أهمية وجود مديرين مؤهلين للحملات الإنتخابية

اعلانات الانتخابات.. لم ينجح أحد!!

رانية سليمان سلامة

اعتدت أن لا أشغل نفسي بأمور لا حول لي فيها ولا قوة ومنها الانتخابات على اعتبار أننا كنساء قد خصصت لنا مقاعد المتفرجين التي لا أحسن الجلوس عليها فاخترت أن أبتعد عن تلك المنطقة, ولكن الإعلانات أبت إلا أن تلاحقني وتدفع صوتي ليسجل حضوره بلا أوراق ولا صناديق... ويحق لي بعد أن أنفض الجمع أن أسجل رثائي لمئات الملايين من الريالات التي أهدرت في حملات دعائية تعود بأسلوبها وشكلها وفحواها إلى القرن العاشر قبل الميلاد لتضع أمامنا صور (بورتريه) حفظنا معها الملامح دون أن يكون للإعلان وقع أو معالم... وما نجحت فيه تلك الإعلانات حقاً هو أنها قد جعلتني أكرر على نفسي نفس الأسئلة بنفس الصيغة عشرات المرات يومياً: هل كانت تلك الحملات تستند إلى تخطيط مدروس من قبل المرشحين؟

هل كانت مجرد اجتهادات شخصية من كل مرشح؟ هل تكشف عن إشهار وكالات الدعاية والإعلان إفلاسها لخلو رصيدها من الإبداع والرؤية التسويقية لمثل هذا الحدث؟ أتفق مع كل من سبقني بتحليل وتشريح (سنة أولى انتخابات) وأقر بأن الاستفادة الأهم منها هي أن نخرج بقراءات تسهم بتفادي السلبيات وتعزيز الإيجابيات تدريجياً...

ولكن العملية الانتخابية تتطلب وجود ثقافة قد نتفهم أنها لم تنتشر بعد في المجتمع لدى المواطن العادي لحداثة عهدنا بهذه التجربة إلا أن المرفوض هو أن لا يتحلى بها المرشح الذي يفترض أن يكون على درجة عالية من الإلمام بما هو مقبل عليه حتى لا نخطو معه خطوة عشوائية بحملات بدائية تعكس عدم وجود خطة أو رؤية أو أهداف واقعية لدى المرشح فتسوق الناخب ليسجل صوته كذلك عشوائياً وتدفعه للاستناد على توصية وتزكية ورسالة الكترونية. لقد نجحت الحملات الدعائية في نشر الصور وفشلت في عرض وتسويق البرامج الانتخابية فلم يترك إعلان واحد بصمة لدى المشاهد تثير فضوله أو تساعده على اتخاذ قراره, ولم يطغ أي شعار بوقعه على حجم الصورة في الإعلان التي كانت هي المحور والغاية, وجاء على هامشها لملء المساحة سرد للسير الذاتية مرفق بأرقام الجوال وما خف وزنه وتيسر قصه ولصقه من شعارات مستهلكة ووعود بحل قضايا العالم بعصا سحرية... كما خالف الغالبية أهم الأسس المتعارف عليها في إدارة الحملات الانتخابية وهي تلك التي تحذر المرشح من أن يخبر الناس مباشرة بما هو أفضل لهم بصيغة فرض الوصاية, وأن لا يدعي أنه يستأثر بمعرفة كل الحلول ليضعها أمامهم في معلبات مغلفة للبيع وجاهزة للاستهلاك... فالتركيبة التي تعتمد عليها الحملة الانتخابية الناجحة تبدأ بأن يلمس المرشح مشكلة ما ويتبناها ليشرك الآخرين في مناقشتها قبل أن يصل معهم وبينهم إلى حلها.

أخفق الإعلان وافتقد للتخطيط والرؤية فأفسح المجال لتنفرد وسائل أخرى بمساحة التأثير والاستقطاب للناخبين... وأخفق المرشحون بتجاهلهم لأهمية وجود مديرين مؤهلين للحملات الانتخابية للمساعدة على تحقيق نتائج أفضل والإسهام في صياغة شعارات ورسائل ملفتة ومشوقة تتضمن أهدافاً قابلة للانجاز ومواكبة لاحتياجات المجتمع.

وغابت عن القائمين على الانتخابات ضرورة إقامة ونقل مناظرات حية بين المرشحين تختبر قدراتهم وبرامجهم الانتخابية أمام الناخب قبل أن يتجه نحو صناديق الاقتراع ويسجل اختياره مدركاً أنه إلى جانب مشاركته في هذا الواجب الوطني يشارك بقناعته الكاملة في دعم من يستحق حقاً أن يحظى بالفوز.

النتيجة تقول إن هناك من فاز ومن خسر إلا أن المؤكد بين هذا وذاك أنه في الحملات الدعائية لم ينجح أحد.

 

* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الالكترونية
[email protected]
المصدر: جريدة عكاظ