تغطية لمعرض "اللقطة الواحدة" بدار الأوبرا المصرية
جلس " كلود مونيه " ليرسم الواجهة الضخمة لكاتدرائية " روان " في قلب باريس فلما إمتد به الوقت إكتشف أن الشكل يتغير بتغير حركة الضوء خلال أوقات النهار المختلفة , فحركة الضوء من ساعة لأخرى إمتدت إلى المعمار .. تكاد تغير من هيئته , فأنتج منها مجموعة من اللوحات , لكل منها زمانها وضوؤها الخاص , فكانت النتيجة تعدد الأشكال في لوحات مختلفة لكن جسم الموضوع ثابت لم يتغير .
فمن الموضوع الواحد كان معرض اللقطة الواحدة الذي أقدم علية مجموعة من شباب الفنانيين المصريين المتجانس والمتحمس , جمعتهم كلية الفنون الجميلة بالقاهرة فكانت الفكرة التي دبت في وجدانهم وكانت البداية ... وكان الإختيار لبقعة متميزة وغنية من حي مصري عريق هو حي القلعة وبالتحديد درب اللبانة لرسم منظر واحد تم إختيارة حيث رحيق المحب والعاشق للقاهرة القديمة .
إتخذ الشباب مواقعهم ... نظروا مليا .. إستوعبوا اللقطة ثم ما لبثت خطوطهم أن إنطلقت مشتعلة فوق الورق ... لمسات متشابهة ومتنوعة في آن واحد متعطشة للإبداع ... سيمفونية متعددة النغمات تعزف لحنا واحدا .
وبعد قليل بدأت البشائر ... تعدد في اللمسات , الرؤى , الخطوط والألوان .. الخامات والأبعاد نتيجة تعايش الجميع مع المكان والزمان .
تتابعت المحاولات تشكل بحثا ومحاولة للتنقيب عن الروح الكامنة في الأعماق , إزاحة التراب والغبار وإكتشاف ممالك العبق الجميل القابعة خلف الجدران .
"عربيات" تعايشت مع ميلاد التجربة الفريدة من نوعها ... مع التجربة التي تنبىء بتعدد النجاحات التي منطلقها تعدد الإتجاهات وتعدد الرؤى ... والتي ظهرت في معرض اللقطة الواحدة المقام حاليا في دار الأوبرا المصرية .
يضم المعرض 50 لوحة بدون ملل كانت للقطة واحدة تنوعت وإختلفت رؤية الفنان والأبعاد والزوايا وأسلوب التعبير ليكتشف كل فنان نفسه و لأول مرة في مصر يجتمع 15 فنان في معرض واحد على لقطة واحدة .
كانت أول محطة " لعربيات " في المعرض مع فرشاة ( خالد عبده ) في السنة الرابعة بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة قسم رسوم متحركة .. تجول في لمسات جريئة وقوية معبرة عن فوران لا يهدأ مستخدما ألوان باستيل والألوان المائية ... يقول ( خالد عبده ) لعربيات " الفكره جميلة والتجربة جريئة تصل لحد الجنون , فلقد رسم نفس الكادر نفس اللقطة دون ملل وتوافقت الفكرة مع ميولي حيث عشقي للتجريد وللظل والنور .. تناسيت التفاصيل في لوحتي باحثا عن تلخيص بليغ بالألوان" .
بينما ( هبة عبد الحفيظ ) المعيدة بالكلية قسم ديكور كانت لقطتها تتميز بالصفاء المشع من ألوان لوحتها الصافية , شاعرة مفردتها الألوان تحاول بها البوح عن عبق المكان حيث تقول :" أسجل لقطة من مصر القديمة , أحاول أن أذكر الناس بجمال المكان من خلال الألوان المشرقة والمرحبة بشكل مبسط ".
وعن إنطباعها من التجربة الجديدة تقول :" التجربة مفيده على المستوى الإنساني والفني شهدت فيها ميلاد رؤى وإتجاهات فنية متعددة ومتحابه ومعبرة في اللقطة الواحدة , كما أن ظهور هذه التجربة في معرض جماعي شىء مثير وفريد لتجتمع أحاسيس ولمسات متباينة لنفس المنظر وأتمنى تكرار التجربة" .
أما ( ياسمين بطايحي ) في السنة الثالثة بكلية الفنون الجميلة قسم تصوير فشاركت في المعرض بخمس لوحات لنفس اللقطة نجحت من خلال لوحاتها أن تؤدى لحنا جديدا متطورا ينبىء بفنانة واعدة , تلخص المساحات وتؤكد الظلال , تظهر البناء المتين بتكوينات متمردة , حيث تقول :" رأيت اللقطة بأكثر من إحساس بمجرد أن إختلف الضوء وتباينت الزوايا ولهذا رسمت خمس لوحات لأخرج إحساسي في تكوينات مختلفة تأثرت خلال اليوم الواحد حسب الإضاءة " , وعن التجربة تقول ياسمين :" استمتعت بها وأتمنى تكرارها حيث الفكرة المثيره والتي اظهرت إحساسنا بالمكان "... وتضيف ياسمين :" كما أن فكرة عرض هذه اللوحات في معرض فكرة جيدة حيث يمكن للمتلقي أن يشاهد أكثر من إحساس وأسلوب لمحاكاة الفرشاه والألوان , وهي فرصة للتأمل ، كما أنها تشجعنا كشباب على إقامة معارض وهذا هو حلم كل فنان".
