تعتبر مجوهرات التاج الملكي البريطاني جزء من تاريخ بريطانيا الممتد إلى أكثر من 800 عام، توارث خلالها الملوك أثمن الأحجار الكريمة في العالم، ويتم عرضها اليوم في حجرات خاصة في برج لندن.
ولعل أول سؤال يدور بخاطر زوار معرض مجوهرات التاج الملكي البريطاني هو : هل من الممكن أن تكون كل هذه الأحجار الضخمة أحجار كريمة ؟ وكيف يقدر ثمنها؟
الإجابة نعم، جميع المعروضات في متحف مجوهرات التاج الملكي البريطاني في برج لندن مجوهرات أصلية ثمينة ولو قمت بزيارة المكان في أحد أيام المناسبات الرسمية الملكية فستلاحظ أن المكان المخصص للتاج الإمبراطوري غير موجود لأنه سيكون على رأس الملكة في هذا الوقت.
ولايمكن بأي حال من الأحوال معرفة القيمة المادية للأحجار والقطع المعروضة في هذا المكان فقيمتها ليست مادية فحسب بل أيضاً معنوية ذلك أن تاريخها يمتد إلى مايقارب 800 عام توارثت خلالها بين أفراد الأسرة المالكة ويمكنك أن تميز من تصميماتها العصر الذي تنتمي له فهي تحكي قصة تاريخية للعرش البريطاني.
في هذا العدد نصحبكم في جولة قامت بها ( عربيات ) لنلقي الضوء على بعض القطع النادرة من حجرات العرض المخصصة للتاج الملكي البريطاني.
تاج ملكة بريطانيا
يعتبر تاج الملكة إليزابيث والمعروف بـ The Imperial State Crown من أثمن القطع المعروضة... وتم تصميم هذا التاج في عام 1937م، حبث سبق وأن ارتداه عدد من ملوك وملكات بريطانيا ولكن أجريت عليه عمليات ترميم مختلفة ففي عام 1838م تم إعادة تصميمه للملكة فكتوريا.. ثم توارثه الملك إدوارد السابع. يليه جورج الخامس. ثم أخذ شكله النهائي عام 1937م للملك جورج السادس وتم إجراء تعديلات بسيطة عليه لترتديه الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا الحالية والتي تم تتويجها في عام 1953م وبتمثل التعديل ببتخفيض إرتفاعه وإضافة 2800 حجر من الألماس الصافي، و17 حجر زفير، 11 زمرد، 5 ياقوت، و273حبة لؤلؤ.
ماسة كوخ النور
القصة وراء تسمية هذه الماسة بـ (كوخ النور تعود إلى المعركة التي خاضها الفرس ضد المغول في الهند عام 1738م وانتصر فيها القائد الفارسي (نادر شاه) الذي اقترح أن يحصل تبادل للعمائم التي كان يرتديها قواد المعركة كإثبات لحسن النية وتفاجأ عندما فض العمامة التي حصل بسقوط هذا الحجر فدفعه التعجب من حجمه وبريقه أن يتسائل (هل هذا حجر أم كوخ نور ؟!). ومن ذلك اليوم أطلق على الماسة اسم (كوخ النور). ولكن لايعرف تحديدا من اكتشفها وان كانت بعض الأساطير تقول أنها كانت لأول قائد مغولي حكم الهند في القرن السادس عشر ويصفها البعض في ذلك الوقت بأنها ثمنها يعادل نصف النفقات التي ينفقها سكان العالم في يوم واحد.. ولقد انتقلت ملكية هذه الماسة لعدد من الحكام إلى أن قُدِّمت للملكة (فكتوريا) من المهراجا (دوليب سينق) عام 1849م وأصبحت من ممتلكات التاج الملكي البريطاني منذ ذلك العهد وإلى اليوم .
تاج الملكة الأم
على الجهة اليسرى يظهر التاج الملكي الذي تم تصميمه لتنصيب الملكة (ميري) في عام 1911م حيث كانت ماسة (كوخ النور) تتوسطه وتم إستبدالها اليوم بقطعة كرستالية حيث وضعت (كوخ النور) في تاج الملكة الأم.
وعلى الجهة اليمنى يظهر تاج الملكة الأم وهو التاج الوحيد المصنوع من البلاتينيوم حيث ارتدته الملكة في حفل تنصيبها عام 1937م ، وتظهر ماسة (كوخ النور) الأصلية في واجهة التاج الملكي.
تاج حفل المبايعة في الهند
يمنع الدستور البريطاني الملك من نقل التاج خارج بريطانيا.. لكن في مناسبة خاصة جداً هي حفل المبايعة في الهند كان من الضروري تصميم تاج لتلك المناسبة ليرتديه ملك بريطانيا هناك .. و تم التصميم في عام 1911م بتكاليف تقدر في ذلك الوقت 60,000 جنيه استرليني.. يضم التاج 6100 حجر من الماس النقي بالإضافة لأحجار الياقوت والزمرد.. ولم يتم إرتداء هذا التاج في أي مناسبة أخرى بل عاد به الملك إلى بريطانيا وظل إلى اليوم في بيت المجوهرات الملكية... ويعتبر الأثقل وزناً من بين مجموعة التيجان الملكية فيحكى أن الملك ( جورج الخامس ) بعد 3 ساعات من إرتداء التاج كتب في مذكراته أن ذلك التاج تسبب له بصداع شديد بسبب ثقل وزنه.
صورة للملك جورج الخامس، والملكة ميري في حفل البيعة في نيودلهي ويظهر التاج الإمبراطوري الخاص بهذه المناسبة على رأس الملك.
الماسات الكولونية
تم إكتشاف هذه الماسة في جنوب افريقيا عام 1905م وكانت تعبر أكبر ماسة من نوعها حيث تزن 3106 قيراط وتم قصها إلى قطعتين هما ما يعرف اليوم بالماسة الكولونية الأولى والثانية ... حيث تعتبر كل منهما من أكبر وأندر الماسات المقصوصة على هذه الدرجة من النقاء في العالم ، و استغرقت معالجتهما 8 أشهر .
الملكة (ميري) ترتدي التاج الملكي المرصع بماسة (كوخ النور) الأصلية... كما تظهر الماسات الكولونية الفريدة على شكل (بروش) نرتدية الملكة في هذه الصورة.