الإنسانية
الإنسانية صفة يحملها كل (إنسان)، لكن ترى من يحقق معناها؟.
بعيداً عن المعنى اللغوي هناك اجتهادات متعددة لتفسير معناها فقد يتفق الغالبية على أن (إنسان) مشتقة من النسيان وهي بالفعل بحذف النون تصبح بكل بساطة (إنسا) ولا مانع من إعتبارها (إنسَ) لتوافق ظروفنا وتخرجنا من مآزق كثيرة يتسبب فيها نسياننا لأشخاص ومواعيد وأحداث فنقول النسيان من طبيعتنا، وليس من دليل على ذلك أكثر من كونه جزء من اسمنا!.
قد يكون النسيان نعمة في بعض الأحيان، ولكنه يتحول لمأساة عندما ننسى أنفسنا ونهرب إليه... نرتمي في أحضانه... ونرمي وراء ظهورنا كل الحقائق التي تحيط بنا لنتخلص من مسؤوليتنا عنها وإحساسنا بالألم نحوها... ويصبح النسيان (غيبوبة) ندخل فيها بمحض إرادتنا ولايملك الطب ولا العلم على شفائنا منها، فدوائها الوحيد هو صحوة الوجدان وإنعاش الإحساس لنمنحه مساحة من التحرك تساعدعلى استعادة إنسانيتنا.
تلك (الإنسانية) التي ان أردت أن أبحث عن معناها سأقول إنه (الأُنس) ولا يوجد أجمل من أن (تأنس) بوجود الآخرين حولك يأنسون بك... هذه هي الصفة الحقيقية الملازمة للإنسان والتي يبحث عنها بشكل متواصل، وليس من شيء أقسى على النفس البشرية من الوحدة والوحشة والغربة في المكان أو المشاعر.
(الونيس) هو غاية النفس... والمشاركة الوجدانية هي غذاء الروح... وقمة الإنسانية أن تهب من وقتك ومشاعرك ومالك ولو القليل لتقف بجانب (إنسان) آخر هو في أمس الحاجة لذلك.
وفي واقع الأمر هذا ما نجحت بتحقيقه المؤسسة الخيرية للرعاية الصحية المنزلية في المملكة العربية السعودية، فما أن انطلقت وعرَّفت بأهدافها حتى تدفقت سيدات المجتمع للإلتحاق بركبها والمشاركة في أنشطتها تطوعاً وبدافع نبيل نبع من داخلهم، ويزداد الحماس لعطاء أكبر كلما لمسن معنى الإنسانية والسعادة الحقيقية التي يجدها الإنسان بإسعاد غيره... فما أجمل أن يكون هذا التكافل والتضامن لعمل الخير جزء من تركيبة المجتمع... فلابد أن نتذكر ولا (ننسى) أننا لسنا في هذا الكون وحدنا... وقد يكتب الله علينا ما كتبه على غيرنا من المحتاجين... وقد نعاني يوماً مثلهم.
توقفت هنا أمام كلمة الأميرة عادلة بنت عبدالله في لقائنا معها حين قالت "العمل الإنساني يمنحني السعادة"، وحقاً ما أروع أن تقدم شي لبائس فيسعد بها وتنعكس ابتسامته وسعادته على روحك ونفسك... هذه هي (الإنسانية)، وهكذا تكون إنساناً.