ويشارك بدوره ( محمد كمال ) خريج كلية الفنون الجميلة بالقاهرة والذي حاول بإنسيابية الحركة والبناء المتشابك أن يظهر التآلف في المكان حيث يقول :" حاولت من خلال الخطوط والألوان أن أظهر التماسك الوجداني الذي ينبعث من المكان وهو مايظهر جليا في تشابك المباني " ... وعن التجربة يقول محمد " هي الأولى من نوعها و أتمنى تكرارها".
حاولت ( دارين محيى ) " بالسنة الثالثة بالكلية قسم جرافيك " أن تظهر فيضان من المشاعر الشفافة المتداخلة لتظهر المكان في عذوبة ورقة حيث تقول : " حاولت من خلال الألوان المائية أن أظهر الشفافية والبراءه وروح المكان وأتمنى تكرار التجربة التي أسعدتني وأفادتني كثيرا من خلال العمل مع مجموعة ناضجة قادرة على التعبير ."
وأما ( محمد السيد ) أصغر الفنانيين في مجموعة اللقطه الواحدة حيث يدرس في السنة الأولى من الكلية قسم جرافيك كانت خطوطه واثقة أشبه بقنبلة موقوتة تنتظر إنفجارها , حيث يقول : " حاولت من خلال ألوان الكريك والجواش أن أعبر بخطوط مباشرة تفجر عبق المكان وتماسكه ".
بينما ( أميرة الخطيب ) في السنة الثانية من الكلية قسم جرافيك حاولت كما تقول من خلال خطوط حرة أكثر منها تقليدية والإضاءة القوية مع تعميق الظل أن تظهر طبيعة المكان وتضيف أميرة : " كانت التجربة مفيدة جدا فقد سمحت لي بأن أرى تجارب الآخرين وكأنني في ورشة عمل أضافت لي تنوع الإحساس واللمسات الفنية المتباينة حسب الإضاءة ".
وكانت ( حنان الشيخ ) التي استطاعت من خلال لمساتها الفنية الباحثة عن خصوصية الأداء أن تعبر عن المكان حيث تقول : " لقطتي كانت متباينة الخطوط فقد أحسست بالمكان المتباين المشاعر فكانت خطوط حالمة وآخرى مشاكسة كما كانت التجربة الفريدة من نوعها والتي أتاحت الفرصة أمام شباب من الفنانيين الصاعدين أن يعبروا بخطوطهم عن لقطة من أجمل لقطات القاهرة".
وتقول ( دينا حمدي ) :" حاولت بإستخدام الزيت أن أعبر عن المكان بخطوط لا تحمل تفاصيل لكنها ناعمة منسجمة متوحدة لها إستقلالها " ... وعن التجربة تقول دينا : " شىء فريد من نوعه أن ترى لقطة واحدة بعيون فنية متعددة ومتباينة المشاعر والأحاسيس وهو ما ينعكس بالإيجاب على الفنان والمتلقي في آن واحد ".
بينما ( منى سنبل ) التي عبرت عن البناء الراسخ من خلال دفء الألوان تقول : " استخدمت الفحم والشمع والإستيل لأتعدد في الأبعاد فالبعد القريب في اللقطة كان للإضاءة ليظهر عمق المكان من خلال الظل والبعد البعيد ظهر في تفاصيل المبنى وطراز العمارة الإسلامية " ... وعن التجربة تقول منى : " التجربة جيدة ومهمة للغاية لإظهار الأحاسيس ورؤية كل فنان مع توحد اللقطة وإختلاف الزوايا والإضاءة ".
وإختتمت " عربيات " جولتها في معرض اللقطة الواحدة بلقاء مايسترو اللقطة الدكتور / عبد العزيز الجندي المدرس بكلية الفنون الجميلة و الذي قال : " تأملت المجموعة بكل فخر لأمسك بالفرشة وأسعد بإنتمائي لهم وأحس بأنني واحد منهم أرسم بفرشاتهم وألوانهم , أتنفس هوائهم , أحاول إيجاد التواصل المفقود في زمن غابت فية الروح الجماعية وسيطرت الذاتية وطغيان الأهواء الشخصية بعيدا عن مشاريع الكلية والدراسة وأسلوب التدريس بالكلية إجتمع 15 فنان متجانسيين وقررنا إختيار قطعة من الأثار المصرية وكان حي القلعة " درب اللبانة حيث الفن المعماري الإسلامي , حيث الناس الطيبيين , منظر يحتفظ بطبيعته رغم التطور والتغيير في عبق الأماكن وإستمر العمل على مدار 60 يوم إنعكست حالة المشاركة الوجدانية على اللوحات ليتأمل المتلقي دون ملل أو تماثل خمسون لوحة مختلفة في التعبير والإحساس والألوان حيث استخدمت كافة .