الشاعر عادل الوقداني لـ"عربيات": لا إعلام ولا تعليم لدينا
عادل الوقداني لم يكن اللقاء معه عادياً, فعادل الوقداني له شجرة عائلية متفرعة عن الشعر, أبو دلامة الثاني هو والده, وجدهُ بديوي الوقداني... عظماءٌ بشعرهم كما هو أيضاً, في حديثهِ شيءٌ من الفلسفة, يرى بأن الإنسان ميّت دوماً ولا يحيا إلا في القبر لذلك تجد صوته يعلو من القبر... وعلى الميعاد كان لـ "عربيات" هذا الحوار معه.
ما هي رؤيتك للشعر؟
هو اتقاد المعاني في صدر الشاعر التي يُظهرها بألمه في قالب متناسق.
ماهو سبب ابتعادك عن الساحة الإعلامية؟
لا إعلامَ ولا تعليم لدينا... فالإعلام يسير برتم معين مبني على الخصوصية ويهدم في اللغة خلافاً لما يفترض أن يقوم به من دور هام في بناء اللغة... وهذا ما جعلني أرثي لغة الضاد بسبب إعلامنا وتعليمنا.
بكت عيني على لغتي فمن للعين إن بكتِ
هوى التعليم في سفلٍ بـه سفلُ الأسافلةِ
وحرف الضادِ في خطرٍ فـمن للضادِ يا أبتِ
الألقاب التي أطلقت عليك مثل: صنّاجة الجامعة أو أبو دلامة الثالث, هل تشكل لك أهمية أم أنك تبتعد عنها كما ابتعدت عن من أطلقها عليك؟
هذه الألقاب أو غيرها لا تشكل لي أي أهمية وتقريباً منذ ست سنوات وأنا أحاول الابتعاد عنها... لكن لعل أبو دلامة هو الأقرب إلى نفسي لأنه يعتبر ورث عن أبي.
أنت متحيز للشعر الكلاسيكي وتعتمد عليه في جميع قصائدك، فماهو السبب؟
الأصل أصل... والشعر الكلاسيكي هو الأصل ومن أراد أن يبني فلا يبني على غير أصل... هذا من ناحية الأوزان والبحور أما الأفكار والموضوعات فهي كما قال الجاحظ: (( المعاني مطروحة في الطريق)).
مع مطلع القرن العشرين, بدأ الشعر في معالجة القضايا الاجتماعية, هل نجد لدى الوقداني أي من تلك القصائد التي تعالج أو تتحدث عن مثل هذه القضايا؟
هناك قضايا مهمة مثل الإرهاب ناقشتها في أبيات بسيطة منها:
إذا ما الليل يأتي من بعيدٍ فإن الصبح في بلدي يضيءُ
بنو الإرهاب شرذمة قليل ويأتي بالذي تأتي الجريءُ
ومن سقطوا وهم أصلاً براء فوا أسفي لقد سقط البريءُ
دنت لحظاتكم عداً قليلاً إما أرهبتموا بلدي فبيئوا
أيضاً الرياضة إن اعتبرناها قضية اجتماعية حيوية سبق وناقشتها سواء للأندية أو المنتخب الوطني.
هل الحداثة غائبة عن شعر الوقداني؟
هناك حداثة ممجوجة وهناك حداثة مرحب بها, وهنا إذا كانت الحداثة في مجال شطب الأوزان والموروث القديم فهذه ليست حداثة بل "حراثة"... أما الحداثة المتعلقة بالألفاظ والشكل فأنا أمارسها في بعض قصائدي.
المعاناة حالة ترافق الشعراء فتكتب قصائدهم أو تحول بينهم وبين كتابتها، فماهو دورها في شعرك؟
قد تكون أبرز معاناة في حياتي هي حادث السيارة الذي تعرضت له وأصبت على إثره بشلل نصفي ثم عايشت أيامي بعد أن تشافيت منه إلى حد ما ولكنه أدى إلى حرماني من مشاركة أقراني حوالي 17 سنة... وقبل ما يقارب التسع سنوات ظهرت عليّ بوادر أدبية وبدأت بالكتابة النثرية وممارسة هوايات أخرى كالرسم ولكن بقي الشعر على رأس الهرم الذي أسكنه.
من ابتهالات الوقداني إلى الله:
وليلُ العادلِ يبري ومن يدري سوى الباري عسى الباري لنا يُبري
رأى ليلاً لمن حولي به يهنوا وقـد غفلوا فدعوةُ ليلنا تسري
فمن صحبي إذا ما كنتُ ذا ذنبٍ رأوا خيراً وقالوا الخيرَ في الجهرِ
ولستُ منزهاً فقولوا بهذا اليوم من يخلوا مـن الوزرِ
فخفف يا إله الخلقِ عن ليلي وبالأولى على الأخرى لكم شُكري
أرى نفسي معجلةً لها الأخرى وأرجو الله مـن هذا إلى الأجرِ
ويكفيكم سوى قولي إذا قلنا لقد مُتنا وهذا الشعرُ من قبرِ
برأيك ماهو سبب تهميشك من قِبَلْ نادي الطائف الأدبي وجمعية الثقافة والفنون بالطائف؟
الأسباب بالطبع هي مشتركة سواءً من النادي والجمعية أو مني والأسباب التي هي مني أعزيها إلى هذه المؤسستين. كنت ابحث لدى النادي عن توجيه ولكن النادي يحتاج لتوجيه, وجمعية الثقافة والفنون تحتاج لشاعر تحت الأمر العسكري يُنفذ الأوامر فقط وهذا لا يروق لي.
اعتمدت كثيراً على المهرجانات السياحية وشعر المناسبات, ما هو المردود التي تجده من هذه المشاركات؟
مردود مادي لم أحظى به حتى الآن, أما المردود المعنوي فلعلني لمستُ منه شيئاً يسيراً في إعجاب المتلقي بقصائدي.
لديك قصائد غنائية, هل سترى إحداهن النور عن قريب؟
أرسلت قصيدة إلى الأستاذ عبدالله رشاد وأخبرني بأنه سيجري التنسيق لتعاون فيما بيننا عن قريب، ولكن إلى الآن لم يستجد جديد.
يصف البعض قصائدك بأنها ممزوجة بصور بلاغية غير مسبوقة بالإضافة إلى قوة المفردات, فهل تحاول أن تعيد شخصية أبو دلامة الثاني المتمثلة في إحياء القصيدة القديمة؟
الجميع يعلم بأن القول له تأثير كبير على المتلقي لذلك أحاول أن أجمع كل الأساليب المؤثرة في القصيدة, ومن ذلك قولي متغزلاً:
أديمي نظرة الحب أديمي فما ظني بمثلي في الأديمِ
ولا ترمي بقلب الصبِّ كبراً فقد وقعت سهامكِ في الصميمِ
أتى العذال من حدبٍ وصوبٍ وقالوا قولك الواشي اللئيمِ
تمتّع من شميمِ عرارِ نجدٍ فما بعد العشية من شميم
وإن ضاقت بلادي عن مُقامٍ بوسط العين يا عيني أقيمي
بالنسبة لأبي دلامة الثاني وهو والدي فلم أجد منه نقداً بناءً في حياتي لذلك لم يكن هناك محفز على أن أعيد شخصيته ورؤاه في القصيدة.