عندما تتأمل أعمال الفنانة الموهوب(لطيفة درويش) تدرك أنها فنانة مبدعة بالفطرة،طوعت هذه الموهبة وطورتها لتقدم خط جديد على خارطة الفن السعودي....فوضعت بصمة خاصة جداً وسجلت بأناملها التراث السعودي كما لم يقدم من قبل...وعندما أردنا عرض أعمالها احترنا في الإختيار لتنوعها مابين الرسم والحفر والتصميم فحاولنا أن نعرض من كل بحر قطرة...ولنترككم معها أولاً في هذا اللقاء الذي يلقي الضوء على تجربتها في الرسم والتشكيل...
الفنانة(لطيفة درويش)في الماضي لم يكن هناك إهتمام كبير بالفن التشكيلي ولا مناهج أو دورات في المملكة العربية السعودية لتنمية المواهب فما هي المقومات التي ساعدت على ولادة الفنانة بداخلك؟
في الواقع كانت دراستي في الصغر خارج المملكة لظروف عمل الوالد وبدأ بممارسة هوايتي للرسم والأعمال الفنية في سن مبكرة...لكن والدتي كانت تساعدني وتشجعني على الإستمرار خاصةً وأنها تهوى القطع الجميلة والتنسيق...من جهة أخرى كان الوالد كثيراً ما يصحبنا لزيارة المتاحف والمعارض وهذا الأمر ساهم في إثراء معلوماتي واستيعابي للفن بمختلف مجالاته.
هل التحقتِ بدورات متخصصة؟
نعم،التحقت ببعض الدورات في فرنسا وأوروبا أسهمت ً في معرفتي للأساسيات العلمية في كيفية التعامل مع الأدوات والمواد الخام.
ماهي المواد التي تستخدمينها في أعمالك الفنية؟
في الغالب أعمل على البورسلين و الفضة والإيتان والأقمشة والعلب الخشبية بالإضافة إلى أدوات الرسم العادية...كما أنني الجأ في بعض الأحيان لإستخدام الأحجار الكريمة والبلاتين...وفي النهاية الفكرة والعمل هما اللذان يحددان الخامات التي أستخدمها.
اذن كيف تولد الفكرة لدى الفنانة(لطيفة درويش)؟وماهي خطوات التنفيذ التي تمر بها؟
الإيتان: هو معدن فضي أبيض اللون،مرن ويتمدد بسهولة وهو ثمين نظراً لمعالجته بالطرق والحرارة ليصبح بسماكة مختلفة ويأخذ الشكل المطلوب بواسطة الضغط والحفر عليه بأدوات خاصة ومن ثم يعطى درجات التعتيم بواسطة محلول خاص أولاً ابدأ برسم الفكرة في خيالي ثم أسجلها بشكل سريع قبل أن أشرع بالتنفيذ والحفر،أما خطوات التنفيذ فتختلف من عمل لآخر...بالنسبة(للإيتان) على سبيل المثال كنت أتبع التكنيك الفرنسي ثم بعد أن تمكنت منه أصبحت أستخدم طريقتي الخاصة التي تناسبني لإخراج العمل بالشكل المطلوب.
بأي منها بدأت احتراف العمل في هذا المجال؟
الحقيقة أنني بدأت بأصعبها ألا وهو(البورسلين)فهو يحتاج لأفران خاصة ودقة شديدة في التعامل معه لكنني أردت أن أقدمه بطريقة جديدة وتجربتي مع البورسلين أعتقد أنها الأولى من نوعها فقد كانت لرسم التراث العربي بينما المعتاد أن يكون الرسم على البورسلين بشكل كلاسيكي ويتضمن شخصيات مثل روميو وجولييت وغيرها..
من الملاحظ تميزك في تسجيل التراث العربي والسعودي على وجة التحديد في أعمالك فماهو السبب الذي دفعت للتخصص في هذا المجال؟
كنت دائماً أشعر أننا مقصرين بحق تراثنا السعودي بالرغم من ثراؤه...فعلى سبيل المثال عندما يزورنا سائح أجنبي يحمل لنا قطع تذكارية ترمز لتراث وطنه وكذلك الحال عندما نسافر للخارج نبحث دائماً عن الهدايا التذكارية...وبشكل عام لكل بلد أماكن شهيرة تتخصص لهذا الغرض أذكر منها مثلاً(خان الخليلي في مصر)ويوجد مثله في سوريا وغيرهما...وما حاولت أن أقوم به هو تسجيل التراث السعودي على صعيدين،الأول في لوحاتي الفنية والتي دونت فيها تراث جميع مناطق المملكة سواءًا الحجاز أو عسير أو نجد أو المنطقة الشرقية....والثاني بتصميم قطع تذكارية بسيطة تصلح لتقديمها كهدايا وهي تحتوي على صور ونماذج ترمز لتراثنا بالإضافة للعملات القديمة والحديثة لدينا وحاولت أن أعرضها بشكل جيد على الفضة والإيتان وغيرها من الخامات.
