منتدى جدة الإقتصادي في دورته العاشرة
واصل منتدى جدى الإقتصادي إنعقاد دوراته بعد أن غاب العام الماضي عن ساحة المنتديات المحلية والعالمية دون أن يغيب مع غيابه الجدل وهو المنتدى الذي يقترح البعض تغيير مسماه إلى "منتدى جدة الإقتصادي والجدل الإعلامي"، فكالعادة انقسمت الآراء حول تقييم نجاحه، وبينما كانت الإعتراضات تتوجه لمشاركة المرأة، خرجت الإعتراضات هذا العام على غيابها أو تغيبها كمتحدثة الأمر الذي جعلها تسجل اعتراضها كذلك بالعزوف عن الحضور. منتدى جدة الإقتصادي العاشر الذي قام بتنظيمه مركز الخليج للأبحاث تحت عنوان (الإقتصاد العالمي 2020) قدم رؤية مستقبلية نضعها في عربيات تحت مجهر ضيوفنا.
الأزمة المالية دقت ناقوس الخطر، والاستثمار الزراعي تأثر لهذه الأسباب
ـ أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود رئيس (سابك) والمدن الصناعية أن الأزمة العالمية واقع يعيشه العالم، ولم ينفي تأثر (سابك) بهذه الأزمة، قائلاً: "هناك شركات عالمية كبيرة تأثرت تأثراً كبيراً بالأزمة العالمية، ولكننا استطعنا بفضل الله في (سابك) أن نقلل من الأضرار الناجمة عنها وأن نحقق الإنتاج بصورة مرضية ومازلنا مستمرين في عملية النمو في الإنتاج لتكون (سابك) في مقدمة الشركات العالمية التي تتجاوز هذه الأزمة، علماً بأن الأزمة المالية دقت ناقوس الخطر للقطاع الخاص والحكومي". ورداً على سؤال عربيات عن الآلية التي بوسع الحكومات أن تتغلب بها على الأزمة، قال: "الواقع أصبح يملي على الدول أن تعتمد على سياسة واضحة، وأن تضع في اعتبارها الشفافية والعدالة في التعامل مع الموارد البشرية، وأعتقد أن هذه الأزمة بالرغم من إنعكاساتها السلبية في الوقت الحالي إلا أن فوائدها قد تكون كبيرة للإقتصاد العالمي على المدى البعيد".
ـ فيما نفى الدكتور تركي الرشيد (رجل أعمال متخصص في مجال الزراعة) أن تكون الأزمة الاقتصادية العالمية قد أثرت على الزراعة موضحاً ذلك بقوله: "الاستثمار الزراعي متوقف منذ 30 سنة والسبب في ضعف الاستثمارات الزراعية هو البنك الدولي الذي كان في عام 1980م يمنح 25% من قروضه للإنتاج الزراعي بينما اليوم قلص النسبة إلى 10% فقط".
تنويع الإقتصاد والبحث عن المهارات الإبتكارية
ـ أما المستشار الاقتصادي الأول لوزير النفط والثورة المعدنية في المملكة العربية السعودية محمد الصبان فأكد لـ"عربيات" أن منتدى جدة الاقتصادي في هذه الدورة بحث وناقش وغطى عدد من النقاط المهمة والحيوية، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية قد اتخذت خطوات جادة نحو اقتصاد ومجتمع المعرفة من خلال تحسين التعليم والذي يعد من أكثر المواضيع التي أولتها المملكة أهمية بهدف خلق بيئة جديدة صالحة للحياة, وقائلاً: "تعمل المملكة جاهدة لتحويل المهارات السعودية إلى مهارات ابتكارية، وبالرغم من أن عملية التنويع الاقتصادي قد بدأت بالفعل، إلا أننا مازلنا بحاجة للمزيد من الجهود الخلاقة والابتكار في سبيل خلق البيئة الملائمة للمملكة العربية السعودية وتغيير الوضع الحالي إلى فرصة بدلاً من رؤيته كتهديد".
الحضور، مقياس النجاح والفشل
ـ كشف الشيخ صالح كامل رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة ورئيس مجلس الغرف لـ"عربيات" أن المنتدى الاقتصادي في دورته العاشرة لم يضف للغرفة التجارية شيئا كما لم تضف له الغرفة، وإنما جرت العادة على إقامتة، قائلاً: "جرت العادة منذ 11 عام على أن نقيم في كل عام منتدى اقتصادي، وهو يعود هذا العام بعد توقف العام الماضي، وبفضل الله أعتقد أنه قد نال استحسان الجميع كما تمت الإشادة به في مجلس الوزراء وهذه أول مرة تصدر إشادة من هذا النوع لمنتدى يعقد في جدة، لذلك أعتبرها "تاج" على رأس الغرفة التجارية والمنتدى". وعن رأيه في إقبال الحضور، يقول: "نادراً ما تجد في أي منتدى بعد جلسة الافتتاح أكثر من 100 شخص، ولكن أنا أحدثكم الآن من قاعة المنتدى الإقتصادي التي تضم أكثر من 500 شخص، وهذا يعتبر نجاحاً كبيراً بمقياس المؤتمرات"، ويضيف عن التوصيات، قائلاً: "المنتدى لا يصدر توصيات ولا يصدر توجيهات وإنما هو ساحة لتبادل الآراء في شؤون الاقتصاد العالمي المختلفة".
