الفنانة التشكيلية رانيا بادريق: الفن اختراعات قد تفاجيء صاحبها
بالرغم من حداثة تجربتها في المشاركة بالمعارض التشكيلية إلا أن أعمالها تستوقفك لتبحث عن قصة موهبتها، الفنانة التشكيلية رانيا بادريق كشفت لـ"عربيات" عن القصة التي تختبيء بين ألوان لوحاتها من دفتر الرسم إلى نضج التجربة والرؤية أو ما أطلقت عليه "اختراعات" تنتج عندما يحرر الفنان موهبته وأدواته.
مع قصتها نترككم.
موهبتي الصغيرة كبرت في كنف رعاية أسرتي
ـ كنت أهوى الرسم والتلوين منذ الصغر وتحديداً عندما بلغت من العمر 8 سنوات وجدت هوايتي الدعم من والدتي التي كنت أراقبها وهي تمزج الألوان بمهارة وتساعدني على تلوين رسوماتي، أما والدي -يرحمه الله- فكان يحرص على أن يهديني باستمرار أدوات الرسم والألوان والفحم ويشجعني على أن أعرض دفتر رسوماتي على أفراد العائلة والأصدقاء ويشعر بالفخر بالرغم من أن موهبتي كانت لاتزال صغيرة إلا أنني اليوم أعتقد أنها كبرت بتشجيع والدي ووالدتي واهتمامهما برعايتها.
انتفاضة لوحاتي
ـ في المدرسة كانت معلمة الرسم كذلك تحتفي برسمي، ولقد شاركت أثناء الدراسة بعدد من الأعمال في معارض أذكر منها مشاركة وأنا في الصف الأول المتوسط بمعرض عن الانتفاضة الفلسطينية أقامه الفنان القدير "ضياء عزيز ضياء"، حيث كانت اللوحة بالفحم لأطفال يحاولون تكسير صخرة للحصول على الحجارة وتم تكريمي آنذاك فكانت أول مشاركة وتكريم أحظى به خارج نطاق الأسرة والمدرسة.
حرب.. وإجازة.. وأول فرصة زيتية
ـ ويبدو أن فرص تطور موهبتي كانت دائماً مرتبطة بأحداث هامة، ففي الصف الثاني الثانوي حصلنا على إجازة طويلة من الدراسة بسبب ظروف حرب الخليج فوجدتها فرصة لأشغل وقت فراغي بالإلتحاق بدورة تعلمت فيها الرسم بالألوان الزيتية وبدأت استخدمها في لوحات تقليدية لمناظر طبيعية ومشاهد تراثية.
الفن اختراعات
ـ النقلة الحقيقية بالنسبة لي كانت عندما بدأت أتابع الحركة الفنية في دول مختلفة ومنها بيروت حيث جذبني الفن الإنطباعي وبدأت أبحث عن عرابه اللبناني الفنان التشكيلي "حيدر حموي" إلى أن نجحت في الإلتحاق بأكاديميته حيث كنت أقضي يومي بين الدرس ومن ثم مراقبته وهو ينفذ أعماله وهو صاحب مدرسة خاصة في الرسم تعتمد على مزج الألوان والخامات المختلفة التي قد لاتخطر على بال الفنان التقليدي، وكان دائماً يقول لي: "لاتفكري في نقطة البداية ولا تكتفِ بأدوات الرسم التقليدية، اتركِ الأشياء تمتزج، وراقبي تداخلها، واستلهمي منها فكرة اللوحة". ومن هناك بدأت أدرك أن الفن ليس مجرد معادلة منطقية يمكننا أن نحفظها لنتعلم أن هذا العنصر بالإضافة إلى ذاك ستنتج عنهم نتيجة معينة، بل هو تجربة نكتشف معها نتيجة جديدة في كل مرة واختراعات قد تفاجي صاحبها. فبدأت أستخدم الغراء والرخام والبلاستيك والاكريليك وزيت التعتيق وأوراق الذهب التي كنت أبحث عن أفضل أنواعها خلال رحلاتي.
وعشقت المدن القديمة
ـ الاطلاع على معارض ومتاحف عالمية أتاح لي المجال لتحديد المواضيع التي تستهويني، وعشقت المدن القديمة بحضاراتها كالأندلس ودمشق والأسواق الشعبية مثل "خان الخليلي" فاتخذتها مسرحاً لسيناريو لوحاتي، وأحببت اللوحات التي تروي الحكايا وتترك لمن يراها المجال ليكمل قصتها، فنفذت عدد من الأعمال التي تتكون من 3 أو 4 لوحات صغيرة متسلسلة تعتمد على نفس "التكنيك" ويظهر فيها نفس الأشخاص ولكن في أماكن مختلفة كالميناء والمقهى والسوق على سبيل المثال وبشكل تجريدي للأشخاص والمكان، وقد استهوتني هذه الآلية لأنها تساعد حتى على التحكم في عرض اللوحات بشكل جميل على أي حائط في المنزل مهما كان صغيراً. وإجمالاً أسلوبي في الرسم يجمع بين الفن الواقعي والتعبيري والانطباعي، والتاثير الأساسي للمدرسة الاستشراقية.
مزاجي يختار ألواني، وقريباً معرضي الشخصي الأول
ـ الألوان بالنسبة لي تعكس مزاجي الشخصي، فلايوجد لون محدد أفضله ولكن بتلقائية أترك حالتي تختار لونها، فأجدني أستخدم الألوان المبهجة وأنا سعيدة والألوان الداكنة وأنا حزينة.
ـ لا أعتبر نفسي إلى اليوم محترفة بل هاوية، وهناك مجموعه من لوحاتي لا أستطيع التفريط فيها لارتباطي الشخصي والمعنوي بها، لكني أقوم بالتحضير حالياً لمعرض شخصي سأطرح به مجموعة كبيرة للاقتناء، كما أنني في كثير من الأحيان أقوم بتنفيذ لوحات شبيهة بمجموعتي الأولى نزولاً عند رغبة الأصدقاء أو زوار المعارض التي كنت أشارك فيها على فترات متباعده بأعمال للعرض فقط وأخرى للبيع.