اختلفنا واتفقنا ياغرفة جدة!!
عندما اختلف (أبونورة) مع محبوبته صرح لوسائل(الأنغام) برائعته:«اختلفنا مين يحب الثاني أكثر» فعرفنا سبب الخلاف وملابساته حتى اتفق وإياها على «أنه أكثر وهي أكثر»... نموذج من الخلاف الرومانسي الذي يختلف عن حالات أخرى من الخلاف نسمع عنها دون أن نعرف أسباب أو نصل إلى حلول أو نفهم لماذا تم اقحامنا فيها ما لم تكن هناك رغبة حقيقية في المكاشفة.
- لقد كشفت أحداث غرفة جدة الأخيرة عن أن الخلاف بيّن والاختلاف وارد وبينهما أمور مشتبهات وأُخر مبشرات... أما ما عززته لي فهو قناعتي بأن المشكلة الرئيسية التي تواجهها أغلب التجارب في المجالس واللجان والجمعيات والمبادرات الوطنية الرائدة التي تضم أشخاصاً رائعين هي أننا لانعرف (متى نتنافس؟ ومتى نتكامل؟)... ولو أخذنا قطاع الأعمال كمثال سنجد أن من حق كل تاجر أن ينافس غيره ليحقق نجاحاً يحسب له في مجال عمله، ولكن هذا التنافس الصحي والطبيعي والمطلوب يحسب عليه عندما يحمله معه في تجربة أساس نجاحها العمل الجماعي والتكامل ليتحقق انجاز يخدم المصلحة العامة... ولست هنا أخص مجلس إدارة غرفة بقدر ما أجدها فرصة للإشارة إلى هذه الظاهرة التي اجتاحت مختلف الأوساط، فمؤخراً أصبحنا نستقبل يومياً أخباراً عن مبادرات هامة وخطوات غير مسبوقة يقدم عليها القطاع الحكومي أو الخاص أو حتى الأفراد العاديون الذين يختارون القيام بمهام تطوعية لتحقيق أهداف تنموية أو توعوية تصب في إطار خدمة المجتمع أو تدعم مجال عملهم واهتمامهم، فنشهد انطلاقات قوية ومبشرة تؤكد أن النخب قد أصبحوا على درجة عالية من الوعي الذي يدفعهم بعد تحقيق النجاح الشخصي إلى القيام بدورهم نحو مجتمعهم وقطاع عملهم، ومايغيب عن الحماس دائماً هو دراسة الآلية التي ستحقق من خلالها المجموعة تركيبة التكامل... تبدو العملية صعبة للغاية فعلينا أن ندرك أن هذه المبادرات وخاصة التطوعية منها تضم مجموعة من القادة في مجال عملهم وعلى هذه المجموعة أن تختار قائداً لها تثق في قدراته وتقبل بقراره.
- كيف ينتصر التفاهم على الخلاف؟، وكيف تكون قائداً لقادة؟، وكيف تتحول من قائد وصاحب الكلمة الأولى والأخيرة في منشأتك إلى أحد عناصر صناعة القرار ضمن مجموعة يتساوى أفرادها في الصلاحيات وقد يخضع أداء كل منهم وعطاؤه للتقييم والمحاسبة من قبل قائد آخر؟... تلك أسئلة لابد أن نبحث لها عن إجابات بدلاً من أن تصبح هي باختصار الإجابة في نهاية المطاف على سؤال لماذا تفشل العديد من المبادرات ذات الانطلاقات القوية وتكرر نفس الأخطاء وتتعثر في منتصف الطريق قبل أن نجني ثمار تأسيسها؟.
- الحديث هنا عن وعي المبادرين الذين نعول على مبادراتهم الخاصة أو على انضمامهم لمبادرات وطنية تهدف إلى التطوير ودفع عجلة وعي الأفراد، وهو بذلك حراك لاينفصل عن الجمهور ويتصل مباشرة بالإعلام الذي بات متابعاً لكن هذه الخطوات وأقدم معها هو الآخر على خطوة جديدة، فبعد أن كنا لا نقرأ عن خلافات مجالس الإدارة و صراعات الكراسي إلا في أندية كرة القدم أصبحنا ندرك أن مثل هذه الخلافات تقع في كل مكان مأهول بكائنات بشرية تعمل وتخطئ وتصيب وتتنافس وتتصارع، ومادمنا معنيين بنتاج عملها فيحق لنا ننشغل أو نطمئن على خط سير برامجها.
- وبالعودة إلى أحداث غرفة جدة الأخيرة، لم يعب مجلس الإدارة تسليط الضوء على خلافاته، ولم يخطئ بعض أعضاء المجلس عندما رفعوا الستار لنرى شيئاً مما يدور خلف الكواليس ونتعرف على وجهات النظر المختلفة، ولكن المشكلة هي أن أحداث الغرفة قد احتلت مساحة واسعة من وسائل الإعلام التي نشرت تصريحات وتحليلات ورسائل وعناوين مثيرة دون أن نفهم في نهاية المطاف ماهو سبب الخلاف وماهي إستراتيجية رأب الصدع!!... مما يجعلني آمل أن يكون الخلل في ضعف استيعابي وأن لايكون بعض أعضاء المجلس قد استعانوا بالإعلام لمجرد إيصال رسائل مشفرة لبعضهم البعض، فبحسب رؤيتي القاصرة أعتقد أن الإعلام ينشر ليفهم القارئ، وأن الضيف يصرح ليعكس وجهة نظر واضحة ذلك أن مايقوله يفترض أن يندرج تحت تصنيف (التصريح) لا (التلميح)، وعلماً بأن الجمهور المستهدف هم آلاف المنتسبين لغرفة جدة لا بقية أعضاء المجلس ولا المسؤولون اللبيبون الذين تكفيهم الإشارة لتصل الرسالة.
- ماخرجت به من متابعة ماينشر في وسائل الإعلام هو أننا (اختلفنا مين يشغل كرسي الرئاسة)، وماخرجت به من حضور لقاءات سابقة أقامتها الغرفة في مناسبات عديدة هو أننا (لم نتفق على الفصل بين مقام التنافس ومساحة التكامل) بالرغم من وجود انجازات هامة تحققت ولكنها للعجب كانت تستعرض على الهامش بينما تحتل الهوامش مساحة أكبر... وتكرار ذلك يجعلني أُخِرج أحد مقترحاتي من حيز الهمس إلى العلن متأملة أن يتم ترشيح متحدث رسمي باسم المجلس قد يحل وجوده هذه الإشكالية فيحقق الشفافية التي يتبناها الأعضاء وينظم علاقة عملهم بالإعلام والجمهور ويقلب اتجاه الأضواء من الأشخاص إلى الأفعال.
رئيسة تحرير مجلة عربيات الإلكترونية
المصدر: صحيفة عكاظ