ـ أما الدكتور محمد القحطاني (أستاذ القانون الإداري والدستوري المساعد بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبد العزيز)، انتقد الأنظمة الإقتصادية ، قائلاً: "أعتقد أنه لو كانت هناك أنظمة اقتصادية واضحة ورصينة لا تتعارض مع أي أنظمة أو لوائح أخرى لما كنا رأينا هذه الأزمة العالمية، لكن في ظل غياب التشريعات والأنظمة، وفي ظل تداخل وتضارب المصالح الشخصية مع مصالح الدول كان من الطبيعي أن تقع". وينظر القحطاني إلى هذه الأزمة على أنها (أزمة أخلاقية) كما يرى أن المنتدى يفتقد لوجود محور "القانون" ضمن محاور جلساته، معللاً ذلك بقوله: "يبدو أن أهل الاقتصاد يحرصون دوماً على الهروب من القانون لأنه يقيدهم في الوقت الذي يبحثون فيه عن الإنطلاق بحرية وانفتاح أكبر". مضيفا عن تقييمه للحضور: "أرى أن حضور تجار جدة للمنتدى هو تحصيل حاصل ولمجرد الوجاهة الإجتماعية، ولا أظن أن الهدف هو الاستفادة".
ـ بينما رأي نور الدين زيني أن المنتدى كان فرصة للقاء بين كبار رجال الأعمال و شباب الأعمال لتبادل الخبرات، وتأسيس شركات ذات مسؤوليات محدودة تدعم سوق العمل وتكون أقوى من غيرها في مواجهة الأزمات مؤكداً أن المنتديات تمتاز بالقدرة على طرح الأفكار ومناقشتها الأمر الذي يساهم في الوصول إلى حلول يستفيد منها المجتمع بشكل عام والتجار بشكل خاص، ويضيف: "يحسب للحوار المفتوح في منتدى جدة الإقتصادي أنه يمتاز بالشفافية".
ـ أما الأستاذ فؤاد محمد فرأى أن المنتدى مستمر بتحقيق نجاحاته السابقة بالكشف عن التطور والتقدم الحاصل في المنطقة ومعالجة المشاكل الاقتصادية التي نشهدها في الوقت الراهن، وعن رأيه في التغطية الإعلامية للمنتدى، يقول: "مع الأسف أرى أن التغطية تنقصها الدقة والتفاصيل, كما أن عدد القنوات الفضائية التي غطت الحدث أقل قياساً بالأعوام الماضية، بالرغم من أن المتحدثين هذا العام كانوا من أهل الإختصاص وأعتقد أنهم استخدموا لغة مبسطة في الطرح ساعدت غير المتخصصين على استيعاب الأفكار المطروحة".
الحد من المضاربات لحماية الأسواق المالية والعقارية
ـ الدكتور جون سفاكياناكيس (كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي) نفى أن تكون الأزمة المالية قد أثرت على سوق العقار في المملكة العربية السعودية موضحا أن الطلب أكبر من العرض خاصة فيما يتعلق بالمساكن، وردا على سؤال عربيات عن الآلية التي يرى أن الحكومات بوسعها من خلالها أن تعالج، قال: "لابد من العودة إلى الأسس السليمة، والحد من المضاربات في الأسواق المالية والعقارية، بالإضافة إلى تكثيف التوظيف في المجالات الإنتاجية". ويضيف عن رأيه في المنتدى الإقتصادي: "أرى أنه قد كان متميزاً للغاية، وبرأيي جدة على وجه الخصوص والمملكة العربية السعودية بشكل عام بحاجة إلى عدد من المنتديات والمؤتمرات المماثلة سنوياً بهذا المستوى، فنحن لسنا بحاجة إلى أصحاب الملفات الضخمة بقدر حاجتنا إلى أشخاص بوسعهم تقديم محتوى جيد وهذا ما حققه منتدى جدة الاقتصادي".
آراء نسائية
ـ أعربت معالي وزيرة التجارة السويدية أيوا هيلينا بيورلينغ عن سعادتها بحضور منتدى جدة الإقتصادي الذي فاق توقعاتها، قائلة: "المنتدى نجح في رصد وتحليل الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق التنمية والنمو الاقتصادي العالمي، وأعتقد أن الأسواق الحرة ستساهم في الخروج من الأزمة المالية".
