عندما يكون الإيمان بالموهبة قادراً على تخطي العقبات، يتحول الحلم بين ليلة وضحاها إلى واقع ملموس، وكما ينصهر العنصر الكيميائي داخل المختبر، جعلت مصممة المجوهرات السعودية دانة العلمي من الواقع بوتقة تنصهر فيها موهبتها فتخرج للنور متحدية للصعوبات في مجال تصميم صناعة الأحجار الكريمة.
لم يكن الطريق أمام حلمها معبداً، لكنه لم يُغْرس بالشوك، وقبل البداية كان هناك سبب تقول عنه العلمي: "أنا مهتمة بمجال التصميم والأشغال الفنية والديكور بشكل عام، ولم يكن ضمن خياراتي أن اتجه لتحويل هوايتي لمهنة، لكن أثناء حفل زفاف أخي وكما جرت العادة يقدم أهل العروسين هدايا لهما، وقد بحثت في ذلك الوقت عن هدية أقدمها لعروسه فلم يحالفني الحظ في إيجاد ما يناسب ذوقي وميزانيتي أيضا، لذا قررت ونظير محبتي له أن أصمم له هدية زواجه بنفسي، كي تليق بهذه المناسبة وترضي ذوقي من حيث الأحجار المستخدمة إضافة إلى التصنيع، وبالفعل قمت بتصميم عقد من اللؤلؤ المُطَعَم بالألماس، وتعاونت مع أحد المصانع المعروفة للوقوف على تنفيذه".
وتستطرد قائلة: "دعم زوجي و أسرتي كان الشرارة التي جعلتني أفكر جدياً في التحول من هاوية لمحترفة، وأجدها فرصة أن أقدم لهم الشكر كما أقدمه لصاحب المصنع الذي وجدت التشجيع منه".
التجربة الأولى للعلمي لم تكن الأخيرة، حيث بدأت تخرج عن نطاق أسرتها إلى محيط أصدقاء أسرتها وعن تلك الخطوة تقول: "كنت الخيار الذي يتوجهون إليه للاستشارة في مجال المجوهرات عندما تكون هناك مناسبة خاصة، ولم يقتصر ذلك على نطاق الأسرة حيث شاركت بعض الصديقات في عملية التسويق لي على نطاق أسرهن، وفي الواقع لم يزدني إقبال البعض باختياري ثقة بقدر ما زاد من تحملي للمسؤولية تجاه من أعدهم عميلات، الأمر الذي دفعني إلى تأسيس ورشة عمل خاصة بي يتم داخلها تصنيع القطع – التي أقوم بتصميمها- يدوياً، وتماشياً مع طلبات بعض الزبائن أقوم بإعادة تصنيع بعض القطع الثمينة والتي لا تتماشى مع موضة العصر وفق رغبتهم".
وعن الآلية التي تعتمدها لإعادة التصنيع، تقول: "أعطي لكل قطعة الوقت المناسب قبل أن تخرج للنور، كما أقوم بعمل بروفة قبل تثبيت الأحجار الكريمة، حيث تقرر الزبونة بمدى ملائمة التصميم أولاً وذلك حفاظاً على نقاء الحجر، فأي خدش يصيب الحجر يقلل من قيمته".
أما أسباب تحولها من العمل في مجال تخصصها الدراسي (علوم كمبيوتر – برمجية) إلى عالم المجوهرات توضح العلمي، قائلة: "أنا سعيدة بعملي لفترة من حياتي في مجال البرمجة حيث قمت ببرمجة عدد من البرامج منها على سبيل المثال البرنامج الخاص بالسكن الداخلي التابع لكلية البنات بجدة، و البرنامج الخاص بالمشروع الوطني للتوظيف، وبالرغم من أن تصميم المجوهرات والبرمجة متشابهان من حيث حاجتهما للصبر، والإطلاع إلا أنني وجدت متعتي في تصميم المجوهرات".
وعن أبرز الصعوبات التي تواجهها تقول: "التسويق، خاصة وأنني أعمل على نطاق ضيق، وبدأت أتجاوز هذه العقبة بمشاركتي في بعض من المعارض التي أستطيع أن أجد فيها من جمهوري المستهدف والذي يقدر الأحجار الكريمة".
وعن الوقت الذي يستغرقه تصميم قطعة ما تقول العلمي: "في الواقع الأمر يعتمد على القطعة، فبعض القطع تستغرق أسبوعاً بينما بعض القطع تحتاج إلى شهر بحسب المتطلبات".
المستقبل يراه البعض ضبابياً بينما اختصرته في سطور العلمي عندما قالت: "استقدمت عدد من المصممين المحترفين وذلك لتنفيذ بعض الأفكار وابتكار أخرى، كما تواصلت مع موردين الأحجار الكريمة للحصول عليها من منشأها رغبة مني في عدم رفع السعر على عميلاتي، ولا أفكر في الوقت الحالي بافتتاح محل لبيع تصاميم دانة العلمي قبل أن يصبح لي خط إنتاج ثابت يظهر سنوياً، فالفرق بين الظهور بفكرة تصميم يختلف كثيراً عن الاستمرار في ابتكارها بشكل دائم، أيضا ارتفاع سعر الذهب لا يعد مبشراً لمن يرغب في تحمل عبء إيجار إضافي، فالنجاح و إن كان هدف تحكمه عدد من المؤشرات لا يمكن أن يتجاهلها من يرغب في دخول السوق والمنافسة".
كان هناك سبب في عدم تخصيص ركن لعرض قطعها وذلك بالتعاون مع معارض كبار الجواهرجية تقول عنه: "هي فكرة جيدة ولا أنكرها، لكنني أبيع منتجاتي بسعر منافس، وفي حال تم التعاقد مع أحد هذه المعارض سأرضخ لسعرهم وفق العقد وهذا ما أرفضه".
العلمي التي تميل في التصميم للطابع الكلاسيكي الذي يتماشى مع العصر، تفضل من الأحجار الكريمة الزمرد، وتؤكد على أن كل قطعة تقوم بتنفيذها تكسبها خبرة وتجربة تستثمرها في الخروج بنقاط وصل بين التصميم الذي يمكن تنفيذه وبين رغبات عميلاتها تقول عن جديدها: "استعدادا لموسم الصيف والأفراح قمت تنفيذ عدد من تصاميمي، كما قمت بتوفير عدد من القطع الجاهزة وذلك لمواجهة زيادة الطلب خاصة وأن تصميم القطع وتنفيذها يحتاج لوقت".