الطبخة سياسية والوليمة (بلد)
بالرغم من فشلي الذريع في الطهي إلا أن متابعة فنونه تستهويني خاصة عندما تكون الطبخة سياسية والوليمة (بلد).
قبل أسبوعين من اليوم احتل عنوان (مياه عكرة لمحترفي الاصطياد) زاويتي إشارة إلى الصيد الثمين الذي التقطته السنارة الذكية بعد جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري..
ويبدو أن الأحداث تتسارع فما كادت السنارة تعلن عن صيدها حتى تدافع جمهور الجياع لملاحقتها أملاً بالتهام ما يسد رمق التهاب المشاعر, وما أسعد الطهاة بإعداد وليمة حطب نارها لا ينتظر سوى (صب الزيت), وإشعال بعض أعواد الثقاب..
لقد عجز مشهد الجمهور المتعطش إلى وليمة (كرامة) عن أن يخطف اهتمامي بما يدور حول (الفرن) المستدير في (المطبخ البيضاوي) الذي يفاجئنا دائماً بأطباق جديدة يطلق عليها مسميات (أوريجينال) مثل (الصدمة والترويع) وغيرها من المسميات التي تسهم بفقدان الشهية للمحافظة على الهزال, وإن صدق ظني -وأرجو أن يخيب- قد يكون مسمى الطبق الجديد رقيقاً مثل (عصفورين في طبق).. وفي المطبح لا تهم الأسماء المهم أن نمعن التركيز مع الطهاة.. حيث تم الإعلان عن سبق جديد يكشف أحد أسرار الخلطة السرية للطبق بوجود أدلة دامغة تشير إلى أن حركة الجهاد الإسلامي التي تتخذ من دمشق مقراً لها كانت متورطة في التخطيط لاغتيال الحريري, وبكرم شديد يستمر الكشف عن الأسرار الذهبية الخطيرة بإشارة إلى أن ما يجري في الأراضي السورية يهدد منطقة الشرق الأوسط... وبالرغم من أنني لا أعرف إن كان ما يجري في الأراضي السورية يشبه ما كان يجري في معامل انتاج أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كانت تهدد أمن المنطقةأيضاً!!, بل ولا أعلم عن المصادر التي يمكننا من خلالها شراء مكونات الطبخة حتى نفهم الدرس ونبتلع الوليمة قبل أن نكمل الوصفة مع رئيس الطهاة الذي صعد لهجته لتكون على مستوى (الجلسة) وحمس الجمهور ببهارات الديمقراطية التي سبق لنا مشاهدة أحد نماذجها (الديموعراقية).
ثم جاء الشيف الإسرائيلي ليضيف (بيكنج باودر) تسهم بانتفاخ الطبخة وذلك بتأكيده على وجوه أدلة دامغة أيضاً تثبت العلاقة السورية المباشرة في الإعداد لتفجيرات تل أبيب الأخيرة بالتعاون مع الجهاد الإسلامي, وتتوفر المقادير في متاجر الإعلام الصهيوني مع بعض أدوات تزيين الطبق مثل اتهامات التحريض اللاسامي الذي تمارسه سوريا والتي سوقت لطبعة جديدة من كتاب بروتوكولات حكام صهيون في معرض الكتاب الذي أقيم في مصر وفقاً لما ورد في (يديعوت أحرونوت).
ولازال الطهي على نار هادئة تزداد اشتعالاً مع وضعها فوق موقد الفتن الطائفية.
وتتبقى أمنية -وما أكثر الأماني- أن لا نظل نتابع هذه الطبخة حتى تصبح وليمة نلتهمها ونغسل أيدينا منها قبل أن نتخلص من عسر الهضم الذي أصابنا من جراء وليمة العراق.
* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