديانة أخرى إلى الإسلام بلغة يفهمها فكانت الحصيلة القدرة على توضيح الأخطاء الموجودة في عقائدهم أكثر من القدرة على الدفاع والإقناع بأمور تعد من الأساسيات والمسلمات التي أكرمنا الله بأن جعلنا نولد كمسلمين ونتجاوز الشك فيها.

ولاتزال سيرينا تبحث وتسأل... ولانزال نسعى لمساعدتها والدعوة مفتوحة للجميع.

* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