شهادات ثانوية منتهية الصلاحية
للمنتجات الاستهلاكية تاريخ صلاحية محدد نحرص على معرفته عند اقتنائها وعلى إتلافها إذا اقتربت منه أو تجاوزته... أما أن يكون لشهادة الثانوية العامة تاريخ انتهاء صلاحية في عرف الجامعات فهذا أمر يحبط العديد من الطلاب والطالبات الذين اضطرتهم ظروفهم إلى عدم الالتحاق بالجامعة بعد تخرجهم من المدارس لفترة تتجاوز خمس سنوات تعتبر فترة انتهاء الصلاحية للشهادة الثانوية ويحرم حاملها من الأمل في استكمال دراسته الجامعية إلا بشروط استثنائية لم تحددها اللوائح بوضوح ولكن على كل حال لا يبدو أن منها مثلاً الحرمان من المكافآت أو فرض رسوم لأن هذه المحاولات قد وردت من القارئة الكريمة في الرسالة التالية:
* الأخت سامية علي- أو هكذا يبدو لي اسمها من عنوانها البريدي- رسالتها باختصار تقول:
(أنا حاصلة على شهادة الثانوية العامة وكنت أتطلع إلى الالتحاق بالجامعة إلا أن شهادتي قد مضى عليها أكثر من خمس سنوات وهي بالتالي غير معتمدة من قبل النظام الجامعي وقد حاولت مراراً دون جدوى... إلى أن علمت عن نظام الانتساب بالجامعة واعتقدت أنه سيتحقق حلمي أخيراً ولكن صدمت بلوائح الجامعة مرة أخرى... فهل أحرم أنا ومن هم في مثل ظروفي من التعليم الجامعي وبالتالي تقل فرص العمل أمامنا؟ ألا يحق لنا الالتحاق بالجامعة أسوة بغيرنا? بل لا داعي لأن أقول أسوة بغيرنا ولكننا نود استكمال دراستنا والحصول على شهادة ولو كان ذلك نظير رسوم وعلى حسابنا الخاص ولكن دون جدوى, فليس أمامنا إلا أن نرفع أكف الدعاء لأنفسنا) واختتمت رسالتها بهمسة تقول (في الدول المتقدمة يجلس كبار السن على مقاعد الجامعة فهل هم أولى منّا بفريضة العلم؟... أرجو إعادة النظر في هذا الشرط ففي ظله تتلاشى فرص العمل أمامنا).
ما ذكرته القارئة هو أمر واقع بالفعل ففي أغلب جامعات العالم -التي أعرفها على الأقل- لا يوجد مثل هذا الشرط بل كنت وبعض الأخوات نستمع بإعجاب إلى إحدى طالبات الدراسات العليا في جامعة أمريكية وهي تحكي عن بروفيسور في أحد الأقسام العلمية- وهو بالمناسبة في الخمسين من عمره- وجد خلال بحوثه العلمية أنه بحاجة لدراسة تخصص آخر فالتحق بالجامعة ليجلس مجدداً على مقاعد الطلاب ويحصل على شهادة في التخصص الذي يريد... توفر هذه الفرص هو ما يشحذ الهمم على تطوير الأداء الوظيفي والدأب على التحصيل العلمي من منبعه الرئيس.
استرجعت كذلك مع رسالة القارئة حواراً دار بيني وبين خريج من كلية العلوم بجامعاتنا حيث وجد بعد انخراطه في مجال العمل بالمستشفيات أن دراسته لإدارة الأعمال ستساعده كثيراً في إدارة أحد أقسام المستشفى فاتجه بشهادات الثانوية والجامعة والخبرة والمبررات ليدق باب جامعته التي تخرّج منها بتقدير مرتفع فواجه طلبه الرفض ولم يتمكن من تحقيق أمله إلا في الخارج.
وبالعودة إلى لوائح الجامعات نجد كذلك أنه إذا مضى على طي قيد الطالب الجامعي أربعة فصول دراسية فأكثر فإن عليه أن يتقدم للجامعة بعدها كطالب مستجد دون الرجوع إلى سجله الدراسي السابق... وفي الواقع هذا الشرط يبدو في غاية الغرابة إلا إذا كانت المناهج الجامعية تتغير كل أربعة فصول وبالتالي يتعذر على الطالب استكمال دراسته مع بقية الطلاب من حيثما انقطع عنها!!!... كما ورد في اللائحة ذاتها نصاً (أن لمجلس الجامعة -في حال الضرورة- الاستثناء من ذلك) ولكن لم يتم توضيح حال الضرورة ولا الاستثناءات ليتأهب الطالب لها فبالإمكان على سبيل المثال ربطها بشروط أو اختبارات معينة يجب أن يتجاوزها الطالب ليتم قبوله أو إعادة قيده.
أعلم حتماً وأنا أكتب هذا المقال أن جامعاتنا تتميز عن غيرها بأن كل طالب يحصل على مكافآت مجزية خلال دراسته وهذا أمر رائع ويستحق التقدير ويعكس الحرص الكبير على تحفيز الجميع لطلب العلم وتذليل العقبات أمام الطلاب والطالبات على حد سواء... ولكن بعض المرونة مع من فرضت عليهم الظروف التأخير أو الانقطاع عن الجامعة لأن سوق العمل اليوم لم يعد يكتفي بالشهادة الثانوية في أغلب الوظائف التي نحن بأمس الحاجة إليها وإلى سعودتها... ونتطلع أن تحمل اللوائح عما قريب أملاً يلوح في الأفق تبقى معه أبواب الجامعة مفتوحة لطلابها بشروط أهمها جدية الطالب وعزيمته وأهليته للالتحاق بالجامعة لا بتاريخ صلاحية يختم على ظهر الشهادة الثانوية وعلى مستقبل حاملها بالحرمان من استكمال تعليمه أو تحصيل شهادات إضافية.
* رئيسة تحرير مجلة (عربيات) الإلكترونية
[email protected]
المصدر: صحيفة عكاظ