"سفراء".. في الخارج
عندما يتعلق الأمر بواجهة الوطن فمع الأسف بعض ممارسات الذكور الخاطئة تمر أمامنا دون محاسبة أو استحداث قوانين تحد من انعكاساتها على صورة المجتمع السعودي، فنتأخر حتى يبادر غيرنا باتخاذ خطوات وقائية من هذا الخطر.
ومن المؤسف أن يتحول بعض المواطنين السعوديين من سفراء لبلدهم في الخارج إلى (مسجلي خطر) بسبب ممارساتهم... ومن المؤلم أن تضطر الدول الأخرى إلى إصدار قوانين خاصة لتقنين الظواهر السلبية التي تنتج عن وجود نفر قليل من السعوديين على أراضيها... فبالرغم من أننا نزعم تقديرنا وتكريمنا للمرأة نجد بعضهم يتفننون في امتهانها في الداخل والخارج مما اضطر السلطات المغربية –مشكورة- مؤخراً إلى إصدار قانون خاص للسعوديين الراغبين في الزواج بمغربيات حفظاً لحقوق بناتهم وحفظاً لأنساب أبنائهم من منتهكي الحقوق الزوجية تحت شعار (المسيار، والفرند، والمصياف)... والجميل أن السلطات المغربية قد راعت حق الزوجة الأولى (السعودية غالباً) فاشترطت موافقة خطية منها مصدقاً عليها من المحكمة باعتبارها شريكة في مؤسسة الزواج حيث للشركاء حق الاطلاع على كافة الوثائق المتعلقة بمستقبل المؤسسة الزوجية مع ضرورة استيفاء العقود لتوقيع الطرفين حتى تكون نافذة وعادلة دون تلاعب من قبل المستأمن على الإدارة. لن أفرط بالتفاؤل فأتوقع أن نعكف على دراسة الأخطاء الشائعة التي يرتكبها بعضهم في الخارج لأن هذه المهمة قد تكفلت بها على مايبدو دول أخرى وانتقلت إلى مرحلة سن قوانين خاصة للسعوديين حماية لمواطناتها... ولكن أتمنى أن تكون أجراس الخطر قد أصبحت مسموعة بما يكفي لندرك معها ضرورة تقنين الحرية المطلقة الممنوحة للرجل حتى لا يسيء لخصوصيتنا الاجتماعية ومفاهيمنا الدينية. إذا كان هناك من يرى أن ظهور المرأة السعودية في المحافل المحلية والدولية للتعريف بانجازاتها أمر غير مناسب فمن باب أولى أن نجرّم الممارسات غير المسؤولة التي يرتكبها بعض السعوديين الذين هم ربما غير واعين أنهم من خلال تلك الممارسات يؤكدون عدم أهليتهم لتحمل مسؤولية عقد زواج فيخدع أحدهم الأولى ويتلاعب بالثانية وينكر ويتنصل من نسب الأبناء. وأعتقد أن هذه الظاهرة هي حالة متقدمة لمرض تبدأ أعراضه بالظهور مبكراً فنجد أن ثمة ثقافة ما تجعل الشاب عندما يسافر للخارج يعتقد أن النساء المتبرجات (سبايا) وبالتالي يمنح لنفسه حق التعرض لهن متذرعاً بتبرجهن دون رادع أخلاقي أو ديني يحول بينه وبين ارتكاب هذه الممارسات المخجلة.
لعل السؤال الذي يطرح نفسه هو عن مصدر الثقافة التي أفرزت هؤلاء الشباب والرجال؟! والمتفق عليه أنها ليست ثقافة دينية خاصة أن التاريخ الإسلامي لم يقدم لنا نموذجاً لرجل تزوج سراً ولم يدون لنا الرواة قصة رمز إسلامي يجبن عن إعلان زواجه أو يتبرأ من نسب أبنائه... وبالرغم من ذلك نجد من يبيح ارتكاب البدع للتحايل على شروط التعدد الشرعية ونجد من يتذرع بأن المجاهدين في عصر الفتوحات الإسلامية كان يضطرهم طول السفر وبعد المسافات إلى الزواج تحصيناً لأنفسهم ورعاية للأرامل، ولا أدري كيف يمكن إسقاط هذا القياس في ذلك العهد الغابر على (رجال المصياف) وغيرهم لنقتنع بأنهم يجاهدون في المغرب أو يعيدون فتح مصر أو يؤاخون بين العرب والعجم في بلاد (الفرنجة) أثناء رحلاتهم السياحية.
وأتعجب ممن يذكرنا دائماً بأن الإشهار أو إشعار الزوجة الأولى بالزواج من ثانية لايعد من شروط الزواج بينما لايذكرنا بأن للزوجة الحق في أن تشترط في عقد الزواج عدم زواج زوجها من أخرى، أو أن لها حق الاختيار بين القبول بزوجة ثانية أو طلب الطلاق وتحمل تبعات قرارها.
وعندما يمارس الرجل حقه المشروع في الزواج إرضاءً لرغباته لابد أن يكون قد تسلح أولاً بثقافة تساعده على معرفة قوانين الزواج وحقوقه وواجباته، وهي ثقافة تؤكد معدلات الطلاق وظواهر عقود الزواج المستحدثة أنها ثقافة غائبة إلى حد كبير عن مجتمعنا حيث يقع الزواج غالباً إشباعا لرغبة ويزول بزوالها.
رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