كيف وجدت الإقبال على شراء هذه القطع؟
الإقبال جيد جداً ومشجع للإستمرار،حتى أنني لاحظت أن البعض أعجبوا بهذه القطع التذكارية وأصبحوا يستخدمونها كديكور لمنازلهم وليس فقط كهدايا للآخرين....وكلما قدمت مجموعة جديدة سرعان ما تنفذ جميع القطع المعروضة.
من أين تحصلين على المواد التي تعملين عليها؟
في الماضي كنت أحصل على أفضل الخامات من(اليمن)أما الآن فوجدت مواد جيدة في ابها والقاهرة إلى جانب العلب الخشبية التي أرسل عاملة انجليزية متخصصةلإحضارها من أفغانستان فهي تعتبر نادرة وتعادل قيمة المجوهرات...وكذلك أحاول في سفرياتي أن أحصل على أكبر قدر ممكن من المواد الجيدة.
هل تشعرين بالفرق عند العمل على قطع من اختيارك الشخصي؟
نعم،هناك فرق كبير...عندما أقوم أنا باختيار القطعة أحاور البائع لاعرف كل شيء عنها و لا أغامر بشرائها قبل أن أعرف مكوناتها والمواد التي تدخل في صنعها...وكل ذلك بالطبع يساعدني على التعامل معها فيما بعد وعلى معرفة قيمتها الحقيقية.
ماهي أهمية مواظبة الفنان على حضور المعارض من وجهة نظرك؟
أمر هام جداً،فالفنان يجب أن يكون متابع لما يدور حوله...ولابد من تنمية المعلومات وتبادل الخبرات...وأنا شخصياً أشعر عندما أحضر معرض كأنني تلقيت دورة كاملة خاصة في المعارض الدولية حيث يكون المجال متاح للتعرف على كل جديد وعلى تفاصيل القطع وأفضل للتعامل معها،وبهذا أتفادى تلف القطع في مرحلة التنفيذ.
هناك شكوى من ارتفاع أسعار أعمال الفنانين العرب مما يقلل من حجم الإقبال عليها فهل هذا صحيح؟
غير صحيح إطلاقاً...بل الواقع أن الإنسان العربي اليوم على استعداد لدفع أسعار خيالية في قطع لا تستحق فقط لأنها من بلاد أجنبية...أو لأنها تحمل اسم عالمي...والدليل على ذلك أنه لن يجادل في قيمة وثمن قطعة لماركة عالمية عندما يقول له البائع أنها عمل يد...مع أن الواقع أن ما يقصدونه بعمل يد هو أن يضعوا مثلاً مئات الأطباق ويطبعون عليها صورة جاهزة بآلات الطباعة الحديثة ثم يقومون بإضافة خطوط بسيطة من التذهيب اليدوي...بينما نحن ننجز العمل بشكل كامل يدوياً من الرسم إلى الرتوش ويصعب أن يتكرر عمل مثل هذا بحذافيره حتى لو قام نفس الفنان بتنفيذه مرة أخرى...لذلك عندما كنت أحكي لأحد الخبراء الأجانب عن ما نقوم به أصابه الذهول من الجهد الذي نبذله لإخراج قطعة مقارنة بما يتم في مصانعهم.
بخبرتك الطويلة كيف يمكن للإنسان العادي معرفة القيمة الحقيقية للقطع الأثرية والنادرة؟
هذا الأمر يحتاج لممارسة فهي هنا أهم من الدراسة...وعندما تواظب على حضور المعارض وزيارة المتحف مع التدقيق والتركيز فيما تشاهده،تستطيع بشكل تلقائي أن تعرف الفرق بين الأصل والتقليد وتدرك قيمة القطع النادرة.
هل تفكرين بتوسيع نطاق عملك بإفتتاح متجر رسمي لبيع أعمالك؟
بالنسبة لإفتتاح متجر لا أعتقد أنني سأقوم بذلك لأنني أفضل العمل من منزلي...ومنذ فترة كان أخي يعرض أعمالي التذكارية في محل خاص في مكة أما الآن فأكتفي بعرضها في غرفة خاصة في منزلي وفي المعارض الفنية والبازارات.
بما انك ذكرتِ البازارات والتي تكون لها غالباً أغراض خيرية كيف تجدين إمكانية مساهمة الفنانات في هذا المجال؟
هناك توجه كبير من معظم الفنانات لرصد جزء من مردود بيع الأعمال الفنية للجهات الخيرية وهذه خطوة جميلة فالفن مهنة راقية لابد وأن تخدم المجتمع بشتى الصور...وفناناتنا على درجة عالية من الوعيبذلك والحمدلله...وبالنسبة لي قمت بذلك أكثر مرة خاصة لجمعية الرعاية الصحية التي أشارك فيها...
أخيراً،ماذا عن الإنترنت وهل سيكون له نصيب من عرض أعمالك؟
بالفعل أفكر حاليا بإفتتاح موقع على شبكة الإنترنت لعرض الأعمال وكذلك لبيعها وقد يكون ذلك قريباً بإذن الله...
في نهاية لقاءنا نشكر الفنانة(لطيفة درويش)على تواجدها معنا ونترككم مع معرض خاص لأعمالها في الصفحات التالية.