ـ وبالرغم من إعجاب يسر عبد العزيز النعيم (طالبة ماجستير ومدربة في اليونسكو وعضو العلاقات الدولية في الغرفة التجارية) بأطروحات المنتدى والمحاور التي تم التعامل معها بجدية وفعالية وشفافية -على حد وصفها- إلا أنها استاءت من التنظيم، وتضيف: "فاجأني كذلك ضعف الحضور بالرغم من أن المنتدى هذا العام تزامن مع إجازة نهاية الفصل الدراسي الأول".
ـ أما ميشيل سنجالس من فنزويلا فأشارت إلى أن نجاح المنتدى لا يمكن قياسه إلا من خلال استفادة الحضور من الجلسات والحوار، قائلة: "بالنسبة لي فقد حقق المنتدى الهدف المنشود، واستطعت من خلاله أن أتعرف على العوامل المؤثرة في الاقتصاد خلال العشر سنوات القادمة، ولعل ما امتاز به المنتدى هو أن المتحدثين أصحاب مكانة مرموقة في المجتمع الاقتصادي العالمي، ولقد تكونت لدي رؤية مستقبلية تجاه قطاع الأعمال أعتقد أنها ستخدمني في عملي خاصة فيما يتعلق بتوجيه الإتفاقيات لقطاع الأعمال الذي يملك زمام المستقبل". وتضيف:"كنت أتمنى استقطاب متحدثين من الدول النامية اقتصادياً، فتجربتهم كانت ستساعد كثيراً على معرفة العناصر الرئيسية التي تجاوزوا من خلالها الأزمة الحالية"، وعن رأيها في الضوابط التي نشرها القائمين على المنتدى فيما يتعلق بالحضور النسائي، تقول: "أعتقد أن الضوابط التي وصلتنا بعد التسجيل بما تضمنته من توضيح للأمور الواجب مراعاتها قد ساعدتنا كثيراً، وبالطبع أرى أنه من حق أي دولة أن تطلب من زوارها احترام معتقداتها وتقاليدها في المظهر أو الممارسات".
ـ وتقول عبير المطيري موظفة في شركة تقنية معلومات: "تم إنتدابي من قبل الشركة لتمثيلها في منتدى جدة الاقتصادي والوقوف على بعض النقاط التي من الممكن أن تستفيد منها الشركة، وبالرغم من صعوبة الإنتقال اليومي من مكة المكرمة إلى مدينة جدة لم أندم على حضور المنتدى، فلقد وجدت استفدت من محاور عديدة أنوي مناقشتها مع المسؤولين في الشركة لتطويرها ورفع قدرتها على التنافس، ومن جهة أخرى كنت أتمنى لو أن الفرصة أتيحت لي لأتعرف على سيدات أعمال يعملن في نفس المجال حتى أستفيد من تجاربهن في تقنية المعلومات".
ـ أما سيدة الأعمال لمياء العلي، فتقول: "بالرغم من تكاليف التسجيل المرتفعة وتزامن المنتدى مع العطلة المدرسية إلا أنني ألغيت فكرة السفر لأتمكن من الحضور والاستفادة من الجلسات، بالإضافة إلى أن المنتدى يعد فرصة للإلتقاء بسيدات أعمال يعملن في نفس المجال، لكنني مثل غيري تفاجأت هذا العام من الحضور الضعيف خاصة من قبل سيدات الأعمال، و بالتالي لم يتحقق أحد الأهداف التي حضرت من أجلها للمنتدى، وعلى كل حال هذا لم يجعلني أندم على الحضور بل على العكس أشعر أنني مع المنتدى الإقتصادي في كل عام أكتسب معلومات جديدة وأتعرف بشكل أكبر على سوق العمل الأمر الذي يجعل كل دورة من دورات المنتدى متميزة بالنسبة لي".
ـ الصحفية الألمانية باربرا أشادت بأوراق العمل واستنكرت تهميش المرأة قائلة: "كالمعتاد في كل عام وجدت المنتدى يناقش قضايا هامة ويستضيف شخصيات بارزة، لكني أستغرب هذا العام تغييب المرأة عن المشاركة وغيابها عن حضور جسات المنتدى قياساً بالأعوام الماضية، والمثير أنني استفسرت عن هذا الأمر فحصلت على 6 روايات مختلفة لتبرير غياب المرأة ولا أعرف أيهم أقرب إلى الحقيقة، وأخيراً علمت أن رئيس المنتدى العاشر صرح بأنه لاتوجد سيدات سعوديات لديهن الخبرة الكافية والتخصص في المجالات التي تم تحديدها، وهو الأمر الذي لم أتوقعه فأنا حضرت منتدى جدة الاقتصادي في دوراته الماضية ولمست فيه دوراً بارزاً للمرأة، وأؤمن بأنهم لو بحثوا عن صاحبات الخبرة كانوا سيجدوهن، وأقول ذلك عن تجربة حيث أنني ألتقيت على مر السنين بسيدات أعمال سعوديات و تحدثت معهن ووجدت لديهن العلم و الكفاءة مما دفعني إلى كتابة مقال عنهم في صحيفتي الألمانية".